من حكايات أهل القرى (03) !

03 - السلطة الرمزية ! :

قرر - ولسبب ما - أن يرشح نفسه لانتخابات مجالس المحافظات ، ولم يحتر كثيراً في اختيار القائمة الحزبية التي سيرفع شعارها ، لأنه كان رافضا لجميع القيادات الحزبية ، وبجميع تياراتها : الليبرالية ، والإشتراكية ، والرأسمالية ، وحتى تلك التي ترفع شعارات الدين : كالمسيحية ، واليهودية ، وحتى الإسلامية : المفككة ما بين السنية ، والشيعية ، والوهابية ، والقادرية ..!

فكان شعاره مناهضا لجميع تلك الشعارات ، وتلك الإدعاءات الباطلة بالتحسين ، والتطوير ، فأطلق على قائمته الإنتخابية مسمى ( قائمة الأصالة والتمدن ) ، ورفع شعار حملته : [هجين الحضارات ] ... فالتف حوله المناصرون ، والمؤيدون من جميع أنحاء (القرية) ، وأغلبهم مدفوعين بالتساؤل حول هذا الخط الجديد من التفكير ، وهذا النمط المستجد في قريتهم ؟! ..

فأيقن بأنه سيحول مستقبله ، ومستقبلهم ، ومستقبل قريتهم ، إلى الأحسن ، والأفضل ، وبأنه سيشق لها طريقا نحو (جنان الأرض ) ، وبأنه سيحمل إليهم التكنولوجيا التي يتفتحون بواسطتها على بقية العالم .. ولم يكن ليعلم حينها أن العالم سفينة ضخمة ، وطاقم قيادتها من العمالقة الذين (يُحكمون قبضتهم عليها) ، ويتحكمون في كل جزء من كيانها ، وفي كل ركن من أركانها ، وزواياها ، بشبكات عنكبوتية معروفة المسالك ، ومتعددة الجنسيات ، من إستخبارات أمريكية ، وقوات بوليس دولية ، ومنظمات إنسانية ولاإنسانية ، غطت سماء الكرة الأرضية بأقمار التجسس ، ورادارات التوجيه ، وأقمار إصطناعية ... ؟! ..

كل تلك القوى لم تكن لتثنيه عن هدفه في إحداث تغيير في محيط قريته ( على الأقل) ، فبح صوته من الصراخ ، واحمرت عيناه من التعب وقلة المنام ، وتم الإقتراع ، وظهرت النتائج واحتلت قائمته الإنتخابية ثانياً ، وأصبحت تحق له المشاركة في (صناعة القرار) ، واستلم منصبه الجديد نائبا للمحافظ ، لكن قبل أن يباشر العمل في تحقيق (مشاريعه الإنمائية والتنموية ) تفاجأ بمقرر التنصيب الذي كتب فيه مايلي : [ .. هنيئا لك المنصب الجديد .. ومرحبا بك في نخبة (الإمعة) ، وصفوة المجالس (المنقادة والتابعة ) .. ] .. فعرف أنه في المكان الخطأ ، والزمان الخطأ ، وما كان ليساير الخطأ بالخطأ .. فأعلن إستقالته ( قبل التنصيب ) ، وطلاقه قبل تزويجه من (السلطة الرمزية) ..!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التاج:11-2009