استنفار كبير و لافت في صفوف من يتمترسون داخل منظمة التحرير الفلسطينية و التي لاطالما وفرت و توفر لهم الغطاء القانوني و الأخلاقي لإطلاق أيديهم الفاسدة دون رقيب أو حسيب، و بعد أن كانت منظمة لتحرير الشعب الفلسطيني من الإحتلال و تبعاته من استيطان و قتل و أسر، و من أجل ذلك خرجت للنور،أصبحت اليوم عنوان لتحرير الشعب الفلسطيني من حقوقه و مقدراته و من وسائل دفاعه عن نفسه.
هذا الإستنفار و الحمية الموسمية تعبر عنها الخطب المتشنجة التي يلقيها رموز الفساد في تلك المنظمة، و التي لم تكن لها مثيل حتى أثناء العدوان على غزة، لأن تلك الحرب كان المستهدف من خلالها الشعب الفلسطيني و مقاومته في غزة و هم آخر من تعنيهم حياة الشعب الفلسطيني، و لكن اليوم المستهدف هي حياتهم "النضالية" مع الفساد و علاقتهم الإستراتيجية مع العدو من خلال التنسيق الأمني الذي لا يجهله أحد، لذلك يجب أن يستبسلوا في الدفاع عنها لتتواصل دون منغصات.
فكلمة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أحدثت فيهم الإرتباك و التوتر لأن الأخطر فيها أنها كانت مسبوقة و مترافقة مع تصريحات لم يطمئنوا لها كثيرا و خاصة تلك التي جاءت على لسان طوني بلير مبعوث الرباعية الى الشرق الأوسط حيث طالب باشراك حماس في "العملية السلمية" مؤكدا أنه لا سبيل لنجاح تلك العملية ما لم تشارك فيها حماس، هذا بقطع النظر عن كون حماس راغبة في الإشتراك في عملية السلام تلك و الجميع يعرف موقفها منها.
بالإضافة الى الحديث المطرد عن لقاءات بين شخصيات من الحركة و مسؤولون أوروبيون لازالت الى حد الآن تدور وراء الكواليس، لأن الغرب و خاصة الأوروبيون منهم أناس عمليون و واقعيون، بالمناسبة ليست هي نفسها الواقعية التي يدعي البعض عندنا بأنه يتصف بها، و في النهاية يريدون أن يتحدثوا مع أناس محترمين بمعنى لهم مصداقية و تاثير حقيقي على أرض الواقع.
و اذا مضت حماس قدما في التسويق لمشروعها السياسي القاضي بتأسيس اطار لم تقل أنه بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية و لكنه اطار يجمع من تغلق أبواب المنظمة و اصلاحها دونهم، و هي الأطراف الرئيسية التي قادت المقاومة في غزة و خاصة ان تلك الأطراف لم تنفي امكانية تأييدها لهكذا خطوة، قلنا اذا مضت حماس في ذلك فإن عباس و بطانته بالتأكيد يجب ان يشعروا بالقلق، لأنه لا يوجد شئ مضمون في هذا العالم و اعتراف الجامعة العربية و الأمم المتحدة و أكثر من مائة دولة في العالم بالمنظمة قد لا يعود يمثل الشئ الكثير اذا لم يقابله أو يدعمه فعل حقيقي عل الأرض، فكيف يمكن لعباس مع كل ذلك الإعتراف أن يبسط "سيادته" على القطاع؟؟؟؟؟ لست أدري. زيادة على ان العالم و خاصة الإتحاد الأوروبي أصبح محرجا من تواصل الحصار و اغلاق المعابر.
لذلك بعد أن كان مجرد الحوار مع حماس خطا أحمرأصبح اليوم من الممكن الدخول معها في حكومة وحدة وطنية تعيد عباس و لو جزئيا الى القطاع، و اليوم نسمع عباس بضغط من المصريين و السعوديين و ما سيمى يدول "الإعتدال" بعد اجتماعهم بالأمس يقول إن حماس جزءا من الشعب الفلسطيني و يجب الحوار معها. و هنا ندرك من هو الذي يأتمر بأمر المحاور فيوم في الشرق و يوم في الغرب و كما يقول المثل التونسي "كل يوم و قسمو".
التعليقات (0)