فيما لا تزال "بياخة" فيلم "القنيطرة-شبعا" ذي الانتاج الإيراني-الإسرائيلي المشترك لعام 2015 عالقة في أذهان المشاهدين الواعيين من نقّاد السينما الصهيو-فارسية الفاشلة في انتاج سيناريو قادر على اقناع المشاهد بمجريات القصة، إذ بشركة الانتاج الفاشلة نفسها تغزو صالات السينما الصفراء بفيلم جديد حمل عنوان "جرمانا-شبعا" ليكون بدوره شاهدًا جديدًا على الحلف الانتاجي المشترك الذي رغم تجاربه السابقة في التمثيل ورغم كافة مهارات "أبطاله" في الكذب والدجل والتلفيق قدّم فيلمًا أكثر سفاهة وتفاهة من سابقه!
ففي أحداث فيلم "القنيطرة-شبعا" أغارت المقاتلات الإسرائيلية في 18/1/2015 لدواع ودعايات انتخابية داخلية بحتة على موكب للحزب الإرهابي في القنيطرة السورية هلك فيه نحو ستة من الحزب الإرهابي بين قادة وعناصر، وكان معهم جنرال إيراني سارعت اسرائيل لتقديم الاعتذار عن قتله خطأ بإعلانها أنها لم تكن على علم بوجوده في الموكب؛ وفي 28 من الشهر نفسه وبعد تهديد ووعيد دعائي متفاهم عليه بين البطلّين أعلن الحزب عناستهدافه قافلة عسكرية اسرائيلية من تسع عربات في مزارع شبعا وقصفها بستة صواريخ الأمر الذي أدى الى مقتل ضابط وجندي... كل ذلك بحسب سيناريو الحزب الإرهابي الذي عانى من فجوة كبيرة جدا في الصدقية لعدم تصويره عملية "الرد الإلهي" المزعومة خلافا لمسرحيات سابقة كثيرة كان يرفقها دائما بشريط مصور!فهل اسرائيل بهذا الغباء كي تسيّر قوافل بهذا الحجم على مقربة من الحدود وهي تعلم أن الحزب توعّدها بالرد، أم أن الهدف السهل المقدّم على طبق من فضة يندرج في حِلف تبادل الخدمات؟ وكل ذلك على فرضية صحة الرواية عن وقوع العملية.
أما أحداث فيلم "جرمانا-شبعا" من انتاج عام 2016 فتهدف الى قلب حقيقة مقتل القيادي المغمور في الحزب الإرهابي "سمير القنطار" في حبكة قصصية صهيو-فارسية ضعيفة تحاول عبثًا إلصاق العملية بإسرائيل، أولاً، لإحباط معنويات الجيش السوري الحر، وثانيًا لرفع قيمة القنطار بما أن عموم الجهلة يعتبرون كل من تقتله إسرائيل شهيدًا، وثالثًا لتذكير السّذج بأن الحزب الإرهابي على عداوة مع اسرائيل رغم تفضيله قتل الشعب اللبناني والسوري والفلسطيني والبحريني والعراقي والسعودي واليمني والكويتي والمصري على قتل الإسرائيليين... وكل ذلك لإخفاء انجاز المعارضة السورية في قتل القنطار ومجموعة إرهابيين من شبيحة وإيرانيين بتاريخ 20/12/2015 في مقر اقامتهم بضاحية جرمانا قرب دمشق، أي أثناء قيامهم بواجبهم الإرهابي على أرض سورية يغتصبونها ويحتلونها ويقتلون أهلها الثوار الشرفاء الذين سبق للقنطار أن وصفهم بـ"الوجه الآخر للصهاينة" وهدد بـ"قطع يد كل من يحمل السلاح ضد النظام"... وقد نشر الجيش السوري الحر فيلمًا مصورًا تبنّت خلاله "سرية لواء المهام السرية في العاصمة دمشق بالإشتراك مع لواء فرسان حوران" اغتيال سمير القنطار ومرافقيه في "عملية نوعية".
وفيما لم يصدر عن إسرائيل بعسكرييها وسياسييها أي تبنٍ للعملية مع أنه لا شيء يمنعها كونها تبنّت عملية القنيطرة وهي أخطر من هذه بكثير، سارع الإعلام الأصفر الى تحميلها المسؤولية باستهداف مقر اقامة القنطار بعدة صواريخ واغتياله. ولم يكتف الحزب الإرهابي بهذا البيان بل خصص أمينه العام خطابًا مطوّلاً بذل فيه قصارى جهده لإقناع شعبه بأن "لا شك لديه في أن العدو الإسرائيلي هو من قتل القنطار" وكان لافتًا تكراره هذه العبارة بنصّها ومعناها عدة مرات متوعّدًا بالرد... لنكون في 4/1/2016 على موعد مع "رد إلهي مزلزل" عبارة عن عملية محدودة أعلن فيها الحزب عن استهدافه آليّتين للجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا بعبوة ناسفة وإصابة من بداخلهما... كل ذلك دون عرض أي فيلم مصوّر للعملية ودون رؤية آلية مصابة ولا قطرة دم واحدة ربما احترامًا لمشاعر ضعاف القلوب من المشاهدين. وكما عوّدتنا السينما الصهيو-فارسية تكون "قبلة النهاية" عبارة عن قصف مدفعي إسرائيلي للتلال والوديان القاحلة وإعلان إسرائيل أنها لن تنجر الى حرب مع لبنان.
بصراحة، لقد ملّ الناس مشاهدة الأفلام المحروقة؛ هو دائمًا الفيلم التافه نفسه والسيناريو السخيف ذاته والحبكة المكشوفة نفسها والحوار الاستغبائي عينه، لكن كل مرة تحت عناوين مختلفة وجديدة يتم اختيارها لذلك الفيلم القديم؛ فتغيير مكان التصوير لإيهام المشاهد تغيُّر المضمون لم يعد ينطلِ على أحد. وفي النهاية على أبطال الأفلام المحروقة أن يعلموا أن فيلمهم سيبقى أولا وآخرا فيلمًا محروقًا غير مقنع بالنسبة للمشاهدين الواعِين، وسيبقى عنوانه الحقيقي: "حلف واحد وتبادل خدمات" الى أن يُنفّذ أحد البطلَين تهديداته الدعائية بإبادة الآخر ورميه في البحر أو إزالته من الخارطة، وعندها لكل حادث حديث.
التعليقات (0)