ماهر حسين.
جمعة الشيخ صالح العلي أثارت الكثير من اللغط في سوريا والعالم العربي ..فالشيخ معروف باعتباره أحد رموز سوريا في مقاومة الاحتلال وأعتقد بان هذا هو المعلوم لدى العامة أما تفاصيل بطولة ومواقف ودور هذا البطل فلقد بقيت في الغالب غير معروفه بالنسبة للمواطن العربي .
بالنسبة لي سارعت للبحث عن معلومات تفصيلية عن الشيخ صالح العلي حيث ولد الشيخ صالح في عام 1885 وتوفي في عام 1950 وهو من مدينة الشيخ بدر ويعتبر الشيخ صالح العلي أحد أبرز الثوار ضد الاستعمار الفرنسي لسوريا وهو ينتمي للطائفه العلوية حيث كان مركز عملياته (جبال العلويين – اللاذقية ) وللشيخ معارك بطولية سابقه لنضاله ضد الاستعمار الفرنسي في مواجهة الأتراك في سوريا .
حياته ...حياة زاخرة بالنضال والجهاد والمواقف المٌشرفه وهو بالإضافة إلى كل ما سبق شاعر وخطيب وبهذا يكتمل له المجد ...وبعيدا" عن كونه من الطائفة العلوية وبعيدا" عن كون الرئيس السوري والأسرة الحاكمة تنتمي إلى الطائفة العلوية قام ثوار سوريا من المطالبين بالحرية بإطلاق جمعة (الشيخ صالح العلي) على الجمعة الأخيرة لتكون دليلا" على عمق البنية المجتمعية السورية البعيدة عن الطائفية المقيتة والتي تشكل الخطر الأكبر على أي شعب ودولة فها هي تداعيات الفتنة الطائفية بمصر تكاد تُطيح بكل ما مثلته ثورة مصر من جمال وتألق وإبداع وإخلاص للوطن وها هي الطائفية بالعراق تطيح بأعرق الحضارات وها هو شعب سوريا يتعلم من تجارب الآخرين ويؤكد بأنه لا يمكن أن يكون للطائفية مكان خاصة وأن اليمن يتهددها الإرهاب والطائفية والعشائرية وليبيا واقعه في فتنة التقسيم والقبائل ...كما كنا قد وقعنا في فلسطين في فتنة الانقسام الملعون التي نرجو أن نتجاوزها فعلا"و قريبا" .
لنعود للشيخ ...الشيخ صالح العلي يستحق من كل أبناء سوريا وعالمنا العربي بأن نستذكره ونجعله جزء من مناهج التعليم بالمنطقة فهو بطل حقيقي حمل سلاحه وقلمه دفاعا" عن عروبته ووطنيته الصادقة ..هو أكبر من المعارضة والنظام وبالتالي يجب أن يكون خارج معركة المعارضة والنظام ولكنه وبنفس الوقت و بكل ما يمثل يعتبر ملك للشعب السوري والعربي الذي يحق له تكريمه وتخليده وكما يرى .
ولنعرف جميعا" الشيخ صالح العلي ولتكتمل الصورة لدى القارئ سأضيف بعض الأبيات الشعرية للشيخ صالح العلي :
بني الغرب، لا أبغي من الحرب ثروة … و لا أترجى نيل جـاه و مـنـصب
و لـكـنـنـي أســـعـى لـعـزة مـوطـن … أبيٍِ، إلـى كـل الـنـفوس محبب
كـفـاكـم خـداعـاً و إفـتـراء و خـسـة … و كـيـداً و عـدوانـاً لأبـنـاء يـعـرب
تـودون بـإسـم الـديـن تـفـريـق أمـّة … تسامى بنوها فوق دين ومذهب
تـعـيـش بـديـن الـحـب قـولا و نـيـة … و تـدفـع عـن أوطـانها كـل أجنبي
وما شرع عيسى غير شرع محمد … ..............وما الوطن الغالي سوى الأمّ والأب
كنت وما زلت أتمنى لو أن النظام بسوريا وجد طريقة للتعامل مع مطالب الشعب بعيدا" عن القمع والقتل وبعيدا" عن دوامة العنف التي ستكون لها أثار سلبية على بلد هام ومؤثر وذو تاريخ فها نحن نتًعلم من جمعة (الشيخ صالح العلي ) قيمة هـــامة في تاريخنا العربي و لكن وبنفس الوقت الذي تردد به أسم الشيخ صالح العلي وهو ما جعلنا نشعر بالفخر والعزة والكرامة وزاد حب سوريا في قلوبنا في نفس هذا الوقت تردد أسم أخر ....أسم مختلف وإن كان من نفس البلد ...أنه رامي مخلوف ....
لقد كنت على معرفة بان السيد رامي مخلوف هو أحد أقارب الرئيس بشار الأسد وكنت أعرف بأنه رجل أعمال سوري مقرب من النظام وصديق للرئيس السوري وهو أحد أبرز المستفيدين من النظام بحكم قرابته مع الرئيس ولكني لم أكن اعلم بأنه يمتلك هذا الكم الهائل من الأعمال والأموال وهو ما زال بعمر الأربعين !
كيف جمع الأموال بهذه السرعة وهل هو يعود أصلا" إلى أسرة ثرية أم أنه جمع الأموال حديثا" خلال الأربعين عام باعتبار انه بدء التجارة والأعمال منذ اليوم الأول بحياته ؟؟؟ ومن أين وكيف أصبح يمتلك كل هذه الأموال ؟؟؟ موضوع يتم تداوله من قبل الشعب السوري فمنهم الراضي عن أمواله وأعماله والمبارك لها حيث أنه يعتبرها حلال 100 % وتعبر عن عبقرية الرجل فهو لا يختلف عن بيل غيتس وغيره من رجال الأعمال العباقرة الذي كونوا ثروتهم بالتعب والجهد والعبقرية وبالمقابل من أبناء شعب سوريا المعترض على الرجل والكاره له وبل أنه يعتبر الأموال التي يملكها رامي دليل واضح وعلني على تفشي العائلية والفساد في النظام السوري ... فالرئيس هو بشار والمال هو رامي والقوة هي ماهر الأسد وهكذا !!!بالنسبة للشعب من منتقديه وكارهيه ومعارضيه المطالبين للحرية والديمقراطية والساعيين للتغيير بسوريا ... رامي مخلوف مثال لرجل الأعمال الذي أقام ثروته على حساب الشعب ومن خلال عائلته ونفوذه في الدولة وهذا ليس مستغربا" في سوريا فسوريا سبق أن تم تحويل نظامها السياسي وتغيير الدستور بلحظات ليكون الرئيس بشار على رأس الدولة خلفا" لوالده (للتذكير سوريا جمهورية ) فما المانع من أن يقوم الرئيس بشار ودولته بتسهيل مهام رامي مخلوف للسيطرة على اقتصاد وأعمال الدولة ...فالدولة السورية ملك لهم والأمن باسط سيطرته على كل مكامن الدولة وعلى الإنسان والحجر والشجر .
سنعود إلى رجل الأعمال رامي مخلوف ...و سبب تناول الأخبار له ....وقبل أن يخطأ القارئ فلا يجب أن يظن ان الخبر الخاص برامي مخلوف يتعلق بمحاكمته من قبل لجنة الكسب الغير مشروع على طريقة ما يحدث بمصر ولكن السبب يعود لأن رامي مخلوف قرر أن يتفرغ للعمل الخيري ...فجأة قرر أن يتبرع بأمواله للفقراء !!.. لا أدري ما هذا التحول ولماذا هذا التحول فالرجل معروف بأنه جامع شره للمال فو يسيطر على مفاصل الاقتصاد والأعمال بحكم علاقاته المميزة بالدولة .. . وقرابته من الرئيس بشار ...أسباب الموقف الجديد للسيد مخلوف ليس معروفه لأحد ولكنها قد تكون ...هداية من الله عز وجل ..تصوف ...تخفف من متاع الدنيا ...ضغط من الرئيس بشار ...خدعه لجماهير متعطشة للتغير وغاضبة من الفساد ...نجاح أولي لجماهير الثورة ...لا أدري ما هو السبب أو الأسباب ...بالنسبة لي وبغض النظر عن أي سبب من الجيد أن يتفرغ السيد رامي مخلوف للأعمال الخيرية ومن الجيد بان يتذكر الفقراء فهذا من انجازات الثورة المطالبة بالحرية والعدالة والديمقراطية ...وإذا كان هذا القرار بفعل استجابة السيد رامي للشعب أو قرار للرئيس بشار بهدف إرضاء الشعب فإن هذا القرار شجـــاع وأحييهم عليه ويجب أن يتعزز بمحاسبة كل من أساء للشعب السوري قتلا" وسرقة ..خاصة أن الأحاديث تركز على الدور المباشر لماهر الأسد شقيق الرئيس في عمليات القمع والقتل حيث هاجم دوره الأتراك وتناولتنه وسائل الإعلام ... فهل الرئيس بشار قادر على محاسبته وإقالته للتفرغ لأعمال أخرى ...
أخيرا" كنت قد وجدت الكثير من البطولات للشيخ صالح العلي و التي لا يكفي المقال لسردها وبالمقابل وجدت أعمال تجارية وأموال طائلة وشركات متعددة لرامي مخلوف و التي لا يكفي المقال هنا لسردها ...وهناك فرق بين البطولات والشركات !!!
كنت قد ذكرت بالمقال شعر للشيخ المجاهد صالح العلي وهو تعبير عن شخصيته وهنا أجد نفسي بحيرة من أمري فرامي مخلوف لا يجيد الشعر ولكنه يمتلك موهبة التصريح السياسي فهو صاحب القول الفصل في استعداد النخبة السورية الحاكمة للقتال حتى الرمق الأخير وهو القائل نصا" (لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا. لا يوجد مخرج ولا أحد يضمن ما سيحدث بعد حدوث أي شيء لهذا النظام، لا قدر الله) وأجد نفسي أمام فرقا" كبيرا" بين ما حملته أبيات الشيخ المجاهد صالح العلي وما حملته من معاني وبين كلمات رجل الأعمال التائب عن الأعمال رامي مخلوف ....
حملت لنا الأيام الماضية ..من سوريا ...سيرة بطل وتوبة رجل أعمال ...ويبدو أن الأيام القادمة حبلى بالأحداث .
التعليقات (0)