أيام معدودات ويحل شهر الرحمة رمضان ضيفا على المسلمين !.. وهي أيامٌ يستغلها صانعو الحلوى في عرض عيّناتٍ من شباك صيدهم، التي يتصيدون بها شرائح كبيرة من الصائمين في رمضان .. إنها شباك (الزلابية)، الحلوى الأكثر إرتباطا برمضان على موائد الجزائريين !..
فباعة الحلوى بأصنافها يبدؤون البحث ومنذ الآن، عن أكثر نواصي الشوارع إكتظاظا بالمارّة، لينصبوا عليها عُدّتهم وعتادهم وشباك صيدهم للإجهاز على الصائمين في شهر رمضان !.. وهم بذلك يُعتبرون أولى طلائع رمضان بإمتياز، لأنهم يسبقون حتى هلال الشهر !..
قد يقول قائل إنني من الذين يهتمون بالموائد في رمضان، أكثر من إهتمامي بالذكر والعبادة، لذلك خضت في موضوع الزلابية بدل الخوض في موضوع فوائد الصوم الرّوحية مثلا، والدروس التي نتلقاها في مدرسته كالصّبر على الشهوات !.. والحق أن موضوع الزلابية (مطاطي) كغيره من المواضيع، يُرى من ألف زاوية، ويُفهم بأكثر من معنى !.. وأستسمح بعض الزملاء هنا، لأنني إستعرت منهم مصطلح (مطاطي) بعدما علق بذهني وأثر في نفسي، فهو يعبّر بإمتياز عن المرونة في الرّأي وتقبّل الرأي المخالف، لذلك يستحق أن أتغنى به !..
أما واقع الحديث عن الحلوى بإسهاب، فمردّه إلى أن هناك زوجة حامل، مرّت بصانع زلابية يبيع (عيّنات) من منتوجه ترويجا وتمهيدا لشهر الصيام !.. فاشتهت نفسها الزلابية، فبعثت برسالة sms كتبت فيها الآتي : (إسمع .. أريد حلوى الزلابية حالا، وهي تكاد تنفد عند بائع في آخر شارعنا) !..
زوجة حامل .. تشتهي زلابية .. وتكاد تنفد ؟!.. إنها حالة طارئة بحسب تصويري لفخ الزلابية، وبحسب الرسالة النصية الواردة، وبحسب لهجة (المرأة) ـ بمفهوم القوة وليس بمفهوم الضعف ـ، تستوجب التحرك الفوري، وإلا !.. وإلا ماذا ؟!.. ستكسر الأطباق على رأسي ؟!.. قوة قوة لكن ليس إلى ذلك الحد، وضعفي ضعف لكنه ليس لحد الدياثة ـ والعياذ بالله ـ والفاهم يفهم !..
الأقدمون الحكماء قالوا إن المرأة الحامل حين تتوحم على شيء ولا تحصل عليه، يولد طفلها وبيده ماتوحّمت عليه !.. فتخيّلت طفلي يولد وهو حامل بيده قطعة زلابية !..
يا للعار !..
بدأت مباشرة بإجراء إتصالات مع أخي القائم على أعمالي، فرفض أن يرفع سّماعة الهاتف، مرة واثنتان وثلاث وأربع !.. يا إلهي، الوقت يمُر، وبائع حلوى الزلابية في آخر الشارع لايعرف بأن هناك من هو على إستعداد لشراء آخر قطعة لديه بأضعاف أضعاف ثمنها، إذا ما حالفه الحظ وأدركها !.. لكن أنى له أن يُدرك ذلك ؟!.. وأنّى لأخي أن يدرك بأنني أتوسله عبر سمّاعة الهاتف أن يرفعها رغم أنني الأكبر سنا .. لأن في ذهنية الأخ الأكبر ـ وأقولها عن تجربة ـ أن الأخ الأصغر في حالة مثل حالتي، من واجبه أن يرفع السّماعة عند أول رنة، إحتراما لفارق السن حتى ولو كان توأمي الذي لم أسبقه لنور الدنيا سوى بلحظات !..
وأخيرا رفع أخي السّماعة وهو يضحك، وبادرني قائلا : أظنك ستطلب مني أن أشتري كيلو زلابية يا أخي الحبيب وأرسله إلى بيتك ؟!...
فقلت له : بل وزد عليه يا أخي .. زد عليه !..
يعني إتفقت أنت وزوجتي هذه المرّة على العبث بأعصابي .. حسنا سأنتهز هذه الفرصة وأدّخر لغدٍ ربما هو قريب توقظني فيه زوجتي في (نصاص) الليالي قائلة : إستيقظ يا رجل نفسي في قطعة زلابية !.. فأكون متأكدا من وجودها في برّاد البيت، وفي وقتٍ لاوجود فيه لباعة الزلابية حتى في عز رمضان !..
اللهم بلّغنا رمضان .. ليس من أجل حلوى الزلابية ولو أنها جزء منه ونكهة من نكهاته الطيبة، بل من أجلك مادام صيام رمضان لك ومن أجلك .. آمين يا رب العالمين .
26 . 07 . 2011
التعليقات (0)