ولا يحق لأحد أن يدافع عن براءة الثوار وحسن نواياهم ،بل إن الدعاية الإعلامية الممزوجة بنوع من الحقد والكراهية لأمن ليبيا واليمن تطل علينا من بعض المنابر الإعلامية ولاسيما قناة الجزيرة القطرية الأصولية التوجه وقناة المنار المؤيدة لحزب" الله "التفتيتي العميل لإيران .
الثوار في ليبيا حملوا السلاح في وجه الطاغية، لكنهم فشلوا في القضاء عليه صحيح انه تم إرباكه لكن الهزيمة لم تقع والنجاح الوحيد الذي حققه الثوار هو إخراج علم قديم ووضعه محل علم الجماهيرية
أما اليمن السعيد الذي أعلن القطيعة مع السعادة فقد بدأت التعاسة تملأ جوانب الحياة اليومية لليمني الذي يرى ما يفعله غياب الوعي السياسي وغياب المجتمع السياسي وكذلك ضعف الدولة المركزية.
لقد خسر العرب الآن أكثر مما ربحنا ،فعلا ربحنا ثورة الياسمين وثورة النيل لكن الخسارة عادت من جديد للإنسان العربي الذي ما أن يفرح يوما يحزن عشرات الأيام وهذا طبعا يصدق على الحياة السياسية لعالمنا العربي
فرحنا بخروج طاغية مصر وعصابته العائلية وسررنا أكثر عندما رأينا أسرة الطرابلسي تتهاوى ،وحسبنا الأمر أننا في دوامة من النصر لكنها المفاجئة من ليبيا واليمن .
عودتنا ليبيا على الجديد حتى ألفنا الترهات والخزعبلات تأتى من طرابلس الغرب ،وتملكنا الذعر عندما نسمع خطب العقيد يهدد بإرسال الملايين لقتال الكفار ...وتحرير القدس وكل المناطق العربية بما فيها سبته ومليلية وتوقعنا الكثير من القذافي المزيد من الفتوحات والانتصارات ..توقعنا من القذافي إرسال الأساطيل لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر ،لكن كل التوقعات كانت مثل زبد البحر بل سراب في الصحراء .....
انتهى القذافي وانتهت معه عقلية الإحسان والعطاء الثوري ،ولم تكن الثورة الا حبرا على ورق وكلماته وخطبه نزوعا نحو الكذب والتلاعب ،بل إن القذافي لربما كان يحفظ كتاب الأمير عن ظهر قلب كما حفظ القران ليصلي بفقراء أفريقيا بآيات طوال .
إن المشهد الليبي ينذر بفقدان ليبيا كما فقدنا ارض الصومال ،القبائل مستعدة للانقضاض على الحكم وهي على أتم الاستعداد للمشاركة في معارك إظهار القوة والمحافظة على وجودها .لان العقيد قد تخلى عن حمايتها وحماية شعبه لأنه اختار إحراق الأخضر واليابس متبنيا لغة لم تكن قط في قاموس السياسة ،أين العقيد من وصايا الملك ونصيحة الملك للما وردي والضروري في السياسة لابن رشد ،الم يقرا قول عبد الرحمان بن خلدون "واعلم ...ان الكيس والذكاء عيب في صاحب السياسة لأنه إفراط في الفكر ،كما ان البلادة إفراط في الجمود .والطرفان مذمومان من كل صفة إنسانية.والمحمود هو التوسط كما في الكرم مع التبذير والبخل، وكما في الشجاعة مع الهوج والجبن وغير ذلك في الصفات الإنسانية..".أفرط القذافي في تحميل شعبه ما لايطاق مرة يريده أن يكون أسا لوحدة افريقية ومرة يطلب منه المساهمة في بناء وحدة عربية ..عقلية القذافي جعلته يقفز على الواقع الليبي ،يبذر أموال ليبيا ميمنة وميسرة ولا احد يراقب ولا احد يحاكم فالزعيم أوحد وقائد أممي بل خليفة المسلمين وملك ملوك إفريقيا وطبعا من يحمل هذه الصفات ويجمع هذه الخصال لايمكنه أن يقود شعبا عربيا مسلما يعيش اغلبه في بوادي الصحراء .
القذافي قاد ثورة والثورة الآن تسقطه او على الأقل أربكت مخططاته ووضعت حدودا لزعاماته وهنا يطرح السؤال وهو لاشك سؤال مشروع من سيخلف القذافي في قيادة ممالك إفريقيا ؟
لا احد طبعا يملك المعية القذافي ومن يستطيع جمع التناقضات الإفريقية في وحدة ومملكة ،لا احد طبعا ،العقيد وحده وبذلك نصل الى نتيجة مفادها ان نهاية نظام الجماهيرية هو نهاية للمشاريع الوهمية ..
يقول المفكر والسياسي الروسي " ترو تسكي "تقوم كل دولة على العنف " كان القذافي وفيا لهذا الوعد الماركسي ،العنف وحده كاف ببناء حلم العودة لدولة لم تكن قط تحمل صفات الدولة العصرية الحديثة ،بل تحمل بصمات فكر تخلفي او الأصح فكر ونظام تحالف مع التخلف والان يتحالف مع العنف الذي لن يقود الا إلى العنف .
أي عنف موجه وعنف مضاد والخاسر الأكبر ليبيا الحرة الأبية التي أرادها هكذا الآباء المؤسسين، آباء رفضوا الاحتلال وقاوموه وهاهو الاحتلال يعود بأيادي وأوامر ليبية.وهكذا سيصيح الليبي الذي ولد في زمن دولة اللادولة ما مال الليبيين وما عساهم ان يجلبوا لي ؟النظام ،السلام ،إذا كنت سأموت في الثلاثين من عمري بطلقة رصاص طائشة لا اعرف مصدرها ،فأموت وأنا أعاني آلاما لا توصف وسط خمسة او ستة آلاف من القتلى ،بينما عيناي تنفتحان لآخر مرة ،فأرى المدينة التي ولدت فيها تدك بالحديد والنار ،وتكون آخر الأصوات التي تلتقطها اذناى هي صراخ النساء والأطفال وهم يحتضرون تحت الأنقاض ،وكل ذلك بدعوى السلطة .
.....................................................بقلم محمد الاغظف بوية
.
التعليقات (0)