مواضيع اليوم

من تونس إلى بيت لحم: ماذا تركت فتح أبي عمار لفتح أبي مازن؟!

الخير شوار

2009-08-05 10:03:29

0

المسافة بين تونس العاصمة ومهد المسيح عليه السلام في بيت لحم، لا تستغرق عمليا الساعات المعدودة عبر الطائرة، لكنها استغرقت عشرين سنة كاملة، بين الطبعة الخامسة والطبعة السادسة لمؤتمر حركة التحرير الفلسطينية فتح، وبين الطبعتين حدثت تحولات جذرية في المشهد السياسي الفلسطيني وتغير العالم بشكل تام، ومازال الهم الفلسطيني واحدا في كل الحالات•
عندما انعقد مؤتمر فتح الخامس، كانت تونس العاصمة تحتضن مقر جامعة الدول العربية، وكانت عاصمةً للقيادة السياسية الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات، وسقط جدار برلين، وتفكك الاتحاد السوفياتي بعد ذلك، وتلاشى ما كان يُسمّى المعسكر الاشتراكي، وانفردت الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم، وغزا نظام صدام حسين الكويت بعد سنة من ذلك، واندلعت حرب الخليج الثانية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وطُرد الفلسطينيون من الكويت ودخلوا في صراع مع دول خليجية إثر موقفهم وموقف قيادتهم من قضية الغزو والحرب، وانتقل مقر الجامعة العربية إلى القاهرة، وجاء مؤتمر السلام في مدريد برعاية أمريكية، وبدأت مفاوضات السلام المباشرة العلنية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويُفاجَأ العالم باتفاق أوسلو إثر مفاوضات سرية بين الطرفين، واتفاق غزة- أريحا أولا، الذي توسع إلى شطر كبير من الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاد أبو عمار إلى غزة سنة 1994 وسجد هناك سجدته الشهيرة، وتغلب خيار غصن الزيتون على خيار البندقية، وتأسست فعليا السلطة الفلسطينية، وتحولت رام الله إلى ما يشبه عاصمة السلطة، واستمرت المفاوضات الماراطونية بين فلسطينيي سلطة أبي عمار الفتحاوي، والإسرائيليين برعاية أمريكية، وخرجت إسرائيل من جنوب لبنان، ليعلن حزب الله انتصاره في الحرب التي استمرت طويلا هناك، وتلاشى جيش لبنان العميل بقيادة أنطوان لحد، ويقترب الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون من الوصول إلى اتفاق تاريخي يُنهي مسألة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنه يفشل في آخر عهدته الثانية في التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن بين رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها إيهود باراك ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات الذي يتهمه الأمريكان والإسرائيليون بإفشال المفاوضات، ويعود أبو عمار إلى فلسطين، ثم فجأة يقرر وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون زيارة المسجد الأقصى، ويحتج الفلسطينيون وتندلع رسميا انتفاضة الأقصى يوم 28 سبتمبر 2000, وتتبنّى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي الأسبق حبرعام زئيفي، انتقاما لمقتل الأمين العام للجبهة أبو علي مصطفى، وتحاصر إسرائيل ياسر عرفات في رام الله وتقطع عليه الكهرباء وتقاطعه الولايات المتحدة الأمريكية التي تتهمه بدعم الإرهاب، وينسحب شارون من قطاع غزة الذي أسس حزب كاديما الجديد حينها، ثم ينقل ياسر عرفات إلى مستشفى بارسي الباريسي حيث يموت هناك، ويبقى ملفه الصحي غامضا، وينهار شارون ليدخل في غيبوبة مستمرة منذ سنوات، وتأتي قيادة إسرائيلية أخرى برئاسة إيهود أولمرت، وقيادة فلسطينية برئاسة أبو مازن، وتدخل حركة حماس الانتخابات التشريعية وتفوز بها، ويشكل اسماعيل هنية حكومته، وبعد جدل وصراع طويل يقر الرئيس أبو مازن إقالة حكومة حماس وتردّ حماس بطرد فتح من الضفة وتؤسس ما يشبه الدولة هناك حيث تنفصل الضفة عن القطاع سياسيا وهي المنفصلة جغرافيا في الأصل، وتدخل إسرائيل في حرب مع حزب الله في صيف 2006, وفي غزة ردّا على خطف جندي إسرائيلي، ثم تدخل في حرب أكثر شراسة في قطاع عزة انتهت دون أن تسقط حكومة حماس (المقالة)، وتنتهي الحرب بالتزامن مع صعود أول أمريكي من أصل إفريقي إلى سدّة البيت الأبيض الأمريكي، ويستمر الصراع على أشده بين فتح وحماس، ثم يفجر القيادي الفتحاوي البارز فاروق قدومي قنبلة اتهام أبي مازن بالتعاون مع شارون ودحلان لقتل ياسر عرفات بالسمّ•
ويأتي مؤتمر فتح السادس في بيت لحم، بعد أن تغير المشهد الدولي والإقليمي بشكل تام يناقش مسألة غصن الزيتون والبندقية، بعد أن أحرقت الحروب كل غابات الزيتون ولم تعد البندقية وسيلة حرب وأصبحت مجرد آلة لهواة الصيد•




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !