في مفترق الطرق هذا تختلف النتائج بحسب الإختيار ، فقد تختار إتمام الدراسة من أجل ذات الأم الوحيدة ، لضمان منصب محترم يكفل لكما العيش الكريم معا ، وذلك بمباركتها وبرضاها ، وقد تختار إتمام دراستك عن أنانية وإشباعا لطموحك الخاص ودون رضاها ، وقد تختار التضحية بالشهادات العليا من أجلكما وبمعارضتها ، وقد تفضل البقاء معها برضاها ، وبدعواتها لك بأن يعوضك الله عن أثرتك البقاء معها خيرا من كل شهادات الدنيا ، فتنجح في الحياة حتى بدون شهادات ! ..
لكن ماذا لو كانت النتائج متشابهة رغم تفرع الطرق ، ورغم حرية الإختيار ؟ .. لاشك أن الأمر يدعو إلى الرثاء أحيانا ، وإلى السخرية أحيانا أخرى ، وهو حال السياسة في أوطاننا على الأقل ، فالمرشحون كثر ، والبرامج ثرية ، والشعارات براقة ، والأهداف سامية ، لكن المنتهى والمبتغى واحد ، فالساسة يوهمون الناس بأنهم مستعدون للتضحية بأنفسهم وبأوقاتهم وآمالهم وطموحاتهم من أجل شعوبهم ، وحاجاتها ، ومتطلباتها ، لكنهم ليسوا صادقين في كل ذلك ، لأنهم يعتمدون على الإيحاء الكاذب بالتغيير العام من أجل تحقيق التغيير الشخصي ! ..
الساسة يضعون الأهداف الجماعية للمواطنين جسرا يعبرون من فوقه إلى (الخزائن العمومية) ، ويقطعونه بعد ذلك ولا يمتد إليهم أبدا إلا عند الإنتخابات ! .. الساسة يعتبرون آمال الناخبين وأحلامهم في العيش الكريم ، بطاقة عبور إلى الدرجة الأولى من رحلة الحياة ، يقومون بحرقها بعد الصعود مباشرة ! ..
الأوضاع السياسية في أوطاننا مأساوية لأن كل حزب بما لديهم فرحون ، وكل حزب يضع يافطة كبيرة على الطريق المؤدي إلى مستقبل أفضل ، فيجعلون المواطنين البسطاء يقفون مطولا في مفترق الطرق لحرصهم على إختيار الأنسب ، والأقدر على الوفاء ، رغم أن الحقيقة المرة هي أن الإختلاف يظل في المسميات فقط ، أما المآل فهو واحد ، وهو الإقصاء ! ..
إن الموازنة الحقيقية بين (الأنا) و(الآخر) هي (من أجلنا) لأنها المعنى الحقيقي للإنسانية .. فمن أجلنا جميعا يا أمي سأجد موازنة بينك وبين زوجتي ، وبين واجب رعايتك وبين طموحي .
ــــــ
تاج الديــن : 10 ـ 2010
التعليقات (0)