قدمنا سلسلة من المقالات تتحدث عن الخرافات التي رواها بن كثير في تفسيره ، علما بأن كل هذه الخرافات استخرجناها من تفسير اية واحدة فقط ، وهذا دليل على مدى امتلاء كتب اهل السنة بالخرافات فأية واحدة فقط استخرجنا من تفسيرها الكثير من الخرافات واحتاجت الي العديد من المقالات مع العلم اننا اخذنا ذلك من عالم واحد فقط من علماء اهل السنة ولو اخذنا من تفسير الطبري والقرطبي والبغوي لوجدنا بحرا متلاطم الامواج من الخرافات والاساطير ، الان نواص هذه السلسلة ونستخرج من نفس الكتاب لنفس العالم ومن تفسيره لنفس الاية خرافة اخرى من خرافات اهل السنة التي لا تعد ولا تحصى وساترك التعليق على تلك الخرافة للقارئ وليحكم عليها بنفسه
يقول بن كثير في تفسيره للاية رقم 102 من سورة البقرة :
ال العوفي في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى" واتبعوا ما تتلو الشياطين " الآية وكان حين ذهب ملك سليمان ارتد فئام من الجن والإنس واتبعوا الشهوات فلما أرجع الله إلى سليمان ملكه وقام الناس على الدين كما كان وإن سليمان ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه وتوفي سليمان عليه السلام حدثان ذلك فظهر الإنس والجن على الكتب بعد وفاة سليمان وقالوا هذا كتاب من الله نزل على سليمان فأخفاه عنا فأخذوا به فجعلوه دينا فأنزل الله تعالى " ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم " الآية واتبعوا الشهوات التي كانت تتلو الشياطين وهي المعازف واللعب وكل شيء يصد عن ذكر الله . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان آصف كاتب سليمان وكان يعلم الاسم الأعظم وكان يكتب كل شيء بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيه فلما مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطرين سحرا وكفرا وقالوا هذا الذي كان سليمان يعمل بها . قال : فأكفره جهال الناس وسبوه ووقف علماء الناس فلم يزل جهال الناس يسبونه حتى أنزل الله على محمد - صلى الله عليه وسلم - " واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا " وقال ابن جرير : حدثني أبو السائب سلمة بن جنادة السوائي حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يدخل الخلاء أو يأتي شيئا من نسائه أعطى الجرادة وهي امرأته خاتمه فلما أراد الله أن يبتلي سليمان عليه السلام بالذي ابتلاه به أعطى الجرادة ذات يوم خاتمه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال هاتي خاتمي فأخذه ولبسه فلما لبسه دانت له الشياطين والجن والإنس . قال فجاءها سليمان فقال لها هاتي خاتمي فقالت كذبت لست سليمان قال فعرف سليمان أنه بلاء ابتلي به . قال فانطلقت الشياطين فتكتبت في تلك الأيام كتبا فيها سحر وكفر فدفنوها تحت كرسي سليمان ثم أخرجوها وقرءوها على الناس وقالوا إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب قال : فبرئ الناس من سليمان وكفروه حتى بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - فأنزل عليه " وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا" ثم قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن حصين بن عبد الرحمن عن عمران وهو ابن الحارث قال : بينما نحن عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ جاء رجل فقال له من أين جئت قال من العراق قال من أيه ؟ قال من الكوفة قال فما الخبر ؟ قال تركتهم يتحدثون أن عليا خارج إليهم ففزع ثم قال ما تقول لا أبا لك ؟ لو شعرنا ما نكحنا نساءه وقسمنا ميراثه أما إني سأحدثكم عن ذلك إنه كانت الشياطين يسترقون السمع من السماء فيجيء أحدهم بكلمة حق قد سمعها فإذا جرت منه وصدق كذب معها سبعين كذبة قال فتشربها قلوب الناس قال فأطلع الله عليها سليمان عليه السلام فدفنها تحت كرسيه فلما توفي سليمان عليه السلام قام شيطان الطريق فقال هل أدلكم على كنزه الممنع الذي لا كنز له مثله ؟ تحت الكرسي . فأخرجوه فقال هذا سحر فتناسخا الأمم حتى بقاياها ما يتحدث به أهل العراق فأنزل الله عز وجل " واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا " الآية وروى الحاكم في مستدركه عن أبي زكريا العنبري عن محمد بن عبد السلام عن إسحاق بن إبراهيم عن جرير به وقال السدي في قوله تعالى " واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان " أي على عهد سليمان قال كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتقعد منها مقاعد للسمع فيستمعون من كلام الملائكة ما يكون في الأرض من موت أو غيب أو أمر فيأتون الكهنة فيخبرونهم فتحدث الكهنة الناس فيجدونه كما قالوا فلما أمنتهم الكهنة كذبوا لهم وأدخلوا فيه غيره فزادوا مع كل كلمة سبعين كلمة فاكتتب الناس ذلك الحديث في الكتب وفشا ذلك في بني إسرائيل أن الجن تعلم الغيب فبعث سليمان في الناس فجمع تلك الكتب فجعلها في صندوق ثم دفنها تحت كرسيه ولم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي إلا احترق وقال لا أسمع أحدا يذكر أن الشياطين يعلمون الغيب إلا ضربت عنقه فلما مات سليمان وذهبت العلماء الذين كانوا يعرفون أمر سليمان وخلف من بعد ذلك خلف تمثل الشيطان في صورة إنسان ثم أتى نفرا من بني إسرائيل فقال لهم هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا قالوا نعم قال فاحفروا تحت الكرسي فذهب معهم وأراهم المكان وقام ناحيته فقالوا له : فادن فقال لا ولكنني هاهنا في أيديكم فإن لم تجدوه فاقتلوني فحفروا فوجدوا تلك الكتب : فلما أخرجوها قال الشيطان إن سليمان إنما كان يضبط الإنس والشياطين والطير بهذا السحر ثم طار وذهب . وفشا في الناس أن سليمان كان ساحرا واتخذت بنو إسرائيل تلك الكتب فلما جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصموه بها فذلك حين يقول الله تعالى " وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا " وقال الربيع بن أنس إن اليهود سألوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - زمانا عن أمور من التوراة لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله سبحانه وتعالى ما سألوه عنه فيخصمهم فلما رأوا ذلك قالوا هذا أعلم بما أنزل الله إلينا منا وإنهم سألوه عن السحر وخاصموه فأنزل الله عز وجل " واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر " وإن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر والكهانة وما شاء الله من ذلك فدفنوه تحت كرسي مجلس سليمان وكان عليه السلام لا يعلم الغيب فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر وخدعوا الناس وقالوا هذا علم كان سليمان يكتمه ويحسده الناس عليه فأخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث فرجعوا من عنده وقد خرجوا وقد أدحض الله حجتهم . وقال مجاهد في قوله تعالى " واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان" قال كانت الشياطين تستمع الوحي فما سمعوا من كلمة زادوا فيها مائتين مثلها فأرسل سليمان عليه السلام إلى ما كتبوا من ذلك فلما توفي سليمان وجدته الشياطين وعلمته للناس وهو السحر وقال سعيد بن جبير : كان سليمان يتتبع ما في أيدي الشياطين من السحر فيأخذه منهم فيدفنه تحت كرسيه في بيت خزانته فلم تقدر الشياطين أن يصلوا إليه فدنت إلى الإنس فقالوا لهم أتدرون ما العلم الذي كان سليمان يسخر به الشياطين والرياح وغير ذلك ؟ قالوا نعم قالوا فإنه في بيت خزانته وتحت كرسيه فاستثار به الإنس واستخرجوه وعملوا به فقال أهل الحجاز كان سليمان يعمل بهذا وهذا سحر فأنزل الله تعالى على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - براءة سليمان عليه السلام فقال تعالى " واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا " وقال محمد بن إسحاق بن يسار : عمدت الشياطين حين عرفت موت سليمان بن داود عليه السلام فكتبوا أصناف السحر من كان يحب أن يبلغ كذا وكذا فليفعل كذا وكذا حتى إذا صنفوا أصناف السحر جعلوه في كتاب ثم ختموه بخاتم على نقش خاتم سليمان وكتبوا في عنوانه : هذا ما كتب آصف بن برخيا الصديق للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم . ثم دفنوه تحت كرسيه واستخرجته بعد ذلك بقايا بني إسرائيل حتى أحدثوا ما أحدثوا فلما عثروا عليه قالوا والله ما كان ملك سليمان إلا بهذا فأفشوا السحر في الناس فتعلموه وعلموه فليس هو في أحد أكثر منه في اليهود لعنهم الله
علي سعداوي
التعليقات (0)