لم تكن جوقة المحافظين الجدد تضع الاستراتيجيات على اسس سياسية فحسب بل هي تستند في تلك الاستراتيجيات الى التاريخ الديني والاحداث التي حدثت على اسس صراعات دينية وفي مراجعة سريعة لكتاب بعنوان " بلاك ووتر"Black Water للصحفي الأمريكي "جيرمى سكيل Jeremy Schahill" يتضح أن وجود قوات المرتزقة بالعراق ليس مجرد تعاقد أمني مع البنتاجون تقوم بمقتضاه هذه القوات بمهام قتالية نيابة عن الجيش الأمريكي، بل يسبقه تعاقد أيديولوجي مشترك بين الجانبين يجمع بينهما، ألا وهو " دولة فرسان مالطا state of The Knights of Malta- Order Of MALTA " الاعتبارية آخر الفلول الصليبية التي تهيمن على صناعة القرار في الولايات المتحدة والعالم.
بعد قرار الحاكم المدني الأمريكي للعراق" بول بريمر "Paul Bremer، بالاستعانة بشركات الحماية الأمنية الخاصة ومنعهم الحصانة ضد أية ملاحقة، حصلت " بلاك ووتر"Black Water على عقد بقيمة 27.7 مليون دولار يتضمن قيامها بتأمين الحماية الشخصية زائد مروحيتي حراسة لبريمر، فقامت على إثره هذه الشركة بالتعاقد مع فرسان مالطا المشبوهين، الذين ترتبط معهم برباط ديني صليبي "" The relationship religious.
ثم قامت الشركة فيما بعد بحماية السفراء الأمريكيين التاليين وهما جون نيغروبونتى، وزلماى خليل زاد إضافة إلى الدبلوماسيين الآخرين والمكاتب التابعة لهم.
وتسعى " بلاك ووترBlack Water " مستخدمة ما لديها من جماعات ضغط، لكي تحصل على عقود في إقليم دار فور بالسودان لتعمل كقوة سلام، وفى مسعى من الرئيس جورج بوش الابن لتمهيد الطريق أمامها للبدء في مهمة تدريبية، هناك قام برفع العقوبات عن الجزء المسيحي من جنوب السودان. وفى شهر يناير الماضي أشار ممثل إقليم جنوب السودان في واشنطن أنه يتوقع أن تبدأ شركة "بلاك ووتر Black Water " أعمال تدريب قوات الأمن في جنوب السودان في وقت قريب جداً.
وعلى الرغم من الدور الأساسي الذي تقوم به شركة "بلاك ووتر Black Water " في العراق، فقد كانت تعمل في الظل حتى 31 آذار 2004 عندما تعرض أربعة من جنودها في الفلوجة للهجوم وقتلوا، حيث قامت الجماهير بجر جثثهم في الشوارع وحرقتها وتعليق اثنين منها على ضفاف نهر الفرات، ومن هنا بدأ يحدث تحول في الحرب على العراق حيث قامت بعد عدة أيام القوات الأمريكية بمحاصرة الفلوجة وقتل مائة ألف عراقي وتهجير مائتي ألف من أبناء الفلوجة.
المحاربون في جيش فرسان مالطا على أرض العراق يقدر عددهم بـ 100 ألف مقاتل أي ما يقارب من نصف قوة الجيش الأمريكي المعلن في العراق، وهؤلاء في الواقع هم الذين يتولون مسئولية الحرب المباشرة في أراضي العراق ويرفعون العلم الأمريكي لكنهم لا يتبعونه، بل يتبعون المال الذي يتقاضونه عبر شركة "بلاك ووتر Black Water " التي أبرمت عقدا مع جيش الاحتلال الأمريكي للقيام بمهام قتالية خطرة نيابة عن الجيش، وبمعنى أصح فإن وراء كل ذلك تحوم أجواء حرب صليبية يفسرها وجود "دولة فرسان مالطا" الاعتبارية، آخر الفلول الصليبية التي تهيمن على صناعة القرار في الولايات المتحدة والعالم.
فرسان مالطا يعملون في العراق ودارفور كقتلة مأجورين من الولايات المتحدة من خلال شركة "بلاك ووتر"، التي تمتلك من العتاد مالا تمتلكه دول كثيرة مجتمعة، وتسيطر علي مراكز صناعة القرار في أمريكا، ويعمل بها قتلة مأجورون، من بينهم أولئك الفرسان بعد إعطائهم مسحه تبريريه صليبية لما يقومون به من أعمال تخريبية لم تأمر بها أية شريعة، ولذلك فهم يرتكبون أبشع الجرائم التي تفوق جرائم أجدادهم إبان "الحروب الصليبية The Crusades "War.
أن الحقائق التي كشف عنها الصحفي الأمريكي" جيرمي سكيل Jeremy Schahill" في كتابه الحديث عن شركة “بلاك ووتر Black Water” أكبر الشركات الأمنية المتعاقدة مع الإدارة الأمريكية في العراق، حيث أظهر العلاقة الدينية التي تجمعهما.
وفى تقرير له نشرته مؤخرا مجلة " ذا نيشينThe Nation " الأمريكية بعنوان “جيش بوش في الظلArmy of Bush s Shade”، يكشف" جيرمي سكيل Jeremy Schahill" عن الصلة الدينية التي تجمع بين “بلاك ووتر Black Water” وإدارة بوش قائلا: " من الصعب تخيل أن المحسوبية التي اصطبغت بها إدارة الرئيس الأمريكي بوش لم يكن لها دور في نجاح بلاك ووتر Black Water ، فمؤسس الشركة "إيريك برينس"Erik Prince يتشارك مع بوش في معتقداته المسيحية الأصولية، حيث جاء من عائلة جمهورية نافذة في ولاية ميتشيجان Michigan ، وأبوه إيدجار برينس Edgar Prince ساعد "جيري بوير Jerry Bauer" لإنشاء مركز أبحاث العائلة وهو معني بمواجهة الإجهاض والزواج المثلي". وبوير هو سياسي محافظ معروف بعلاقاته مع كثير من الجماعات المسيحية الإنجيلية، كما يعرف بتأييده اللامحدود لإسرائيل وإيمانه بضرورة استخدام القوة العسكرية لحماية مصالح الولايات المتحدة.
وبحسب تقرير سكيل فإن الجنرال المتقاعد" جوزيف شميتزJoseph Schmitz " الذي عمل مفتشا عاما في وزارة الدفاع الأمريكية ثم انتقل للعمل كمستشار في مجموعة شركات برينس group of companies Prince Royal s المالكة لـ"بلاك ووتر Black Water"، كتب في سيرته الذاتية أنه عضو في جماعة فرسان مالطا.
من جهتهما يكشف الباحثان الأيرلندي" سيمون بيلزSimon Beals " والأمريكية " ماريسا سانتييراMarissa Santeira " اللذان تخصصا في بحث السياق الديني والاجتماعي والسياسي للكنيسة الكاثوليكية الرومانية The Catholic Church Romanian ، عن أن أبرز أعضاء جماعة فرسان مالطا من السياسيين الأمريكيين رونالد ريجان وجورج بوش الأب رئيسا الولايات المتحدة السابقان، وهما من الحزب الجمهوري، كما يشير موقع فرسان مالطا www.orderofmalta.org أن من بين الأعضاء البارزين في الجماعة "بريسكوت بوشPrescott Bush " وهو الجد الأكبر للرئيس الحالي جورج بوش الابن..ولا يمكن -بحسب الباحثين- انتزاع تصريحات الرئيس بوش عقب هجمات 11 أيلول من هذا السياق حين أعلن شن "حرب صليبية The Crusader War " على الإرهاب وذلك قبيل غزوه لأفغانستان عام 2001م ولم تكن الكلمة زلة لسان.
وبحسب الموقع الرسمي لدولة فرسان مالطا "" www.orderofmalta.org يلقب رئيس المنظمة بـ"السيد الأكبر" وهو الأمير البريطاني " فرا أندرو بيريتي " Fra Andrew Peretti الذي تقلد رئاسة المنظمة عام 1988م، ويقيم السيد الأكبر في روما ويعامل كرئيس دولة بكل الصلاحيات والحصانات الدبلوماسية وهو من مواليد لندن 15ايار1929م.
وينص القانون الدولي على سيادة دولة فرسان مالطا التي لها حكومتها الخاصة ولها صفة مراقب دائم في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، وتدار الأنشطة المختلفة للمنظمة عن طريق ستة أديرة رئيسية متفرع منها خمسة فرعية و47 جمعية وطنية للفرسان في خمس قارات، وللمنظمة علاقات دبلوماسية مع 96 دولة على مستوى العالم منها مصر والمغرب والسودان وموريتانيا، حسبما يشير الموقع الرسمي لهم.: وقد طالب "شمعون بيريزShimon Peres " نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي طلب من مصر الاعتراف بدولة فرسان مالطا واعترفت مصر بهذه الدولة والغريب ان مص البلد غير الكاثوليكي في العالم الوحيد الذي اعترف بهذه الجماعة الكاثوليكية الرومانية.
وتأتي القوات الأمنية الخاصة في العراق في المرتبة الثانية من حيث عدد أعضائها بعد جنود الولايات المتحدة الأمريكية التي يقدر عددهم بـ130 ألف جندي، في حين يتراوح عدد أعضاء الشركات بين 30 إلى 50 ألف شخص يعملون في 130 شركة أمنية، بالإضافة إلى أنه يبلغ حجم أعمالها في العراق إلى ما يقارب 100 مليار دولار.
ويكشف "جيرمي سكيل " Jeremy Schahill عن أنه مع تنامي نفوذ شركة “بلاك ووتر Black Water” داخل الإدارة الأمريكية، فإنها تتطلع حاليا إلى الحصول على عقد في إقليم دارفور، غرب السودان، وهو الأمر الذي يمكن أن يضيف دافعا آخر نحو إصرار الولايات المتحدة التدخل عسكريا في دارفور وتدويل الصراع في هذا الإقليم..ويؤكد جيرمي سكيل في كتابه على "أن المرتزقة القتلى في العراق لا يحسبون ضمن قتلى جيش الولايات المتحدة النظامي، كما أن جرائمهم لا يتم توثيقها، وبالتالي لا يتم معاقبتهم عليها، وهو ما يغطي على التكلفة الحقيقية للحرب".
سبق أن صرح السناتور الديمقراطي" دينيس كوسينتش"Dennis Kucinich الذي يعد واحدا من أكثر المعارضين لعمل المرتزقة في العراق: "لدينا 200 ألف جندي في العراق نصفهم لا يمكن حسابهم، والخطر أن نسبة محاسبتهم على ما يفعلون هي صفر” ، واصفا ما يحدث في العراق على أنه "حرب مخصخصة war privatized".
الجدير بالذكر أن نشاط هذه الشركات -على حد تعبير تقرير صادر عن الجامعة الوطنية للدفاع في واشنطن- يعرض حقوق الإنسان للخطر، وهو ما جرى فعلا عندما تورط عملاء شركتين خاصتين للحماية في فضيحة تعذيب واغتصاب سجناء عراقيين في سجن أبو غريب، وهما شركتا "كاسي انكوري رايشنCasey Ankuri Corporation –CACI" و"تيتان كوربوراشن Titan Corporation ".
أشارت نفس الدراسة إلى استعانة هذه الشركات الخاصة بأفراد اشتهروا بسمعتهم السيئة على صعيد انتهاك حقوق الإنسان والتورط في محاولات قتل وتعذيب بل وانقلابات عسكرية في بلدان إفريقية أو أمريكية لاتينية، وكان من أبرز هؤلاء الموظفين الأمنيين الذين كانوا يعملون في حكومة الدكتاتور التشيلي السابق" أوجستو بنوشيه Augusto Pinochet" ، وحكومة الصربي "سلوبودان ميلوسفيتش"Slobodan Milosevic ، وأفراد من نظام الحكم العنصري السابق في جنوب إفريقيا.
