في اللغة تعني ببساطة جعل الشيء عالمي الانتشار في مداه أو تطبيقه. وهي أيضاً العملية التي تقوم من خلالها المؤسسات، سواء التجارية أو غير التجارية، بتطوير تأثير عالمي أو ببدء العمل في نطاق عالمي. شء. ولا يجب الخلط بين العولمةكترجمة لكلمة globalization الإنجليزية، وبين "التدويل" أو "جعل الشيء دولياً" كترجمة لكلمة internationalization. فإن العولمةعملية اقتصادية في المقام الأول، ثم سياسية، ويتبع ذلك الجوانب الاجتماعية والثقافية وهكذا. أما جعل الشيء دولياً فقد يعني غالباً جعل الشيء مناسباً أو مفهوماً أو في المتناول لمختلف دول العالم.
أيضاً العولمة عملية تحكم و سيطرة ووضع قوانين و روابط، مع إزاحة أسوار وحواجز محددة بين الدول وبعضها البعض؛ وواضح من هذا المعنى أنها عملية لها مميزات وعيوب. أما جعل الشيء دولياً فهو مجهود في الغالب إيجابي صرف، يعمل على تيسير الروابط والسبل بين الدول المختلفة.
إضافات حول العولمة
ا
لعولمة قد تكون تغيراً اجتماعياً ، وهو زيادة الترابط بين المجتمعات وعناصرها بسبب ازدياد التبادل الثقافي ، فالتطور الهائل في المواصلات والاتصالات وتقنياتهما الذي ارتبط بالتبادل الثقافي والاقتصادي كان له دوراً أساسياً في نشأتها. والمصطلح يستخدم للإشارة إلى شتى المجالات الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية، وتستخدم العولمة للاشارة إلى:
تكوين القرية العالمية: أي تحول العالم إلى ما يشبه القرية لتقارب الصلات بين الأجزاء المختلفة من العالم مع ازدياد سهولة انتقال الافراد، التفاهم المتبادل والصداقة بين "سكان الارض".
العولمة الاقتصادية: ازدياد الحرية الاقتصادية وقوة العلاقات بين أصحاب المصالح الصناعية في بقاع الارض المختلفة.
التأثير السلبي للشركات الربحية متعددة الجنسيات، أي استخدام الأساليب القانوية المعقدة والاقتصادية من الوزن الثقيل لمراوغة القوانين والمقاييس المحلية وذلك للاستغلال المجحف للقوى العاملة والقدرة الخدماتية لمناطق متفاوتة في التطور مما يؤدي إلى استنزاف أحد الأطراف (الدول) في مقابل الاستفادة والربحية لهذه الشركات
الخلفية التاريخية للعولمة
لقد استخدم علماء الاقتصاد مصطلح "العولمة" منذ ثمانينيات القرن العشرين على الرغم من أنه كان مستخدمًا في العلوم الاجتماعية في ستينيات القرن العشرين. ومع ذلك، فإن مبادئ وأفكار العولمة لم تنتشر حتى النصف الثاني من ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين. تم وضع المبادئ والأفكار النظرية الأولى للعولمة على يد الأمريكي"تشارلز تيز راسيل" (Charles Taze Russell) الذي أصبح قسًا بعد أن كان رأسماليًا وصاحب شركات، كما أنه يعد أول من توصل إلى مصطلح "الشركات العملاقة" في عام 1897. [7][8] تعتبر العولمة بمثابة عملية تمتد عبر العديد من القرون وتتأثر بنمو السكان ومعدلات ازدهار الحضارة والتي زادت بشكل كبير على مدار الخمسين سنة الماضية. تمثلت أولى أشكال العولمة في أثناء وجود الإمبراطورية الرومانية وإمبراطورية فارس القديمة وأسرة "هان" الحاكمة في الصين التي عملت على توحيد أقطار الصين والاهتمام بالآداب والفنون عندما بدأ البشر يعرفون طريق التجارة المعروف باسم "سيلك رود" الذي يصل إلى حدود إمبراطورية بلاد فارس ويستمر في اتجاه روما. كذلك، يعد العصر الذهبي الإسلامي مثالاً واضحًا على انتشار العولمة؛ وخاصةً عندما أسس المستكشفون والتجار المسلمون أول نظام اقتصادي عالمي فيالعالم القديم، مما ترتب عليه انتشار العولمة في الكثير من المجالات مثل المحاصيل الزراعية والتجارة والعلم والمعرفة والتكنولوجيا. كذلك، فإنه لاحقًا في أثناء سيادةالإمبراطورية المغولية، حدث تكامل كبير بين الدول الواقعة على طول طريق التجارة "سيلك رود" الرابط بين الصين والإمبراطورية الرومانية. وقد بدأت العولمة في الانتشار بشكل أكبر قبل انقضاء القرن السادس عشر مباشرة عند تأسيس مملكتي شبه جزيرة أيبيريا - مملكة البرتغال ومملكة قشتالة. عملت الرحلات الاستكشافية للكثير من دول العالم والتي أشرفت عليها دولة البرتغال في القرن السادس عشر على ربط القارات والاقتصاديات والحضارات بشكل كبير على وجه الخصوص. تعتبر رحلات التجارة والرحلات الاستكشافية التي أشرفت عليها البرتغال في معظم دول ساحل أفريقيا وجنوب شرق أمريكا وشرق وغرب آسيا من أولى صور رحلات التجارة الكبرى التي قامت على العولمة. وبعدها، استطاعت البرتغال القيام بالعديد من رحلات التجارة عبر مختلف دول العالم واستعمار العديد من الدول ونشر ثقافتها بها. استمر هذا التكامل بين دول العالم من خلال ازدياد توسع التجارة الأوروبية في القرنين السادس عشر والسابع عشر عندما استطاعت كل من الإمبراطورية الإسبانية والبرتغاليةاستعمار أمريكا بعد استعمار فرنسا وإنجلترا لها. جدير بالذكر أن للعولمة تأثيرًا كبيرًا على الثقافات والحضارات وخاصة الحضارات المتأصلة في بلادها عبر أنحاء العالم. لقد كانت شركة غينيا Company of Guinea التي أنشأتها البرتغال في غينيا في القرن الخامس عشر من أولى الشركات التجارية بالمعنى القانوني المعروف اليوم والتي أسسها الأوروبيون في قارة أخرى في أثناء عصر استكشاف الدول والقارات؛ حيث تمثلت مهمتها في تجارة التوابل وتثبيت أسعار السلع والبضائع. أما في القرن السابع عشر، أصبحت العولمة ظاهرة تجارية عندما تم تأسيس شركة الهند الشرقية البريطانية (British East India Company) (عام 1600) - والتي غالبًا ما يتم وصفها بأنها من أولى الشركات متعددة الجنسيات – وكذلك عندما تم تأسيس شركة الهند الشرقية الهولندية (Dutch East India Company) (عام 1602) وشركة الهند الشرقية البرتغالية (Portuguese East India Company) (عام 1628). وبسبب الاحتياجات المالية والاستثمارية الكبيرة فضلاً عن المخاطر العالية التي اكتنفت مجال التجارة الدولية، أصبحت شركة الهند الشرقية البريطانية الشركة الأولى في العالم لمشاركة المخاطر وإتاحة الملكية المشتركة للشركات من خلال إصدارالأسهم، الأمر الذي مثل عاملاً مهمًا للتشجيع على انتشار العولمة. تحقق انتشار العولمة من جانب الإمبراطورية البريطانية (أكبر إمبراطورية عرفها التاريخ) بفضل كبر مساحتها ونفوذها. وقد استطاعت بريطانيا فرض أفكارها وثقافتها الخاصة بها على الدول الأخرى في أثناء تلك الفترة. أحيانًا ما يطلق على القرن التاسع عشر "العصر الأول للعولمة". فقد اتسم هذا القرن بتزايد ازدهار التجارة الدولية والاستثمار بين القوى الاستعمارية الأوروبية ومستعمراتها ولاحقًا بين الولايات المتحدة الأمريكية. وفي أثناء تلك الفترة الزمنية برزت بعض المناطق على خريطة العالم وأصبح لها دور في النظام العالمي؛ مثل تلك المناطق الواقعة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا وكذلك جزر المحيط الهادي. وقد بدأ "العصر الأول للعولمة" في الاضمحلال مع بداية القرن العشرين عند اندلاع الحرب العالمية الأولى.
