دخلت مكتبي فتاة لم يعجبني ريّها أول ما رأيتها غير أني لمحت في عينيها حزنا و حيرة يستدعيان الرفق بها و جلست يبثني شكواها و همومها متوقعة عندي الخير!
و استمعت طويلاو عرفت أنها فتاة عربية تلقت تعليمها في فرنسا و لا تكاد تعرف عن الإسلام شيئا فشرعت أشرح حقائق و أرد شبهات و أجيب عن أسئلة و أفند أكاذيب المشرين و المستشرقين حتى بلغت مرادي أو كدت!.
و لم يفتني أثناء الحديث أن أصف الحضارة الحديثة بأنها تعرض المرأة لحما يغري العيون الجائعة و أنها لا تعرف ما في جو الأسرة من عفاف و جمال و سكينة....
و استأذنت الفتاة طالبة أن آذن لها بالعودة، فأذنت....
و دخل بعدها شاب عليه سمات التدين يقول بشدة: ما جاء بهذه الخبيثة إلى هنا؟ فأجبت: الطبيب يستقبل المرضى قبل الأصحاء، ذلك عملهقال: طبعا نصحتها بالحجاب!
قلت : الأمر أكبر من ذلك،هناك المهاد الذي لا بد منه، هناك الإيمان بالله و اليوم الآخر و السمع و الطاعة لما تنزل به الوحي في الكتاب و السنة، و الأركان التي لا يوجد بها الإسلام الإ بها في مجالات العبادات و الأخلاق...
فقاطعني قائلا: ذلك كله لا يمنع أمرها بالحجاب
قلت في هدوء: ما يسرني أن تجيئ في ملابس راهبة و فؤداهاخال من الله الواحد و حياتها لا تعرف الركوع و السجود، إنني علمتها الأسس التي تجعلها من تلقاء نفسها تؤثر الاحتشام على التبرج.
فحاول مقاطعتي مرة أخرى فقلت له بصرامة: أنا لا أحسن جرَّ الإسلام من ذيله كما تفعلون، أنني أشد و أبدأ البناء بعدئذ. و ابلغ ما أريد بالحكمة...
يتبع .........
و جاءتني الفتاة بعد أسبوعين في ملابس أفضل، و كانت تغطي رأسها بخمار خفيف و اسأنفت أسئلتها و استأنفت شروحي، ثم قلت لها لم لا تذهبين إلى أقرب مسجد من بيتكم؟
و شعرت بالندم بعد هذا السؤال. لأني تذكرت أن المساجد محظورة على النساء! لكن الفتاة قالت: إنها تكره رجال الدين و ما تحب سماعهم!
قلت: لماذا
قالت: قساة القلب غلاظ الأكباد!! إنهم يعاملونا بصلف احتقار..!
و لا أدري لماذا تذكرت (( هند امرأة أبي سفيان)) التي أكلت كبد حمزة رضي الله عنه و نالت من الإسلام، إنها كانت لا تعرف رسول الله، فلما عرفته و اقتربت منه و آمنت به قالت له هذه الكلمات)) يا رسول الله : و الله ما كان على ظهر الأرض أهل بيت أحب أن يذلّوا من أهل خبائك!! و ما أصبح اليوم على ظهر الأرض اهل خباء أحب إاليّأن يعزوا من أهل خبائك))
إن نبع المودّة الدافق من قلب الرسول الكريم بدل القلوب من حال إالى حال، فهل يتعلم الدعاة ذلك من نبيهم فيؤلفوا بدلا من أن يفرقوا. و يبشروا بدلا من أن ينفروا؟؟...
التعليقات (0)