من أجل االعقيدة ؟
في زمن الإنحطاط البشري الذي خيم على المنطقة منذ إرتقاء رجال الدين سلم المكانة والسيادة وإستغلال الساسة للدين بوصفه وسيلة ذات تأثيرِ كبير على الناس بلغت المذابح الدموية التي فتكت بالبشرية بإسم الله وفي سبيل الله رقماً لا يمكن إستيعابه ففي عهد الإحتلال العثماني على سبيل المثال لا الحصر جهز والي الموصل جيشاً جراراً هدفه القضاء على اليزيديين بشمال العراق أو حملهم بالقوة على الدخول في الإسلام ، حملة عسكرية وقودها الإيديولوجيا الدينية المتطرفة ضد مجتمعِ بشري وجد نفسه يزيدياً بالوراثة وآمن بذلك كقناعة لا يُخالطها شك ، تلك الحملة سبقتها وتبعتها فتاوى كفتوى مفتي العثمانيين أبان حكم سليمان القانوني والتي رأى فيها ذلك المفتي أن قتال اليزيديين وإستحلال زوجاتهم وابكارهم وأموالهم واجب وقتالهم أولى من قِتال الكفار الأصليين ، مثل تلك الفتوى سبب رئيسي في كوارث لحقت بطوائف ومذاهب منذ فجر التاريخ ،هناك من يظن أنه الوحيد على صواب وأن بقية البشر المختلفين معه وعنه ليسوا سوى عصاه بحاجة لمن ينقذهم أو يؤدبهم ، لو نشأ من يُكفر البشر في بيئةِ غير بيئته لو جد نفسه يؤمن بما يؤمن به من يُكفرهم فالإنسان أبن بيئته ولا يستطيع أحدُ الخروج من تلك الدائرة الممتلئة بالمسلمات واليقينيات .
في تاريخ البشرية هناك جرائم بشعة أُرتكبت بإسم الله فالمتطرفين من النصارى واليهود والمسلمين والبوذيين أرتكبوا المجازر بحق من خالفهم ولم يتبع ملتهم وهذا يقودنا إلى تساؤل إلى متى وتلك العينات البشرية تظن أنها هي الصواب وأن البشر يجب أن يخضعوا لمنطقها ؟
إذا نشأ الفرد مُحاطاً بالشكوك والتعصب والكراهية وتشرب العنصرية وتلقى تربية فكرية أيديولوجية مليئة بالقاذورات الفكرية التي انتجها العقل المتشنج المتطرف فإنه سيتجه إلى منازلة كل من يخالفه ويستدعي التاريخ والتراث القديم الذي تلقاه كتلقين لا يقبل الشك والتأويل ليُبرر سلوكه بحوادث وأراء قديمة مُقدسة أكستبت قُدسيتها من الجهل والتعصب والشعارات التي تتلاعب بالمشاعر والعواطف ، لو آراد الله أن يكون البشر على دينِ واحد لتحقق ذلك لكنه آراد أن يكونوا مختلفين متنوعين تفرقهم جزئيات وتجمعهم قواسم مشتركة كثيرة لا تعد ولا تُحصى ، بكل مراره ما حدث قديماً يتكرر حديثاً فكل طائفة دينية أو مذهبية تمارس التطرف وتنتظر الفرصة لتنقض على الأخرى وأتباعها ، كل طائفة ترى الأخرى كافرة وعلى ظلال وكل طائفة تتسلح بما يدعم فكرتها تلك وسلاحها يكمن في أراء وحوادت منقولة نقلها التاريخ على أنها انتصارات وهيّ ليست كذلك وأنى تكون كذلك .
القتال من أجل العقيدة عنوان كثيرِ من المصائب التي حلت بالبشرية ولا يوجد أعظم من تلك المصيبة التي وصلت أثارها لأبناء العقيدة الواحدة ، العقيدة طريق خاص يسلكه الفرد ليصل إلى ربه هذه هي العقيدة والفرد يكتشف ذلك الطريق بالوراثة وقد يكتشفه بالبحث والتأمل وقد يكتشفه بالتعليم والتلقين والتبشير ، أياً تكن طريقة الإكتشاف لا يحق لأي فرد أو جماعة التأثير على خيار الفرد والتشويش عليه وحمله على سلوك طريقِ بالإكراه أو بغير ذلك ، من حق الفرد أن يعتنق ما يشاء ويسلك الطريق الذي يراه صواباً دون أن يكون في ذلك ضرراً على المجتمعات وعلى نفسه وهذه هي الحلقة المفقودة في تاريخ البشرية والتي يجب إعادة إكتشافها وإعلاء شأنها لتنعم المجتمعات بالطمأنينة والسلام والاطمئنان بعدما امتلأ حاضرها وماضيها بجرائم دموية من أجل العقيدة .
@Riyadzahriny
التعليقات (0)