فرصة ذهبية لأن يتعلم العرب أداب الحوار السياسى وعلى الهواء مباشرة فى مناظرات بوش وكيرى ، الدروس والعبر التى تأتينا دائماً من أمريكا بلد العجائب حتى فى معركتها الرئاسية الأنتخابية التى لا ينكسر فيها كلوب أو مصباح كهربائى ولا يسيل فيها الدم لا من الزرقاوى أو من الغرباوى أو القرضاوى ، ولا يوجد واحد يرفع صوته ويقول أحنا خير أمة أو أتعس أمة ، ولا صوت يعلو فوق صوت الديمقراطية إللى أصلها عربى .
بالرغم من أقتناع العرب بأن أمريكا كافرة وفاجرة وفاسقة وفيها البدع التى لا تخطر على بال ، إلا أن العرب والحمد لله يتابعون متفرجين على آخر ما وصل إليه التقدم العلمى الكافر فى المناظرات الأنتخابية ، لا لشئ إلا للتأكد من أستمرار الامريكيين فى الطريق الوحل الذى يسيرون فيه ، وليس هناك أدنى شعور بالغيرة من تلك الحضارة الكافرة التى نأكلها ونشربها ونحارب بها ونتعالج بها وندردش وننشر بيانات بفضلها على الأنترنت .
ومن الأمور الملفتة للنظر أن العباقرة من المعارضين الجهابذة أو الموالين للحكام يرصدون تلك الظاهرة الأمريكية بحذر لأخذ الأحتياطات اللازمة حتى لا تصابهم العدوى منها ، ويستغربون من تنازل رئيس البلاد بجلالة قدره ويجلس أمام منافسه ليفعل به ما يشاء أمام الملايين من شعبه وشعوب الكرة الأرضية الجالسين أمام الشاشة التلفزيونية وذلك فى صمت وهدوء كبير بين الجمهور المتابع لتلك المناظرات فى أستديوهات التلفزيون.
مناظرات رئاسية بين المرشحين تلفزيونياً بأخراج هوليودى يجذب المواطنين ويعطيهم المتعة والإثارة ، لكنه لا يعطي المشاهد العربى الأحساس بمظاهر العظمة والأبهة العربية التى تصاحب الرؤساء والملوك والأمراء والسلاطين العرب ، وليس هناك أسرار بل كل شئ على المكشوف يتم مناقشته والتحاور فيه علناً بدون أنفعال أو تكفير أو شتائم أو لعنات .
رأينا قيمة الوقت لدى الأمريكيين وأنه ليس هناك فرق بين رئيس حالى ومرشح للرئاسة فمدير المناظرة يحدد لكل متكلم منهم وقته والكل يلتزم دون أن ينفعل أو يغضب ، أما فى بلادنا المحروسة مصر نجد على سبيل المثال فى مؤتمر الحزب الوطنى الأخير تم إذاعته على الهواء مباشرة وكأن التلفزيون المصرى قطاع خاص مملوك للحزب الوطنى الديمقراطى ، ولا تسأل كم من الوقت أستغرق أو كم من المناقشات دارت حوله لتمجيده وإظهار روعة الديمقراطية الحزبية بقيادة الحزب النابغة .
رأينا ولمسنا الحرية وأحترامها من الجميع والسلوكيات الحضارية للشعب الأمريكى وليس معنى هذا أنه مجتمع أو نظام كامل بلا خطية ، بل ككل شئ فى كرتنا الأرضية لهم وجههم الجميل ووجههم القبيح ، وما يهمنا هو عدم الخوض فى تشريح القبح الأمريكى فهذا سيضيع جهدنا ووقتنا ، بل علينا النظر والتأمل فى الجانب الجميل لهم ودراسة وأستكشاف ما يمكن أن يصلح لنا لإصلاح أحوالنا من هذا المثال الأمريكى المحبوب والمكروه فى نفس الوقت .
تحسباً لمعارك الأنتخابات الرئاسية الحامية فى بلادنا والتى تصل درجاتها إلى تحت الصفر من قسوة الحرارة ، لأن الحرارة عندنا حرارة معتدلة وسط وخير الأمور الوسط ، علمت من مصادر غير مطلعة أن أحزاب المعارضة المصرية بدأت من الآن فى أختيار مرشحها لرئاسة الجمهورية لينافسوا به رئيس الجمهورية الحالى والعهدة على الراوى فالمنافس سيكون مفاجأة بأعتبار أن أسمه سيكون " جمال مبارك "، وستكون سابقة تاريخية يجلس فيها المرشح للرئاسة أمام الرئيس الحالى ، وقاموا بإعداد وتحضير عدة مناظرات تلفزيونية سيديرها شخصية مرموقة عالمياً تعاقدوا معه مبدئياً وهو من المجاهدين فى سبيل الحرية والإرهاب وسيظل أسمه كالفزورة حتى موعد إنعقاد المناظرة سواء فى أيامنا أو فى أيام أولادنا .
تمتلئ نفوسنا بالأحلام والأمنيات أن نرى يوماً بلادنا يؤمن أصحابها بلغة الحوار وأحترام الآخر ، لكن تلك المناظرات الديمقراطية عندما نشاهدها نتحسر على حالنا ونقول مع أم كلثوم " إنتو فين والحب فين " !!
2004 / 10 / 17
التعليقات (0)