الهوية
يشتق المعنى اللغوي لمصطلح الهوية من الضمير هو . أما مصطلح الهو هو المركب من تكرار هو فقد تمّ وضعه كاسم معرّف ب أل ومعناه (( الإتحاد بالذات)) [1]. ويشير مفهوم الهوية إلى ما يكون به الشيء هو هو ، أي من حيث تشخصه وتحققه في ذاته وتمييزه عن غيره ، فهو وعاء الضمير الجمعي لأي تكتل بشري ، ومحتوى لهذا الضمير في نفس الآن ، بما يشمله من قيم وعادات ومقومات تكيّف وعي الجماعة وإرادتها في الوجود والحياة داخل نطاق الحفاظ على كيانها [2] .
وتأسيسا على المقاربة الفلسفية ، تعبّر الهوية عن حقيقة الشيء المطلقة المشتملة على صفاته الجوهرية التي تميّزه عن غيره ، كما تعبّر عن خاصية المطابقة أي مطابقة الشيء لنفسه أو لمثيله ، وبالتالي فالهوية الثقافية لأي شعب هي القدر الثابت والجوهري والمشترك من السمات والقسمات العامة التي تميز حضارته عن غيرها من الحضارات [3] .
ومن العسير أن نتصور شعبا بدون هوية ، أو نقتنع بما يزعمه داريوس شايغان أن الهوية (( صورة مغلوطة للذات )) [4] ، فمن نافلة القول تأكيد ما أثبتته الدراسات السوسيولوجية من أن لكل جماعة أو أمة مجموعة من الخصائص والمميزات الاجتماعية والنفسية والمعيشية والتاريخية المتماثلة التي تعبّر عن كيان ينصهر فيه قوم منسجمون ومتشابهون بتأثير هذه الخصائص والميزات التي تجمعهم .
ومن هذا الشعور القومي ذاته ، يستمد الفرد إحساسه بالهويةوالانتماء ، ويحسّ بأنه ليس مجرد فرد نكرة ، وإنما يشترك مع عدد كبير من أفراد الجماعة في عدد من المعطيات والمكونات والأهداف ، وينتمي إلى ثقافة مركبة من جملة من المعايير والرموز والصور[5] . وفي حالة انعدام شعور الفرد بهويته نتيجة عوامل داخلية وخارجية ، يتولد لديه ما يمكن أن تسميه بأزمة الهوية التي تفرز بدورها أزمة وعي Warness crisis تؤدي إلى ضياع الهوية نهائيا ، فينتهي بذلك وجوده [6] .
وإذا كان إجماع الباحثين حول فكرة أنه لا وجود لشعب دون هوية ، فإنهم اختلفوا في الشكل الذي يحدد الهوية . وفي هذا السياق انتقد أحد الباحثين [7] ، ما أسماه بالشكل الميتافيزيقي الذي يحدد هوية الأمم والشعوب ، ويقدم شخصيتها في إطار تصورات استاتية أو نماذج مثالية ، دون الرؤية إليها كمجموعات حية تتميز باحتمالات تكشف عن ذاتها في عملية تحققها ، ويطرح مقابل ذلك مقاربة سوسيولوجية ترى أن الهوية تتغذى بالتاريخ وتشكل استجابة مرنة تتحول مع تحول الأوضاع الاجتماعية والتاريخية ، فتمتحّ منها ، دون أن تشكل ردّا طبيعيا ، وبذلك فهي هوية نسبية تتغير مع حركة التاريخ وانعطافاته .
والواقع أن مسألة ثبوت الهوية أو تغيرها قد طرحت على محك المساءلة والنقاش ، وأثبتت المجادلات العلمية أن هوية أي مجتمع ليست أمرا ثابتا و سرمديا كما ذهب إلى ذلك المفكر المغربي محمد عايد الجابري ، بل يرتبط بالمؤثرات الخارجية وبالتداول العلمي للأفكار والثقافات . كما يرتبط بالصراع على السلطة ، وهي الصراعات التي تشحذها هي نفسها بصورة مباشرة أو غير مباشرة المؤثرات الخارجية ولعبة التوازنات .
لكن يبدو لي أن تغير الهويات ينبغي أن يخضع لقانون التوازن بين الثوابت المميزة للهوية والعناصر القابلة للتحول ، وإلا كانت الهويةعرضة للخطر والتدمير ، فالهوية تتضمن مكونات ثابتة وأخرى قابلة للتغيير . ويعتبر الدين واللغة من الثوابت الراسخة ، بينما تكون المكونات الأخرى من عادات وقيم وطرق تفكير قابلة للتغيير في الشكل الإيجابي الذي تحدده حركية المجتمع وتفاعله بمحيطه الخارجي . وإذا كان القول بثبات اللغة كمعطى أساسي يحيل علىالهوية ، فإن ذلك لا يعني تخشيبها وتقديسها ، والحيلولة دون تطوير بنيتها لإنتاج أفكار جديدة وتوليد مصطلحات لغوية ذات قيمة.
وعلى العموم فإن مكونات الهوية الإنسانية تنسج وجودها عبر شبكة من العلائق التي تندرج في الخانات الحضارية والمشتركات التالية :
1. مجال جغرافية ووطن تاريخي مشترك .
2. أساطير وذاكرة تاريخية مشتركة.
3. ثقافة شعبية مشتركة.
4. منظومة حقوق وواجبات مشتركة.
5. اقتصاد مشترك مرتبط بمناطق معينة.[8]
و لاشك أن الهوية العربية التي بدأت في التشكل دستوريا مند كتابة صحيفة النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد هجرته إلى يثرب [9]، انطلقت من مبدأ التغير مع الإبقاء على الثوابت ، ولذلك شاركتالهوية العربية في منظومة الإنتاج الحضاري وبناء التراث العالمي [10]، وبقيت اللغة العربية محافظة على ثباتها الإيجابي باعتبارها مكونا أساسيا للهوية العربية .
الثقافة
الثقافة هى كلمة (مشتقة من الكلمة )اللاتينية كلتشراcultura {/2 المشتقة بدورها من كلمة كولير{2}colere ، والتي تعنى "يزرع الأرض") [1] وهو مصطلح مختلف المعانى.فعلى سبيل المثال ، ، قام كلا من ألفريد كروبير Alfred Kroeber وكلايد كلوكهن Clyde Kluckhohn في عام 1952 بعمل قائمة مؤلفة من 164 تعريف لكلمة "ثقافة" في كتاب بعنوان الثقافة : مراجعة نقدية للمفاهيم والتعاريف. [2] ومع ذلك ، فإنه يمكن استخدام كلمة "ثقافة" فى التعبير عن أحد المعانى الثلاثة الأساسية التالية:
التذوق المتميز للفنون الجميلة والعلوم الإنسانية، وهو ما يعرف أيضا بالثقافة عالية المستوى .
نمط متكامل من المعرفة البشرية ، والاعتقاد ، والسلوك الذي يعتمد على القدرة على التفكير الرمزي والتعلم الاجتماعي.
مجموعة من الاتجاهات المشتركة, والقيم, والأهداف، والممارسات التي تميز مؤسسة أو منظمة أو جماعة ما.
عندما ظهر هذا المفهوم لأول مرة في أوربا بالقرنى الثامن عشر والتاسع عشر ، كان يشير فيما يشير إليه إلى عملية الاستصلاح أو تحسين المستوى ، كما هو الحال في عملية الزراعة أوالبستنة.أما بالقرن التاسع عشر ، أصبح يشير بصورة واضحة إلى تحسين أو تعديل المهارات الفردية للإنسان ، لا سيما من خلال التعليم ، ومن ثم إلى تحقيق قدر من الرخاء القومى أو القيم العليا. إلى أن جاء منتصف القرن التاسع عشر ، وقام بعض العلماء باستخدام مصطلح "الثقافة" للإشارة إلى قدرة الإنسان البشرية على مستوى العالم .
وبحلول القرن العشرين ، برز مصطلح "الثقافة" للعيان ليصبح مفهوما أساسيا في علم الانثروبولوجيا ، ليشمل بذلك كل الظواهر البشرية التي لا تعد كنتائج لعلم الوراثة البشرية بصفة أساسية. و على وجه التحديد ، فإن مصطلح "الثقافة" قد يشمل تفسيرين في الأنثروبولوجيا الأمريكية ؛ التفسير الأول : نبوغ القدرة الإنسانية لحد يجعلها تصنف وتبين الخبرات والتجارب بطريقة رمزية ، ومن ثم التصرف على هذا الأساس بطريقة إبداعية و خلاقة . أما التفسير الثانى : فيشير إلى الطرق المتباينة للعديد من الناس الذين يعيشون فى أرجاء مختلفة من العالم والتي توضح وتصنف بدورها خبراتهم , والتي تؤثر بشكل كبير على تميز تصرفاتهم بالإبداع الوقت ذاته .وفى أعقاب الحرب العالمية الثانية ، صار لهذا المفهوم قدر من الأهمية ولكن بمعانى مختلفة بعض الشئ في بعض التخصصات الأخرى مثل علم الاجتماع ، والأبحاث الثقافية، وعلم النفس التنظيمي ، و أخيرا الأبحاث المتعلقة بعلم الإدارة
التأثير الثقافي للعولمة
عملت شبكة الإنترنت على إزالة الحدود الثقافية عبر مختلف دول العالم عن طريق إتاحة اتصال سهل وسريع بين الأفراد في أي مكان عن طريق مختلف أجهزة الإعلام والوسائل الرقمية. وترتبط شبكة الإنترنت بالعولمة الثقافية لأنها تتيح التفاعل والتواصل بين الأفراد من مختلف الثقافات وأساليب الحياة. كذلك، تسمح مواقع الويب التي يتشارك فيها الأفراد صورهم بمزيد من التفاعل حتى ولو كانت اللغة تشكل عائقًا أمامهم. فقد أصبح من الممكن بالنسبة لأي شخص في أمريكا أن يتناول النودلز اليابانية على الغداء. كما أصبح من الممكن بالنسبة للقاطن مدينة سيدني في أستراليا أن يتناول الطعام الأكثر شعبية في إيطاليا ألا وهو كرات اللحم. ومن ثم، فقد أصبح الطعام يشكل مظهرًا واحدًا من مظاهر الثقافة المتعددة والمتأصلة بأية دولة. فالهند، على سبيل المثال، تشتهر بالكاري والتوابل الغريبة، أما باريس فتشتهر بمختلف أنواع الجبن، في حين تشتهر الولايات المتحدة الأمريكية بالبرجر والبطاطس المحمرة. قديمًا، كان الطعام المقدم في مطاعم ماكدونالدز هو الطعام المفضل لدى الأمريكيين فقط بصورته المبهجة الباعثة على الحظ وكذلك بوجود شخصية رونالد دائمة الظهور في إعلانه وألوانه الحمراء والصفراء المعروفة ووجباته