مواضيع اليوم

من بغداد إلى طرابلس الغرب الثورة والاستعمار-الثورة والاحتلال-الحلقة الرابعة-

عبدالكريم صالح

2011-04-27 00:44:26

0

من بغداد الى طرابلس الغرب الثورة والاستعمار-الثورة والاحتلال- الحلقة الرابعة

                                                                                                                                           عبدالكريم صالح المحسن
                                                                                                                                باحث في الشؤون الإستراتيجية والدولية
ليس بالغريب على المحافظيين الجدد صقور الحرب في الإدارة الأمريكية وهم من المتطرفين المغاليين الصهاينة من عناصر اليمين المسيحي-الصهيوني والذين يعتقدون أن تأييد وحماية اسرائيل هي مهمة دينية مقدسة وان من أنبل الانجازات لديهم هو شن الحرب على العراق واحتلاله والقضاء على الخطر العراقي ضد اسرائيل وما تصريح "ارئيل شارون "Ariel Sharonفي تصريح له يقول أن العراق يشكل اكبر خطراَ على اسرائيل وهو التهديد الأكثر واقعية لأمن اسرائيل ان هذا التصريح ماهو الاجزء من التصريحات الإسرائيلية المستمرة حول الخطر العراقي على اسرائيل ومن غير المنطقي أن تأتي هذه التصريحات من فراغ إنما هناك أسباب ميثولوجية وتاريخية وعقائدية وإستراتيجية التي تحكم الموقف الصهيوني تجاه العراق.
أن الحركة الصهيونية عندما فكرت في أقامة الدولة العبرية على ارض فلسطين كانت فكرتها مبنية على أسس توراتية وإحداث تاريخية محاولين بذلك أعادة إحياء دولة بني اسرائيل وقد فكروا في الطرق التي تضمن عدم انهيار هذه الدولة اليهودية من جديد وان لا تتعرض للهلاك مرة ثانية فقد عمدوا الى دراسة معمقة للتاريخ اليهودي وحاولوا التفحص في الأسباب التي أدت الى القضاء على ملك بني اسرائيل محاولين بذلك رمي سهام القضاء على المسببات قبل حدوثها من هنا كانت احد المبادئ الأساسية في نظرية الأمن الإسرائيلي هو مبدأ الحرب الوقائية Preventive Warوالاعتماد على الضربات الاجهاضية والتي طبعا تعني شن الحرب وتوجيه ضربات عسكرية الى مواقع مهمة في المحيط الإقليمي لإسرائيل،بالإضافة الى التأكيد على مبدأ التفوق العسكري على القوى الإقليمية ودول الجوار لإسرائيل . العراق يمثل في الذاكرة الصهيونية مواطن الفجيعة والحزن بالنسبة لهم فمنه انطلقت قوات الملك البابلي نبوخذنصر Babylonian King Nebuchadnezzar""والتي قضت على دولة اسرائيل في العهد القديم وانتهت بما يسمونه "السبي البابلي Babylonian Captivity" ففي عام 306 قبل الميلاد تولى نبوخذ نصر العرش الكلداني البابلي في العراق وفي عهده نمت وكبرت وتوسعت الدولة وصار نفوذها كبيراَ لايقاوم وقد تحالف مع جميع جيران الدولة بمافيهم الملك اليهودي "يواقيمJoachim " الا أن هذه العلاقة سرعان ما تدهورت وحاول " يواقيم " أن يفك نفسه من رباط التحالف مع الجار القوي نبوخذ نصر وقد جهز الملك البابلي حملة عسكرية ضخمة حاصر فيها القدس ثم فتحها واقتاد ملكها الجديد "يهوياقيم Jehoiakim " (حيث أن الملك القديم" يواقيم" قد توفى) وحاشيته واركان حكمه ورموز دولته الى بابل في العراق عام 685 قبل الميلاد ويذكر التاريخ أن السبي البابلي الذي حدث بعد محاولة "صدقيا" وهو عم "يهوياقيم "التمرد على الحكم الكلداني مما أدى الى تجهيز حملة عسكرية بابلية أخرى انتهت عام 685 قبل الميلاد من اجل القضاء على الدولة اليهودية وسبي حوالي 50 الف يهودي سيقوا مكبلين بالحديد الى ارض العراق .
أن تاريخ اليهود يحفل بالمراثي والنواح على السبي الذي حدث لهم على أيدي ملوك بابل الذين لايرضون بغدر أو خيانة لذلك نجد أن اليهود الصهاينة يشعرون بالريبة والخوف والارتعاش من أن يكون العراق قوة يمكن أن تشكل خطراَ وتهديداَ لأمن اسرائيل خوفاَ من تكرار السبي البابلي من جديد .
أن الإستراتيجية الإسرائيلية واضحة وهي العمل بكل الوسائل من اجل أن يظل العراق ممزق ومفكك وضعيف، بالإضافة كونه يعتبر قوة ساندة للقوات العربية في معظم الحروب ضد اسرائيل وكان البلد العربي الوحيد الذي شارك في حرب 1948م من غير دول الجوار ولم يوقع اي اتفاق هدنة مع اسرائيل لذلك فان اسرائيل تأمل أن يمكنها الاحتلال الأمريكي للعراق من تعطيل واهدار مقومات القوة العراقية وذلك مايمكن اسرائيل من العمل على تصفية القضية الفلسطينية وإذابتها بشكل تدريجي بسبب غياب واحد من الدول العربية القوية .
اشتعلت حرب الخليج الأولى ذات الثماني سنوات (1980م-1988م) وتكبد فيها العراق خسائر بشرية ومادية كبيرة لكنه خرج بجيش قوي من حيث العدة والعدد والخبرة وقد كان الموقف الأمريكي من تلك الحرب يتلخص في مقولة مستشار الأمن القومي السابق وزير الخارجية الأمريكي في عهد نيكسون وفورد "هنري كيسنجر Henry Alfred Kissinger " سياستنا تجاه تلك الحرب أن لايهزم العراق وان لاتنتصر ايران" وانتهت هذه الحرب بشكل مفاجيء مثلما بدأت حيث توقفت بقبول ايران بقرار مجلس الأمن الدولي المرقم 598 والصادر في عام 1988م، ثم جاءت حرب الخليج الثانية نتيجة غزو العراق للكويت في 2 آب 1990م وقد حشدت الولايات المتحدة الأمريكية 34 دولة تحالفت معها ضد العراق وشنت حرباَ لأخراج القوات العراقية من الكويت بدأت في 17 كانون الثاني1991م حيث قامت بعمليات عسكرية اسمتها أمريكا "عاصفة الصحراء Operation Desert Storm".
صرح الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب في بداية العمليات أن الهدف من الحملة هو منع القوات العراقية من اجتياح الأراضي السعودية وقد أطلق على هذه العملية اسم " عملية درع الصحراء " حيث اصدر مجلس الأمن الدولي مجموعة قرارات أهمها القرار 678 والذي صدر في 29 تشرين الثاني 1990م وحدد فيه تاريخ 15 كانون الثاني عام1991م موعداَ نهائياَ لانسحاب العراق من الكويت وفي مطلع فجر 16 كانون الثاني 1991م شنت الطائرات الأمريكية حملة جوية مكثفة استخدمت فيها شتى الصواريخ والقنابل الذكية والعنقودية وصواريخ كروز وشنت جملة عمليات بالتزامن مع عملية درع الصحراء اسمتها " طريق الموت" خلال انسحاب القوات العراقية من الكويت رداَ على قيام العراق بإطلاق صواريخ سكود على اسرائيل ،وفي 26 شباط 1991م بدأت القوات العراقية بالانسحاب وانتهت حرب الخليج الثانية في 28 شباط 1991م، أن هذه الحرب تعتبر بداية تخلخل الخارطة الجيوسياسية العراقية و العربية حيث أوجدت موطيء قدم وتدخل امريكي في عمق المنطقة .
لقد أعطت هذه الحرب الذريعة لأمريكا في التوغل وبدأ صفحة جديدة من الصفحات التي حلمت بها اسرائيل تمهيداَ لاحتلال العراق من قبل حليفتها أمريكا والمباشرة بتفكيك مقوماته ووحدته بالتوازي مع الحرب العسكرية ضد العراق فقد شنت أمريكا حرباَ أخرى وبأسلحة مختلفة الا وهو سلاح التجويع وابتدأت بفرض حصار اقتصادي مرير ضد شعب العراق حيث استخدام هذا السلام مباشراَ بعد أيام من اجتياح الكويت والأداة هي مجلس الامن الدولي.
أن مخططات وأفكار وسياسات المحافظين الجدد طموحة جداَ في ظل التطورات الجديدة التي حدثت وتحدث في الشرق الأوسط لفتح مشاريع استعمارية جديدة ومختلفة فقد شرع "اليوت ابراماس "Elliot Abrams كبير مديري مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بتحريك مشروعاَ يهدف الى ترجيح ميزان القوة في الشرق الأوسط لصالح أمريكا وإسرائيل وإعادة رسم خارطة الوطن العربي السياسية بشكل يخدم مصالحهما ،واستكمالاَ لحرب الخليج الثانية فقد بدأت حرب أخرى هي حرب الذرائع لشن حرب احتلال العراق( مايطلق عليها اليوم حرب الخليج الثالثة) حيث ابتدأت الذرائع بالانطلاق من اجل التغطية والتمويه حول مبررات احتلال العراق وبدأَ بذريعة أسلحة الدمار الشامل حيث شن وزير الخارجية الأمريكي آنذاك" كولن باول " حملة ترويج داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الامن لاقناعهما بضرورة العمل العسكري ضد العراق معتبراَ امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل يعد تهديداَ لجيرانه والمنطقة في الوقت الذي صرح كبير مفتشي الأسلحة في العراق "هانز بليكسHans Blix " أن فريقه لم يعثر على أسلحة نووية أو كيمياوية أو بيلوجية ثم تبعتها ذريعة أخرى هي عدم انصياع العراق لقررات مجلس الامن وعلاقة العراق بتنظيم القاعدة الإرهابية واحضرت الذريعة القديمة الحديثة الا وهي "نشر الديمقراطية" كما هو معتاد حيث من قبلهم نادى الجنرال البريطاني" ستانلي مودStanley Maude " الذي احتل بغداد في 17 آذار عام 1911م ونشر بيانه في 19 آذار 1911 والذي جاء فيه : جئنا محررين لافاتحين، اننا هنا من اجل نشر قيم الديمقراطية .
في 30 آذار 2003 اصدر الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن أوامره بتوجيه ضربة جوية اسماها "ضربة الفرصة" بعدها بدأت حرب الخليج الثالثة واطلقت تسمية "الصدمة والترويع Shock and Awe" على هذه العمليات وفي 5 نيسان 2003 قامت الدبابات والمدرعات بشن هجوم على مطار بغداد الدولي وبتاريخ 7 نيسان 2003 قامت قوة مدرعة أخرى بشن هجوم على القصر الجمهوري وبعد ساعات من هذا الحدث انهار الجيش العراقي ولم نعد نرى اي مقاومة منه ولاندري السبب المقنع لذلك وبقى هذا سراَ على أساس تكهنات لم يتم معرفتها حتى اليوم وفي 9 ابريل 2003 اعلنت القوات الأمريكية بسط سيطرتها على العراق وبعدها بدأت عمليات سلب ونهب منظمة وواسعة النطاق نقلتها كل شاشات العالم ولم تسلم اي مؤسسة من مؤسسات الدولة من ذلك النهب باستثناء وزارة النفط والداخلية التي قامت القوات الأمريكية بحمايتها والسبب واضح،لقد دخلوا بغداد دون اي خطط لحماية أهلها حتى إن البعض من زعماء القبائل واهالي بغداد ذهبوا لقادتهم المتواجدين في فندق مريديان وسط بغداد المحاط بالدبابات وشكوا لهم الوضع الأمني السيء في بغداد وكثرة عصابات السرقة والقتل لكن هؤلاء الضباط اخبروهم انهم رجال جيش وليسوا رجال شرطة فهي ليست من مسؤوليتهم .
صرحت أستاذة الآثار الشرقية في" جامعة كولومبيا الأمريكية Columbia University " أن المروحيات التي هبطت على مدينة بابل قامت بازالة طبقات من التربة الأثرية في الموقع وتهدم سقف معبد "نابو و نيما "اللذان يرجع تاريخهما الى 6000 سنة قبل الميلاد كما تم نهب واتلاف وبعثرة محتويات المتحف الوطني العراقي التي ذهب اغلبها الى اسرائيل من خلال أمريكا .
مع تفكك الاتحاد السوفيتي وانهياره وقيام حرب الخليج الثانية فقد اعتلت الولايات المتحدة الأمريكية قمم السيطرة والهيمنة العسكرية والاقتصادية والسياسية في العالم واعتبارها القوة الوحيدة التي تحدد قواعد الحياة الدولية من خلال استلامها مركز القيادة في النظام الدولي الجديد الأمر الذي خططت له وسعت اليه منذ مدة ليست بالقصيرة وقد أطلقت حرب الخليج الثانية وحرب كوسوفو مرحلة جديدة من العلاقات الدولية فباسم التدخل الإنساني تعتدي أمريكا على ركيزتين أساسيتين في السياسة الدولية وهي سيادة الدول وأنظمة الأمم المتحدة ،ومن غير المخفي أن من وراء احتلال العراق اهدافاَ مخطط لها مسبقاَ تتطلع الإدارة الأمريكية الى تحقيقها فالمسؤولون الأمريكيون يعلنون باستمرار أن حرب الولايات المتحدة لاشتمل العراق فقط انما تستهدف العديد من الدول والأنظمة في أسيا وأفريقيا.لم يكن التطرف والتشدد الديني من قبل المحافظين الجدد او من الصهيونية العالمية ببعيد عن هذا الاحتلال للعراق وهذه السياسيات التي لايعرف لها تعريف غير ما ابتدعوه لنا وهو النظام من رحم الفوضى او "الولادة من الموت" منطق غريب يكلف العالم والأمم أرواح ابنائها وثرواتها ونتسائل لماذا لم يطبقوا هذه السياسات على انفسهم او على حلفائهم ونحن ندفع ثمن أطروحاتهم من أصلابنا وأموالنا من اجل مصالحهم ومن اجل سيطرتهم وهيمنتهم على العالم وبناء إمبراطورياتهم على أنقاضنا ، أن المسار الايديولوجي لشعب أمريكا لم يتبدل قيد انملة منذ عام 1607 م يوم تأسيس مستعمرة فرجينيا وهكذا فقد نبتت بذرة المغالاة الأمريكية الحالية والتي تعتبر نوع من الصلف بالشكل الذي لايمكن احتماله ومثير للسخط فمنذ قدوم الطلائع الاولى اليها من انكلترا واسكتلندا في العشر سنوات الأولى من القرن السابع عشر قد تشكلت هذه الأيدلوجية على أساس مبدأ كلفانيGalvin كما يقول بيير سلنجرPierre Salingerفي مقدمته لكتاب"الولايات المتحدة وسياسة السيطرة على العالم"لمؤلفه ميشال بوغنون موردانMichel Bugnon Mordant
لقد بدأ الصراع بسبب الشطط والغطرسة لدى الأمم الاستعمارية التي رفعت شعار فرق تسد وانتهت بترتيب العالم على الطريقة الأمريكية التي أضافت لفنون السيطرة فنّاً آخر أعطي في بدايته اسم بّراق وجذاب فهو ما كان يعرف بالعولمة تارة أو بالمثاقفة تارة أخرى.
لقد فهمت الإدارات المتعاقبة على السلطة في الولايات المتحدة بأن التحكم بالعالم لا يكفيه فقط امتلاك القوة العسكرية الضاربة والهيمنة على أسواقه وحكامه بل هو بحاجة لوسائل أخرى تصل إلى إخضاع جميع أفراده حتى تنتهي عملية الاستلاب على وجهها الأكمل فلم تكتف بإخضاع النفوس بل أرادت إخضاع الرؤوس أيضاً، وذلك عن طريق محو وإبادة ذاكرة الشعوب.
