مواضيع اليوم

مناهجنا .. لم غاب التسامح؟!

علي بطيح العمري

2010-10-13 13:25:37

0

مناهجنا .. لم غاب التسامح؟!


علي بطيح العمري

العالم اليوم كله شرقه وغربه يدعو إلى التسامح على اعتبار أنه سجية مثلى لو أحللناه في حياتنا لتغيرت الكثير من النتوءات التي تسللت إلى علاقاتنا سواء كان مع بعضنا البعض أو مع الآخر . . وفي المقابل هناك كتابات غربية تصر على تصويرنا بأننا مجتمع لا يؤمن بالتسامح ولا يعرف طريق العفو والرحمة.. بل نوصم بأننا مجتمع يصعد العنف ويزيد من تيار التعصب ويحث على الكراهية ..
وفي هذا السياق اتهمت مناهجنا الدراسية بتغذية العنف ونبذ التسامح ..

وهذه الأيام تكتب الكثير من المقالات التي تعنف المناهج وتكال لها اللعنات ويحملونها التطرف وتصعيد الإرهاب والمرء أمام هذا الهجوم العجيب لينتابه الضحك والحزن في آن معاً .. أما الحزن فعلى هؤلاء الذين أصبحوا عوناً علينا ولأنهم يغررون بالقارئ الذي يقرأ ولأنهم طمسوا الحقيقة وأخذوا بجريرة الواحد وسحبوها على الكل ، وتحزن لأنهم لم يقولوا حسنة واحدة فبخسوا الناس أشياءهم ، وأما العجب فلأن هؤلاء يتكلمون عن عموميات ولا يستطيعون إيجاد دليل واحد فقط على أن مناهجنا تثير العنف وتخلو من التسامح ، وتارة تجدهم يعملون بطريقة القص واللصق ، وبطريقة "ويل للمصلين".. أي أخذ نصوص وعبارات معينة وبترها عن سياقها العام.

إن الناظر بعين الإخلاص لهذه البلاد الغالية وبنظرة التجرد لخدمة قيمنا النبيلة ليجد أن مناهجنا خالية من التطرف بشهادة كبار الليبراليين والعلمانيين لأن العقل والمنطق يقولان إن كانت مناهجنا تعلم الإرهاب فمعناه أن كل شعبنا في عداد الإرهابيين لأننا تعلمنا هذه المناهج ودرسناها .. ثم إن هذه المناهج ليست وليدة اللحظة فقد تعلمها كبار العلماء والأمراء والمسؤولين في بلادي فلم لم يكونوا في قطار المتطرفين..؟

مناهجنا التي لم تزل تحت عاصفة القصف بين مؤيد ومعارض بدعوى أنها تفرخ الإرهاب وتغذي العنف .. هذه المناهج نحن بحاجة ماسة إلى إعادة قراءتها بعين الناقد الحريص ، لا أن نسير في ركب الناقمين ونردد كلاماً بلا حجج وبراهين.

منذ أحداث الحادي عشر والمناهج السعودية تهاجم وظهرت دعوات كثيرة ومطالبات أكثر ترمي في النهاية إلى تغييرها وتحويرها.. أنا مع من يرى تطويرها لأن التطوير مطلب ضروري لكن التغيير هو ما ينبغي التوقف عنده مليا ، فبين التغيير والتطوير بون شاسع ، فإذا غُيرت بم يكون تغييرها وما البديل عنها؟

لقد تصفحت الكثير من الدراسات التي تتناول التعليم من حولنا ، ولعل المطالع لهذه الدراسات يجد أن إسرائيل من أكثر الدول التي تعلم طلابها مواد الدين والأخلاق ، فهي تخصص 40 % من نسبة مواد المرحلة المتوسطة لتعليم الدين والعالم اليوم لا يجهل مدى التقدم العلمي والتسلح التقني لإسرائيل.
وأنا هنا لست معنيا ماذا يدرس الطالب في مناهج إسرائيل ، وسأتجاوز نصوص "البروتوكولات والتوراة والتلمود " التي لم تترك صغيرة ولا كبيرة للتعامل مع العالم إلا وذكرتها ، وإن كانت جملة هذه المناهج تعلم العداء للأغيار "الجوييم" وعلى وجه أخص العرب.

وأغلب من كتب يدندن حول أن مناهجنا تعلم احتقار الآخر ، وتدعوا للتقاطع ، باختصار مناهجنا عند المعارضين لا تدعو للتسامح .. واخترت لكم هذه النماذج مما يدرس للطلاب من مواد ومراحل مختلفتين..
قصة النبي r لما فتح مكة ووجد الكفار بها وقد تجمهروا حوله خلاصة القصة عفوه عن أهل مكة الذين آذوه وأخرجوه من موطنه وتآمروا على قتله.
يدرس الطالب قوله تعالى" {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } .. وسبب نزولها أن الرسول الكريم سمح لأسماء بنت أبي بكر في استقبال أمها وهي كافرة.

قصة حاطب بن أبي بلتعة فقد كتب كتاباً إلى قريش يعلمهم بما عزم عليه النبي الكريم وأصحابه لفتح مكة ، ولما نزل الوحي بكشف حاطب أُرسل في طلب الكتاب ، ثم جاء حاطب يعتذر عما فعل وقبل منه معلم البشرية r العذر وصفح عنه.

وصايا الرسول r للجيش أو السرية حينما يعين عليه أميراً يوصيه بعدة وصايا ومنها عدم قتل الأطفال والنساء والعبّاد ، وعدم قطع الأشجار ، فأين هذه الوصايا من عالم اليوم فتحت شعار الديمقراطية هدمت المساجد وقتل الأطفال واغتصبت النساء؟

لقد تعايش المسلمون مع الكفار خصوصا مع اليهود ومع ذلك عملوا على إقامة العدل بينهم فهاهو علي بن أبي طالب رأى درعه عند يهودي كان قد سرقها ومع أنه خليفة واليهودي مواطن عادي إلا أنه لم يأمر بأخذ الدرع بالقوة – مع قدرته على ذلك – ولم يأمر بسجن اليهودي مع استطاعته فلا أحد من الناس سيلومه لكنه لجأ إلى القضاء وكانت المفاجأة أن القاضي حكم بالدرع لليهودي لأن الدلائل المادية كانت تشير لصالح اليهودي .. فالقاضي لم يمالئ الخليفة وإنما حكم بالعدل وفق الظاهر .. وفي النهاية تعجب اليهودي من هذا العدل فأسلم.
عمر بن الخطاب حينما فتح القدس وصالح أهلها لم يجبرهم على اعتناق الإسلام.

هذه صور مما يتلقاه الطالب في المدارس ، فهل ستبقى مناهجنا رغم هذه الصور الناصعة التي تعرض هذه المواقف توصم بتعليم العنف أم أنها تعلم التسامح في أبسط صوره.
ليست المشكلة اليوم ماذا يدرس أو فيما يدرس المشكلة تكمن في "التطبيق" أو تمثل القيم فقد فقد الشباب الكثير من المثاليات ، والمدرسة وان كانت تقدم قيما مثالية فان اتجاهات أخرى – كالفضائيات - تهدم هذه القيم ..
متى يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبني وغيرك يهدم

وهذه صور مما يعلم في المدارس ومما دون بين طيات المناهج لكن هذا التسامح غاب عند المعارضين لذا تجد الكتابات تتساءل: مناهجنا لم غاب التسامح عنها؟؟ مع انه موجود بالخط العريض لكن المشكلة في "النظر" وليس في المحتوى!!

أخيراً..
في دراسة حديثة أصدرتها لجنة المناصحة ونشرتها "شمس" :
"... وجدت أن 87 % من الشباب الموقوفين في قضايا أمنية ليس لديهم أي خلفية علمية، وإنما جرفتهم العواطف والأحداث السياسية في الساحة الإسلامية والشبهات، وتأثرهم بأفكار المتطرفين..." (الجمعة 29/ شوال/ 1431).
فهل نقول إن المناهج صنعت هؤلاء؟

ولكم تحياااااتي.

للتواصل
alomary2008@hotmail.com

مغرب السبت 1/11/1431
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !