مواضيع اليوم

ملف الصحراء المغربية يلقي بضلاله على إفريقيا

إدريس ولد القابلة

2012-07-19 01:24:45

0

ملف الصحراء المغربية يلقي بضلاله على إفريقيا
وبعض الأيادي لازالت تسعى لتقليص دور المغرب بالقارة السمراء

 

برزت جملة من الأحداث لتأكد مرّة أن ملف وحدتنا الترابية مازال يلقي بضلاله على إفريقيا بفعل أيادي خفية دأبت على معاكسة مساعي المغرب. ومن هذه الأحداث منع الجنود المغاربة من طرف الاتحاد الإفريقي من المشاركة في أي تشكيلة مرصودة للتدخل في إفريقيا. ومنها كذلك ما تسرب عن التقرير الأمريكي المتعلق بالاتصالات بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية بعد سحب الثقة من روس، والتي أسفرت على قبول المغرب لمواصلة المفاوضات وبقاء روس في مهمته لكن مع الإقرار بسحب الثقة منه. حيث تم ترجمة هذا المستجد على أرض الواقع على الشكل التالي: قبول المغرب باستمرار إشراف روس على المفاوضات دون أن يتكلف بإعداد وكتابة التقارير بخصوصها.وقد تم التوصل إلى هذا التوافق بعد دخول المخابرات الأمريكية (سي أي إي) على الخط.


هذا في وقت انحازت فيه هولاندا بشكل غير مسبوق إلى السياسية الجزائرية، مما شكل فرصة انقض عليها جنرالات الجزائر كعادتهم لتوظيفها للسعي نحو تقليص دور المملكة المغربية في القارة الإفريقية عموما والمنطقة على وجه الخصوص. في هذا الصدد سعى التنسيق الجزائري الفرنسي إلى استعمال ملف الصحراء.


واستكمالا للصورة يرى بعض المحللون أن فرنسا عملت على تهميش المغرب في الحرب على القاعدة في غرب إفريقيا ودول الساحل والصحراء.
في هذا الخضم توصلت القيادات العسكرية بكل من السنغال والنيجر بأمر سري صادر عن الاتجاد الإفريقي مفاده عدم السماح بمشاركة الجنود المغاربة في تشكيلة المكونة من 3300 جنديا المرصودة للعمل في مالي لتحريره من القاعدة.


يبدو ان هذه الأحداث تسير في اتجاه معاكس للدور الطي تلعبه بلادنا حاليا بإفريقيا في مجال السلم والأمن، والإسهام في إرساء السلم والاستقرار في القارة، إذ كان دوما داعما لمبادرات الأمم المتحدة من أجل إعادة الاستقرار في إفريقيا كما لا يدخر أي جهد للدفع بقواته العسكرية للمساهمة في حفظ السلم في المنطقة. وأعرب المغرب دائما عن استعداده الدائم للمساهمة في عمليات الصلح من خلال الوساطة وذلك من أجل استرجاع الاستقرار والحوار والثقة المتبادلة.

علما أن النظرة الإستراتيجية للمغرب تعطي أهمية متزايدة للمجال الاقتصادي في إطار تعاونه مع البلدان الإفريقية، في هذا الإطار تشرك الحكومة بصفة متنامية القطاع الخاص من أجل تعزيز التبادل التجاري والرفع من تدفق الاستثمارات المغربية في المجال القاري.

وبالموازاة مع العمل الثنائي، ينشط المغرب على مستوى المنظمات الجهوية الإفريقية، خاصة على مستوى الجماعات الاقتصادية الجهوية (CER) حيث يطمح إلى توثيق الروابط من أجل الرفع والتنويع في المبادلات التجارية والتقنية والاستثمارات، وتقوية التعاون مع التجمعات الجهوية الإفريقية.

من جهة أخرى لم يدخر المغرب أي جهد من أجل الدفاع عن المصالح الإفريقية أمام باقي بلدان العالم والتجمعات الجهوية ، فالدبلوماسية المغربية عملت دائما بتفان من أجل تحقيق التنمية في القارة الإفريقية وجعلتها من بين أولوياتها أمام التجمعات الدولية، خاصة أمام مكتب الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة.


يلعب المغرب دورا حيويا ومِؤثرا في مجموعة الفضاء الأورو-إفريقي والدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي ودول الساحل والصحراء والذي يضم 28 دولة إفريقية.كما أنه حاضر بقوة في الشراكة بين إفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية على الرغم من المناورات المتكررة لأعداء الوحدة الترابية لجعل الاتحاد الإفريقي المخاطب الوحيد باسم بلدان القارة في مثل هذه المنتديات،والتي تهدف إلى استبعاد المغرب.


ويجمع المحللون على أن الدبلوماسية -سيما شقها الإفريقي- في عهد الملك محمد السادس عرفت تطورا ملحوظا.وفي واقع الأمر إن البعد الإفريقي في السياسة المغربية قد أملاه الامتداد الطبيعي والاستراتيجي للمغرب في إفريقيا،وقد سبق للملك الراحل الحسن الثاني أن شبه المغرب بشجرة جذورها المغذية في إفريقيا ومتنفس أغصانها في أوروبا. ولذلك ظل المغرب وعلى الدوام يشكل حلقة وصل وجسرا بين الشمال والجنوب،وهذا ما يرسخه الاهتمام بالربط القاري عبر مضيق جبل طارق.


كما أن الخلفية التاريخية العريضة لبلادنا ظلت تحتم عليه السعي دائما ومهما كانت الظروف إلى السلم والسلام .
لقد أعطى المغرب دائما مكانة كبيرة لمبادئ التعايش السلمي في سياسته الخارجية وتفعيله لمبدإ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لباقي الدول احتراما لسيادتها واختياراتها متعاملا معها بمقتضى قواعد التعاون الدولي مؤمنا بالعمل في نطاق الأمم المتحدة للحفاظ على السلم العالمي وذلك لضمان الأمن بين الدول والشعوب.


وقد سعى المغرب في مختلف المناسبات الدولية لحظر انتشار التسلح للمحافظة على الأمن والاستقرار حيث اقترح على الجمعية العامة للأمم المتحدة إنشاء لجنة أممية لمراقبة أخطار التسابق نحو التسلح بإفريقيا الشمالية.


وتطبيقا لإيمان المغرب بإتباع الحلول السلمية في حل النزاعات بين الدول، عمل على استكمال وحدته الترابية اعتمادا على التفاوض والحوار والأساليب السلمية، فبعد الحصول على الاستقلال بقيت بعض المناطق المغربية خاضعة للاستعمار الإسباني (مدينة سيدي إيفني الساقية الحمراء - ووادي الذهب)، كما بقيت طنجة منطقة دولية، فعقد مؤتمر فضالة الذي أنهى الوضع الدولي لمدينة طنجة، كما انسحبت إسبانيا من مدينة طرفاية (1958) و سيدي إيفني (1969) اعتمادا على أسلوب الإقناع والتفاوض.


لاسترجاع أراضيه الصحراوية المحتلة نهج المغرب أسلوبا سلميا متحضرا حيث عمل على تنظيم المسيرة الخضراء، وهي مسيرة شعارها السلم انتهت بتوقيع اتفاقية مدريد يوم 14 نونبر 1975 التي انسحبت بموجبها إسبانيا من منطقة الساقية الحمراء، كما استرجع منطقة وادي الذهب سنة 1979 اعتمادا على روابط البيعة.


ما تزال إسبانيا تحتفظ بمدينتي سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما تحت إدارتها، وما فتئ المغرب يطالب باسترجاعهما مفضلا أسلوب الحوار والتفاوض بدون شروط عوض سياسة العداء والضغط في انتظار استرجاع إسبانيا لجبل طارق.


ويساهم المغرب في حل بعض النزاعات الدولية بالطرق السلمية، فباعتبار ملكه رئيسا للجنة القدس عمل على اقتراح حل عادل وشامل للنزاع العربي الإسرائيلي، يتجلى في انسحاب إسرائيل من كل الأراضي التي احتلتها سنة 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس ونهج أسلوب التعايش بين دولتي إسرائيل وفلسطين.


وعددت المشاركة المغربية منذ سنة 1960 في العمليات والبعثات الأممية لحفظ السلم العالمي وذلك بكل من الكونغو - الصومال - البوسنة - هايتي....، حيث عمل على تقديم خدمات إنسانية، كالإشراف على توزيع المساعدات الغذائية وتسهيل عودة اللاجئين والمساعدة على تطبيق الاتفاقيات بين الأطراف المتنازعة،و القيام بمهام أمنية، كمراقبة وقف إطلاق النار والحفاظ على الأمن والإشراف على نزع السلاح وكذا الإعداد لإجراء الانتخابات.


هذه هي الخلفية التاريخية العريضة التي ظلت تزعج الأيادي الأيادي الخفية التي تسعى حاليا لتقليص دور بلادنا بالقارة الإفريقية بجميع الوسائل مستغلة كل الفرص المتاحة لها للاصطياد في المياه العكرة

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات