تفاقم المأساة الانسانية في غزة
اليونسكو تُعبّر عن قلقها لاستهداف المدنيين في المدارس
مروة كريدية - إيلاف: مرّوعٌ هو الوضع الإنساني في غزة في وقت يتبادل فيه السياسيون الاتهامات حول أسباب
الحرب وموجباتها ومآلاتها، و وسط ضبابية الدبلوماسية العربية وانقسام مواقفها، وغموض موقف مجلس الأمن الدولي الذي أرجأ مناقشاته لمشروع القرار العربي حول وقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة إلى يوم غد الخميس.
وفي ظل غياب الحلول السياسية فقد أدت الغارات الاسرائيلية على مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينين التابعة للأمم المتحدة الأنروا شرقي جباليا شمال غزة أمس الى سقوط 43 مدنيًّا وأكثر من مائة جريح الى إثارة الرأي العام الانساني العالمي كما أثارت العديد من النداءات الدولية ملحة من أجل حماية المدنيين.
وفيما أكد أكثر من مسؤول في الأونروا الى إنهم سلموا السلطات الإسرائيلية إحداثيات مدارس الأمم المتحدة بقطاع غزة حتى لا يطالها القصف،إلا ان المدارس ظلت هدفًا منذ اليوم الأول الذي أعلنت فيه الاونروا عن سقوط 8 أطفال في إحدى مدارسها التابعة لها في القطاع.
من جهة اخرى فإن الجيش الإسرائيلي اعتبر ان بعض هجمات حماس تنطلق من المدارس وان حماس تستخدم المدنيين كدروعٍ بشرية تحتمي بهم الأمر الذي نفته الأنروا جملة وتفصيلا لتؤكد الامم المتحدة انه لا يوجد في مدارسها سوى مدنيين.
وكان الجيش الإسرائيلي قد اعلن عن وقف عمليات القصف على غزة لمدة ثلاثة ساعات من الواحدة وحتى الرابعة من ظهر اليوم لدواع وصفها بالإنسانية فيما عادت القوات الاسرائيلية لتواصل الاعمال الحربية فور انتهاء المدة.
إثر تلك الاحداث ارتفعت بعض أصوات الحقوقين الأجانب تطالب برفع شكاوى ضد إسرائيل أمام القضاء الدولي بسبب انتهاكاتها للقانون الإنساني الدولي، فيما عبرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو"، عن قلقها إزاء ما تتعرض له لمؤسسات التعليمية والمواقع والمعالم الثقافية في قطاع غزة مطالبة بجعل المدارس آمنة للمدنيين.
وفي هذا السياق حثت منظمة العفو الدولية مجلس الأمن الدولي على اتخاذ إجراءات حازمة وحاسمة لمواجهة الموقف المتدهور في قطاع غزة وجنوب إسرائيل
وقال مالكوم سمارت مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية إن "الإصابات التي تقع في صفوف المدنيين والدمار الذي يحدث في غزة بلغا حداً غير مسبوق. ولا يجوز لمجلس الأمن الدولي أن يظل صامتاً. إذ يمكنه لا بل عليه أن يتحرك دون مزيد من التأخير. "
وتعليقًا على ذلك أضاف سمارت إن "مجلس الأمن الدولي يتحمل مسؤولية رئيسية للمساعدة على ضمان احترام أطراف النـزاع للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي". وتابع قائلاً إنه "لا بد للمجلس أن يتبنى بصورة عاجلة قراراً قوياً يدين الهجمات ضد المدنيين التي تشنها كل من إسرائيل وحماس وأن يطالب بوقف هذه الهجمات فوراً."
وكانت المنظمة قد وجهت في بيانها الصادر امس بإنه ينبغي على مجلس الأمن الدولي أن يحث إسرائيل على رفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة – العقاقير الطبية والطعام والوقود وغير ذلك من الضروريات اللازمة بصورة ملحة للتخفيف من معاناة المدنيين – والسماح للعاملين في مجالي الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والصحفيين بالدخول إلى غزة دون أية عراقيل.
واتهم سمارت اسرائيل بمنع عمال الاغاثة من عملهم قائلا :"الجيش الإسرائيلي يمنع عمال الإغاثة الإنسانية والصحفيين من الدخول إلى غزة منذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني"، وأضاف إن "وجودهم الآن مطلوب بصورة عاجلة كي يجروا تقييماً مستقلاً للاحتياجات الإنسانية ويرفعوا تقريراً حول الوضع على أرض الواقع، بما في ذلك انتهاكات القانون الدولي."
كما حثت منظمة العفو الدولية مجلس الأمن الدولي على النظر في إرسال مراقبين دوليين معتبرة ان "المدنيين في كلا الجانبين يظلون يدفعون ثمناً فادحاً يمكن التخفيف منه في حال نشر مراقبين دوليين تشمل مهامهم التحقق من تقيد إسرائيل والإدارة الفلسطينية في غزة بالقانون الدولي."
أطفال ومدنيين في مرمى النار !
وقد سقط الى الان أكثر من 680 فلسطيني في الضربات الجوية الإسرائيلية وغيرها من الهجمات منذ 27 ديسمبر/كانون الأول. بينهم اكثر من 200 طفل، فضلاً عن 165 شرطياً مدنياً لم يشاركوا في النـزاع. وأُصيب أكثر من3075 مدني فلسطيني بجروح. وفي حين أوضحت اسرائيل ان العديد من الهجمات الإسرائيلية استهدفت المقاتلين الفلسطينيين ومن ضمنهم قادة حماس، إلا أن شهود عيان قالوا ان معظم الهجمات جاءت ضد مبانٍ مدنية لم تُستخدم لأغراض عسكرية.
وقد استهدفت مدنيين مثل طلاب كلية الشرطة كما عرَّضت حياة المدنيين للخطر وتسببت بارتفاع حصيلة الإصابات في صفوف المدنيين. ومن المتوقع أن يرتفع عدد الإصابات المدنية نتيجة الاجتياح البري الذي بدأته القوات الإسرائيلية في 3 يناير/كانون الثاني واستخدام أسلحة ثقيلة في مناطق آهلة بالسكان المدنيين.
وفي الفترة ذاتها، اعلن من الجانب الاسرائيلي انه قُتل سبعة إسرائيليين، بينهم ثلاثة مدنيين في هجمات صاروخية شنتها الجماعات المسلحة الفلسطينية من قطاع غزة.
وقد تعرضت عائلات بأكملها الى الموت جراء القصف ومن هذه الحالات التي أصابت مدنيين نذكر :
عبد ربه الأسطل البالغ من العمر ثماني سنوات وشقيقه محمد البالغ من العمر 12 سنة وابن عمهما عبد الستار البالغ من العمر 10 سنوات والذين قُتلوا بعد ظهر 2 يناير/كانون الثاني بينما كانوا يلعبون بالقرب من منـزلهم في قرية القرارة الواقعة شرق خان يونس بجنوب غزة.
سجود درساوي البالغة من العمر ثلاثة عشر ربيعاً التي أُصيبت إصابة قاتلة في 2 يناير/كانون الثاني بينما كانت في منـزلها بحي الشجاعية في غزة. إيهاب المدهون، طبيب، ومحمد أبو حسيدة، مسعف طبي كان برفقته، قُتلا في 31 ديسمبر/كانون الأول بينما كانا يحاولان إخلاء الجرحى في هجوم سابق على شرقي مدينة غزة. كما ألحقت الغارة الجوية أضراراً بسيارة الإسعاف.
حارس ليلي قُتل في 3 يناير/كانون الثاني عندما دُمرت المدرسة الدولية (التي تعرف عادة بالمدرسة الأمريكية، برغم أنه لا صلة لها بالحكومة الأمريكية) والكائنة في شمال غزة، بغارة جوية إسرائيلية. وتقدم هذه المدرسة المعروفة بأنها واحدة من أفضل المؤسسات التعليمية الخاصة في غزة التعليم إلى مئات الأطفال من الروضة وحتى سن الثانية عشرة.
وإضافة إلى الهجمات الجوية، استخدمت القوات الإسرائيلية المدفعية أيضاً – التي يُعرف بأنها غير دقيقة ولا يجوز أبداً استخدامها في مناطق آهلة بالسكان – بما في ذلك من زوارق حربية تجوب ساحل غزة.
وأنذرت المنشورات التي ألقتها الطائرات الإسرائيلية فوق غزة السكان بوجوب مغادرة المنطقة، برغم أنهم ممنوعون فعلياً من القيام بذلك، ما آثار الذعر والفوضى في صفوفهم. وأسوة بالمخابرات الهاتفية التي أجراها الجيش الإسرائيلي مع الفلسطينيين منذراً إياهم بوجوب مغادرة منازلهم لتجنب الهجمات، يبدو أن المنشورات كانت عشوائية وأُلقيت فوق جميع أنحاء غزة.
وأبلغ أحد أبناء غزة، وهو من أنصار حركة فتح التي يرأسها الرئيس محمود عباس، منظمة العفو الدولية قائلاً :
"عندما رأى أطفالي المنشورات فقدوا صوابهم من شدة الخوف وأرادوا مغادرة المنـزل؛ لكن ليس هناك مكان نذهب إليه. وتعيش عائلتي وعائلة زوجتي بالقرب من الحدود، في مناطق أكثر خطورة، ولا يمكننا أن نبيت في العراء، فهو لا يقل خطراً، لقد قُتل أطفال بينما كانوا يمشون أو يلعبون في الشوارع. وليس هناك كهرباء، ولا نستطيع حتى إيجاد الطعام، ولا نشعر بالأمان حتى في منازلنا. وليست لنا أية علاقة بحماس، لقد اعتقلتني حماس وضايقتني، لكن عمليات القصف الإسرائيلية عمياء وتجري بلا تمييز. وليس هناك من هو آمن."
تفاقم الأزمة الانسانية والصليب الأحمر يحذر من فقدان المواد الطبية :
لقد زاد الأسبوعان الأخيران من القتال من حدة الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، النافذ منذ يونيو/حزيران 2007. وتشير الأمم المتحدة ووكالات المساعدة الدولية إلى وجود نقص حاد في المواد الغذائية والضروريات الأساسية. وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ألحق القصف الإسرائيلي أضراراً بأنابيب شبكة المياه ما جعل من الصعب على بعض العائلات الحصول على مياه الشرب الآمنة، وبدأت الأدوية الأساسية تنفد من المستشفيات التي تعتمد على مولدات كهربائية غير موثوق بها لتوليد الكهرباء. وذكر مستشفى الأطفال في غزة أن معظم نوافذه قد تحطمت بفعل الانفجارات، ويتم استخدام ملاءات بلاستيكية للوقاية من البرد. وألحقت غارة جوية وقعت في 2 يناير/كانون الثاني ضرراً بأنبوب يمد بالمياه 30,000 نسمة مقيمين في مخيم النصيرات للاجئين الذي يقع في جنوب مدينة غزة. كما تجعل الضربات الإسرائيلية المتلاحقة محاولات إجراء الإصلاحات محفوفة بالخطر الشديد.
http://www.elaph.com/Web/Politics/2009/1/398028.htm
التعليقات (0)