كما استعانت بعراقيين وبعض اللبنانيين الذين التحقوا في تنظيمات مسلحة إبان الحرب الأهلية في لبنان، ولا تستبعد كونهم من قوات "أنطوان لحد Forces Antoine Lahad " المتعاونة مع القوات الإسرائيلية في عدوانها على لبنان قبل أن تتفرق بعد انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني عام 2000م..يتراوح الأجر اليومي للجندي المرتزق ما بين 900 إلى 3 آلاف دولار أمريكي، وهو ما يفسر استنزاف مليارات الدولارات من العراق.
في منطقة وسط القاهرة وتحديداً في شارع هدى شعراوي "سفارة فرسان مالطة" هكذا كتب بالعربية على لوحة نحاسية في مدخل السفارة، وفي نفس اللوحة كتب بالفرنسية:"Ambassade De L’ordre souveraine ET Militaire De Malte"أو بالإنجليزية: SOVEREIGN MILITARY ORDER OF MALTA وترجمتها الحرفية"سفارة النظام العسكري ذو السيادة المستقلة لمالطة"هي ليست سفارة دولة مالطة في القاهرة هل هناك دولة بهذا الاسم؟ أين تقع؟ ما حكاية هذه السفارة؟ وماذا تعمل في مصر؟ ومنذ متى ؟… بدأت السفارة في القاهرة عام 1980م .. ومقرها داخل الفاتيكان .. هناك أربع دول عربية تعترف بها وليس مصر وحدها .
بدأ ظهور فرسان مالطة عام 1070م، كهيئة خيرية، أسسها بعض التجار الإيطاليين، لرعاية مرضى الحجاج المسيحيين، في مستشفى "قديس القدس يوحنا" قرب كنيسة القيامة ببيت المقدس ، وظل هؤلاء يمارسون عملهم في ظل سيطرة الدولة الإسلامية ، وقد أطلق عليهم اسم "فرسان المستشفى "Hospitallers تمييزاً لهم عن هيئات الفرسان التي كانت موجودة في القدس آنذاك مثل “فرسان المعبد Knights Templar” و"الفرسان التيوتون "Knights Altuoton ، والمؤكد أنهم ساعدوا الغزو الصليبي فيما بعد .
كان التزايد الكبير في أعداد الحجاج المسيحيين إلى مدينة القدس في بداية القرن الحادي عشر لاتجاه بعض التجار الإيطاليين للحصول على حق إدارة الكنيسة اللاتينية من حكام المدينة المسلمين، وكان يلحق بهذه الكنيسة مستشفى للمرضى والحجاج يسمى مستشفى “قديس القدس يوحنا” كذلك استطاع تجار مدينة "أما لفي" 1070م تأسيس جمعية خيرية في بيمارستان قرب كنيسة القيامة في بيت المقدس للعناية بفقراء الحجاج، ومن اسم المستشفى أطلق عليهم اسم فرسان المستشفى أو "Hospitallers" التي حرفت إلى Alispitarien "الاسبتارية " في اللغة العربية، ولم يلبث أولئك الاسبتارية أن دخلوا تحت لواء النظام الديري البندكتي " "The Dairi Benedictine المعروف في غرب أوروبا، وصاروا يتبعون بابا روما مباشرة بعد أن اعترف البابا "باسكال الثاني Pope Pascal II" بتنظيمهم رسميًا في 15 شباط 1113 م ، وهكذا أصبح نظامهم يلقى مساندة من جهتين: "تجارأمالفي " Amalfi Traders و"حكام البروفانس The Rulers Of Provence" في فرنسا.
وعندما قامت الحروب الصليبية الأولى 1097م وتم الاستيلاء على القدس أنشأ رئيس المستشفى "جيرارد دي مارتيزGerard de Maian" تنظيماً منفصلاً أسماه “رهبان مستشفي قديس القدس يوحنا ” وهؤلاء بحكم درايتهم بأحوال البلاد قدموا مساعدات قيمة للصليبيين وخاصة بعد أن تحولوا إلى نظام فرسان عسكريين بفضل ريموند دو بويRaymond Dupuy "خليفة مارتينز" الذي أعاد تشكيل التنظيم على أساس عسكري مسلح باركه البابا "أنوست الثاني Pope Anust II" 1130م، حتى قيل : إن الفضل في بقاء مدينة القدس في يد الصليبيين واستمرار الحيوية في الجيوش الصليبية يعود بالأساس إلى فرسان الاستبارية أو الهوسبتاليين Hospitallers بجانب "فرسان المعبد Templars".
وقد كان تشكيل تنظيم الهوسبتاليين ينقسم إلى ثلاث فئات:
"فرسان العدل "Kinghts of Justice الذين هم من أصل نبيل (نبلاء) وأصبحوا فرساناً.
"القساوسةThe Pastors " الذين يقومون على تلبية الاحتياجات الروحية للتنظيم.
"إخوان الخدمة" وهم الذين ينفذون الأوامر الصادرة إليهم.
وهذا فضلا عن الأعضاء الشرفيين ويسمون "الجوادين Danats" الذين يساهمون بتقديم الأموال والأملاك للتنظيم وبفضل عوائد هذه الأملاك وكذلك الهبات والإعانات "عُشر دخل كنائس بيت المقدس كان مخصصًا لمساعدة فرسان القديس يوحنا" أخذ نفوذ الفرسان ينمو ويتطور حتى أصبحوا أشبه بكنيسة داخل الكنيسة.
بعد هزيمة الصليبيين في موقعة حطين عام 1187 م على يد صلاح الدين الأيوبي هرب الفرسان الصليبيون إلى البلاد الأوروبية. وبسقوط عكا 1291 م وطرد الصليبيين نهائيًا من الشام اتجهت هيئات الفرسان إلى نقل نشاطها إلى ميادين أخرى ؛ فاتجه الفرسان "التيوتون" نحو شمال أوروبا حيث ركزوا نشاطهم الديني والسياسي قرب شواطئ البحر البلطيكي، ونزح "الداوية" أو فرسان المعبد إلى بلدان جنوب أوروبا وخاصة فرنسا حيث قضى عليهم فيليب الرابع فيما بعد "1307- 1314 م" أما فرسان الهوسبتالية "الذين ظل وجودهم حتى اليوم " فقد اتجهوا في البداية إلى مدينة صور ثم إلى "Morgat أو المرج " في ليبيا حاليًا ومنها إلى عكا ثم "ليماسول"في قبرص 1291م.
ومن قبرص استمروا في مناوشة المسلمين عن طريق الرحلات البحرية ومارسوا أعمال القرصنة ضد سفن المسلمين ، إلا أن المقام لم يطب لهم هناك فعمد رئيسهم "وليم دي فاليت William de Vallette" للتخطيط لاحتلال "رودس Rhodes" وأخذها من العرب المسلمين وهو ما قام به أخوه وخليفته "توك دي فاليت" في حرب صليبية خاصة " 1308م – 1310م" ليصبح اسم نظام الفرسان الجديد يسمى (النظام السيادي لرودس) أو (النظام السامي لفرسان رودس). وفي "رودسRhodes" أنشأ تنظيم الهوسبتاليين مراكزه الرئيسة وازدادت قوته ونفوذه خاصة بعد أن تم حل تنظيم فرسان المعبد وآلت بعض ثرواته للهوسبتاليين.
ولأن أرض "رودسRhodes" كانت بمثابة نقطة استراتيجية هامة، فقد عمد الأتراك المسلمون بدورهم للاستيلاء عليها خصوصا مع تزايد قرصنة الصليبيين لسفنهم وذلك بعد حصار وضغط متواصلين "أهم حصارين 1310م، 1480م"مما أجبر رئيسهم "فيليب ري ليل آدام" Philippe Rey Night Adam على الاستسلام في 1522م والهجرة عن الجزيرة في أول كانون الثاني 1523 م بين عدة مدن منها: "سيفليلSeville إسبانيا" و"كاندي سيلان" و"روما إيطاليا" ، الي أن منح الملك "شارك كنت" للهوسبتاليين السيادة على جزيرة مالطا في 24 آذار 1530م.
وبجانب سيادتهم على مالطا ـ بوثيقة "شارك كنت" ـ كانت لهم السيادة كذلك على عدة جزر مثل "دي جوزوا- De Jozo وكومين –"Comino بجانب مدينة طرابلس "التي كانت تتبع عرش صقلية". وقد صدق "البابا كليمنت السادس Pope Clement VI" على ذلك في 25 نيسان 1530 م ومن ثم أصبح النظام يمتلك مقرًا وأقاليم جديدة أدت إلى تغيير اسمه في 26 تشرين الأول 1530م إلى “النظام السيادي "لفرسان مالطا" ومنذ ذلك الوقت أصبحت مالطا بمثابة وطنهم الثالث، ومنها استمدوا أسمهم “فرسان مالطا” واستطاع رئيسهم "جان دي لافاليت" أن يقوي دفاعاتهم ضد الأتراك العثمانيين مصدر خوفهم وأن يبني مدينة "فاليتا Valletta – عاصمة مالطا حاليا" التي أطلق عليها اسمه وكان مما ساعد على ترسيخ وجودهم في مالطا وقوع معركة "ليبانتوا" Lepanto البحرية 1571م، بين الروم والأتراك مما أبعد خطر الأتراك ووفر لنظام الفرسان جواً من الهدوء.
وقد تميز هذا النظام منذ إقامته في مالطا بعدائه المستمر للمسلمين وقرصنته لسفنهم حتى كون منها ثروة "ينفقون منها حاليا على الأعمال الخيرية " ولاسيما في الحصار التاريخي 1565م الذي انتهى بمذبحة كبيرة للأتراك ، كما توسع النظام كثيرًا حتى إن الملك "لويس الرابع عشر Louis XIV" تنازل له في 1652 م عن مجموعة من الجزر في" الأنتيل- Antilles" منها:-
سان كيرستوف ـ سان بارتليلي ـ سان كوزوا، وصدق على ذلك في 1653م إلا أن صعوبة المواصلات مع هذه الجزر اضطر النظام للتنازل عنها لشركة فرنسية 1655م وظل النظام في مالطا تحت حماية إمبراطور الدولة الرومانية والكرسي الرسولي وفرنسا وإسبانيا وانتشر سفراؤه في بعض الدول وهو ما كان يعني اعترافًا بالسيادة الشخصية للسيد الكبير "للنظام أو رئيس الفرسان".
لقد كانت رحلة الشتات للفرسان الصليبيون بدأت مع قيام الثورة الفرنسية 1789 م وغزوها إيطاليا فقد الفرسان الصليبيون ممتلكاتهم وامتيازاتهم في فرنسا وإيطاليا وانتهى بهم الأمر بفقد مقرهم في جزيرة مالطا نفسها وطردهم منها على يد نابليون أثناء حملته على مصر عام 1798م، فأقاموا بصفة مؤقتة في "ترسيتا" في إيطاليا تحت ضغط من بلاط فينيا، وعندما استولى الأميرال "نلسون" على مالطا من الفرنسيين أقرت اتفاقية" الأمنيس Amiens" عودة الجزيرة للفرسان 1802م، إلا أن كونجرس "فاليتا" Valletta عاصمة مالطا أسند إدارة الجزيرة للإمبراطورية البريطانية وبالتالي انقطع اتصال الفرسان نهائيًا بمالطا "دولة مالطا الحالية ليست هي فرسان مالطا"، وانقسموا بين البلاد حيث اتجه العديد منهم إلى سان بطرسبرج "وبالتالي أصبح نظامهم الكاثوليكي الروماني الذي يحظى برعاية البابا يخضع لقانون الإمبراطورية الروسية الأرثوذكسية" واتجه جزء آخر إلى “كاتانيا Catania” و”فيرارًا Ferrara” و"روما Rome "، وفي هذه الأثناء اختبر توماكسي 1802م ليكون آخر الرؤساء الكبار للتنظيم.
وبحلول 1805م أصبح الفرسان بلا رئيس حاكم ، ومنذ 1834م ونظام الفرسان يمارس شؤونه من روما بصفة رسمية باسم “العمل الخيري” وفي نطاق المستشفيات "عملهم الأول وقت إنشائهم" حتى أصبح نظامهم أشبه بهيئة خيرية ما تزال تسيطر عليها الروح الصليبية، وأخذت في التوسع حتى فتحت جمعية لها في الولايات المتحدة الأمريكية 1926م.
التعليقات (0)