علامات الحزن بادية على محياه , يتمتم ولا احد يفهم تلك التمتمات , تقترب منه لتفهم سر انزعاجه والالم البادي على وجهه , يقول بصوت خفيض مبحوح " انها اشعاري , كتبتها في حب بلدي , كتبتها اتذكر امي وابي واخوتي الذين غادرتهم منذ 13 سنة , انها اشعاري في الحرية التي احلم بها , في الكرامة التي هدرت في بلدي , في كل شيئ جميل اتذكره في بلدتي في ايران ." انه الشاعر احسان رحماني الذي ترك الجامعة ـ قسم الفلسفة , والتحق بالمقاومة الايرانية , التحق بمنظمة مجاهدي خلق المعارضة , ودخل الى مخيم اشرف في العراق وعاش مع رفاق دربه الذين سبقوه من قبل , تعايش معهم وعرف معاناة الغربة , ولكنه احس بمتعة العيش مع رفاق الدرب من اجل الحرية , نظم القصائد وسجلها على ( سيديهات ) وخزنها على اقراص مدمجة , وكذلك على ذاكرة حاسوبه , وعندما حان رحيله مع الراحلين من مخيم اشرف الى سجن ليبرتي , سحبت القوات العراقية التابعة لمكتب رئيس الوزرار نوري المالكي , صادروا اشعاره المخزونة على الاقراص المدمجة وغيرها , وعلى الذاكرة المحوسبة , وكم تراجاهم ان يبقوا له ذكرياته ونتاجه الادبي , الا انهم رفضوا توسلاته , واعتبروا هذه الاقراص بمثابة المتفجرات ويعاقب عليها القانون . ويبدو ان هذا هو دأب المعممين الذين يتشبثون بقشور الدين , يخافون من الكلام المنظوم والمسمى شعرا, يخافون من الكلمة الصادقة ومن الصوت الحر .
الوجبة الثانية وضيق المكان :
مع دخول الوجبة الثانية من الاشرفيين إلى مخيم ليبرتي واجهتهم مشكلات عديدة منها نقص الماء الصالح للشرب . حيث أن مخزن الماء الوحيد في ليبرتي صنبور واحد على بعد 12 كيلومترًا عن المخيم ويشترك فيه معسكرات عراقية عدة وجهات اخرى. اضف الى ذلك انه لا توجد وسيلة نقل للماء الا صهاريج المقاولين العراقيين . وتلك الكمية لا تكفي لافراد الوجبة الاولى , فكيف سيكون الحال بعد وصول الوجبة الثانية 400 فرد اخرين .؟ اضف الى ذلك المشكلات الاخرى مثل طفح المجاري, فقد حصل ثقب في احد مخازن تصريف المياه الثقيلة في فناء المخيم يوم 10/3/2012 , مما ادى الى انتشار المياه الثقيلة في ارجاء المخيم , ومن ينظر الى الصور التي بثتها وسائل الاعلام يدرك ان المخيم اشبه بالمكرة الصحية ولا تصلح لسكن البشر . وهذا الامر عائد الى ان مجاري الصرف الصحي قديمة وبالية وقد تنفجر بين لحظة واخرى . وزاد من مخاطر انتشار الاوبئة تراكم الازبال في جنبات المخيم الذي لا يحمل من معنى الحرية الا الاسم . ولايسمح للسكان ان يشتروا مخازن جديدة لجمع النفايات . فالموقع الجديد كما وصفه احدهم " صحراء قاحلة فيها بيوت متناثرة , وهي بركسات من بقايا الجيش الامريكي . مما يجعل العيش في هذا المخيم مستحيلاً خاصة أن فصل الحرارة سيحل بعد أسابيع في العراق. وحتى الآن لم تثمر الاحتجاجات اليومية لسكان المخيم لدى ممثل الحكومة العراقية وممثلي الأمم المتحدة على هذه الحالة ولحل هذه المشكلة. وقد اخبر السكان المسؤولين في الحكومة العراقية وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بأنهم مستعدون لدفع تكاليف التوصيل إلى منظومة أنابيب العاصمة، ولكنهم لم يتلقوا ردًا حتى الآن. لان الحل الوحيد لهذه المشكلة يكمن في توصيل المخيم مع منظومة أنابيب الماء في العاصمة .
ان الظروف الغير انسانية في مخيم ليبرتي تشبه السجن من جميع الجوانب، فمعظم تعهدات يونامي ووعود الممثل الخاص للأمين العام للسكان وممثليهم قد تم ضربها عرض الحائط.