السريعة المتعددة الشهية. أما الآن، فقد أصبح هذا المطعم مطعمًا عالميًا؛ حيث أضحى له 31,000 فرع حول العالم بما فيها الكويت ومصر ومالطا. ومن ثم، يعد هذا المطعم خير مثال على انتشار الطعام على أساس عالمي. كذلك، يعد التأمل من الأساليب التي تلقى احترامًا وتقديسًا منذ قرون في الثقافة الهندية. فالتأمل يعمل على تهدئة الجسم ويساعد المرء في إدراك ذاته الداخلية وتجنب أي وضع يضر بها. قبل العولمة، كان الأمريكيون لا يمارسون تمارين التأمل أو اليوجا. لكن بعد العولمة، أصبح التأمل أسلوبًا شائعًا بينهم حتى أنه اعتبر طريقة مواكبة للحداثة للمحافظة على الرشاقة. حتى أن بعد الأشخاص يسافرون إلى الهند لكي يحصلوا على الخبرة الكاملة في هذا الصدد بأنفسهم. من ناحية أخرى، يعتبر الوشم المتخذ شكل الرموز الصينية من الأساليب الأخرى الشائعة التي ساهمت العولمة في انتشارها. فهذه الرسوم والأشكال تعتبر تقليعة شائعة بين جيل الشباب في هذه الأيام، كما أنها سرعان ما أصبحت سلوكًا معتادًا ومتعارفًا عليه بينهم. ومع امتزاج الثقافات، أصبح استخدام لغة دولة أخرى في أحاديث الأفراد أمرًا عاديًا. يتم تعريف الثقافة بأنها مجموعة من أنماط الأنشطة الإنسانية والرموز التي تمنح هذه الأنشطة تلك الأهمية.
فالثقافة تعبر عما يتناوله الأفراد من طعام، وما يرتدونه من ملبس، كما أنها تعبر عن المعتقدات والأفكار التي يتبعونها والأنشطة التي يمارسونها. إن العولمة قد عملت على الربط بين الثقافات المختلفة وقامت بتحويلها إلى شيء مختلف وفريد من نوعه. وكما تم التصريح من جانب "إيرلا زوينجل" في إحدى مقالات مجلة National Geographic تحت عنوان "العولمة": "عندما تستقبل الثقافات مختلف التأثيرات الخارجية، فإنها تستوعب بعضها وترفض البعض الآخر منها؛ ثم تعمل بعدها فوريًا على تحويل ما تم استيعابه
آثار العولمة
للعولمة العديد من الجوانب التي تؤثر على العالم بأكمله بعدة طرق مختلفة منها:
على المستوى الصناعي : إنشاء أسواق إنتاج عالمية وتوفير المزيد من السهولة بصدد الوصول إلى عدد كبير من المنتجات الأجنبية بالنسبة للمستهلكين والشركات، فضلاً عن سهولة انتقال الخامات والسلع داخل الحدود القومية وبين الدول بعضها البعض. [بحاجة لمصدر]
على المستوى المالي : إنشاء الأسواق المالية العالمية وإتاحة مزيد من السهولة واليسر بصدد حصول المقترضين على التمويل الخارجي. ولكن مع نمو وتطور هذه الهياكل العالمية بسرعة تفوق أي نظام رقابي انتقالي، زاد مستوى عدم استقرار البنية التحتية المالية العالمية بشكل كبير – وهو ما اتضح جليًا في الأزمة المالية التي حدثت في أواخر عام 2008. [بحاجة لمصدر]
على المستوى الاقتصادي : إنشاء سوق عالمية مشتركة تعتمد على حرية تبادل السلع ورءوس الأموال. وعلى الرغم من ذلك، فإن ترابط هذه الأسواق يعني أن حدوث أي انهيار اقتصادي في أية دولة قد لا يمكن احتواؤه. [بحاجة لمصدر]
على المستوى السياسي : استخدم بعض الأشخاص مصطلح "العولمة" للإشارة إلى تشكيل حكومة عالمية تعمل على تنظيم العلاقات بين الحكومات وتضمن الحقوق المترتبة على تطبيق العولمة الاقتصادية والاجتماعية. فمن الناحية السياسية، تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بمركز قوة كبير بين قوى العالم أجمع بسبب قوة اقتصادها وما لديها من ثروة وفيرة. ومع تأثير العولمة وبمساعدة اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، استطاعت جمهورية الصين الشعبية أن تشهد تطورًا ونموًا كبيرًا في غضون العقد الماضي. وإذا ما واصلت الصين هذا النمو بمعدل مخطط له لمواكبة الاتجاهات الاقتصادية، فإنه من المحتمل جدًا في غضون العشرين عامًا القادمة أن تحدث حركة كبرى لإعادة توزيع مراكز القوة بين قادة العالم. وسوف تتمكن الصين من امتلاك الثروة الكافية والتمتع بازدهار المجال الصناعي بها واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية لكي تنافس الولايات المتحدة الأمريكية على زعامة العالم.[19]
على المستوى المعلوماتي : زيادة كم المعلومات الذي يمكن انتقاله بين المناطق البعيدة من الناحية الجغرافية. ومع أن هذا الأمر يعد مثار الجدل والنقاش، فإنه يعتبر بمثابة تغير تكنولوجي مصحوبًا بظهور وسائل الاتصال المعتمدة على الألياف البصرية والأقمار الصناعية وإتاحة التواصل عن طريق الهاتف والإنترنت بشكل كبير.
على المستوى اللغوي : تعتبر اللغة الإنجليزية هي الأكثر انتشارًا وتداولاً في العالم أجمع كما يلي:[20]
تتم كتابة حوالي 35 في المائة من رسائل البريد والتليكس والتلغراف باللغة الإنجليزية.
تتم إذاعة 40 في المائة تقريبًا من برامج الراديو في العالم باللغة الإنجليزية.
يتم تدفق حوالي 50 في المائة من البيانات عبر شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية.[21]
على المستوى التنافسي : يستوجب الاستمرار في الأسواق العالمية الجديدة للأعمال والتجارة زيادة معدلات التنافس وتحسين الإنتاجية. ونظرًا لأن السوق قد أصبحت عالمية، فإنه يتعين على الشركات المتخصصة في العديد من المجالات تحسين منتجاتها واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة بمهارة لمواجهة معدلات التنافس المتزايدة.[22]
على المستوى البيئي : ظهور تحديات بيئية عالمية قد لا يتم مواجهتها والتصدي لها إلا بالتعاون الدولي. تتمثل هذه التحديات في تغير المناخ وصراع الدول على حدود المياه وتلوث الهواء ومشكلة الصيد الجائر للأسماك في المحيطات وظهور كائنات غريبة واجتياحها للبيئة. لذا، فإنه منذ أن تم تأسيس الكثير من المصانع في الدول النامية دون اتباع لوائح وقوانين البيئة كما ينبغي، فقد تتسبب العالمية وكذلك التجارة الحرة في زيادة معدلات التلوث. على الجانب الآخر، فإن التنمية الاقتصادية تطلبت من الناحية التاريخية مرحلة صناعية لم تكن آمنة من التلوث على الإطلاق. وقد ثار جدل بصدد عدم وجوب منع الدول النامية من زيادة مستوى معيشتها من خلال اتباع مثل هذه اللوائح والقوانين.
على المستوى الثقافي : تطورت قنوات الاتصال الثقافية المشتركة بين الدول وظهرت صور جديدة من التأكيد على الوعي والهوية التي تجسد مدى انتشار التيار الثقافي والرغبة في زيادة مستوى معيشة الفرد والتمتع بالمنتجات والأفكار الأجنبية الأخرى واتباع الوسائل والأساليب التكنولوجية الحديثة والمشاركة في الثقافة العالمية. ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص تتملكهم بالفعل مشاعر الحزن والحسرة على زيادة معدلات الاستهلاك في العالم واندثار العديد من اللغات. انظر أيضًاTransformation of culture. أما عن التغيرات التي أحدثتها الثقافة في العالم فهي تتمثل في الآتي ذكره:
انتشار التعددية الثقافية وإمكانية وصول الفرد بشكل أفضل لشتى صور التنوع الثقافي (من خلال ما يتم مشاهدته في أفلام "هوليوود" و"بوليوود" على سبيل المثال). ولكن من ناحية أخرى، يعتبر البعض أن الثقافة الواردة إلينا من الخارج (أو ما تسمى بالثقافة المستوردة) تمثل خطرًا كبيرًا منذ احتمال أن تحل محل الثقافة المحلية، مما يتسبب في حدوث انخفاض في معدلات التنوع واستيعاب كل ما هو جديد من الثقافات بشكل عام. على الجانب الآخر، يعتبر آخرون أن التعددية الثقافية أمر مفيد من أجل تعزيز السلام وسبل التفاهم بين الشعوب.
زيادة الإقبال على السفر والسياحة في العالم؛ حيث قدرت منظمة الصحة العالمية عدد الأشخاص الذين دومًا ما يقومون برحلات جوية في أي وقت ووجدت أنهم يشكلون أكثر من 500,000 شخص.[23]
زيادة معدلات الهجرة، بما فيها الهجرة غير الشرعية
انتشار المنتجات المحلية الخاصة بالمستهلك (مثل المواد الغذائية) في الدول الأخرى (وفقًا لثقافتها)
انتشار بعض الألعاب العالمية، مثل: البوكيمون Pokémon والسودوكو Sudoku وNuma Numa والأوريجامي Origami، والتردد على بعض المواقع العالمية مثل: Idol series وYouTube وOrkut وFacebook وMyspace. وإمكانية الوصول إليها بسهولة بالنسبة لكل من يتوفر لديهم إنترنت وتليفزيون، مع ترك فئة كبيرة من سكان الأرض.
انتشار الأحداث الرياضية العالمية مثل كأس العالم لكرة القدم ودورة الألعاب الأوليمبية.
اندماج الشركات متعددة الجنسيات وتحويلها إلى شركات جديدة.
وكأحد رعاة فريق All-Blacks لرياضة الركبي، قامت شركة Adidas بإنشاء موقع ويب محاكي مزود بلعبة ركبي تفاعلية يمكن تنزيلها من أجل محبي ومشجعي اللعبة لممارستها على جهاز الكمبيوتر والتنافس عليها.[24]
على المستوى الاجتماعي : تطوير المنظمات غير الحكومية كممثلين رئيسيين للسياسة العامة الدولية المتضمنة الجهود التنموية والمساعدات الإنسانية.
[25]
على المستوى التقني والفني :
تطوير البنية التحتية لوسائل الاتصالات العالمية السلكية واللاسلكية وزيادة سرعة انتقال البيانات وتدفقها عبر حدود الدول باستخدام تقنيات مثل شبكة الإنترنتوالأقمار الصناعية الخاصة بالاتصالات وأسلاك الألياف البصرية الموجودة تحت الماء والهواتف اللاسلكية.
زيادة عدد المعايير التي يتم تطبيقها عالميًا؛ مثل: قوانين حقوق الطبع والنسخ وبراءات الاختراع واتفاقيات التجارة الدولية.
على المستوى القانوني/الأخلاقي :
إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وقيام حركات تدعو لنشر العدل على مستوى العالم منها حركات العدالة الدولية
انتشار ظاهرة استيراد الجريمة وزيادة الوعي بالجهود الدولية المبذولة والتأكيد على أهمية التعاون للتصدي لمختلف الجرائم.
التعليقات (0)