من اليُسر أن تكون سعيدا
طبعا ‼ السعادة هي الهدف عند جمهور عريض من اللاعبين في هذه الحياة، و كل واحد من هذه الفئة الشريفة أو المقرفة، يجدّ و يجتهد، و يضيّع الوقت و المال و كل ما تشتهي نفسه من أجل بلوغ السعادة، ربما اعتقادا منهم أن البشر قصير الفكر، و ربما توهمهم بأمور عديدة تدغدغ مشاعرهم على اختلاف أنواعها، و لكن في الأخير، و كما يقول إخوتنا في الجزائر: "الصَّحْ يَنْبَتْ".
فترى الأطفال يمرحون و يسرحون، يلعبون و يتشاجرون، أمام أعين أحبائهم، فتكثر التعليقات حولهم، و تشدّ الأنظار إليهم على درجات، فهناك من يعتبر منهم، و هناك من يقزّم أحلامهم، و هناك من يحثهم على البذل و العطاء، و هناك من يحسدهم على براءتهم، و هناك من يتمنى لهم الفناء حتى لا يعيشوا أحزانا كالتي عاشها هو، و لكنني أجدهم ورودا بعثت من الجنان لتزيّن حياتنا الجرداء، فهل هم حقا سعداء؟
أما بالنسبة للشباب، فإنك تجدهم يلهون على هواهم، فمنهم الطموح، و منهم الجاد، و منهم العابث، و منهم المتهور، و منهم الغير مبالي، و منهم من يسير مع التيار، و منهم من يسير ضده، فتسمع من حين لآخر ضحكاتهم، و أحيانا صراخهم، و كأنهم يـضربون للدنيا ألف حساب في فترات، و لا يدركون أنهم حقا في هذه التي تسمى بالدنيا في أوقات أخرى، و لكنني أجد في هذه الفئة طاقة هائلة، إن هي وجهت بالشكل السليم جعلت الحياة نعمة، و إن هي جمحت عن الصراط المستقيم حوّلت الحياة إلى نقمة، و أسأل: هل الشباب مرحلة نلمس فيها السعادة؟
و لعلنا لا ندرك تلك التي يصطلح عليها بالسعادة إلاّ عند اقترابنا من النهاية، أي في مرحلة الشيخوخة، مرحلة التجاعيد، و الضعف و الانكسار، هي مهلة يقضيها الفرد متخلصا من أعباء الزمان، و مشاكل الدهر، فيأخذ على عاتقه إعداد نفسه للعبور إلى مرحلة الخلود، أين تشهد هذه الحقبة من تاريخ الوحدة الإنسانية عملية مراجعة شاملة لما حققته النفس من أعمال، بصالحها و طالحها، فهل مع اقتراب فناء الإنسان يجد سعادته؟
لا أظن ذلك ‼ فالسعادة عندي هي خيار نختاره، قد يكون إراديا، و قد يكون عفويا، فالأمران سيّان في اعتقادي، و يؤديان إلى نقطة واحدة هي: فلاح الإنسان.
فإن أردت أن أعرّف السعادة، بإمكاني أن أقول أنها عبارة عن راحة، تمتد من الخارج إلى داخل النفسية البشرية، و تمرّ عبر حواجز سيكولوجية و انفعالية في الوقت نفسه، و لكنها تحدث عند اجتماع عامليْن:
1. المؤثر الخارجي (ترتيب الظروف المادية و المكانية)
2. المؤثر الداخلي (الاستعدادات العقلية و الذهنية و الشعورية)
و عنهما تنتج حالة من الصخب المطرب داخل الإنسان، فتحفز مظاهر الفرح على الظهور من ابتسامات أو ضحكات، و حتى بعضا من الدموع.
فهي حالة طبيعية في الفرد، و ما على الإنسان إلاّ أن يبحث في أعماق نفسه، و من حوله حتى يتمكن من تجسيدها، و بالتالي يكون سعيدا من ولادته، و حتى مماته، فهي لا سنّ لها، و لكنها معدية لمن نحبهم و يحبوننــــا بصدق.
التعليقات (0)