من أحداث هارون العصر..!!

-1-
(هارون, محليّاً)

لم تمحل السماء, ولم تُجدب الأرض, وكل شيءٍ كما كان بل وأزيَد خيراً ورزقاً. فما بال الأطفال يتضورون جوعاً والآباء تهلكهم حيرتهم وتفكيرهم المضني للبحث عن سبيل تأمين قوت أطفالهم.
كل ما في الأمر أن "شيلوكات" الأسواق يتلاعبون بأسعار الحنطة والحليب وأرزاق العباد, أما الخليفة وحاشيته فلا هم لهم إلا الترويح عن أنفسهم وركوب "الموديلات" الحديثة من الخيول والجمال وما شابه من وسائل الترحال, ومشغولون جداً بحساب الازدياد المفرط والطرديّ في خزائن بيوت المال وفقاً لبورصات قوافل الروم والفرس وعدّ الفائض من ميزانيات غِلال المواسم الماضية التي أمطرتها غيمة هارون الرشيد.
استغاثاتٌ من الرعيّة واستجداءٌ لـ دعم أسعار الأقوات في أسواقهم الجائعة, والغلاء لا يزال يطارد براميل النفط على ظهور الإبل المهاجرة بلا رجعةٍ إلى بلاد الروم, والخليفة يستمرّ في فضّ خواتم مكاتيب الاستعطاف من رعيّته ويردد (الجواب ما ترون لا ما تسمعون) ثم يأمر بفتح باب التصدير.