مواضيع اليوم

من أفغانستان والعراق البداية

عبدو شامي

2011-03-14 03:29:51

0

الشرق الأوسط الجديد..من الفكرة الى التنفيذ [3/11]
من أفغانستان والعراق البداية

إن إعلان الولايات المتحدة عن "شرق أوسط جديد"، تزامن مع تصفية جسدية طالت ثلاثة من الحكام في المنطقة المعنية كمرحلة أولى (2003-2005)، كان من أبرز مزاياهم أنهم استطاعوا تشكيل صمام أمان يحول دون نشوب حروب أهلية وفتن طائفية في بلدانهم، وهم على التوالي: "صدام حسين" رئيس العراق حيث الديموغرافيا السنية-الشيعية، و"ياسر عرفات" رئيس فلسطين حيث الحساسية بين "فتح" و"حماس"، و"رفيق الحريري" رئيس الوزراء اللبناني حيث الوجود السني-الشيعي-المسيحي.
وفي مرحلة ثانية بدأت عام 2011، تمّ اغتيال حكام آخرين لكن سياسيًا هذه المرة، استطاعوا تشكيل الصمام نفسه، كالرئيس المصري "حسني مبارك" حيث التنوع القبطي-السني، وكذلك جرى عزل صاحب مبدأ الوحدة الوطنية والعيش المشترك الرئيس سعد الحريري ومعه قوى 14 آذار في لبنان، وأخرجوا من السلطة. كل ذلك كسرًا للحواجز المانعة من الفتن والخلافات التي يراد إيقاظها لتقسيم تلك البلاد.
ونحن في هذا المقام بصدد توصيف عملية تنصيب المشروع الصهيو-أميركي في المنطقة، بصرف النظر عن صلاح أولئك الحكام أو فسادهم، ومع التأكيد على أن ظلم الحاكم وفساده واستبداده أمر مرفوض مطلقًا، ولا يمكن أن يرضى به حر على وجه الأرض. كما تجدر الإشارة، الى أن شدة المكر والدهاء الصهيو-أميركي، مكنتهم من تسخير القضايا المحقة التي لا ينبغي أن يختلف عليها العقلاء لصالح مشروعهم الخبيث، باعتبار ما سيترتب عليها من نتائج قد لا تظهر كلها في المدى القريب، ونعني بتلك القضايا المحقة، أولا: المطالبة بالعدالة والمحكمة الدولية في لبنان، والتي استخدمت كذريعة أدت الى إخراج القوى الإستقلالية من الحكم، وثورة الشعوب على ظلم وفساد حكامها وإسقاط انظمتها، على نحو ماحدث في السودان وتونس ومصر، وما يحضر لليبيا واليمن والبحرين...
شكلت التصفية الجسدية لأولئك الحكام الثلاثة (العراقي والفلسطيني واللبناني)، قوة دفع لإطلاق المشروع الأميركي في خطواته التنفيذية الأولى، واتخذت الجثث الثلاث جسر عبور دموي من شرق أوسط مقسم سايكس-بيكويًا إذا صح التعبير، الى شرق أوسط مقسم صهيو-أميركيًا بأداة إيرانية منفذة تارة، ومساعدة وداعمة ومحرضة تارة أخرى.
ومما يلفت الإنتباه أن جميع الحكام المطاح بهم سواء جسديًا أو سياسيًا، ربطتهم بأميركا بداية علاقة ودّ وتفاهم أو تنسيق او تحالف، ثم ما لبث أن نما هؤلاء الحكام سياسيًا وماليًا، كما تطورت شبكة علاقاتهم الإقليمية والدولية بحيث شعروا بكينونتهم الذاتية، وافترضوا لأنفسهم اسقلالية تسمح لهم باتخاذ خيارات غير منصاعة او منسجمة مع التطلعات والأوامر الأميركية، ومن ثم شكلت مواقف الحكام وعنادهم، وطموحاتهم وأساليب حكمهم...عائقا امام سير "مشروع الشرق الأوسط الجديد"، كل واحد منهم لسبب خاص بوضعية بلاده، فمنهم لعناده ورفضه تنفيذ أوامر أميركية أو صهيونية معيّنة مثل الرئيس الفلسطيني، ومنهم لوقوفه حاجزًا أمام التوسع والمد الإيراني وعائقًا في وجه الفتن الطائفية في بلاده كالرئيس العراقي، ومنهم لأسباب مشتركة بين ما تقدم مثل الرئيسين اللبناني والمصري وقوى 14 آذار في لبنان.
حيال ذلك، بات هؤلاء الحكام في السياسة الصهيو-أميركية عنصرًا غير مرغوب به، فأنهت الاداراة الاميركية صلاحيتهم فغيّبتهم جميعًا، منهم جسديًا ومنهم سياسيًا، وتم ذلك غالبًا بتعاون مع المنفذ الإيراني النشيط.
وفيما يلي استعراض موجز للمراحل التي قطعها المشروع الصهيو-أميركي الجديد، ابتداء من أفغانستان والعراق.

أولاً- أفغانستان:
تتكوّن أفغانستان من عدة مجموعات عرقية وهي ذات موقع جيو-استراتيجي في المنطقة، وقد طالها "مشروع الشرق الأوسط الجديد" بتقسيماته الجديدة، وذلك سواء بطبعة "برنارد لويس" أو سواه ممن حاكوا طريقته في التقسيم. وقد اتفق المنظرون لذلك المشروع، على أن الأنسب في التقسيم الأفغاني أن يكون على أساس إثني-عرقي لا طائفي أو مذهبي، وما شجع على ذلك وجود إثنيات أفغانية متعددة وممتدة نحو البلاد المجاورة لأفغانستان، ما ناسب أن تكون أفغانستان البوابة المثلى لتقسيم جاراتها.
وبالنسبة لمقترحات "لويس"، فإنه يرى ضم الإقليم الشمالي الغربي من باكستان إلى مناطق "البشتونيين" في أفغانستان، وإقامة "دولة بشتونستان"، وضم إقليم "بلوشستان" الباكستاني إلى مناطق "البلوش" المجاورة لإيران، وإقامة"دولة بلوشستان".
بعد تحرير أفغانستان من الاحتلال "السوفياتي" الذي سيطر على البلاد عام 1979، بدأت تنشط "حركة طالبان" السنية، التي تمكنت حتى عام 2000 من السيطرة على نحو 90% من مساحة البلاد وفرضت حكمًا إسلاميًا على طريقتها، فنجحت في التخفيف الى درجة كبيرة من التصنيف والتفريق العرقي الذي حل محله الإسلام موحِّدًا البلاد بعد حرب أهلية مريرة وسنوات من الاحتلال.
لم يكن إنجاز "طالبان" -رغم تحفظنا على بعض مظاهره- بالتأكيد في مصلحة المشروع الصهيو-أميركي المرسوم لتفتيت المنطقة، وفضلا عن ذلك لم يكن هذا الوضع مريحًا للدولة الفارسية-الشيعية المجاورة إيران التي عمدت الى تمويل القتال الداخلي ضد حكومة "طالبان"؛ فقد كان مقلقًا بالنسبة للدولة الشيعية الأكبر في العالم ان تجاورها دولة ذات نظام اسلامي-سني. شكّل هذا الواقع تقاطع مصالح أميركيًا-صهيونيًا-إيرانيًا مشتركًا، وبات التخلص من حكم "طالبان" مصلحة استراتيجية لإشعال محرّك "الشرق الأوسط الجديد"، وتفعيل المد شيعة "ولاية الفقيه" والنفوذ الذي تتطمح إيران للعبه في المنطقة، طبعا بضوء أخضر أميركي داعم ومسهل.
وقد ترجم تقاطع المصالح هذا عام 2001، من خلال قيادة أميركا بالتعاون مع "الحرس الثوري الإيراني" (وباعترافه) حربًا على أفغانستان، وذلك على خلفية حوادث الحادي عشر من أيلول "الهليودية" الشهيرة، ومسارعة "تنظيم القاعدة" الذي يتخذ من أفغانستان مقرًا له في تبنيها، وهو أمر أثبتت التحقيقات الصحفية والبرامج الوثائقية فيما بعد عدم صحته، وأنه عمل إسرائيلي-أميركي مشترك، أعِد ليكون ذريعة في شن إدارة الرئيس "جورج بوش الإبن" ما أسماه بـ"الحرب على الإرهاب"، كفاتحة للتغيرات التي تنوي السياسة الصهيو-أميركية فرضها على منطقة الشرق الأوسط.
ومنذ ذلك الحين، وعلى أثر إسقاط نظام "طالبان"، وأفغانستان تعيش تحت وطأة احتلال أميركي، وفي ظل توترات أمنية وتفجيرات وحالة من الإضطراب والفوضى، قد تكون نهايتها المرجوة صهيو-أميركيًا، تقسيم البلاد سواء الى فدراليات أو كنتونات إثنية مستقلة.
وفي هذا الإطار، كان لافتًا تجديد الرئيس الأميركي "بوش الابن" في 28/2/2004، دعوته دول الشرق الأوسط لإجراء إصلاحات سياسية تماشيًا مع "مباردة الشرق الأوسط الكبير" التي طرها بجدية في ذلك العام، واعتبر "أن فترة ما بعد إسقاط طالبان في أفغانستان نموذجاً للتغيير السياسي"، وأعرب عن اعتقاده بـ"إمكانية تكرار التجربة في دول أخرى بإقامة مؤسسات ديمقراطية".
اليوم، بعد مرور عشر سنوات على أحداث أيلول 2001، لم تفلح الولايات المتحدة سوى في إثبات زيف ادعائها بتصدير الديموقراطية للشرق الأوسط والحريات، فقد حولت جهاز الدولة الأفغانية إلى أداة للاحتيال والتزوير والخديعة في انتخابات 2004و2009، أوصلت من خلالها مرشحها "حميد كرازاي" الى أعلى السلطة، وأسفرت نتائجها عن خلل تمثيلي في الـ"لويا جيرغا" أو "مجلس القبائل"، وأتى ذلك في وقت تنشط فيه عملية بناء القواعد العسكرية الأميركية على مشارف الصين وإيران وباكستان ومصادر الطاقة في آسيا الوسطى، التي تجري على قدم وساق.
أما بالنسبة للحليف الإيراني، فقد أشارت صحيفة "نيويرك تايمز" في 27/12/2006 الى أن إيران انفقت ما يزيد عن 200مليون دولار على شكل مساعدات لأفغانستان بهدف توسيع نفوذها الديني والسياسي في البلاد. وأوردت الصحيفة الأميركية أن طهران تبني في أفغانستان الأوتوسترادات وخطوط التوتر الكهربائي وكابلات الألياف البصرية، إضافة الى المدارس والمراكز الطبية. ونقلت الصحيفة عن أحد القادة الشيعة الأفغان أن "طهران تموِّل المدارس الشيعية الدينية المحافظة في البلاد والتي تبلغ نسبة سكانها من السنّة 80%".

ثانيًا- العراق:
أجمع كل من تصوروا الكيفية المثلى لتفتيت الشرق الأوسط، على أن التقسيم الأفضل بالنسبة للعراق يقوم على تفتيته الى ثلاث دويلات: دولة كردية في الشمال، ودولة سنية في الوسط (ستختار الانضمام الى سوريا مع مرور الزمن بعد إنهاء النظام العلوي)، ودولة شيعية في الجنوب، لاعبين على الأوتار الطائفية والمذهبية بالنسبة للسنة والشيعة، والعرقية بالنسبة للأكراد، وذلك لاستخدام الدولة الكردية كفاتحة لتقسيم البلدان المجاورة نظرًا لتواجد الأكراد في جنوب تركيا وفي أجزاء من سوريا وإيران. وقد ورد ذلك التقسيم في مشروع "لويس" و"بيترز" وسواهما ممن عملوا على هذا الملف.
وقد خلصت دراسة أعدتها وزارة الدفاع الاميركية "البينتاغون"، عن ملامح "الشرق الاوسط الجديد"، الى الاستنتاج الآتي: "ان نقطة الانطلاق في تنفيذ هذا المشروع والنقطة الفاصلة هي العراق، فاذا نجح المشروع الأميركي في العراق، يجري الانتقال الى دول اخرى. وإذا أخفق سقطت هذه الخرائط برمتها".
كانت العقبة الوحيدة أمام تنفيذ هذا المشروع في العراق تتمثل بالرئيس العراقي "صدام حسين"؛ وذلك نظرًا لخروج الأخير عن طوع الإدارة الأميركية بعدما جمعته بها علاقة تفاهم أوتحالف، ولكون بقاء العراق في ظل حكمه رغم انقساماته الطائفية والعرقية موحدًا في دولة مركزية ثابتة، وبحاكم قوي وإن ديكتاتوري فاسد وظالم، سيعيق بالتأكيد حركة المشروع الصهيو-اميركي في "الشرق الاوسط الجديد".
أضف الى ذلك، أن "صدام حسين" يقف حاجزًا في وجه التوسع والمد الإيراني في المنطقة المراد له المساهمة في تنفيذ ذلك المشروع الخبيث، فضلا عن أن سيطرة العراق الموحّد على منابع النفط الاستراتيجية تستفز أطماع أميركا...ومن هنا مهدت الطريق للتخلص من الرئيس العراقي بعدما تقاطعت مصالح المتضررين، فاتخذ القرار بتواطؤ صهيوني أميركي وإيراني مشترك.
ففي 20 آذار 2003، بدأت أميركا غزو العراق بالتعاون المشترك مع "الحرس الثوري الإيراني" كما حصل في أفغانستان عام 2001، واختارت أميركا هذه المرة فضلا عن شعارات "الحرب ضد الإرهاب"، و"إحلال الديموقراطية والحرية"، أكذوبة امتلاك العراق للسلاح النووي كذريعة لشن الحرب، فسقطت بغداد في 9 نيسان2003، وتمت الإطاحة بحكم الرئيس "صدام حسين"، فحُل الجيش وفُككت الدولة. وفي 13 /12/2003 ألقي القبض على "صدام"، وتم اغتياله صبيحة عيد الأضحى في 30/12/2006، على أيدي "جيش المهدي" وبحضور زعيمه الإرهابي "مقتدى الصدر"، وذلك بكسر الرقبة ولم يعدم شنقا!
هذا، وقد اعترفت إيران بدورها في جريمتي غزو العراق وأفغانستان مباشرة ورسميًا، وذلك على لسان كبار قادتها، وفي مقدمتهم "محمد خاتمي" حينما كان رئيس إيران، فقال في نهاية عام 2004: "لولا مساعدة إيران لما نجحت أميركا في احتلال العراق وافغانستان". وهذا الاعتراف قاله حرفيا قبله نائبه "محمد علي ابطحي"، في مطلع عام 2004 في ندوة دولية في دبي، وقاله بعدهما "هاشمي رفسنجاني" اثناء حملته الانتخابية في عام 2005.
وكانت الخطوة العسكرية الأولى التي قدمتها ايران خدمة للمشروع الصهيو-أميركي في العراق، هي إدخال "فيلق بدر" (الإيراني التدريب والتمويل والتسليح، والتابع رسميا للإستخبارات الإيرانية) من الاراضي الإيرانية الى جنوب العراق، للقتال ضد القوات العراقية والمجاهدين العرب حالما دخلت القوات الاميركية والبريطانية جنوب العراق، وبفضل هذا الدور سقط مئات الشهداء على يد عملاء ايران.
وتمثلت الخدمة الإيرانية الثانية، بأن أوعزت لعميلها في العراق والمرجع الأعلى في حوزة النجف "علي السيستاني"، ليصدر فتوى تحرم مقاتلة الاحتلال، وفتوى أخرى تدعوا العراقيين للهروب من الجيش والأمن والشرطة. وهكذا تضافر الدور القتالي لـ"فيلق بدر" وبقية التنظيمات التابعة لإيران مع فتاوى "السيستاني"، وأديا الى تعطيل مقاومة عدد كبير من العراقيين للغزو الأميركي، ما سهّل مهمة الجيش الأميركي الى حد كبير.
وتزامنًا مع ذلك، وتفاديا لحصول انشقاق داخل الصف الشيعي بين من يرفضون الاحتلال ومن ينصاعون لمباركته من مرجعيتهم، كُلف "جيش المهدي" بلعب دور المناهض للاحتلال، لأجل استقطاب الشيعة الوطنيين وعدم السماح بإفلاتهم من سيطرة الحوزة والاحزاب الموالية لإيران بسبب تاييدها للاحتلال وتعاونها معه، فنجح في استقطاب عدد منهم ولا سيما من أهل الجنوب، لكنه كشف فيما بعد عن هويته الحقيقية، وهي أنه الأداة الأكثر وحشية في عمليات التطهير العرقي والطائفي، والتي قامت وتقوم بها فرق موت إيرانية وأخرى تابعة لأميركا وإسرائيل متسترة بغلاف سني، من أجل إشعال الفتنة الطائفية تمهيدًا لتقسيم العراق.
اندلعت الحرب الطائفية، وبدأت عمليات التهجير القهري التي لم تطل فقط السنة، بل طالت الشيعة كذلك ومن قبل "فيلق بدر" و"جيش المهدي" أنفسهما لرسم الكنتونات بوضوح، وكانت أميركا قد استعدت للأمر فسارعت بعد سقوط العراق بواسطة حاكمها هناك "بول بريمر"، الى العمل والتحضير لإنشاء "دولة" طائفية وعرقية بواسطة "مجلس الحكم" ثم "الحكومة" و"الانتخابات"، التي فتّتت العراق على أسس طائفية ومذهبية وعرقية. كما جرى تهجير المسيحيين من العراق بواسطة اعتداءات منظمة على أحيائهم وكنائسهم.
في هذه الأثناء كانت العلاقات الأميركية-الإيرانية تظهر على حقيقتها كاشفة عن أحد وجوه التحالف بين هذين البلدين. فمع اقتراب موعد تَسَلُّم الرئيس الأميركي تقرير "بيكر – هاملتون" المقرر في 6/12/2006، والذي رشح عنه أنه سيوصي بانسحاب استراتيجي للقوات الأميركية من العراق، سارع زعيم "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" في العراق "عبد العزيز الحكيم"، صاحب الولاء الكامل لإيران والمُؤتَمِر بأوامر الولي الفقيه، سارع إلى زيارة واشنطن في 4/12/2006، حيث التقى الرئيس "بوش" و"كونداليزا رايس"، وطالب الاحتلال بالبقاء قائلاً: "لقد طلبنا من القوات الأميركية البقاء في العراق، مع تسليم مزيد من المسؤوليات إلى المسؤولين العراقيين والقوات العراقية، كي تتمكن من حل مشاكل الإرهاب"!! واللافت في هذه المطالبة أنها أتت بعد خمسة أيام على قول "الولي الفقيه" "علي خامنئي": "إن رحيل الأميركيين من العراق هو الخطوة الأولى الضرورية في اتجاه إحلال الأمن". وهذا مثال ناصع ساطع لعقيدة "التقية" التي يمارسها شيعة "ولاية الفقيه"، ولا سيما في خطابهم السياسي.
وفي 29 أيلول 2007، اتخذ "الكونجرس" الأميركي قرارًا بتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات: كردية في الشمال، وسنية في الغرب، وشيعية في الوسط والجنوب، وذلك بعد أن مهَّد الاحتلال لهذا التقسيم بسياسة المحاصصة الطائفية، وتفجير ألغام الصراعات الطائفية بين الشيعة والسنة، لأول مرة في تاريخ العراق! وكانت الأحزاب الموالية لإيران و"ولاية الفقيه" هي أول من أيد الدستور الذي وضعته أميركا، وتنافست في ذلك مع أكراد شمال العراق الذين تلقوا الدعم الإسرائيلي على شتى الصعد الممكنة. وبذلك نجح المخطط الصهيو-أميركي في تقسيم العراق بمساعدة الإمبراطورية الممانعة الأولى في المنطقة إيران، والتي يمكن وصفها بالرابح الأكبر من غزو العراق، خصوصًا من الناحية السياسية من خلال رَجُلها رئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي"، والجماعات المنصاعة لـ"ولاية الفقيه".
في أواخر عام 2010، طالب "مسعود برزاني" -رئيس إقليم كردستان- بتنظيم استفتاء لتقرير مصير "كردستان العراق"، واعتبار عاصمته محافظة "كركوك" الغنية بالنفط، وقد نال مباركة أميركية وعراقية لطلبه ودعمًا اسرائيليا كبيرا. ولم يذهب الزعيم الكردي الى الوعد بالسير على طريق انفصال "كردستان العراق" فحسب، ولكن ايضا وعَد الجماعات الأخرى التي ترغب في الاقتداء بالمثال الكردي بتقديم العون لها ومساندتها حتى يتاح لها أن تحقق أهدافها. والعمل جار على تهجير مسيحيي العراق الى خارجه، وكان آخرها تفجير كنيسة "سيدة النجاة" في بغداد في 1/11/2010. كما ان التطهير والتهجير المذهبي قطع أشواطًا كبيرة في رسم حدود التقسيم السني-الشيعي، تمهيدا لتطبيق الدستور بشكل نهائي.
وهكذا اصبح العراق معروضًا للتقسيم وفقًا لبنود "مشروع الشرق الأوسط الجديد" بنص دستوري، وبقرار أمريكي-إسرائيلي، وبمعاونة وتنفيذ ايرانيَين-كرديَين.
أفغانستان والعراق، نموذجان حيّان ليس لـ"الشرق الأوسط الجديد" وحسب، وإنما لمدى صدقية إيران وملحقاتها من أتباع "ولاية الفقيه"، رمز "الممانعة" و"المقاومة" والعداوة لـ"الشيطان الأكبر" و"الإمبريالية" و"الاستكبار العالمي"، والدعوة الى "محو إسرائيل من الخارطة"!!
عبدو شامي
"الشرق الأوسط الجديد" في فلسطين، موضوعنا في الحلقة الرابعة من هذه السلسلة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !