مواضيع اليوم

منظومة الفشل العربي من القمة إلى الخماسية

مصعب المشرّف

2010-06-30 10:13:05

0

منظومة الفشل العربي المُزمن

من القمّة إلى الخـُمَاسيـّة


الفشل الذريع الذي منيت به القمة الخماسية العربية المنعقدة مؤخرا في ليبيا ... هذا الفشل كان متوقعا وحدث بالطبع ولكن ليس بنسبة 99.9% بل بنسبة 100% .
وهذا الفشل العربي المطبوع ليس بجديد على المسيرة العربية وإنما فشل ينزو فوق بعضه وينضم إلى أمثاله من "فشيلة" ظلت تضرب بأطنابها وستظل سائدة مع متلازمة الوهن والخنوع إلى سنوات مقبلة طالما كانت القيادات العربية لا تتعامل مع الأجندة المطروحة على بساط البحث بالجدية والموضوعية السياسية المطلوبة بقدر ما يتم التعامل معها باسلوب وقناعات " أنا ربكم الأعلى" وأوهام الإجماع وشعبية ورضا ألـ 99.9% أو حتى ألـ 89% المضحكة التي لم يحصل عليها حتى الأنبياء المؤيدين من السماء والرسل من ذوي العزم وسط أقوامهم.

المشكلة الكبرى التي واجهتها هذه القمة الخماسية بداية أنها إنبثقت من المكان الخطأ وهو مؤتمر القمة العربي (الفاشل) الذي إنعقد قبل فترة في ليبيا بحضور عربي متواضع القيادات المؤثرة ... وكان من ضمن نتائجه الهزيلة التوصية (هربا نحو الأمام) بتكوين هذه "اللجنة" الخماسية لبحث مسألة "خراب" الجامعة العربية ووصولها إلى طريق مسدود نتيجة فشلها الذريع في تقديم أو حتى طرح حلول لعديد من المشاكل العربية العربية أو تلك المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي . ناهيك عن إيجاد حلول أو تكريس مواجهة حقيقية ذات معنى . وفشلها كذلك في النهوض من كبواتها الذاتية أو في مجال علاقاتها الدولية مع منظمات شبيهة لمعالجة حالة الإنكسار والإنبطاح الفاضح الذي ساد التوجه العربي في المواجهة ضد إسرائيل ...... وحيث لم يفضح هذه الجامعة العربية في هذا المجال سوى الموقف التركي الإيراني الصلب الأخير المتعلق بكسر الحصار "الصهيوني / العربي" المفروض على شعب غزة حماس....... ولا ينسى أحد كيف أنه وبعد أن تحركت أنقرة لكسر الحصار عن غزة ولوحت إيران بتفعيل دورها من خلال حرسها الثوري ، كيف سارع الأمين العام للجامعة العربية عقب مشاورات طويلة مع حكومته وتوسلات وذرف دموع على أعتاب البيت الأبيض بتسجيل زيارة فض مجالس إلى غزة وكأنه تذكرها لتوه بعد طول نسيان . وليته لم يفعل حتى يتجنب السؤال المنطقي المطروح في هذه الحالة وهو : أالآن يا عمرو؟

 

من ناحية أخرى فإن من بين أهم أسباب فشل هذه "اللجنة / القمة " الخماسية هو إنعقادها أيضا في ليبيا ...... والحكومة الليبية بنحو خاص لا تصلح لرئاسة أو عضوية أية قمة أو لجنة عربية لسبب أنها تتبع اسلوبا مليودراميا ودراماتيكيا في سياساتها الخارجية وعلى نحو تبدو فيه أنها لا تدري ماذا تريد بالضبط وماذا تفعل ...... وهي تتخذ قراراتها ومواقفها السياسية بناء على المزاج الشخصي السريع التقلبات الفجائية الزلزالية من اقصى اليمين إلى اقصى اليسار ومن اقصى اليسار إلى اقصى اليمين ومن السماء السادسة إلى الأرض السابعة . وليت هذه القيادة كانت تتبع المزاج الشخصي هذا في علاقتها بمرؤوسيها وأتباعها من مواطنيها في بلادها التي تحكمها ... ولكن الأدهى وأمر أنها تريد فوق ذلك أن ينصت إليها الملوك والرؤساء والزعماء العرب طائعين مقنعي رؤوسهم سواء في عواصم بلادهم وعلى كراسي ملكهم وحكمهم أو في داخل أروقة مؤتمرات القمة العربية وكأنهم موظفين في سكرتارية مكتب هذه القيادة الليبية أو رؤساء لجان شعبية على افضل تقدير.
والطريف أنه وفي الوقت الذي ظلت تنادي فيه طرابلس وبنغازي وسرت وخيمة الصحراء وهلم جرا بالتضامن والوحدة العربية والمصير المشترك ؛ إذا بها تناقض نفسها بنفسها بين كل يوم وآخر بل وبين كل ساعة وأخرى . ولعل المزاجية التي تعاملت بها ليبيا مع قضية دارفور مؤخرا وسعت جاهدة إلى إجهاضها بكل الطرق والوسائل لا لشيء سوى الغيرة من القيادة القطرية وأنها ترغب بالتالي في أن يكون لها وحدها الدور المركزي وأن تسلط عليها الأضواء رغم محدودية قدراتها في جميع الجوانب .. لعل في هذا ما يغذي الإنطباع ويؤكد من جهة أخرى حقيقة أن ليبيا لا تصلح كي تكون دولة أو قيادة موضوعية حضارية مقنعة لرأب الصدع العربي القومي والأهلي على حد سواء بقدر ما تجعلها مزاجية وهوائية قيادتها أحيانا كثيرة مصدرا للقلق والإزعاج وبدون أسباب واضحة تذكر ، ولكن فقط هكذا "مزاج" واللّي مش عاجبه يشرب من البحر .... أو لعلها تفعل ذلك لأجل الشهرة ولفت الأنظار من منطلق "خالف تعرف" لا غير على خلفية حماقة غريبة من نوعها لا يجدي معها ضرب أخماس في أسداس وتوقعات أو تخمينات إحترافية عقلانية أو حتى قواعد مدروسة وأعراف دبلوماسية مطروقة منذ عهد حكومات العصر الحجري وحتى تاريخه . أو كما قال الشاعر:


لِكُلّ داءٍ دواءٌ يُسْتَطَبّ به ..... إلا الحماقة أعْيَتْ من يداويها

والجانب الآخر لفشل هذه "القمة/ اللجنة" الخماسية التي تم تشكيلها وتمريرها على عجل وبطريقة سلق البيض البلدي في موالِد الصعيد المصري ..... كان وسيظل مسألة تمسك مصر بضرورة أن يكون الأمين العام للجامعة العربية مصري الجنسية .... وهو ما يجعل أمر مصداقية هذه الجامعة مجرد سراب والشاذ المضحك الفريد في عصره ومن نوعه دون غيره من تجمعات دولية وإقليمية مماثلة في هذه الكرة الأرضية وربما كوكب المريخ ...... بل حتى مجلس التعاون الخليجي العربي لا تفرض فيه دولة من أعضائه أن يكون الأمين العام للمجلس من أحد أبنائها دون سواه بغض النظر عن كثرة أعداد مواطني هذه الدولة أو أهميتها وحجم ثرواتها الكامنة والمستخرجة ودخلها القومي مقارنة بغيرها ...
ولا يدري أحد ما هي الحكمة من أن يكون الأمين العام للجامعة مصري الجنسية ؟.....
هل بقية العرب من الدول العربية الأخرى لا يوجد فيهم من يصلح لتولي هذا المنصب ؟
هل تعجز ميزانيات الدول العربية مجتمعة عن إستئجار مقر للجامعة العربية؟
ربما كانت كاريزما ومصداقية ونظافة وثورية وشجاعة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ومكانته في قلوب الشعوب العربية والإسلامية ودول العالم الثالث يبرر ذلك في يوم من الأيام.
ربما كان إستعداد مصر وقدرتها على الدفاع عن العرب والعروبة في يوم من الأيام يعزز ذلك.
ربما كان وضع مصر كدولة مفصلية في الصراع العربي الإسرائيلي قبل كامب ديفيد يؤهلها لقيادة الجامعة العربية ....

ولكن مصر خرجت من منظومة الصراع العربي الإسرائيلي منذ فترة ولم تعد طرفا فيه . وبالتالي فلا مبرر أن تحتفظ لنفسها بحق لم يعد العرب أو الصراع العربي الإسرائيلي يجني من ورائه سوى المزيد من الخنوع للعدو الإسرائيلي والموهبة المعجزة في قبول التنازلات المصيرية والرضا بالمقسوم من الظلم والقهر والضيم والإستعداد لتقبل المزيد من الضرب على البطن والظهر والخاصرة والقفا دون أن تتحرك في النفس قيد أنملة من عزة أو كرامة أو التفكير في قولة "لا" ولو على سبيل الإستهلاك المحلي وإرضاء خاطر الشعوب المذهولة مما يجري حولها.
لقد أدى تمسك الحكومة المصرية بمنصب الأمانة العامة للجامعة العربية أن باتت مواقف الجامعة تجاه القضايا العربية العربية أو المشاكل العربية الداخلية ؛ باتت نهبا وتطابقا لموقف الحكومة المصرية الرسمي من هذه المشاكل وليس بناء على الموقف العربي الجمعي أو المصالح العربية العليا ؛ آخذين في الإعتبار أن هذا الأمين يضع في حساباته الكبرى أنه أولا وأخيرا مصري ومصيره ومآله إلى مصر ولن ترضى عنه الحكومة المصرية حتى يتبع ملتها . وأن الحكومة المصرية هي التي تقوم بترشيحه وإيصاله والتوسط له بغية توليه هذا المنصب . ولعل موقف الأمين العام الحالي للجامعة العربية تجاه مشكلة دارفور الذي تأثر فجأة ومباشرة بموقف الحكومة المصرية منه وانقلب 180 درجة .. لعل في ذلك ما يؤكد هذا التوجه وحيث صمت عمرو موسى فجأة صمت القبور ودون مقدمات عن مواصلة تأييده لإتفاق سلام الدوحة بل وضربها "طناشي" على البحري .. وما كان هذا الصمت والتطنيش المتعمد ليكون لولا أنه تأثر بموقف حكومته التي إرتأت إجهاض المجهود القطري نكاية بقطر لموقفها تجاه العمالة المصرية وإلتزامها بشفافية قناة الجزيرة . وكذلك إرتأت فيه الحكومة المصرية فرصة سانحة لإجبار السودان على تبني وجهة النظر المصرية فيما يتعلق بتقسيم حصص مياه النيل والتأكيد على عدم قدرة السودان الخروج عن دائرة النفوذ المصري وبوصفه الحيطة الهابطة وحديقة مصر الخلفية وليدوم كذلك حتى قيام الساعة.
وعلى هذا النسق والأمثلة التي سيقت فيمكن القياس على مشاكل أخرى من قبيل العراق وإيران والمغرب العربي والبوليساريو والأمازيق وسوريا ولبنان والحوثيين في اليمن وطنب الكبرى والصغرى وسبتة ومليلة ...... وطالما لا توجد أسس منطقية للمواقف العربية التي باتت إما مزاجية ترغب في الزعامة والإنفراد بها أو مرتبطة بتلقي المعونات الغربية والأمريكية أو الإحتلال الأجنبي والطائفية فلن يتحقق عمل عربي مشترك . والبركة في هذه الإجتماعات المتعددة ما يجده رؤساء وأعضاء الوفود من فرصة سانحة للأكل والشرب والنوم في العسل ....... ولا يسعنا والحال كذلك سوى أن نقول لهم على لسان حبيبنا اللبناني : بصحتين وعافية ..... وسعيدة ليلتنا سعيدة ...... أما المواطن العربي الغلبان فيكفيه أن يتغدى جبنة وزيتونة ويتعشى بطاطا ثم يخلد للنوم في دروب المغربلين أو تـُـرَبَ الغفير.

اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات