منع الكتاب.. دعاية مجانية له
بقلم: خليل الفزيع
منع أي كتاب بأمر الرقيب هو دعاية مجانية لذلك الكتاب، فالقراء يتساءلون عن سبب منع أي كتاب، ولا سبيل لمعرفة الجواب سوى البحث عنه بشتى الوسائل واقتنائه لمعرفة أسباب منعه، وعندما يسعى القراء لاقتناء أي كتاب فهذا بالبديهة يعني كثرة الإقبال عليه، أي زيادة المبيعات منه، وربما أعيدت طباعته أكثر من مرة بعد أن يكتسب شهرة منحها له المنع مجانا ودون مقابل، وإذا كان الحصول على الكتاب الممنوع في الماضي من الصعوبات التي لا يتيسر التغلب عليها من قبل كل القراء، فإنها أصبحت اليوم من أيسر الأمور وأبسطها، وعن طريق معارض الكتب في الخارج، وعن طريق الإنترنت يمكن الحصول على أي كتاب، بعد أن استطاع هذا الكتاب اختراق حدود الرقابة ليصبح في متناول أيدي من يريدون الحصول عليه.
الكتب الممنوعة نشتريها من أقرب الدول إذا منعت، أو نطلع عليها أو ننسخها من الإنترنت، فما جدوى المنع إذن، وما مهمة الرقيب الذي انتزعت منه الوصاية على ما يقرأ وما لا يقرأ عامة الناس وخاصتهم، إضافة إلى أن هذا المنع الرقابي قد يفوت على القارئ معرفة أشياء كثيرة تتعلق بحياته، وربما من هذه الكتب الممنوعة ما يحمل الكثير من الإيجابيات، لكن غلطة واحدة قد تقف سدا يمنعه من التوزيع في الداخل، وهذا في النهاية يصب في نهر الفوائد الجمعة التي تجنيها دور النشر عندما تبالغ في سعر الكتاب الممنوع، وهي تدرك أنها مهما بالغت في السعر، فهناك من سيطلب ذلك الكتاب.
نحن جزء من هذا العالم، ولسنا بمعزل عنه، وفي الدول المجاورة تقام معارض كتب تتبارى فيها دور النشر العربية والأجنبية لتقديم منتجها الفكري والثقافي والأدبي، وهذه المعارض غير بعيدة عن متناول أيدي القراء في بلادنا، فمعرض الكتاب في البحرين أو الدوحة أو الشارقة أو القاهرة، كلها غير بعيدة، مما ينفي جدوى الرقيب في السيطرة على سوق الكتاب الذي عادة ما يضم الغث والسمين، والقارئ هو الذي يحدد اختياراته، وهذا لا يعني فتح الأبواب لكل من هب ودب، ولكنه يعني التقليل من قبضة الرقابة في تعاملها مع الكتاب، ولا جدال في منع الكتب والمصنفات الفنية الهابطة المستوى، للتخلص من هذه الأوشاب التي تدمر الذائقة الفنية لدى المتلقي وتفسد عليه ليس ذوقه فقط، بل حتى وقته وحياته، لما تجلبه من هم وغم وإسفاف وتضييع الساعات الطوال سدى.. لكن لماذا لا يكون المنع امتناعا من المتلقي نفسه، وليس بوصاية من الرقيب؟!.
فهل سنخفف من قبضتنا الرقابية على الكتب ذات الأطياف المتعددة والألوان والثقافات المختلفة؟ خاصة ونحن نعيش تقدما ملحوظا في التعامل مع التقنيات والوسائط المتاحة لكل من يريد، ولماذا لا نحسن الظن في قدرتنا على الاختيار دون وصاية من رقيب أو غيره؟ لتتوفر للجميع فرص اختيار ما يوافق اهتماماتهم ورغباتهم الثقافية والفكرية؟.
التعليقات (0)