مواضيع اليوم

من سينصف سمر بدوي؟

خلـود صالح الفهـد

2010-10-18 20:31:35

0

لا أحد ينكر بأن هناك عنف منظم ومقصود ضد المرأة التي تبحث عن حقها وتطالب به في ظل قانون لا يزال يتعامل مع المواطنة السعودية على أساس أنها كيان قاصر و غير كامل الأهلية إلا بحضور ولي أمرها , فكل الأنظمة المعمول بها حالياً في وطني للأسف تعطي الحق للرجل في التعدي على كل حقوق المرأة حيث تسود القوانين التي تتعامل معها على أساس التبعية الكاملة للذكر , مما ساعد على زيادة الانتهاكات بحق النساء بشكل فاضح ومسيء إلى سمعة وطني المملكة العربية السعودية , وكنموذج على هذا الواقع المزري الذي يمارس ضد المرأة في المحاكم قضية سمر بدوي اليوم التي اعتبرنها الكثير وأنا منهن قضية محورية لأنها ببساطة تجعلنا نشعر بمدى فداحة الظلم الذي يمارس ضدنا وبأن أي امرأة سعودية قد تطالب بحقها وترفض الظلم والتعدي عليها وعلى مالها ستعاقب بالسجن وبالحرمان من رؤية أبناءها بحكم قضائي وبتأييد من القانون , فتجاوزات بعض القضاة على النساء أصبح من الصعب السكوت عليها وتجاهلها فمثل هذه القوانين والأحكام تجعل الكثيرات منا في حالة توتر وتساؤل تجاه الموروث الديني الذي يتعلق بالمرأة وبأن هناك تناقض واضح لكل المفاهيم القرآنية التي تحث على حرية الإنسان والعدالة الاجتماعية وتكريم المرأة ومساواتها مع الرجل .
ماهي قضية السجينة سمر بدوي ؟
هي سيدة سعودية قضت سنة في السجن دون حكم قضائي رغم وجود أمر من إمارة منطقة مكة المكرمة بإحالتها إلى دار الرعاية الاجتماعية على خلفية رفعها قضية ضد والدها الذي عضلها واعتاد على تعنيفها وأخذ مالها بالقوة وعندما رفضت ذلك ولجأت لدار الحماية رفع عليها قضية عقوق ليتم ايداعها في السجن منذ ذلك الوقت دون محاكمة , وقد صرح الوكيل الشرعي وليد أبو الخير لوكالة أخبار المجتمع السعودي في وقت سابق بأنها بأنها حُرمت من رؤية أبنها منذ سجنها وبأن سمو أمير منطقة مكة المكرمة شكل لجنة للنظر في قضيتها وبعد تأكد اللجنة من صدق دعواها ضد والدها تقرر إحالتها إلى دار الرعاية الاجتماعية لحين حل مشكلتها لكن أمر القاضي بسجنها دون أي محاكمة لا يزال سارياً .

بعد نشر قضية هذه السيدة وجدنا أن هناك تفاعل كبير من مستخدمي الإنترنت لنصرة قضية هذه السيدة تحت أسم الحرية لسمر كلنا سمر في محاولة لنشر حيثيات قضية هذه السجينة ولإيمانهم بأن هناك منظومة من الأعراف البائدة لا يزال يتعامل بها بعض القضاة مع قضايا النساء في دعم مبطن لزيادة تسلط للرجل وبما أن الإنترنت أصبح هو الوسيلة المثلى والمتبعة لكشف المستور والمسكوت عنه بدأت الكثير من التساؤلات والتهم والشكوك تدور حول أحقية المرأة السعودية في الخلاص من الظلم والمطالبة بالعدالة , كلنا اليوم نتساءل كيف يستطيع القاضي أن يضرب عرض الحائط بكل القوانين والأنظمة والقرارات ويبقيها حبيسة السجن حتى الآن و أين دور المؤسسات الأمنية والقضائية في قضايا العنف الأسري تجاه هذه القضية , مثل هذه القضية تؤكد الظلم الكبير الذي يقع على الكثير من النساء في أروقة المحاكم ويؤكد كذلك على تجاوز بعض القضاة في التعامل مع قضايا النساء وظلمها بأحكام قضائية جائرة , حتى أن الكثير من النساء أصبحن يخشين التوجه الى المحاكم التي تعتبر مهيأة للرجال بالدرجة الأولى للمطالبة بحقوقهن مؤمنات سلفاً بأن الحكم القضائي لن ينصفهن , فالقضية هنا ليست قضية سمر وحدها بل قضية قانون يحتاج ان يعود الى نصاب العدالة وتطهيره مما علق به من شوائب , فمن حقي أنا كمواطنة سعودية أن توفر لي دولتي العدالة الاجتماعية والحفاظ على سلامتي الشخصية وصيانة كافة حقوقي , لكم أن تتخيلوا الشعور الذي نشعر به نحن الإناث عندما تجرح كرامتنا باسم الدين ويتعدى على حقوقنا باسم الشرع ونظلم بحكم من قاضي يدعي بأنه يطبق أحكام الشريعة , أي قهر نعيشه كل يوم ونحن محرومون من حقوقنا وحريتنا بـ إسم الإسلام , أعتقد أنه حان الوقت لاستحداث قوانين تتعامل مع المرأة في القرن الواحد والعشرين فالمرأة اليوم ترفض رفضاً تاما ًهذه الثقافة العنصرية التي تعاملها على أساس التوجس والشك والانتقاص والتمييز والاحتقار والتعدي على حقوقها , فشخصية المرأة السعودية اختلفت ولم تعد كما كانت قبل 50عاماً فهي قادرة اليوم على خوض معركة الحياة بكل صراعاتها والوقوف ضد كل الظلم الذي قد يمارس ضدها , فتكالب هؤلاء المتشددين على النيل من كرامة المرأة وشخصيتها لم يعد يجدي نفعاً في الوقت الحاضر وحالة التمرد والاحتقان ضد الوضع الحالي أصبحت هي الحالة السائدة بين النساء , و في ظل هذه الثورة الثقافية والمعلوماتية أصبحنا متواصلين بشكل أكبر مع مثل هذه القضايا والتجاوزات التي تخص النساء فلو تجولتم في المواقع الإلكترونية والمنتديات وصفحات الفيسبوك تجدون ان غالبية المواضيع تتحدث عن قضية المرأة السعودية وحقوقها ومكانتها في الإسلام وعقد مقارنات بين وضع المرأة اليوم وبين وضع الصحابيات والتشكيك في الكثير من المسلمات التي أتفق عليها فقهاء السعودية وعلى رأسها مفهوم القوامة والوصاية والولاية على المرأة , والبعض الآخر من الأطروحات نجد أن البعض منهن تحول الأمر بالنسبة لديهن من كرهـ لوصاية الرجل إلى التشكيك في أن الإسلام منح المرأة الكرامة والحرية بسبب الإفراط في التعامل مع الأحكام الشرعية التي تخصها هي ككيان إنساني والتعامل معها على أساس التبعية والمذلة للرجل, قضية سمر بدوي ليست قضية عرف إجتماعي أو قضية تأويل للنصوص الشرعية لحرمان المرأة من حقوقها وليست قضية تمييز عنصري فقط و إنما هي إشكالية الرجل المصاب بالصمم عن كل صراخ النساء, مصاب بالعمى الذي يمنعه من رؤية الحقيقة الماثلة أمامه, الحقيقة التي لا يريد أن يقبلها لكي لا يخسر مكاسبه, الحقيقة التي تقول أن لا فرق بين الرجل والمرأة, وكم من امرأة فاقت الرجال في كل مجال, إنها مشكلة الإنصاف العزيز الذي لن يحدث, والحق الذي لن ينتزعه إلا صاحبته.

خلود الفهد

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !