نحن المسلمين لا نعرف التعصب الديني , وإذا عرفناه مر بنفوسنا خاطر مساورا , أو وسواسا عابرا , فما بنينا عليه سياسة , ولا أقمنا عليه تقليدا , أو عرف لنا في الحياة وجهة , فما بالك بالتعصب المذهبي بين إخوة الوطن الواحد !!
إن حاجة الأمم للاستقرار لتتحرك وتتطور كحاجة الطائرات إلي الوقود لتحلق وتنطلق , وحاجة الآلات إلى شتى القوى لتدور وتنتج , وقد مرت على بعض الدول أيام نحس وسعد , وشدة ورخاء , وما في ذلك عجب فان الخط البياني لسير الأمم في التاريخ لا يلزم مستوى واحد , والله لا يبدل امن الأمم قلقا , ولا رخاءها شدة , ولا عافيتها سقما لأنه راغب في أن يذيق الناس المتاعب ويرميهم بالآلام .. كلا , انه بر بعباده , يغدق عليهم فضله وستره ويصبحهم ويمسيهم برزقه ومغفرته , ولكن الناس يحسنون الأخذ ولا يحسنون الشكر ويمرحون من النعم ولا يقدرون وليها تبارك اسمه .
لقد شاهدت مواطنين عاديين في كثير من الدول يساقون من قبل من يريد العلو في الأرض و الظهور بين الناس , وهؤلاء أناس تستخفي أنفسهم وراء أسوار من الصلف و الغطرسة , يمقتون ويكرهون كل شيء إلا أنفسهم , وفي سبيل ذلك يبيعون الوطن بازهد الإثمان , ويثيرون فتن قد تعصف بالمجتمع بأكمله , والمصيبة انك قد تجد العقلاء و الحكماء في المجتمع يقفون موقف الحياد , إن الحياد في كل معركة بين الخسة و الشرف ليس موقفا مقبولا , وأصحاب هذا الموقف هم إلي الكفر اقرب منهم إلي الإيمان .
ان ركاما من تقاليد القرون المنحرفة تجمع هذه الايام العجاف , وانزل في كثير من البلاد هزائم تنموية و اجتماعية ساحقة , وهي تقاليد غبية ’ ما انزل الله بها من سلطان و ومع ذلك يوجد من يتمسك بها ويدافع عنها , وقد بداء احساس بالندم يخامر الجماهير التائهة , بيد ان هذا الاحساس لا يؤتي ثماره إلا اذا تخلصنا بصرامة من هذه التقاليد وإلا اذا حكمنا سلوكنا العلمي و العملي الي صميم ديننا .. وقد نظرت الي هذه التقاليد – بعقل علمي مجرد – فرأيت بعضها عادات لا عبادات , والبعض الاخر وجهات نظر غير ملزمة , او طبائع لا تعاليم دين , وقد تكون اعوجاجا فكريا او اخلاقيا اطال عمره التهاون فتلقاه الرعاع بالقبول ونشأت عنه فوضى واسعة النطاق ,وكما ان للناس ان يختاروا من العادات ما يعجبهم , فلست متعصبا لقومية او مذهبية , ان توجيهات الاسلام هي التي تعنيني , اما شئون الدنيا فالناس اعلم بما يؤثرون , الا انه يجب ان يستقر في الضمائر ان التغيير لا يكون اطلاقا بتعصب قومية على قومية ولا مذهب على مذهب , بل بالتوجه الرزين الي الديمقراطية التي تسحق الفئوية وتقتل المناطقية ولا تجعل للاعتقاد او المذهب دور في تحديد توجهات المجتمع الي مستقبل افضل واستقرار دائم ,,والله من وراء القصد
عبدالعزيز بن عبدالله الرشيد
التعليقات (0)