وامتدت الغطرسة للمحافظين الجدد لأبعد ببعيد من هذا في غيهم وعقولهم الغير سوية وأفكارهم التي تستند الى قصص التاريخ والأساطير والتخلف العقائدي ولنرى ماجاء بكتاب " لوكررت ذلك على مسامعي ماكنت أصدقه " للصحفي الفرنسي "جان كلود موريسJean Claude Maurice " الذي عمل مراسلاَ لصحيفة "لوجورنال دو ديماشLe Journal Du Dimanche "للفترة من 1999م الى 2003 م ونطلع على مستوى تفكير هؤلاء وتغطرسهم ويتناول في كتابه هذا اخطر اسرار المحادثات الهاتفية بين الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن والرئيس الفرنسي جاك شيراك، والتي كان يجريها الأول لإقناع الثاني بالمشاركة في الحرب التي شنها على العراق عام 2003, بذريعة القضاء على (يأجوج ومأجوج Gog and Magog) الذين ظهرا في منطقة الشرق الأوسط, وتحقيقا لنبوءة وردت في كتبهم (المقدسة).
يقول المؤلف (جان كلود موريس) في مستهل كتابه الذي يسلط فيه الضوء على أسرار الغزو الأمريكي للعراق: (إذا كنت تعتقد أن أمريكا غزت العراق للبحث عن أسلحة التدمير الشامل فأنت واهم جدا, وان اعتقادك ليس في محله), فالأسباب والدوافع الحقيقية لهذا الغزو لا يتصورها العقل, بل هي خارج حدود الخيال, وخارج حدود كل التوقعات السياسية والمنطقية, ولا يمكن أن تطرأ على بال الناس العقلاء أبدا, فقد كان الرئيس الأمريكي السابق (جورج بوش الابن) من اشد المؤمنين بالخرافات الدينية الوثنية البالية, وهو مهووسا بالتنجيم وتحضير الأرواح, والانغماس في المعتقدات الروحية المريبة, وقراءة الكتب اللاهوتية القديمة, وفي مقدمتها (التوراة), ويجنح بخياله الكهنوتي المضطرب في فضاءات التنبؤات المستقبلية المستمدة من المعابد اليهودية المتطرفة. ويميل إلى استخدام بعض العبارات الغريبة, وتكرارها في خطاباته. من مثل: (القضاء على محور الأشرار), و(بؤر الكراهية), و(قوى الظلام), و(ظهور المسيح الدجال), و(شعب الله المختار), و(الهرمجدون), و(فرسان المعبد), ويدعي انه يتلقى رسائل مشفرة يبعثها إليه (الرب) عن طريق الإيحاءات الروحية, والأحلام الليلية.
وكشف الرئيس الفرنسي السابق (جاك شيراك) في حديث مسجل له مع مؤلف الكتاب عن صفحات جديدة من أسرار الغزو الأمريكي للعراق, قائلا: (تلقيت من الرئيس بوش مكالمة هاتفية في مطلع عام 2003 م, فوجئت فيها بالرئيس بوش وهو يطلب مني الموافقة على ضم الجيش الفرنسي للقوات المتحالفة ضد العراق, مبررا ذلك بتدمير آخر أوكار "يأجوج ومأجوج" , مدعيا إنهما مختبئان الآن في الشرق الأوسط, قرب مدينة بابل القديمة, وأصر على الاشتراك معه في حملته الحربية, التي وصفها بالحملة الإيمانية المباركة, ومؤازرته في تنفيذ هذا الواجب الإلهي المقدس, الذي أكدت عليه نبوءات التوراة والإنجيل).
ويقول (شيراك): هذه ليست نكتة, فقد كنت متحيرا جدا, بعد أن صعقتني هذه الخزعبلات والخرافات السخيفة, التي يؤمن بها رئيس أعظم دولة في العالم, ولم اصدق في حينها إن هذا الرجل بهذا المستوى من السطحية والتفاهة, ويحمل هذه العقلية المتخلفة, ويؤمن بهذه الأفكار الكهنوتية المتعصبة, التي سيحرق بها الشرق الأوسط, ويدمر مهد الحضارات الإنسانية, ويجري هذا كله في الوقت الذي صارت فيه العقلانية سيدة المواقف السياسية, وليس هناك مكان للتعامل بالتنبؤات والخرافات والخزعبلات والتنجيم وقراءة الطالع حتى في غابات الشعوب البدائية, ولم يصدق (جاك شيراك), أن أمريكا وحلفائها سيشنون حربا عارمة مدفوعة بتفكير سحري ديني ينبع من مزابل الخرافات المتطرفة, وينبعث من كهوف الكنيسة الانجليكانية, التي مازالت تقول : (كانت الصهيونية أنشودة مسيحية ثم أصبحت حركة سياسية).
يذكر المؤلف أن (جاك شيراكJacques Chirac ) وجد نفسه بحاجة إلى التزود بالمعارف المتوفرة بكل ما تحدثت به التوراة عن يأجوج ومأجوج, وطالب المستشارين بمعلومات أكثر دقة من متخصصين في التوراة, على أن لا يكونوا من الفرنسيين, لتفادي حدوث أي خرق أو تسريب في المعلومات, فوجد ضالته في البروفسور (توماس رومرThomas Romer), وهو من علماء الفقه اليهودي في "جامعة لوزان"University of Lausanne" السويسرية, وأوضح البروفسور رومر: إن يأجوج ومأجوج ورد ذكرهما في سفر (التكوين), في الفصلين الأكثر غموضا, وفيهما إشارات غيبية, تذكر:(أن يأجوج ومأجوج سيقودان جيوش جرارة لتدمير إسرائيل ومحوها من الوجود, وعندئذ ستهب قوة عظمى لحماية اليهود, في حرب يريدها الرب, وتقضي على يأجوج ومأجوج وجيشيهما ليبدأ العالم بعدها حياة جديدة), ثم يتابع المؤلف : إن الطائفة المسيحية التي ينتمي إليها بوش, هي الطائفة الأكثر تطرفا في تفسير العهد القديم (التوراة), وتتمحور معتقداتها حول ما يسمى بالمنازلة الخرافية الكبرى, ويطلقون عليها اصطلاح (الهرمجدون Armageddon), وهي المعركة المنتظرة, التي خططت لها المذاهب اليهودية المتعصبة, واستعدوا لخوضها في الشرق الأوسط, ويعتبرونها من المعارك الحتمية الفاصلة, وكان سفهاء البنتاغون, الذين امتلأت قلوبهم بالحقد والكراهية, ضد العرب و الإسلام والمسلمين. وشحنت صدورهم بروح الانتقام, يجهدون أنفسهم بمراجعة الكتب السماوية المحرفة, ويستمعون إلى هذيان الحاخامات والقساوسة والمنجمين. فتراهم منكبين على تفسير النصوص الإنجيلية والتوراتية المزيفة. يساندهم في هذه المهمة الغبية فريق متكامل من السحرة والمشعوذين. ويستنبطون سيناريوهات حروبهم الاستعلائية والاستباحية من شخبطات سفر التكوين وسفر حزقيال, والتلمود والزوهار والطاروط. ويستشهدون بها في خطاباتهم وحملاتهم الإعلامية. ويعتمدون عليها في صياغة بيانات معركة (الهرمجدون Armageddon) قبل وقوعها, و(الهرمجدون Armageddon) كلمة عبرية مكوّنة من مقطعين. (هر) أو (هار) بمعنى جبل, و(مجدون) : اسم واد في فلسطين. يقع في مرج ابن عامر, وكلمة (هرمجدون) تعني : جبل مجدون.
وفي نهاية الكتاب يقول المؤلف: انه من المؤسف له أن نرى كوكب الأرض في الألفية الثالثة تتحكم به الكاهنات والساحرات وتتلاعب بمصيره التعاليم الوثنية المنبعثة من أوكار المجانين والمتخلفين عقائديا وعبيد الشيطان.
لقد اوغلت الولايات المتحدة في ثقافة " القتل خارج القانون " وتحت أي مسمى من المسميات الجاهزة عندهم فلم تشن أمريكا حرب احتلال العراق استناداَ الى القانون الدولي او حتى الى قرار من مجلس الأمن انما منفردة مع تابعها" توني بليرTony Blair" الذي مثل الإمبراطورية الهرمة في هذه الجريمة مستخدمين نظرية الرعب كوسيلة مركزية في السيطرة على نقاط الارتكاز في خط الصدع للشرق الأوسط.

 

 

 


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !