مواضيع اليوم

من أجل ترسيم السنة الأمازيغية.

محمد مغوتي

2012-01-12 20:34:57

0

    تصر ذاكرة الزمن على ربطنا بجذور هوياتية تمتد عميقا في حفريات التاريخ، ويصر المغرب الرسمي على التنكر لهذه الذاكرة أو المرور عليها مرور الكرام في أحسن الأحوال. ذلك هو حال المغاربة مع هويتهم الأمازيغية التي وإن لم تعد في خانة الطابوهات كما كان عليه الأمر قبل سنوات قليلة، فإنها مازالت تحضر اختيارا أو قسرا كهوية ثانية تستظل بظلال العروبة...
    لقد قطع المغرب شوطا كبيرا في مسار المصالحة مع ماضيه الذي ظل يتنكر له طويلا، وذلك من خلال إعلان الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية في الدستور الجديد. وقد مثل هذا الترسيم خطوة أساسية للحسم في النقاش الثقافي والهوياتي للمغاربة. غير أن الترسيم الحقيقي للأمازيغية لا يتوقف على منطوق الوثيقة الدستورية وحدها، بل يحتاج إلى تفعيل ميداني يحول الأقوال إلى أفعال. ومن اللازم أن يحظى هذا الملف بالأولوية في العمل الحكومي بخصوص ما يرتبط بالتنزيل الدستوري. لذلك سيستمر مسلسل الإنتظار في المرحلة المقبلة في أفق التأسيس التشريعي للقوانين التي من شأنها أن تمكن الأمازيغية من الحضور في مختلف المؤسسات ذات الشأن العام. غير أن تفعيل النص الدستوري لا يرتبط بالمستوى التشريعي فحسب، وإنما يقتضي توفر الإرادة السياسية التي تقدم إشارات عملية تعبر عن حسن النوايا. وفي هذا الصدد يحضر موعد رأس السنة الأمازيغية كاختبار أساسي لهذه النوايا. وإذا كانت الدولة المغربية قد أخلفت هذا الموعد في الماضي باستمرار وعن سبق إصرار وترصد، فإن الواقع الجديد لم يعد يسمح بمزيد من التنكر لهذه المناسبة السنوية التي يحتفل بها المغاربة البسطاء في يوم " حاكوز" (سواء كان ذلك عن وعي أو مجرد تقليد متوارث)، وتحييها الجمعيات الثقافية المهتمة بالشأن الأمازيغي في عدد من المدن المغربية، بينما لا نجد في الأنشطة الرسمية للدولة ما يتناغم مع قيمة هذه المناسبة.
     الثالث عشر من يناير يصادف رأس السنة الأمازيغية الجديدة. وهو موعد يصل بالتقويم الأمازيغي إلى السنة 2962. هو فعلا تاريخ طويل جدا يحق لجميع المغاربة أن يفتخروا بعراقته، لأن التاريخ هو ذاكرة الشعوب. وهو بالنسبة لسكان المغرب و شمال إفريقيا عموما يحمل دلالة خاصة لأنه يؤكد على الإرتباط بالأرض. فقد كان الأمازيغ هنا منذ 2961 سنة، وهم مازالوا متشبثين بأرضهم أوفياء لانتمائهم الهوياتي لغة وثقافة وسلوكا. لذلك لا يمكن الآن - بعد كل هذا التاريخ الطويل وفي ظل الأجواء الجديدة التي خلقها الإقرار الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية في المغرب- أن تمر هذه المناسبة السنوية وكأنها يوم عادي لا يختلف عن سائر الأيام. فالثالث عشر من يناير هو فاتح السنة الأمازيغية الجديدة. وينبغي أن يحظى بكل الإهتمام الرسمي والشعبي الذي يليق بهذا الموعد التاريخي الذي يعبر عن أصالة المغاربة. على الحكومة الجديدة، وهي تقدم إشارات مطمئنة للرأي العام في أسلوب عملها منذ الأيام الأولى لتنصيبها، عليها أن تعلن رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة رسمية في كل القطاعات. ومثل هذه الإشارة هي التي تعبر عن حسن النية في التعامل مع ملف الأمازيغية وتحقيق المصالحة الحقيقية بين المغرب وهويته التاريخية. وإعلان رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا لا يحتاج إلى قوانين تشريعية ولا إلى نقاشات برلمانية أو استفتاء شعبي. إنه مطلب يفرض نفسه. وهو مطلب لكل المغاربة باعتبار الأمازيغية هويتنا جميعا.
     كفى إذن من التسويق الفولكلوري للأمازيغية، كفى من الحديث عن التعددية والإرث الهوياتي المشترك. كفى من الأقوال... الأمازيغية هي المعبر الحقيقي عن عراقة هذا الشعب وجذوره التاريخية. وهي الوعاء الذي احتضن المغرب المتعدد وجعل هذا البلد مثالا للتعايش والتسامح والتلاقح بين الثقافات والأعراق... أفلا تستحق بعد هذا يوما سنويا يليق بمقامها؟.
                  محمد مغوتي.11/01/2012.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !