الميل إلى النساء ميل رفيع المستوى ، أنا لا أتكلم عن ميل الرديئين أصحاب الغباء المؤسف ، أتكلم عمن يعرفون أن من أراد معرفة الحياة الكاملة ومعرفة كيف يجعل من طريقة عذابه في الحياة طريقة أرقى من الآخرين عليه أن يمر بالمرأة ، ليس أي مرأة طبعا ، ليست المرأة القابلة للاستعمال فقط ، بل المرأة التي تعرف من النظرة الأولى ، من الكلمة الأولى تعرف ما الذي ستحذفه منك وما الذي ستضيفه إليك ، ما الذي يجب إصلاحه و ما الذي يجب تعويضه ، امرأة يلفظ كبرياؤك أمامها آخر أنفاسه وهي تدخل إلى الزوايا الصغيرة المعتمة في تاريخك ، تنظر إلى عيوبك فقط لتبرر وجودها وتؤلف منها حكاية أسطورية عنك ، الميل إلى النساء ميل رفيع لأن النساء كائنات لا تتكلم نفس لغتنا التي لم تستطع الانفصال عن الصراخ و تشامخها التدميري ، عن أخلاقياتها وعشقها للوم غامض وغير مشروع في أغلب الاحيان ، لغة النساء بريئة حتى وهي تتكلم عن جريمة ، لغة تحب الأسلوب الذي نفتقر إليه في حياتنا ، الأسلوب الذي يشهد على أنك حاولت الاحتفاظ بإنسان حتى آخر يوم في حياتك ، الرجل غير قادر على غزو المكان من حوله ، المكان لن يكون بالنسبة للرجل تجربة شخصية أما المرأة فهي تكشف بوجودها عن المكان ، المرأة وحدها تبعثر في هواء المكان ذكرى جميلة لا يكتمل المكان بدونها ، نحن نتعلم منها كيف أن العالم لن يكون أبدا مألوفاً ، كيف يكون في اليوم طية إضافية تقول فيها لك أحبك ، كيف ستكون منتبهًا لأن تكتشف أن الوقت بدونها لا يكون صالحا لشيء ، تكتشف أن السرير ليس الخلوة المناسبة للجنس فقط بل إننا نستمتع فيه باختفاء عيوبنا و إظهار مدى حبنا للجريمة ، لن تضيع وقتها في هذه الخلوة بخلع حذائها ، ولكنها ستضيع كل وقتها في تعليمك سماع صوت ما لا يتكلم ، الشباك ، الصحون المكدسة بعضها فوق بعض ، الكرسي الذي تلقي عليه ثيابك ، الأحذية ، ياقة قميصك ، الشارع ، من خلالها هي يمكن تبادل الحديث مع مشط أو قلم كُحل وحتى كريمة مرطبة ، العالم كسول ودائما في حاجة إلى معجم كي يسهل تمييزه وفهمه ، المرأة معجم نعود إليه كلما استعصى علينا فهم معنى ممارسة الحياة ، الميل إلى النساء ميل رفيع المستوى ، جميلة ، قبيحة ، بيضاء ، سوداء ، طويلة ، قصيرة ، طيبة ، فاجرة ، مهذبة ، بذيئة ، مهما كانت فسيولة الحب تعطيها صيغتها المكتملة التي تلهم الرجل ، سائق ، عامل ، فنان ، عاطل ، غني ، فقير ، سينظر إلى صورته الناقصة وفي اللحظة التي يتجه كل الناس إلى مكان بعيدٍ عنك ، هي ستبقى لوحدها كإحدى هفواتك المحببة إليك ، أنا في كل مرة أنظر فيها إلى صورتك أضع فيها الكتابة جانبا لأنها قد تخفق في تسمية هذه النغمة الحميمة التي أسمعها في ملامحكِ ، أنا أتطابق وجنون العالم ، وشهوة العالم ، وطيبة العالم ، وصوت العالم عندما لا يكون هناك مجال لارتكاب حماقات طفولية فهذه حماقات تشبه الاستقامة ، هناك مجال فقط لأخطاء ناضجة وكبيرة بتعليمات من أنوثتكِ الطاغية ، أخطاء لن أبكي منها كطفل في ركن الحياة ، بل سأشعر بمذاق الكمال الإنساني وهو ينساب من أطراف اصابعكِ ويحولني إلى كائن عاشق بامتياز.
التعليقات (0)