جبهة صراع باتساع المشهد السياسي العراقي:
من صراع المالكي علاوي إلى حرب المالكي - الحكيم ضد الجميع!
ممدوح الشيخ
بوادر صراع مزدوج شيعي/ سني .. ..وآخر ديني/ علماني
الحكيم والجعفري والأكراد: تحالف استراتيجي ومصير مشترك!
قوات أميركية عراقية كردية تثير غضب العرب والتركمان
الحزب الإسلامي: نشر قوات مشتركة في المناطق المقتطعة من نينوى هدفه تقسيم العراق
السفير البريطاني في بغداد: كبار ضباط الجيش خدموا في جيش صدام..وهذا صعود كبير لـ "عناصر عتيدة في حزب البعث"
"الشبهات البعثية" تحتل واجهة المشهد السياسي في العراق
رئيس حكومة إقليم كردستان العراق: نرفض "تسييس" قرار هيئة المساءلة والعدالة
الموقف الكردي الرافض لقرار هيئة المساءلة والعدالة مؤشر على صفقة أميركية كردية
مع اتجاه التحالفات على الساحة العراقية إلى مزيد من الوضوح يتجه المشهد السياسي إلى أن يصبح مشهد صراع مفتوح بين تحالف من الثنائي: نوري المالكي عبد العزيز الحكيم، وبقية أطياف المشهد السياسي العراقي، فبعد انفصال المالكي عن الائتلاف الشيعي الحاكم لفترة قصيرة يعود للائتلاف مع الحكيم. ويتشكل التحالف القديم / الجديد فيما تبدو بوادر صراع مزدوج شيعي / سني تؤكده محاولات المالكي حرمان 15 كيانا سياسيا سنيا من المشاركة في الانتخابات القادمة بتهم تتصل إما بعضوية سابقة بحزب البعث أو بالدعوة لعودته. وصراع آخر ديني علماني أهم ملامحه الصراع بين المالكي ورئيس الوزراء السابق إياد علاوي.
تحالف شركاء المصير
وبانتظار معترك الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في مارس/ آذار المقبل قال المالكي إن التحالف مع الحكيم "عملية توحد للإخوة الشركاء في الأمن والمصير"، ورغم أن تقاربا آخر دشنه تحالف الحكيم مع الحزبين الكرديين الكبيرين إلا أن ثمة ما يشير إلى أنه سيظل مجرد "تقارب" وحسب نائب عن التحالف الكردستاني مباحثات أجريت مؤخرا بين المجلس الأعلى الإسلامي وحزب الدعوة والحزبين الكورديين (الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديموقراطي الكوردستاني) توصلت لتفاهمات مشتركة ستسفر عن تطوير العلاقة بين تلك الأطراف التي "يربطها تحالف استراتيجي ومصير مشترك"،
معتبرا أن الخلافات السابقة بين المالكي وحكومة الإقليم هي اختلافات في وجهات النظر.
ووسط ترحيب كردي ومعارضة تركمانيّة وعربيّة، أعلن في العراق عن بدء تشكيل قوّات أميركيّة عراقيّة كرديّة لنشرها في المناطق المتنازع عليها بمحافظات كركوك والموصل وديالى، حيث تشكّلت أولى هذه القوات في كركوك من قوات غاب عنها المكون التركماني، ما دعا قواه السياسية للمطالبة بإلغاء هذه القوة أو تمثيلهم فيها، وهو ما يضيف مشاكل جديدة للنزاع. وستدير هذه القوة لجنة تضم عضوين كرديين وعضو عربي ويترأسها عنصر من الجيش الأميركي دون تمثيل التركماني.
واعتبر التركمان أن تشكيل القوة علة هذا النحو بمشاركة "الميليشيات" الكردية لا يعني سوى الترهيب والترغيب بسبب الانتخابات العامة المقبلة ولوضع العراقيين أمام الأمر الواقع. أما عرب كركوك فرفضوا فكرة تشكيل قوات مشتركة معتبرين أن نشر أي قوة من قوات البيشمركة خارج محافظات الإقليم يعد خرقًا دستوريًّا للمادة 121، وكذلك للاتفاقية الأمنية الأميركية العراقية.
استبعاد العرب والتركمان
ورفض مجلس محافظة نينوى المشكل من غالبية عربية نشر قوات مشتركة في المناطق المتنازع عليها في المحافظة وطرح المجلس البديل لتوفير الامن في هذه المناطق بتشكيل فرقة عسكرية وتطويع أبناء نينوى لتطبيق القانون كما هدد باللجوء إلى المحكمة الاتحادية لمنع نشر القوات. وجاء نشر القوات المشتركة كرد فعل على الخلاف السياسي مع الحكومة المحلية في نينوى. واعتبر الحزب الإسلامي أن "نشر قوات مشتركة في المناطق المقتطعة من نينوى المتنازع عليها جزء من مشروع لتقسيم العراق". وفي المقابل أعلن مسئول عسكري أميركي أن 40 ألفا من قوات الصحوات السنية في القوى الأمنية والجيش.
وتثير قضية دمج الصحوات أسئلة عديدة حول التركيب الطائفي للجيش العراقي ومدى تماسكه وحياده السياسي، ومؤخرا أدلى السفير البريطاني في بغداد جون جنكز بإفادة أمام لجنة شيلكوت للتحقيق في الدور البريطاني في العراق قال فيها إن من المحتمل حدوث انقلاب عسكري في العراق لأن مؤسسة الديمقراطية هناك لم تصبح حتى الآن صفقة ناجحة.
وأضاف جون جنكز أنه علم أن العديد من كبار ضباط القوات المسلحة العراقية خدموا في عهد صدام حسين مطالبا بتوازن بين استخدام الكفاءة المهنية والخبرة من جانب ضباط الجيش السابق في عهد صدام لتوفير العمود الفقري لقوات الأمن العراقية الحديثة، والتعامل مع الشكوك والمخاوف من أن هذا يمثل صعوداً لـ " العناصر العتيدة في حزب البعث". وقال السفير: "إذا نظرتم لتاريخ العراق، وللانقلابات العسكرية فيه، فيجب أن تفكروا في احتمالات هذا في المستقبل"!!.
التفاهم الأميركي الكردي
وتزامن هذا التحذير مع تصاعد "الشبهات البعثية" بقوة لتحتل واجهة المشهد السياسي في العراق، وشكل قرار منع 15 كيانا سياسيا من المشاركة في الانتخابات القادمة على خلفية اتهامها بالانتماء للبعث أو الدعوة إلى فكره عاصفة سياسية ما زالت تتسع. ويستمر الجدل في الأوساط السياسية في العراق حول قانونية قرار "هيئة المساءلة والعدالة" التي قررت شطب أسماء 15 كيانا سياسيا بتهمة الترويج لحزب البعث المنحل بينها كتل سياسية تابعة لشخصيات بارزة في العملية السياسية. وفي محاولة لاحتواء الأزمة أعلن تشكيل لجنة برلمانية للنظر في شرعية القرار.
كانت هيئة المساءلة والعدالة المستقلة شكلت لتحل محل لجنة اجتثاث البعث ومهمتها ملاحقة أعضاء حزب البعث المنحل لضمان عدم مشاركتهم في العمل السياسي أو في مؤسسات الدولة قد أصدرت قرارا بهذا الشأن. ومن ابرز الكتل المحظورة كتلة النائب السني العلماني صالح المطلك الذي يعتبر أحد قادة الائتلاف الانتخابي للقائمة العراقية التي تضم العديد من الشخصيات البارزة في المشهد السياسي العراقي ويتزعمها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي. وشمل القرار أيضا رئيس قائمة التوافق البرلمانية السنية ظافر العاني. وقد شـُكلت لجنة اجتثاث البعث بقرار من الحاكم الأميركي بول بريمر الذي حكم العراق عقب الغزو الأميركي في إبريل/ نيسان 2003. ويتهم العديد من السياسيين العراقيين وخاصة العرب السنة هيئة اجتثاث البعث بأنها كانت أداة للابتزاز والتصفية السياسية، وأغلب الشخصيات التي طالتها قرارات اللجنة هم من العرب السنة.
وقد كان الاحتجاج الأهم على قرار الاستبعاد ما صدر عن حكومة كردستان العراق التي أعلنت رفضها "تسييس" قرارات هيئة العدالة والمساءلة، ما يعني أن تحالف المالكي / الحكيم قد أصبح بالفعل في مواجهة كل مكونات الطيف السياسي العراقي تقريبا. فقد أعلن رئيس حكومة إقليم كردستان العراق برهم صالح رفض "تسييس" قرار هيئة المساءلة والعدالة القاضي بمنع عدد من الكتل والشخصيات من خوض الانتخابات التشريعية. وكان الأكراد دائما يرفضون بإصرار عودة البعث للحياة السياسية، ما يعنى أن ثمة إدراك لحقيقة أم المالكي يريد - على أساس طائفي - التحكم مسبقا بنتائج الانتخابات العراقية مستخدما هيئة العدالة والمساءلة!
ومما يثير المزيد من الريبة حول الهيئة أن مجلس النواب العراقي لم يقر حتى الآن تشكيلتها رغم موافقته على قانونها الخاص مطلع العام 2008. وقد يرى البعض في الموقف الكردي الرافض لقرار هيئة المساءلة والعدالة، متزامنا مع القرار الأميركي/ العراقي بتشكيل قوات مشتركة في المناطق المتنازع عليها، مؤشرا على صفقة أميركية كردية يحصل الأكراد بمقتضاها على مكاسب على الأرض على حساب العرب والتركمان مقابل تبني موقف وسط من مشاركة الكيانات السياسية المتهمة بالانتماء للبعث أو الدعوة لأفكاره، مع الاحتكام لصندوق الانتخابات.
وكانت أميركا كررت مطالبتها لرئيس الوزراء نوري المالكي بضرورة إنجاز مصالحة وطنية عبر الحوار مع البعثيين كضرورة لتحقيق الأمن والاستقرار السياسي وهو ما رفضه المالكي مرارا، ويرجح محللون أن يكون موقف المالكي استجابة لضغوط إيرانية غير معلنة، حيث يرتبط تحالفه بطهران بعلاقات قوية تثير منذ سنوات ردود فعل غاضبة من أطراف سياسية عديدة ترفض التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي.
التعليقات (0)