المعلومات المسربة بحذر عن ثمة خطة محکـمة لتنظيم القاعدة الارهابي لشن هجوم جوي على قبة ضريح الامام علي في مدينة النجف، وماأشيع عن"خطة محکمة"لعمليات نوعية في العراق، أعاد مرة أخرى هذا التنظيم الى تحت دائرة الاضواء و لفت الاذهان بقوة الى قدرتها الفائقة في تغيير براقع و مضامين عملياتها بصورة تربك مختلف الاوساط الاستخبارية و السياسية المضادة لها، ويکشف النقاب عن هذه العملية في وقت تؤکد فيه الولايات المتحدة الامريکية على لسان الرئيس اوباما ذاته عن إمکانية حصول القاعدة على الاسلحة النووية، مما يدفعنا للإقتناع بأن القضية قد تکون أکبر و أعقد بکثير من تلك المعلومات المسربة من العراق.
تنظيم القاعدة، الذي لمع نجمه بعد عمليات الحادي عشر من سبتمبر الارهابية، وعاد کطرف غير تقليدي في المشهد السياسي العراقي بعد سقوط نظام البعث، لايبدو إطلاقا بأنه قد صار مهمشا او مقصيا کما سعت حکومة السيد نوري المالکي دوما للتأکيد على ذلك، وان عودته بهکذا صورة و عملية غريبة من نوعها، ترسم في الآفاق صورة قاتمة جدا لمستقبل الفسيفساء المذهبية و الدينية في العراق بشکل خاص و المنطقة بشکل عام.
عملية الإغارة على قبة ضريح الامام علي في النجف من جانب تنظيم القاعدة، وقبلها عملية تفجير ضريحي الامامين علي الهادي و الحسن العسکري في سامراء قبل بضعة أعوام، بالامکان تفسيرها على أنها رسائل نوعية لتعاظم الدور الشيعي و بروزه على الساحة السياسية العربية خلافا لما کان سائدا على طول الفترات التأريخية المختلفة، خصوصا وان تواتر التقارير و المعلومات المتنوعة المصادر عن إضطراد تشيع العديد من أتباع المذهب السني في السودان و مصر و بلدان المغرب العربي، أشعل ضوئا أحمرا للتنظيمات السنية المتزمتة وعلى رأسها تنظيم القاعدة و دفعها لمراجعة الموقف بشکل دقيق جدا و السعي لوضع برنامج عملي لمواجهة هذا الخطر المذهبي.
ان تنظيم القاعدة الذي مازال يلعب دورا واضحا نوعا ما على الساحة العراقية، ليس هناك من شك بأنه قد تعرض لهزة عنيفة بعد مقتل قائده أبو مصعب الزرقاوي، قد عاد ليتحرك بصورة ديناميکية مثيرة و بإمکانه الوصول الى أماکن و أهداف"غير عادية"، رغم أن الاضرحة الدينية لم تکن في يوم ما و طوال السنوات الماضية من التأريخ المعاصر هدفا وانما کان المتحاربون يسعون دوما لإبقائها خارج اللعبة محترمين خصوصيتها و مکانتها لدى عامة الناس، بيد ان عودة القاعدة الى ضرب الاضرحة الشيعية و خصوصا الامام علي أبن أبي طالب الذي يعتبر في نظر الشيعة الامامية أب الائمة و أقدس شخصية دينية لديها بعد النبي يلفت الانظار بصورة إستثنائية الى صيغة و اسلوب الحرب المعلنة من قبل القاعدة على أعدائها و تثير أکثر من تسائل عن الغاية من وراء جعل حرب القاعدة"الفعلية"محصورة بالتصدي للنفوذ الشيعي و إهمال من تسميه القاعدة"العدو الصليبي"الغربي، حيث أن حرب القاعدة ضد الغرب ومنذ سنوات عديدة لم تتعدى الحرب الکلامية او حرب الکاسيتات کما يسميه البعض، في حين أن قنابل و رصاص و بارود القاعدة ينهمر على رؤوس الاضرحة و أبناء الطائفة الشيعية، مما يدفع لطرح سؤال حيوي و مهم جدا عن الغاية و الهدف المرتجى من وراء هذا التحول النوعي في عمليات القاعدة خصوصا وان الموقف من إيران يأخذ إتجاها تصعيديا غير عاديا بعد تواتر أنباء عن وجود فاصلة عام واحد بين إيران و إمتلاکها للقنبلة النووية إذ من الوارد جدا ثمة ربط بين الامرين و وجود تفاهم ضمني بين القاعدة و واشنطن في شن حرب خاصة ضد طهران عبر بوابات و تنسيقات مختلفة وکما کان أسامة بن لادن عراب التصدي الامريکي للنفوذ السوفياتي في أفغانستان فمن يدري لعل التأريخ يعيد نفسه و يصبح عرابا للتصدي للنفوذ الايراني و الشيعي في المنطقة؟!
التعليقات (0)