عراقيل وتعسف :
واجه الاشرفيون اثناء نقلهم من مخيم اشرف الى ليبرتي الكثير من العراقيل والتعسف , فقد اخضعوا الى تفتيش همجي , بحيث يتم نثر حاجياتهم على الارض , ومصادرة كل ما يعتقد الجنود انه من الضروري مصادرته , وعلى سبيل المثال مصادرة اجهزة الحاسوب , والاقراص المدمجة والاشرطة حتى لو سجل عليها القرأن الكريم . اضف الى ذلك مصادرة اجهزة الكهرباء والاجهزة الطبية وتنقية الماء واطباق التلفاز .الامر الذي اضطر السكان لان يكتبوا الى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 20 شباط: «اننا وبالرغم من إرادتنا وبسبب التهديد بمذبحة أخرى في أشرف ، قد وصلنا اليوم الى مخيم ليبرتي. اننا فعلا وبطريقة قسرية طـُردنا من بيتنا وبشكل غير مبرر وبدون تعيين بديل مقبول لنا. وأثناء خروجنا من أشرف تعرضنا لتفتيش مهين ومفعم بالإساءات من قبل القوات العراقية لمدة 11 ساعة».
قواعد وضمانات امنية :
وتأسيساً على جوهر بيان المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فان موقع العبور المؤقت (مخيم ليبرتي) يجب أن يتم الاعتراف به كمخيم للاجئين بوجود حدود لا يجوز تجاوزها مثل :.
1- نقل جميع عناصر القوات المسلحة ومركز ونقاط الشرطة من داخل المخيم الى خارجه، وازالة كاميرات التجسس وأجهزة التنصت بالكامل، واشتراط دخول الشرطة الغير مسلحة إلى المخيم بالتنسيق مع السكان.
2- الوصول الحر والمباشر للسكان الى الخدمات الطبية في العراق والى محاميهم وأفراد عوائلهم والى المراقبين التابعين للأمم المتحدة على مدار 24 ساعة في مخيم ليبرتي.
3- حرية تنقل السكان إلى خارج المخيم وإذا لم يتم تأمين ذلك فيجب زيادة مساحة المخيم وأن يقوم السكان بتأسيس بنايات لهم حسب حاجتهم وعلى نفقتهم الخاصة.
4- نقل العجلات والممتلكات المنقولة من أشرف إلى ليبرتي او بيعها او نقلها الى خارج العراق .
5- توفير الخدمات للسكان منها الماء الصالح للشرب والمرافق الخدمية والكهرباء وشبكات المجاري المناسبة والمرافق الصحية اللازمة.
6- ضمان سلامة وأمن جميع السكان دون أي استثناء الى حين انتقالهم إلى بلدان ثالثة وذلك من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحده والحكومة العراقية حتى لا يتم اعتقال أي شخص ونقله إلى مكان آخر بالقوة . ولا داعي للتذكير بان انتشار القوات الامنية والعسكرية العراقية في نطاق واسع وان حالة اختراق تلك القوات من قبل النظام الإيراني متوقعا ان لم نقل انها مؤكدة,كما ان نصب كاميرات التجسس ووضع اجهزة التنصت تخدم النظام الايراني في المحصلة ومن شأنه ان يعرض امن السكان وعوائلهم للخطر وبشكل كبير. ان انتشار القوات العسكرية والامنية خارج المخيم وفرض المراقبة الكاملة على المداخل والمخارج للمخيم يؤمنان وبشكل كامل «سيادة الحكومة العراقية» على مخيم ليبرتي.
نوايا حسنة :
هذا وأشادت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية بالصمود الرائع الذي أبداه سكان أشرف في تصديهم للضغوط المفروضة عليهم من قبل نظام الملالي الحاكم في إيران , وأعربت عن تقديرها لما أبدوه من تسامح ومرونة بالحد الأقصى، قائلة: «في الوقت الذي اثبت فيه سكان أشرف حسن النية, فقد حان الوقت الآن للإدارة الأمريكية والأمم المتحدة أن تقدما الحدود الدنيا للتطمينات والضمانات بان السكان سوف يتمتعون بجميع حقوقهم في ليبرتي.. فمن الآن فصاعدًا إن أي قصور في تحقيق حقوقهم وفي قبول الحدود الدنيا للتطمينات والضمانات من قبل الحكومة العراقية سيأتي بمثابة سد الطريق أمام عملية نقل القوافل اللاحقة».
تضامن مع الاشرفيين :
وصف عدد كبير من مشايخ العراق عملية نقل 400 من سكان مخيم أشرف إلى موقع تسوده ظروف سجن بعينه , بأنها تعامل لاإنساني مخجل مع الذين كانوا طيلة السنوات الـ 26 الأخيرة ومازالوا ضيوفًا على شعبنا، وان هذا العمل يعد رضوخا لأجندة النظام الإيراني القمعية، وهي ظروف مخجلة ومشينة قد حرم فيها أبناء الشعب الإيراني المسلم من حرية التنقل وحرية الاتصال بمحاميهم وحرية الوصول إلى الخدمات الطبية .
وأكد شيوخ العراق أن نقل سكان مخيم أشرف داخل العراق كان منذ البداية ولا يزال يفتقر إلى أية شرعية قانونية وأية دافع وسبب مقنع. إن المواطنين العراقيين ومنهم أبناء العشائر العراقية الأصلاء كانوا ومازالوا يعتبرون سكان مخيم أشرف جزءًا من أهلهم وأسرتهم وتعهدوا بحمايتهم إلى حين عودتهم إلى بلدهم . والآن ثبت أن النظام الإيراني وعناصره وعملاءه في العراق هم الذين يريدون ترحيلهم من العراق وليس غيرهم وأن الشعب العراقي ينأى بنفسه تمامًا عن هذا التعامل الشنيع اللاإنساني.
إلا أن الحكومة العراقية أصرت على نقلهم داخل أرض العراق، ومع الأسف ولأسباب ليست واضحة بالنسبة لنا , وقد رضخ الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق بدوره لهذه الإجراءات الغير قانونية. ولكن اليوم تبين أن الهدف من عملية النقل هذه ليس إعادة توطينهم في البلدان الثالثة وإنما سجنهم وإيذاءهم وإزعاجهم وفرض القيود والمضايقات عليهم في محاولة لتحقيق النوايا الشريرة للنظام الإيراني ضد معارضيه الرئيسيين.
وأشار الشيوخ العامون لعشائر العراق ومنها عشائر دهلگي، الجوراني، المياح، المهديه، الحامد، الدراوشه، الخزرج، النمر، آلبعيج، الروك، الشهواني، البرزنجي، آلبوشعبان، آلبوعيشة، اللامي، الفريدات، السلامي، العوارف، العطله، الموسوي، آل حمد، آل ماجد، الغزي، الفعاهبه، بني سعيد، الخالدي، الشويلات، السيد صالح، البدور، العباوه، آل نصر الله ،بني ركاب، الگرطان، النوافله، الانباريون، الزيار، المزاريع، المگادمه، العبيد، الدليم، بني زيد، الطائي، العريبي، آلبوشوكه، آلبوطيف، بني عجيل، آل شمخي، آل العارضي، بني جميل، المشهداني، الداوودي، آلبوحمدان، العزي، العساكره، بني ويس، النداء، المساري إلى خلفية الهجمات والمجازر الجماعية التي شنت على سكان مخيم أشرف وتحديد المواعيد الجديدة تمهيدًا لارتكاب مجازر لاحقة، مؤكدين أن تواجد الشرطة في سكن وموقع عيش المجاهدين في مخيم ليبرتي خاصة نظرًا لوجود نساء مسلمات بينهم، ظاهرة مقلقة ومنذرة وغير مقبولة تعارض وتخالف شيم العرب والعراقيين وأحكام وتعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء والقيم الإنسانية السامية.
فحاليًا على الأمين العام للأمم المتحدة والإدارة الأمريكية والاتحاد الأوربي الذين دعموا وأيدوا خطة نقل سكان مخيم أشرف داخل العراق وقدموا لها ضمانات معلنة أن يتحملوا مسؤولياتهم حيال هذا التعامل القمعي مع سكان مخيم أشرف وسجنهم لأن أبناء الشعب العراقي ومنهم أبناء عشائره الأصلاء الوطنيون براء من هذه المعاملة اللاإنسانية المناقضة للدين الإسلامي الحنيف.
فلا يسعنا إلا أن نطالب الأمين العام للأمم المتحدة وممثله الخاص في العراق بأن يقوما في أسرع وقت بتسهيل زيارة وفد من شيوخ العشائر العراقية إلى مخيم ليبرتي ولقاء الوفد بسكانه للاطلاع على وضعهم الإنساني.
التعليقات (0)