لاتبدو في الآفاق مايدعو رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي للعدول عن تهديده الصارم بإغلاق معسکر أشرف مع حلول نهاية هذا العام، وان القرائن و الدلائل التي تؤکد على مضي المالکي قدما و بجدية بالغة في تنفيذ تهديده أکثر من کثيرة، وترى بعض من الاوساط السياسية العراقية و العربية على حد سواء، ان رئيس الوزراء العراقي قد دخل نفقا لايمکنه أن يخرج منه إلا من الجهة الثانية، وهو أمر بقدر مايترائى ظاهريا سهولته، فإنه في نفس الوقت واحدة من أهم و أکثر القضايا السياسية المعقدة التي تواجه المالکي خلال دورتين من تسلمه لمنصب رئيس الوزراء.
وليس بخاف على أحد و خصوصا على الحکومة العراقية و شخص دولة رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي، المحاولات و المساعي الدولية الحثيثة لإيجاد حل وسط مناسب لقضية معسکر أشرف و الحيلولة دون وقوع مواجهات دامية أخرى، لکن الذي يلفت النظر هو ذلك الاصرار الغريب و العجيب للمالکي على موقفه و عدم التراجع عنه مهما کلف الامر، وهو موقف لايلاقي ترحيبا سوى من النظام الايراني، إذ أن هناك العديد من الاطراف السياسية العراقية تتوزع مواقفها بين الرافض و المتحفظ و المحايد، کما ان هناك أطرافا دولية و اوساطا سياسية متباينة تقف بشدة ضد هذا الموقف المتشدد و التعسفي للحکومة العراقية، ولاريب من أن الحکومة العراقية بصورة عامة و رئيس الوزراء بصورة خاصة، يدرکون جيدا ان مواقف الرفض الدولية و العراقية في خطها العام هي رسائل للنظام الايراني الذي يقف تماما خلف هذا الموقف التعسفي و غير القانوني من عدة أوجه، ولاسيما وان المناخ الدولي السائد يتجه بسياق معاکس و مناقض لرغبات و أهواء هذا النظام.
قضية أشرف، التي يسعى نوري المالکي و من خلفه النظام الديني المتطرف الى جعلها مجرد قضية مجموعة لاجئين، هي في حقيقتها و واقع أمرها أبعد و أعمق و أوسع من ذلك بکثير، انها قضية إختلاف سياسي و فکري و أخلاقي بين تيارين متعاکسين تماما من کل الوجوه، انها قضية مبدأية و فکرية تتعلق بمستقبل شعب و وطن قبل أن تکون قضية مجموعة من اللاجئين، وان الخطوط العامة لقضية أشرف و التي تسعى حکومة نوري المالکي لربطها"من أجل مآرب و نوايا و أهداف مشبوهة"، بالنظام العراقي السابق، في حين أن الاحداث و الوقائع الملموسة و الدامغة قد أثبتت خواء و بطلان هذا الزعم و بعده عن الحقيقة و الواقع، إذ لم تکن منظمة مجاهدي خلق و لو للحظة واحدة(بندقية تحت الطلب او الايجار)، لهذه الدولة او تلك، وانما کانت و ستبقى تيار سياسي فکري يحمل أهدافه و أفکاره و مشاريعه الخاصة من أجل إيران نموذجية تکفل الحياة الحرة الکريمة للجميع، وان العودة للحقائق التأريخية المتعلقة بقضية أشرف و التوغل في جذورها الاساسية، کفيلة بکشف الکثير من الحقائق الدامغة التي تدين النظام الايراني على أصعدة مختلفة من أهمها:
1ـ تأسيسه لنظام استبدادي شمولي مبني على فهم و تأويل ضيق للنصوص الدينية و قيامه من جراء ذلك بإستعباد شعب بأکمله و مصادرة حريته.
2ـ دوره التخريبي و التآمري و الفوضوي الموجه ضد البلدان الاسلامية من أجل فرض أجندته السياسية و الفکرية و الامنية على تلك البلدان من خلال سعيه المشبوه و غير المنطقي لتصدير"فوضاه"التي يمسيها ثورة الى خارج حدوده.
3ـ دوره الخبيث و المشبوه في التدخل بالشؤون الداخلية للعراق و التي بدأت منذ سيطرة التيار الديني على مقاليد الحکم في إيران و تبلورت و تجسدت بصورة واضحة عند هزيمة الجيش العراقي في حرب تحرير الکويت، وهو ماسنأتي عليه لاحقا بشکل تفصيلي.
التعليقات (0)