القادمون أو الوافدون أو العائدون من مخيمات تندوف أو مخيمات العار كما يحلو للبعض تسميتها، هؤلاء صارت وفادتهم التترية أمرا محيرا أو مشكوكا فيه خاصة لدى أبناء المنطقة الملتمسين المعرفة بخبايا الأمور خاصة مع كثرة الإشاعات و مماثلة النازلة لمجيء قوم كجيجيمات الذين باعوا الديار و عادوا إلى موريتانيا من جديد فكان مجيئهم لعبة سياسية و استرزاقية فاز فيها حمادي و لد درويش مدير ميناء نواذيبو الموريتاني،هؤلاء القادمون و أكثرهم من الشباب يقال أنهم حظيوا بمبالغ مادية و منازل و أجر شهرية.....فيهم من باع المنازل و عاد الأدراج و فيهم من هو الآن في نزهة مؤقتة يجول المقاهي و الشواطئ و فيهم من عاد إلى أهله حقا.......بمجمل القول عودتهم أمر محير ما بين عودة مغرر بهم فارقوا الأهل و الأحباب و عانوا ويلات الإحتجاز.....أو شباب فر لتندوف حديثا أو مل تجارة التهريب أو توقفت به السبل في ذلك فعاد مستغلا الفرصة ....إلى ما هنالك من الإشاعات التي تروج عن عودة هؤلاء.
ما يحز في النفس أنه في ظل هذا العطاء السخي يوجد شباب متعلم متدرس لم يخن الوطن ولم يذهب كي يعد، شباب أنهكته البطالة و العطالة لا وظائف ولا دور.....عدد المجازين و خريجي المعاهد التقنية في العيون مثلا بات يجاوز الألف أو الألفان، هؤلاء يناضلون في وقفات و جمعيات من أجل نيل الحقوق، في نفس الوقت تقسم ما يسمى بالكارتيات ( أجر شهرية ) على العائدين الملتحقين و الذين أغلبهم من الشباب كما ورد سالفا (منهم من تلثم كمن هو خائف من الظهور أمام الكاميرا كأن عودته إثم ...أو مخافة معرفته فالبعض يؤكد أن من الملتحقين من كان يجول في المغرب قبل أشهر من عودته).
للجهات الرسمية مكسب سياسي و إعلامي من خلال هذه الإلتحاقات الميمونة، غير أن هذه الأخيرة هي من جهة أخرى فتيل أزمة أهلية قد تشتعل إن تفاقمت الظروف الإقتصادية خاصة لشباب المنطقة ( من أصل صحرواي أو داخلي)، أزمة إنعدام الثقة من لدن المواطن المغربي القاطن بالأقاليم الجنوبية إزاء إجراءت سياسة العطاء التي تكرسها الدولة دون أي دراسة محكمة قد تسبب في جعل هؤلاء الوافدين فئات غير مرغوب فيها ( و لعل هذا ما يفسر ظنا و ليس يقينا تواري بعض العائدين عن الكاميرا ....) و بالتالي يصعب إدماجهم في المجتمع، و يبقى للدولة النصيب الأكبر في مشكلة الإدماج فبدل أن تحاول توجيهم لمراكز تهيئة و تدريس و دراسة ملفاتهم على حدا و تمكينهم من السبل بحيث تتم مساواتهم مع شباب الداخل من حيث الفرص مع الأخذ بعين الإعتبار بمكافأتهم على إلتحاقهم إن كان مستحقا، تقوم الدولة صرف أجر لهم دون مقابل مما يعني موظيفين أشباح جدد لا يقدمون للدولة و لا للمجتمع أي عمل أو فائدة يؤجرون عليها لينضافوا إلى عرمرم العبء المتوج على كاهل الدولة في الأقاليم الجنوبية كما أن مثل هذه الإجراءات قد يولد إحساس بالدونية لدى البعض أو إتجاه لسلك نفس السبل الرخيصة و الابتزازية من أجل الوصول إلى مكاسب سريعة من قبيل الهجرة في التيار المعاكس و من ثم العودة....
تحرص الجهات الرسمية على كسب نقاط في صراعها ضد الجبهة و الجزائر، لكن إدارة ملف الصحراء بشكل إرتجالي و سياسة العطاء و الريع و المنطق القبلي والمقاربة الأمنية....لا تخدم الدولة بقدر ما هي كرة فتنة قبلية و أهلية تكبر كلما تراكمت الأخطاء الناتجة عن سوء تدبير الملف.
التعليقات (0)