منتخب مصر يرفض تكريم نائب الرئيس السوداني له
علي عثمان طه
يقول المثل الشعبي "أم صلعة تتباهى بشعر بنت أختها" ...... وعلى هذا الوتر بتنا نسمع ونرى تكريما للمنتخب المصري لكرة القدم يسارع إليه مسئولي السودان كلما فاز ببطولة ما ؛ وكأننا أصبنا بحالة نفسية تتطلب منحى تعويضيا بتكريم الغير في ظل التدهور التام والغياب المزمن للمنتخب القومي السوداني في المشاركة ببطولات الأمم الأفريقية ناهيك عن المونديال الذي من المؤكد أنه بعيد المنال وسيظل الحال على هذا المنوال طالما كان الطبيب العمومي الفاشل "كمال شداد" على راس الإتحاد.
كمال شدّاد
..............
كان السبب الرئيسي المرجو إذن قبل اية اسباب هامشية أخرى من زيارة نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان طه الأخيرة للقاهرة ، هو الالتقاء بمنتخب الكرة المصري لتكريمه بمناسبة فوزه للمرة الثالثة على التوالي بكأس أفريقيا. ولكن جدول الزيارة تغير وإمتد لثلاثة أيام دون أن "يتمكن" علي عثمان من الالتقاء بذلك المنتخب ناهيك عن "تكريمه" على الرغم من أن هذه المقابلة والتكريم قد تم الإعداد لها مسبقا ، وكانت صلب تكبد نائب الرئيس عناء ومشاق السفر من الخرطوم إلى القاهرة .....
فما هي الأسباب والخفايا التي كانت وراء هذا الإخفاق الإنقاذي المرير والمهين للكرامة بأرض الفراعنة إن جاز التعبير؟...ولماذا يرفض المنتخب المصري وإتحاد الكرة المصري وفق أعذار واهيـة ، لقاء شخصية بهذا المستوى من الأهمية في وداي النيل ، وتحت ظلال إتفاقية الحريات الأربع التي جعلت العامل والعاطل المصري يدخل ويغوص في داخل السودان كالسكين في قطعة من جبن الفيتا الهنغاري؟
باديء ذي بدء ينبغي التأكيد والقناعة بأن المصري في علاقته بالسوداني يعاني أشد المعاناة من متلازمة "عقدة البيه البواب" .. وهي عقدة وحالة نفسية خاصة متأصلة تلازم المصري العادي وغير العادي الكبير والصغير . وربما حتى الجنين في رحم أمه والمدفونين في قبورهم تحت الأرض وفوق الأرض ؛ مؤداها أن السوداني أقل من المصري بوصفه رجل وادي النيل المريض ثم فوق ذلك تابع تاريخي وخادم مطيع كسير العين والقلب معدوم الإرادة في مواجهته...... أو هكذا يجب أن يكون إن لم يكن.
وفي ظلال هذه العقدة المتأصلة وبعيدا عن "ظلال القرآن" الذي يأمر بأن يكون كل الناس سواسية كأسنان المشط ... فإن المصري يريد من السوداني ليس فقط أن يكون له خادما يسهر على راحته واقل منه درجة فحسب .. وإنما فوق هذا وذاك أن يقتنع السوداني ويرتضي في قرارة نفسه ودواخله أن يكون كذلك و " له الفخر".
..................
ولأجل ذلك فإنه حين إختارت مصر إستاد المريخ بأمدرمان مكانا للقاء الحاسم مع منتخب الجزائر للوصول إلى المونديال القادم ؛ فقد كانت تستدعي في حقيقة الأمر قناعات لديها تعتقد أنها من المسلمات المؤكدة التي لا تحتاج إلى نبش ولا تفكير .. ومن بين تلك المسلمات:
1) أن تحرص الجوازات السودانية في مطار الخرطوم على التدقيق في جوازات سفر كافة أعضاء بعثة منتخب الجزائر وتأخيرهم وإذلالهم قدر المستطاع قبل السماح لهم بالعبور إلى ساحة إستلام العفش.
2) أن ينسحب (الحمالين) السودانيين من ساحة تسليم العفش ، بعد أن يتباطأ زملائهم في الداخل عمدا عن تفريغ عفش أفراد المنتخب الجزائري عدة ساعات.
3) أن يحرص مفتشي الجمارك السودانية على الإستفزاز بتفتيش حقائب أعضاء منتخب الجزائر تفتيشا دقيقا ودفع بعضهم إلى النرفزة وتلف الأعصاب ومحاولة الاعتداء عليهم ، مما يستدعي إفتعال حالة طارئة وتفتيشهم على إثرها تفتيشا ذاتيا بما في ذلك إجبارهم على خلع كافة ملابسهم وجواربهم وأحذيتهم.
4) أن تحرص جماهير الكرة السودانية والبلطجية من البوابين في "جنوب الوادي" على استقبال منتخب الجزائر خارج مبنى مطار الخرطوم بالحجارة والطوب ومرافقة بص المنتخب بعد تهشيم زجاج نوافذه وهم يوجهون لهم أقذع الشتائم والسباب أثناء تعمد السائق السوداني قيادته ببطء من المطار وحتى الفندق.
5) أن تحرص إدارة الفندق الذي ينزل به منتخب الجزائر على تعطيل تخليص إجراءات تسليمهم الغرف ثم قطع إمدادات الماء عن الحمامات والمرافق الصحية الأخرى بين الحين والآخر . وتقديم اسوأ أنواع الطعام البارد البائت والماء غير المثلج .... وبشرط أن يتم دفع قيمة الإقامة والوجبات نقدا ومقدما في التو واللحظة .....
6) أن يحرص السائق على الحضور متأخرا جدا لتوصيل أعضاء المنتخب من الفندق (المحاصر بالجماهير السودانية الغاضبة) إلى مبنى إستاد المريخ (المحاصر أيضا) .. وأن يتركهم أمام مدخل النادي وبوابته الرئيسية المغلقة ثم يغادر سريعا .... وذلك في الوقت الذي يحرص فيه (بوّاب) إستاد المريخ على تعمد نسيان مفاتيح الإستاد وبالتالي عدم فتح الأبواب أمام منتخب الجزائر عند حضوره للمران الخفيف وإختبار أرضية الملعب... كل هذا يتم وجماهير البوابين الوفية تقذفهم بالطوب والحجارة وتكيل لهم الشتائم وأقذع أنواع السباب ..... ومن السُـرّة وإلى أسفل ... كما يقال.
7) أن تشترط حكومة البوابين السودانية حصول أي جزائري على تأشيرة دخول مسبقة من سفارتها في الجزائر بمبلغ 140 دولار أمريكي للتأشيرة الواحدة تدفع مقدما .... وأن يتم تأخير تسليم التأشيرة لثلاثة أشهر على اقل تقدير لدواعي الأمن . وبذلك لا يتمكن أحد من مشجعي الجزائر من السفر للسودان.
8) تفاهم سلطات حكومة البوابين السودانية المعنية مع طاقم التحكيم بأسلوب "ذهب المعز وسيفه" ومن ثم تقديم الرشى المالية والعاطفية والروحية لهم. أو إخافتهم وتهديد الحكم بتدبير حادث مروري مروع في شوارع الخرطوم يفقده ساقيه إذا حاول تمثيل دور الرجل الشريف النزيه والحاج العفيف الصادق الأمين .
9) حضور جماهير البوابين السودانيين مبكرا إلى إستاد المريخ لتشجيع أسيادهم الباشوات والبهوات والهوانم والراقصات ، وتأمين فوزهم على منتخب الجزائر المغلوب على أمره في أرض وادي النيل.
..........
ولكن والمثير للدهشة أن كل المشار إليه أعلاه لم يحدث البتة .. بل على العكس من ذلك إلتزم السودان حكومة وشعبا جانب الحياد التام بين الطرفين على الرغم من أن هناك سابقة سلبية للجماهير المصرية خلال مباراة منتخب السودان مع منتخب تشاد التي أقيمت بالقاهرة ووقفت فيها الجماهير المصرية بقوة إلى جانب منتخب تشـاد نكاية في أهل السودان .. بل ولم يتوقفوا عن نعتهم بفريق البوابين وإطلاق الصفير كلما إستلم أحد لاعبي السودان أو حارس المرمى الكرة ..... هذا فضلا عن الإساءة المتعمدة التي وجهها حارس المرمى "عصام الحضري" لنجم فريق نادي الهلال ومعبودهم المهذب "هيثم مصطفى" خلال مباراة للهلال ضد الأهلي في القاهرة ضمن منافسات بطولة أندية أمم أفريقية.
فرحة الجزائري بالمونديال في إستاد المريخ بأمدرمان
إذن ولكل تلك الأسباب المجتمعة من (1) إلى (9) إعتبرت الصحافة المصرية وفضائياتها الذبابية التي وقفت سابقا مع حركة العدل والمساواة (ساعة غزوها أمدرمان في مايو 2008م) .... إعتبرت هذه الأجهزة الإعلامية ثم إتحاد الكرة المصري والجماهير والأجهزة الرسمية أن البوابين السودانيين قد تجاوزوا حدودهم وعضوا أيدي اسيادهم الفراعنة . وأنهم هم السبب المباشر في خروج قطار مصر من خط المونديال. والشماعة والحيطة المايلة التي يعلقون عليها هزيمتهم وتبخر أحلامهم في الوصول إلى المونديال عرس الكرة العالمية بلا منازع ....... ثم إزداد هذا الشعور تعمقا ضد السودان بعد أن فازت مصر على الجزائر 4/0 في أنجولا .أو كأنهم يقولون على طريقة الفرعون "أنظروا ماذا فعلنا بالجزائر في أنغولا ؟ إنها النتيجة الحتمية التي كان يجب أن تكون في الخرطوم" متناسين أن الكرة مستديرة وفيها غالب ومغلوب، ومتجاوزين حقيقة أن مباراة أنغولا وصفت من فورها بأنها طبخة تحكيم ومباراة مسرحية مثيرة للجدل أتهم فيها حكم المباراة بإستلام الرشوة وأدت إلى فقدانه شارة التحكيم الدولية للأبد .
وعليه ولأجل ذلك ؛ رفض الإتحاد المصري ومنتخب مصر الحضور لملاقاة نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان طه لتكريمه ، ومنح أفراده شيكات سخية بالعملة الصعبة ، مثلما فعل الرئيس عمر البشير من قبل حين كرم المنتخب المصري بمنح كل فرد من أفراده لاعبين وإداريين وعاملين شيكا ماليا محترما وسيارة كامري بمناسبة فوزهم بكأس أفريقيا للمرة الثانية على التوالي قبل سنتين .....
ويجدر الذكر أن الخرطوم بتصرفها ذاك ثم هذا إنما تقفز في خفة وحماقة لا داعي لها ولا مبرر نحو القاهرة التي تعطيها ظهرها في الملمات . وفي حين لم تعد القاهرة تمتلك أوراقا يعول عليها بشأن حل مشكلة دارفور سوى أنها تفتح لمتمرديه أبوابها وقصورها وخزائنها كأنهم أحفاد أحمـس وأتباع السيد علي الميرغني أو شيوخ مواطني حلايب وشلاتين.
ثم أن كل ذلك يجري في الوقت الذي لا يجد فيه لاعبي المنتخب السوداني شربة ماء صحي نظيف أو شاطر ومشطور فول وطعمية يسد الرمق. ينتعلون القباقب ويرتدون أسمالا بالية ، ويتحركون من وإلى مقرات التدريب بالمواصلات العامة من ركشات وبصات أو بما يجود به عليهم أصدقائهم أو بعض جيرانهم في الأحياء السكنية بتوصيلة بين حين وآخر في سياراتهم الخاصة.
حبذا لو أوصى الأستاذ على عثمان طه مكتبه بالآتي:
1) فصل "مستشار السوء" صاحب هذه الفكرة والمبادرة من الخدمة فوراً.
2) رصد الجوائز والأموال الطائلة التي كان من المفترض إهدائها للمنتخب المصري ... لتقديمها (بعيدا عن تماسيح إتحاد الكرة) لفرق كروية سودانية من خلال منافسة خاصة يتم تنظيمها بين فرق المقدمة الأربعة في الدوري العام الممتاز ......
التعليقات (0)