بقلم: محمد أبو علان
http://blog.amin.org/yafa1948
وصلتني رسالة عبر بريدي الإلكتروني من صديقي اليمني الذي أحب أن ألقبه "بالعجوز" لحكمته وخبرته وليس لكبر سنه، يقول صديقي اليمني في رسالته: " هل تتابع الحضور لليمن في وسائل الإعلام الكونية، وعلى لسان كبار قادة الدنيا؟، لقد أصبحت أرى حذاء الجندي الأمريكي وهي على صدورنا الهشة بسبب غباء وعنجهية السياسيين اليمنيين الذين أوصلونا إلى حالة توجب التدخل الدولي، دعواتك حبيبنا فالاحتلال قادم."
استوقفتني كلمات صديقي اليمني "العجوز" لتعود بي إلى التاريخ الذي يشهد أن الأنظمة السياسية العربية تحترق اليوم بالنار التي أوقدتها قبل عشرات السنيين، أيام الاحتلال الروسي لأفغانستان، حينها ناصرت الأنظمة العربية الولايات المتحدة، وسمحت لأعداد كبيرة من شبانها بالتطوع للقتال في أفغانستان في حربها ضد الاتحاد السوفيتي، بالإضافة لتوفير الدعم العسكري والمادي للمجاهدين الأفغان في حينه.
وبهذا الدعم حققت الأنظمة العربية هدفين، الأول دعمهم المادي والسياسي للسياسية الأمريكية ضد الاتحاد السوفيتي (الشيوعي)، والثاني تحويل أفغانستان لمحرقة الشباب العرب الذين كانوا يمكن أن يشكلوا خطر سياسي وأمني على هذه الأنظمة في المستقبل.
انتهت الحرب في أفغانستان بخروج الروس منها، فقتل من قتل من الشبان العرب، وعاد من عاد منهم إلى أوطانهم، وكان عدد كبير من هؤلاء الشبان قد انضموا لتنظيم القاعدة قبل عودتهم، وتعمقت أزمة الأنظمة العربية مع الشبان العائدين من أفغانستان بعد إعلان تنظيم القاعدة عن تشكيله "للجبهة الإسلامية العالمية للجهاد ضد اليهود والنصارى"، وبدأ تنظيم القاعدة يتحرك ضد الأنظمة العربية وبشكل خاص بعد حرب الخليج الأولى على العراق ومشاركة عدد من الدول العربية فيها ومنها المملكة العربية السعودية.
وهنا انقلب السحر على الساحر وظهر في عدد من الدول العربية ما بات يعرف بظاهرة " الأفغان العرب" العائدين من أفغانستان وباكستان، والذين أصبحوا يشكلون خطر على الكثير من الدول العربية، وعلى التواجد الأمريكي والأجنبي في هذه الدول، وكانت السعودية من أول وأكثر الدول العربية التي اكتوت بنار تنظيم القاعدة وتفجيراته.
وها هي اليمن اليوم تعيش المعاناة السياسية والأمنية نفسها نتيجة الحرب السادسة التي تخوضها ضد الحوثيين في اليمن بعد أن استخدمهم النظام في مراحل سياسية سابقة كأداة سياسية لخدمته في صراعاته السياسية الداخلية والخارجية، فتارةً استخدمهم ضد المد السلفي والإخوان المسلمين، وتارةً أخرى ضد معارضي التوريث في اليمن، وكما استغلهم في صراعه مع السعودية إبان الخلاف الحدودي بين البلدين.
وبعد الفشل الكبير في القدرة على إنهاء ظاهرة الحوثيين عسكرياً في اليمن لجأ النظام السياسي هناك لفزاعة تنظيم "القاعدة" والتنظير لوجوده في اليمن وعلى ألسنة الساسة والعسكر في النظام اليمني، وتصوير حجم الخطر المفتعل الذي يمثله تنظيم "القاعدة" على المنطقة العربية والمصالح الأمريكية في المنطقة من أجل نيل الدعم العسكري العربي والأمريكي في حربه ضد الحوثيين.
فلا يكفي هذه الأنظمة السياسية العربية قمعها لشعوبها، ونهبها لثرواته ومقدراته الاقتصادية لصالح ثلة الحكم، بل أخذت تلجأ لانتهاك وهدر سيادة وكرامة بلادها وسلطتها أمام أحذية الجيوش الأمريكية والأجنبية لتشكل الضمانة الأمنية لحمايتها وبقائها على رأس الهرم السياسي تحت أي ثمنٍ كان.
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)