منهاج الدعوة عند الامام ابى العزائم ( الصوفية التى ندعو اليه
لم يكن الامام ابو العزائم شيخا لطريقة صوفية ولم يكن الامام ابو العزائم رئيسا لجمعية دينية ولم يكن الامام ابو العزائم موظفا كبيرا فى الحكومة او فى اى هيئة حكومية ,وهنا ترد تساؤلات هامة عن حقيقة ما نقول ,إذ كيف أن الامام لم يكن شيخاً لطريقة صوفية رغم أنه أسس الطريقة العزمية فى منتصف الثلاثينات من القرن العشرين , وكيف أنه لم يكن رئيساً لجمعية دينية رغم أنه أسس جماعة الخلافة الاسلامية فى منتصف العشرينات من القرن العشرين وأسس كذلك جماعة آل العزائم من قبل فى بداية القرن العشرين, وايضا أن الإمام كان مدرساً للغة العربية والشريعة فى وزارة المعارف بمصر وفى كلية عوردون بالسودان منذ تسعينات القرن التاسع عشر عند تخرجه من كلية دار العلوم .
وللإجابة على كل هذه التساؤلات نشير الى أن الامام أبا العزائم أسس جماعة آل العزائم لتكون منبراً لنشر الدعوة الاسلامية الحقيقية المبرئة من الاكاذيب والخرافات التى انتشرت فى عصور الظلام الفكرى فى العالم الاسلامى منذ القرن السابع عشر وحتى القرن الثامن عشر والتاسع عشر , وهى فترة كساد فكرى وعقلى أصابت معظم بل كل انحاء البلاد الاسلامية , وقد كانت رسالة جماعة آل العزائم هى التمسك باصول الدين الاسلامى الحنيف على نهج سنة رسول الاسلام وخاتم الرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , وكانت دعوة الإمام دعوةً تجديدية تقوم على السنة الراشدة أساسها القران والصحيح من الأحاديث النبوية المتفق عليها من جماعة المسلمين فلم تكون دعوته رضى الله عنه تميل الى التعصب والإنغلاق أو ما أُطلِق عليهم غلاة السلفيين وهم أبعد ما يكونون عن السلف وذلك لضيق أُفقهم وجهلهم لحكمة الاحكام , ولم تكن دعوته مع الذين يتمسحون بأهل البيت ويتسمون بشيعة على ابن ابى طالب وهم أبعد ما يكونون من أهل البيت ومن على رضى الله عنه , وذلك لمغالاتهم فى حب على واهل البيت ونسب ما لم يصح من حديث وتفاسير كانت ابعد عن الاسلام وحقيقته , وهنا كانت دعوة الامام ومنذ بدايتها هى الوسطية فى الاسلام فلا مغالاة ولا تقصير بل إتباع لصحيح السنة وفهم لحكمة احكام الدين مبنيةعلى قلب سليم وعقل صحيح وكل ذلك على أساس إتباع القران الكريم كتاب الله للخلق اجمعين . وأما عن تأسيس الامام ابى العزائم لجماعة الخلافة الاسلامية فقد كانت نتيجة لإلغاء تركيا تحت حكم كمال اتاتورك للخلافة الاسلامية فى بداية العشرينات من القرن العشرين , والتى كانت راية يلتف تحتها جميع المسلمين فى أنحاء الكرة الارضية وجاء تأسيس الامام لجماعة الخلافة الاسلامية تصدياً لفكرة الملك فؤاد ملك مصر فى ذلك العهد لأن يكون خليفة للمسلمين , وقد عارض هذه الفكرة الامام ابو العزائم بحجة ان الخلافة يجب أن تكون فى بلدٍ ليس محتلاً كمصرونادى بعقد مؤتمر لكل البلاد الاسلامية وأن يكون المؤتمر فى مكة لكى يتم إختيار خليفة للمسلمين من بلد غير محتل , وواجه الامام ابو العزائم الكثير من المصاعب فى موقفه رغم عقد المؤتمر وحضور الامام ابى العزائم كرئيس لوفد مصر والسودان فى المؤتمر , وبفضل جهود جماعة الخلافة الاسلامية التى أسسها الامام ابوالعزائم , فشل مشروع الملك فؤاد فى ان يتولى منصب خليفة المسلمين وان تكون الخلافة الاسلامية لعبة فى يد الاستعمار البغيض فى ذلك الوقت وهو الاستعمار البريطانى . وهنا نصل الى نقطة هامة وهى تأسيس الامام ابى العزائم للطريقة العزمية كطريقة صوفية , ويجب الاشارة هنا الى أن الإمام لم يؤسس الطريقة العزمية إلا قبل وفاته بعدة سنين وذلك لما واكب الدعوة الصوفية من أكاذيب وخرافات أوجبت على الامام أن يقوم بتصحيح الطريق واسلوب الدعوة, ويتجلى ذلك فى مراسلات الامام ابى العزائم لتلا ميذه وأبنائه فى أخريات حياة الامام وقد تم تسجيل تلك المراسلات فى مخطوط موجود بمكتبة البشير - تحت الطبع - باسم ( مراسلات الامام ابى العزائم) ندعو الله ان يخرج هذا المخطوط للنور حتى نستطيع أن نلم بفترة من اهم فترات نشاط الدعوة الصوفية للامام ابى العزائم .من هذا كله نصل الى اهم نقطةفى بحثنا وهى ان الامام ابا العزائم لم يكن شيخاً لطريقة صوفية ولم يكن رئيسا لجمعية دينية ولكنه كان داعية اسلاميا ومجدداً للدعوة وعالماً عاملاً بالكتاب والسنة وصاحب فكر صوفى مبنى على الصوفية الحقيقية المبرئة من الاكاذيب والخرافات , وقد كان للامام ابى العزائم دوراً كبيراً فى محاربة البدع والخرافات التى صاحبت ما يقوم به أهل الضلال من مدعِّى الصوفية والذين أطلق عليهم الامام ابوالعزائم لقب ( المتمصوفة) اى مدعى التصوف الذين إتخذوا من الصوفية شكلها وقاموا بغيرعلمٍ ولا حكمةٍ فى الإدعاء بتصوفهم وذلك بُغية الإرتزاق والنصب على عامة الناس , وما أكثر هؤلاء المتمصوفة هذه الايام.
إن أبناء وتلاميذ الامام ابى العزائم كانوا دائما وعلى مدى العصور منذ بدء دعوة الامام ابى العزائم في اواخر القرن التاسع عشر وحتى الان يعلنون حقيقة دعوة الامام ابى العزائم التى أساسها كتاب الله وسنة نبيه عليه افضل الصلاة والسلام على الاسس التالية:
1- دعوة الامام ابى العزائم أساسها الكتاب والسنة النبوية وإجماع الائمة من علماء المسلمين وذلك حسب كتب الامام المطبوعة والمنشورة وحسب كتاب (أسرار القرآن) وهو كتاب تفسير القرآن الكريم الذى كتبه الامام فى حياته وتم طبعه ونشره عدة طبعات .
2- منهاج الدعوة عند الامام ابى العزائم أساسها الصوفية الحقيقية المبرأة من الخرافات والاكاذيب حسب كتب الامام وتراثه , وكما أشار الامام فى كتبه فإن الصوفية اساسها من الفعل المبنى للمجهول ( صُوفىَ) أى صافاه الله , وهذا هو المعنى الغالب الذى ارتضاه الامام فى كتبه وليس كما جاء فى الاثر من أن نسبة الصوفية للصوف وارتدائه او غيره من الفسيرات , وهذا معناه إبتعاد الامام تماما عن المغالاة والغريب من الامور .
3- الصوفية ليست حركات راقصة وكلمات غامضة ولكنها طريق لله أساسها نهىُ النفسِ عن الهوى وعدم طاعتها في ما يغضب الله وعدم التكالب على الدنيا لأن الدنيا مطية المؤمن وطريقه إلى الله .
4- دعوة الإمام أساسها الوسطية الإسلامية التى نادى بها الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى ذلك فلا غلو فى محبة الرسول وآل بيته , ذلك الغلو الذى يبعد عن حقيقة الاسلام كما فعل الشيعة , وليس إنغلاقا للفهم والعقل والتمسك بتراث واصول لم تثبت , لضيق أفقٍ وعدم فهمٍ لحكمة الاحكام , كما يدعى الغلاة من الاصوليين وما شابههم .
5- لم يكن الامام ابو العزائم لا سباَّباً ولا لعّاناً و عياباً فى دعوته ولكنه كان يتبع القران والسنة النبوية عملا بالاية الكريمة ( إدعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )
67- إن تراث النظم الصوفى للإمام ابى العزائم هو بحر المعارف وكنز الدرر الذى وهبه الله للامام , هو الدستور الصوفى للامام ابى العزائم والذى يجب ان نعض عليه بالنواجذ وان نتعاون فى حفظه ودراسته وفهمه حتى نسلمه الى اجيال ستأتى فى المستقبل قد يفتح الله لها ما غمض علينا وجاء أوان استيعابه وفهمه , وهى مسؤلية كبيرة نتحملها جميعا .
8- إن المؤسسات الدينية التى تعمل فى مجال الدعوة الاسلامية وتحمل اسم الامام ابى العزائم مثل الطريقة العزمية وجمعية أولى العزم الدينية وجماعة آل العزائم يجب ان تلتزم بفكرالامام ابى العزائم فى الدعوة الوسطية للاسلام وعدم الانخراط فى أى فكر تطرفى بدون مغالاة أو تقصير , وأن هذه المؤسسات وهى تحمل المنهاج الصوفى للامام ابى العزائم كان لزاما عليها الا تكون طرفا مع أى فكر يخالف فكر الامام او تكون ضد اى فكر يوافق فكر الامام وهو رأى اهل السنة والجماعة من المسلمين .
9- إن الامام ابا العزائم كان يفتح بيته وقلبه لكل المسلمين شيعة و سنة .. سلفاً و خلفاً .. طالما انهم يتبعون الاسلام والسنة , ويدعوهم الى اتباع سنة الرسول بحكمة وفهم فإن وجد منهم قبولا وفهما استمر فى التعاون .. وان وجد منهم جحود وحيودا ابتعد دعا لهم بالهداية . وآثر السلامة , وبذلك فهو لم يؤيد الشيعة فى تطاولهم على الصحابة مثل ابوبكر وعمر ابن الخطاب وام المؤمنين عائشة وابتعد عن الشيعة ابتعادا كبيرا , وكذلك موقفه من الدعوة الوهابية فى السعودية حيث لم يرضى عن كثير من مواقف الوهابية المخالف لحقيقة الاسلام والسنة النبوية , رغم أنه تعاون مع الملك عبد العزيز آل سعود وذلك فى التحضير لمؤتمر الخلافة الاسلامية الذى انعقد فى مكة المكرمة وكان لتعاون الامام ابى العزائم مع الملك عبد العزيز اكبر الاثر فى نجاح مؤتمر مكة , وهو مايشير الى عمق العلاقة بينهما .
التعليقات (0)