مواضيع اليوم

من ارتوى من غير بئره قضى بجوعه وعطشه

 من ارتوى من غير بئره قضى بجوعه وعطشه !!
بقلم الدكتور محسن العبيدي الصفار
في احدى القرى البعيدة كان الاهالي يعتمدون على الابار لسقاية زرعهم وللحصول على الماء الذي يحتاجونه لحياتهم اليومية فلم يكن في القرية نهر ولم تكن الامطار التي تهطل على القرية كافية لسقي الزرع وظل اهالي القرية على هذه الحال جيلا بعد جيل حتى بدأ مستوى المياه في الابار ينزل شيئا فشيئا حتى فوجئ الاهالي في احد الايام بان الابار كلها قد اوشكت على الجفاف ولم يعد مائها يكفي لاي شيئ, اجتمع اهل القرية للتشاور حول مايجب فعله في هذه الحالة واختلفت الاراء حتى نهض احد الشباب واسمه سعيد وقال :
- ايها الاصدقاء والاحبة من الواضح ان الابار قد نضبت لاننا استهلكنا المياه المخزونة قرب السطح ولكني متأكد اننا لو حفرنا اعمق فسنصل الى طبقة اخرى من الماء اكثر غزارة تكفينا سنوات طويلة .
رد عليه احد وجهاء القرية وقال :
- ياسعيد كن واقعيا الطبقة التي تتحدث عنها ان وجدت فستكون موجودة على عمق كبير ونحن ليست لدينا الاموال كي نستأجر مكائن حفر تحفر لنا البئر
رد سعيد بحماس :
- اذا تعاوننا مع بعضنا فنستطيع حفر البئر بايدينا
ضحك الجميع وقال له الوجيه :
- ياسعيد هل سنترك اعمالنا وعوائلنا ونحفر في بئر لايعلم الله ان كانت ستسقينا ام لا ؟
رد سعيد جادا :
- وما الحل اذا ؟
رد الوجيه قائلا :
- هناك مزرعة لاحد الاثرياء قرب القرية وهو يملك بئرا عميقا ارى ان نتفق معه ونشتري منه الماء لزراعتنا وبذلك نضمن ان يكون لدينا ماء كاف دون ان نكلف انفسنا عناء الحفر
استحسن الجميع الفكرة الا سعيد الذي قال :
- ولم يجب ان نشتري الماء ؟ وهو نعمة من الله موجودة تحت ارجلنا ؟ وكيف تأمنون ان يكون مائكم عصب الحياة في يد شخص اخر يقطعه عنكم متى شاء ؟
رد عليه الوجيه :
- ولم سيقطع الرجل الغني عنا الماء مادام يقبض ثمنه ؟ اذا كنت تريد الحفر تفضل احفر ولكن اهل القرية لديهم عقل ولن يستمعوا الى حماقاتك الخيالية .
انفض المجلس وذهب سعيد الى مزرعته كسير القلب ولكنه كان مصمما على حفر البئر بنفسه ومنذ الصباح بدا سعيد بالحفر في بئره وتعميقها وكان يحفر بضع ساعات ثم يذهب الى عمله في المزرعة وكان كلما حفر اكثر يصل الى كمية ماء اكبر ولكنها كانت بالكاد تكفي مزرعته , واستمر الوضع هكذا سنوات عديدة انقطع فيها سعيد عن اهل القرية وعن مجالسهم واصبحوا يتندرون عليه ويصفونه بمجنون البئر والبخيل الذي يفضل الحفر سنوات على ان يدفع قليلا من المال , وكان اهل القرية يشترون الماء من الرجل الغني وهم مسرورين بذلك حتى مرت السنين وقررت الدولة شق طريق سريع يمر بقرب القرية فعلم ابناء الرجل الغني بهذا فقرروا شراء اراضي القرية بثمن بخس قبل ان ينفذ المشروع فكان اول مافعلوه هو قطع الماء عن اهل القرية كي يجبر الاهالي على الرحيل .
اسقط في يد الجميع فلا ماء من المزرعة ولا وقت يكفي لحفر بئر جديد والمحصول سيتلف كله خلال ايام ومعناه افلاس جميع المزارعين وبدأ الكثير منهم يفكر بجدية في بيع ارضه والهجرة للمدينة وهنا قال احدهم :
- اتذكرون سعيد الذي كان يحفر بئرا منذ 30 سنة ؟ دعونا نذهب الى مزرعته ونرى مالذي حصل .
ذهب الجميع الى مزرعة سعيد فتعجبوا لنظارتها التي تدل على ارتواء محصولاتها وعندما رأهم سعيد الواقف بجنب بئر مليئة بالماء فقال وهو يبتسم :
- ارى على وجوهكم علائم القنوط والندم ؟ هل حل بكم ماكنت احسب ؟
رد عليه اهل القرية بالايجاب , فقال سعيد:
- اما انا فقد حفرت سنينا عديدة وضعت فيها جهدي وعرقي وكدي وساعدني فيه الابناء حتى وصلت بحمد الله الى طبقة غزيرة بالماء قادرة على تسقى كل القرية حتى الارتواء .
فرح اهل القرية لهذا الخبر وقالوا له :
- بكم ستبيعنا الماء ياسعيد فنحن على استعداد لكل ماتطلبه فقط انقذنا من الورطة التي نحن فيها وقد وصفناك بالجنون وكنت العاقل الوحيد فينا .
رد سعيد مبتسما :
- اما البئر فهو لكم جعلته صدقة جارية لا اريد منكم عنها مالا, واما ما اطلبه فهو ان يكون لديكم عقل و ان لاتستسهلوا الحصول على الاشياء بشرائها من الغير فخير لكم ان تقضوا السنين بالمشقة والجهد كي تحصلوا على الاشياء بايديكم على ان تشتروها من اشخاص قد يمنعونها عنكم في اي لحظة .

والعبرة لمن يعتبر !!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات