قبيلة ايت ابراهييم /احدى قبائل الصحراء العريقة
تربط جل المصادر المكتوبة تاريخ تغجيجت ببداية تشكل نواة قبيلة أيت إبراهيم، و استنادا إلى الرواية الشفوية فالجد الأسمى لهذه القبيلة الصحراوية بامتياز هو: عثمان بن مندى و هو أيضا الجد الأسمى للف حمل إسمه “لف أيت عثمان ” الذي يضم تجزئة أيت النص التي يشكل أيت إبراهيم عمودها الفقري و تجزئتي أيت الخمس و أيت بلا، و من المعلوم تاريخيا أن هذا اللف ينضاف إلى لف أيت الجمل ليشكلا معا اتحادية “ثكنة” بمنطقة واد نون و باني الغربية. و تشير الكثير من الدراسات إلى أن عثمان بن مندى هذا كان عاملا لعبد الله بن ياسين على نول لمطة عاصمة واد نون زمن المرابطين . و يشير” Jacques - Meunie” إلى أن آثار و بقايا نول لمطة ما تزال قائمة قرب قصر أسرير أزوافيظ .و يشير في موضع آخر إلى أن المرابطين بنو موقعا هاما قرب تغجيجت و الذي حمل بدوره بعد نول لمطة تسمية “مدينة نول” .
و تتشبث القبيلة و إلى اليوم بانتمائها إلى الجد المعياري إبراهيم بن لحسن بن عثمان بن مندى و هو حفيد عامل عبد الله بن ياسين و إليه يعود الفضل في تشكيل الملامح الأولى للقبيلة و تزامن ذلك مع نهاية حكم المرابطين الذي عرف تشيد القلاع و الحصون للحد من هجمات الموحدين .
لقد أستطاع مؤسس قبيلة أيت إبراهيم أن يبلور النواة الأولى للقبيلة عبر ممارسة عسكرية صرفة نظرا لحجم التهديد الخارجي و المتمثل في الزحف الموحدي نحو هذه المنطقة و الذي جوبه بمقاومة شرسة و هو الأمر الذي دفع عبد المؤمن إبن علي الموحدي إلى إصدار الأوامر لتدمير المنطقة و سخر لذلك جيشا عظيما قويا مكنه من السيطرة على نول لمطة.
و كان ذلك سببا في رحيل أيت إبراهيم وانتجاعهم بواحة” توات” لعقود من الزمن و تحولت القبيلة بعدها إلى قبيلة مطالبة بالدفاع عن نفسها فعادوا إلى تغجيجت خلال القرن الثامن الهجري (14م)، ليشكلوا قوة ضاربة وليستعيدوا مكانتهم كزعامة في المنطقة و ليحيوا المجد المرابطي و على حساب قبيلة أيت حربيل ذات السمعة الحربية كامتداد موحدي التي اضطرت في نهاية المطاف إلى الدخول في إطار محمي أيت إبراهيــــم.و بعد تحقيق هدفها الأسمى و المتمثل في السيطرة على تغجيجت لغنـاها الاقتصادي بما توفــره مــــن مراع و نخيـــل و معادن و مزارع، بدأت القبيلة تتوسع على حساب القبائل المجاورة لتثبيت قاعدتــــــها جهـــــــــــــــويا .
إن أول إشارة تعرفها المصادر المكتوبة لتغجيجت، كانت تحت تسمية “تاعكيزت”، و لم تذكر بعد ذلك إلا في مدونة أسـا ( القرن 14م)على صيغة”غاجيجة”، أما المصادر التي تهتم بالتصنيف الاثني فنجد ابن سعيد في جغرافيته يربط مداشر و قرى تغجيجت بإيليميضن حسب تعبير د.مصطفى ناعمي.
وإذا كانت القبيلة التي ارتبطت تسميتها بالمجال الترابي الجغرافي الذي يسمى تغجيجت و فية لإنتمائها المرابطي، رافضة للمد الموحدي، فإن ريادتها وزعامتها للمنطقة ستعود إليها مجددا بعد انتهاء الحكم الموحدي و اندحاره أمام التحالفات القوية التي عرفتها المنطقة بين مختلف القبائل الرافضة للغزو الموحدي. و لعبت تغجيجت باعتبارها معقل قبيلة أيت إبراهيم أدوارا سياسية مختلفة في الحقبة التاريخية اللاحقة خاصة في العصر السعدي، لقد أكدت مختلف الدراسات أن أيت إبراهيم ساندوا في البداية الحكم السعدي باعتباره حكما انبثق من التحالف الجز ولي “دولة إكزولن”، لكن هذا الدعم لم يستمر كثيرا خاصة و أن مسألة زعامة أيت إبراهيم في المنطقة مسألة سيادة؛فحينما حاول السعديون منح هذه الزعامة “لتمنارت” عبر داعيتهم “سيدي أمحمد إبراهيم الشيخ “و الذي أراد احتكار السلطة، قوبلت المحاولة برفض أيت إبراهيم أداء الأعشار لهذا الأخير، و لهذا لجأوا إلى سليل سيدي أحمد أموسى على بودميعة مؤسس إمارة السملاليين المستقلة في أواخر الدولة السعدية فبايعوه و سانــــدوه مساندة مطلقة و تبعتهم في ذلك قبائل كثيرة أزوافيط، أيت الحسن الذين حضروا إلى تغجيجت للقاء بود ميعة و مساندته، و طاب له المقام في تغجيجت و بنى لنفسه فيها دارا في قصر إرز،
و بانهيار إمارة “إليغ” دخل أيت إبراهيم في صراع مع الحكم المركزي الجديد حينما رفضوا أداء ضريبة فرضها مولاي عبد المالك خليفة المولى إسماعيل، ورغم هذا الخلاف فكتب التاريخ سجلت استعانة العلويين بالقبيلة لمحاربة أعدائها من أهل الساحل .
أما صراعات القبيلة مع القبائل المجاورة فمحورها الأساسي دوما، هوا لسيطرة على تغجيجت المركز خاصة قصر إرز التاريخي، فقد دخل أيت إبراهيم في صراع مفتوح مع منافستيها التقليديتين: أيت حماد سيدة تجزئة أيت الخمس من لف أيت عثمان زهاء نصف قرن، و قبيلة أيت أوسا. و لقد سبق لهما أن احتلتا قصر “إرز” و حرره أيت إبراهيم بمساندة من أزوافيط، و بعد هذه المناوشات المحلية انضمت القبيلة إلى أكبر تحالف جهوي ضم في اتحادية كلا من أيت عثمان وأيت الجمل لدحر محاولة سيد “اليغ” الحسين وهاشم تحطيم تجارة أهل “بيروك” المتنامية حيث هزمه أيت إبراهيم في إفـــــــــــــــــــــــــــــــــران.
التعليقات (0)