توطئة المدون :
الكتابات المميزة تستوقفنا طويلاً قبل أن نواصل مسيرنا ، بل إن وُجُهاتنا تتغير أحياناً ، ونأخذ منعرجاً جديداً بعدما نقرؤها ونفهم معانيها .. والكتابة أدناه كانت من أجمل ما قرأت ، لأنها تحاكي أفكاري الطائشة ، وتصور واقعاً مُراً بأسلوب أقل ما أستطيع قوله عنه أنه جدّ رائع ..
ـــــــــــــــــــــــــ
مسابقة من نوع فريد ! اربح معنا وطن ..
عندما يدندن أحدهم ، ويغني للوطن .. أتساءل هل أشعر أصلا َ أن لي وطنا ً ؟!
ماهو الوطن ؟
عندما أبحث عن الذكريات في حنايا ذاكرتي وأجتر كل الصور والوجوه ، تأتيني ضبابية ، لا تحمل أي رائحة مميزة ، ولا دندنة العصافير مألوفة ، ولا حمامات تزور شرفات الوطن كل صباح ..
أكره إلحادي تجاه وطني ، أنظر حولي لأراهم جميعاً أبناء جلدتي في غربة تشبه غربتي ، يبحثون عن أحلام ، ومنزل ، وذكريات ، وربما شجرة ، وابن جيران ، وقصة معتقة هنا وألم هناك …؟!أكره إلحادي ، لأعود مرة اخرى ، وأصر على ذاكرتي أن تنبش رمادها ، وتنفض عنها الكفر بالوطن ، وتتذكرلحظة ربما سعيدة ، سنة دراسية مثالية ، أوصديق ، فأعود مجددا من تلك الرحلة الأفعوانية في ذاكرة خبيثة ، تملكها فتاة خبيثة لا تحن لوطنها ، لابد وأن العيبُ فيّ أنا ، فماذا ينقصني لأحب وطني ؟ ... للحقيقة ينقصني وطن !
أمسك بقلم وورقة لأسجل كل الميزات التي يهديها وطنك إليك ، علِّيَ أفهم لما ذاكرتي خاوية ؟
أكتب ما هو الوطن : قطعة أرض تعيش عليها أوتملكها ؟أم هي أكوام الحجارة المشبعة بالدم ؟.. أم قبيلة ما تعتز بغباءٍ عنيدٍ بإنتماءك إليها ، رغم أنك في معظم الأحيان تعجز عن نطق إسمها بشكل سليم ؟!
لِمَ وُجد الوطن وسمي بذلك ؟ ..كيف نشعر بالإنتماء لقطعة الأرض هذه أكثر من تلك ؟ كيف نقتسم أرض الوطن لأوطان تختلف كلما ذهبنا شمالا ً أو جنوبا ً؟ ..هل علينا ان نحب الوطن بالفطرة حتى لو لم يقدم لنا شيئًا ؟ ..لكن هل على الوطن ان يقدم لأبنائه ما يجعلهم يحبونه أم نكتفي بحب قطعة أرض أخبرونا عندما جئنا للحياة : أن هذا وطنك وهذه لغتك ؟
الوطن الذي لا يفهمنا كالوطن الذي يطردنا تماما ..
هل الوطن متمثل في المكان والأرض ؟ .. هذه فكرة مبالغ فيها ولا تروق لي البتة ! .. وفيها الكثير من العاطفية ، إذ كيف أحب إنتمائي الى مكان لا يتوفر فيه الأمان على حياتي ، وممتلكاتي وكل شيء ؟!
لنحب الوطن علينا أن نشعر أننا بشرٌ داخله ، نتعلم بانسانية ، ويتوفر لنا عمل ، ومنزل ، وأسرة ، وسيارة ، ومستقبل .. والأهم الأهم أن نحلم ..
في وطني حتى الأحلام تثير البكاء في نفوس أصحابها ، لا أرغب في أن تصلكم فكرة خاطئة مفادها أنني أتنكر لوطني .. الذي أحبه رغم كل شيء .. لكن ذلك الشيء في داخل جمجمتي يحب تحليل كل صغيرة وكبيرة ، ويدفعني في معظم الأحيان لأسئلة قد تبدو غبية كسؤالي لكم :
- ما هو الوطن بالنسبة إليكم ؟
بالنسبة لي بعد تفكير عميق ، وشرود متواصل ، وتحاليل مكثفة توصلت من خلالها إلى أن الوطن فكرة ؟! .. تتمثل في الحرية بالنسبة لي وفي الأمن والإنسانية .. وطني حيث أستطيع أن أعيش بحرية ، وأتكلم بحرية ، وأكتب بحرية ..وحيث يكون تقدير لإنسانيتي ، وحياتي بوصفها الهبة الأعظم من الخالق .. ليس وطن يتم ممارسة القتل فيه كنشاط صيفي .. ويتم تنظيم دورات في صيد السفن ! .. وحيث تتفتح طاقاتك بحرية ، فوطنك هناك وبيتك ومنزلك ..
الشعور بالهوية ينبع من عوامل كثيرة ، وليس من مكان محدد .. للجميع أصول وقبائل وتاريخ .. لكن لماذا يأبى تاريخنا إلا أن يقف عائقا ً في تقدمنا نحو المستقبل ؟ لماذا أشعر كلما أمعنت التفكير أن الوطن مسألة أحشاء … لا مسألة حدود ؟! ..
بعيدا ً عن تعريف سياسيينا الرعناء - الذين لا يعرفون كيف يضيئون مدننا إلا إذا أحرقوها - للوطن وبعيدا ً عن ثرثرتي التي لا تتوقف : كيف تعرف وطنك ؟ ماذا يعني لكم الوطن أصدقائي ؟
أجب عن سؤالي .. واربح وطناً!
ــــــــــــــــــــــــــــ
By fara782 : دندنات إفريقيــة
التعليقات (0)