مواضيع اليوم

منى الشاذلي وحمدي قنديل

ممدوح الشيخ

2009-03-17 00:41:27

0

 

 
بقلم/ ممدوح الشيخ
mmshikh@hotmail.com
رغم أنني أحاول متابعة حلقات برنامج الإخباري المميز "العاشرة مساء" لكنني لم أتمكن من مشاهدة الحلقة التي استضافت فيها منى الشاذلي الإعلامي حمدي قنديل، وصادفت عدة تعقيبات على وسائل إعلام ورقية وإليكترونية دفعتني للكتابة عنه. وأول الملاحظات أن غياب حمدي قنديل عن شاشة أي قناة فضائية ليس حدثا كبيرا يستحق أن يكون موضوعا لبرنامج إخباري في أهمية العاشرة مساء. وهذا الاهتمام يكشف عن سمة مرضية في المزاج العام يتمثل في تأليه أشخاص بعينهم (غالبا من اليسار) والتعامل معهم باعتبار أن وجودهم في صدارة المشهد الإعلامي أو السياسي "من المعلوم من الوطنية بالضرورة"، قياسا على "المعلوم من الدين بالضرورة". وأعتقد أن التعددية الحقيقية تحتمل أن يكون هناك من يرى أن وجود حمدي قنديل على أي شاشة عربية ليس إضافة لرصيد الإعلام العربي على الإطلاق، بل هو خصم من هذا الرصيد.
وللأمر وجه آخر. فحمدي قنديل جزء من ظاهرة تستحق الاكتراث والتوقف والاهتمام، هي أن وجوها بعينها يتكرر ظهورها في الإعلام للتعقيب على القضايا المتصلة بالشأن العام معظمهم يساريون على نحو يجعل من يستمع للخطاب التحليلي السائد يتصور أن مصر "لليسار در"، وفي حقيقة الأمر فإن اليساريين: قوميين وماركسيين، أصبحوا أثرا بعد عين، وأن الإسلاميين والليبراليين يتم تغييبهم بشكل واضح لا يمكن أن يتم مصادفة.
وهذا الاكتراث، أو بتعبير أكثر صراحة التباكي، على غياب حمدي قنديل ليس له ما يبرره فهناك مغيبون كثيرون لديهم ما يمكن أن يقدموه بمعيار سعة العلم أو الرصيد الوافر من المهنية الإعلامية، لكن حمدي قنديل نموذج لفئة من النخبة تربوا على شعار "خلقوا ليكونوا سادة"، وهم من أعزهم الله بعز حمل لواء الدفاع عن العروبة أو الوطنية، والشعار سالف الذكر كان شعار كوادر تنظيم "المنشأة الإلهية" الذي أنشأه الطاغية فرانكو في إسبانيا وتخرج منه كل من شغلوا مناصب مرموقة في البلاد في عهده وكل رجال الإعلام المساهمون في توجيه الرأي العام، وعلى نسق هذه المنظمة أنشئ "التنظيم الطليعي" في عهد عبد الناصر.
ومع عودة التنظيم الطليعي للسيطرة على الحكم في عهد مبارك عادت الشعار ليرفع مرة أخرى وأصبح هناك أسماء بعينها يتم التعامل معهم باعتبار أنهم "خلقوا ليكونوا سادة"، فالمثقفون – وكذلك الإعلاميون المحترفون – المحجوبون عن المشهد الإعلامي كثيرون وليس أهمهم حمدي قنديل ولكن...
من ناحية أخرى فإن قضية من "يجوز" أن يغيب ومن "لا يجوز" أن يغيب تثير قضية "أصحاب التوكيلات"، فهناك أشخاص بعينهم معظمهم من الهتيفة أصحاب الشعارات ينتشرون بوتيرة ثابتة على شاشات الفضائيات وكأن هناك "قائمة" موحدة تحدد هؤلاء الوكلاء، وأحيانا يتم تجاهل خبراء لكلمتهم أهمية شديدة في القضية موضوع الحوار، ولنقارن، مثلا، معدل استضافة اقتصاديين يساريين من الصف الثاني أو حتى الثالث مقابل العزوف التام عن استضافة أشخاص مثل الأستاذ الدكتور حازم الببلاوي أو العلامة الدكتور أحمد الغندور، أو غيرهما.
بل إن الإعلام صنع نجوما وهميين من أشخاص بضاعتهم في العلم الشرعي محدودة جدا جدا بينما بعض أهم علماء الأزهر لا يجدون مكانا على شاشات فضائياتنا على الإطلاق، وفي مقدمتهم شخص مثل العلامة الشيخ الدكتور يحي هاشم حسن فرغل عميد كلية أصول الدين السابق، وهو أحد أهم من أنجبهم الأزهر في تاريخه كله، ولا نراه في أي من برامجنا وهو واحد من أهم نقاد العلمانية في الفكر الإسلامي المعاصر إن لم يكن أهمهم،...... وغيرهم كثيرون.
والمشكلة فيها بعد متصل بدرجة الاحترافية في عمل معدي البرامج، فكثير منهم يعتبر أن أجندة تليفوناته "هي العالم"، وأي شخص لا يوجد اسمه فيها فلا وجود له، وقديما قالوا – تعبيرا عن أهمية وفيات الأهرام – "من لم ينشر نعيه في وفيات الأهرام لم يمت!".



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !