مواضيع اليوم

من داعية إلى مُعلن

Riyad .

2017-12-30 21:25:48

0

 من داعية إلى مُعلن

من سُخرية القدر أن ترى شخصاً يرتدي عباءة التدين أشغل الفضاء الاجتماعي بتحليلاته وآراءه الصادمة يتحول في ليلةِ وضحاها من داعية ومُفكر وواعظ وفقية إلى مُعلن ومسوق لماركاتِ تجارية ، ذلك التحول لم يكن ليكون لولا الوعي الاجتماعي والخوف من العقوبة والضغظ الاجتماعي الذي بات مؤثراً وكاشفاً لكثيراً من الحقائق ، في الماضي كان وعاظ ودعاة عذاب القبر ينسجون القصص الكاذبة حول من يُطلقون عليهم لقب التائبين والتائبات الذين تحولوا بسبب الوعظ لشخصياتِ كرتونية تؤمن بما يراه الواعظ والداعية وتُلزم نفسها بآراء فردية مهملةً آراء أكثر صواباً وتسامحاً من غيرها ، في سوق الخُرافة راجت بضاعتهم ولكي تبقى البضاعة ويبقى السوق عمدوا إلى محاربة العقل ومناهضة خطوات التنوير والترصد لكل صوتِ شريف يدعوا إلى التفكير والتنوير والحرية المسؤولة التي لا تعارض بينها وبين الدين والأعراف الإجتماعية ، في السابق نجح الوعاظ والدُعاة في كبح جماح التنوير لكنهم لم يعرقلوا مسيرته وهذا من لُطف القدر بالمجتمع فلو تعرقلت مسيرة التنوير لبقي المجتمع في دهاليز الظلام ولبقي الخوف والحُزن والعبث بالعقول ما بقيت تلك الكائنات الظلامية ، الوعظ وظيفة من لا وظيفة له والدعوة طريق من لا طريق له خصوصاً في المجتمعات المتدينة بالفطرة فمن باب إعادة الناس إلى الدين الصحيح دخل الوعاظ والدُعاة فسلكوا بالمجتمع طريق التشدد والتطرف فكانت النتيجة وقوع المجتمع في براثن الصحوة ومن باب نُصرة المظلوم ونُصرة الإسلام دخلوا على المجتمع مروجين لفكرة الجهاد فكانت النتيجة إرهاب يستهدف الوطن وإرهاب يستهدف الأبرياء بأصقاع الأرض والعنوان المسكوت عنه إقامة دولة الخلافة وفق رؤية مُنظري ومُفكري الإسلام السياسي الذين وجدوا في الوعظ والدعوة وسيلة وطريقة ذات تأثير كبير على المجتمع وقضاياه المُختلفة .

لكي يُبعد عنه الشكوك أرتدى المتأسلم عباءة العالم المُجتهد فقفز على باب الإجتهاد فأخرج آراءه من ذلك الباب محولاً الحلال إلى حرام و الصراعات السياسية إلى صراعات مذهبية وطائفية وكل ذلك بإسم الإجتهاد الذي لم يعد إجتهاداً بمعناه الصحيح المُتعارف عليه عند جمهور العلماء ، بعد سنواتِ من العبث وسرقة أحلام الناس وإختطاف زهرة الشباب وإحاطة الحياة بأسوارِ شائكة وخوفاً من العِقاب وكشف الحساب ترك الواعظ الداعية مجال التضليل ليتجه إلى سوق الإعلانات مستفيداً من شُهرته ليحقق مكاسب مالية ويبقى في المشهد بهيئةِ مختلفة في ظاهرها الإعتدال وبباطنها السُم الزعاف ، ليس وحده الداعية الواعظ من ترك المشهد بل تبعه كثيرون ممن يحملون نفس الأيديولوجيا ويؤمنون بذات الأدبيات فهناك من تفرغ كما يقول للبحث وطلب العلم وهناك من قال أنه ترك المشهد مؤقتاً بحثاً عن الراحة والبقاء مع الأسرة !

مثلما يُطالب المجتمع بمحاسبة الفاسدين الذين عبثوا بالمال العام بأثرِ رجعي يُطالب أيضاً بمحاسبة كل من عبث بالعقل البشري ونشر التشدد والتطرف وصورة على أنه هو الدين الصحيح الغير قابل للشك والتأويل فسرقة المال العام جريمة لكنها لا تساوي جريمة العبث بالعقول وتزييف الدين فهذه عظيمة وأشد حُرمة من غيرها ..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات