يوم التاسع من نوفمبر الجاري، ستتوجه الأنظار نحو العاصمة السورية دمشق لمتابعة مجريات الجولة قبل الاخيرة من جولات الحوار الوطني الفلسطيني، حيث من المقرر أن يتوافقا كلا الطرفين على تشكيل اللجنة الامنية المشتركة، والتي ستخوض في تفاصيل الملف الأمني الفلسطيني، وآليات اعادة بناء وهيكلة الاجهزة الأمنية الفلسطينية، وفي حال تم التوافق على الملف الامني، ستذهب الحركة الوطنية الفلسطينية إلى العاصمة المصرية القاهرة للتوقيع على الورقة المصرية.
وهنا لا أعتقد أن الطرفان (فتح وحماس) سيحققان اختراقاً في الملف الأمني - رغم تمنيات كل أبناء الشعب الفلسطيني لهم بالنجاح- انطلاقاً من مجموعة من المحددات تحكم آليات التعامل مع هذا الملف الشائك ومنها:
1- دور الأجهزة الأمنية ونفوذها وهيمنتها على القرار السياسي في بلدان العالم الثالث.
2- العقيدة الأمنية التي قامت بناءً عليها الأجهزة الأمنية الفلسطينية انطلاقاً من اتفاق أوسلو، تختلف عن العقيدة الأمنية التي تطالب بها حركة حماس وفصائل المقاومة.
3- واقع الضفة الغربية يجعل من اسرائيل لاعب رئيسي في تشكيل الأجهزة الامنية وآليات عملها، وهذا لا توافق عليه حماس.
4- الدعم الأمريكي خاصة والدولي بشكل عام مرهون بمدى توفير تلك الاجهزة الأمن والأمان لإسرائيل وللمصالح الأمريكية في الشرق الاوسط.
5- ارتباط قيادات من الأجهزة الامنية بدول وأجهزة مخابرات دولية واقليمية يجعل من الصعب تجاوز تلك الشخوص في اعادة الهيكلة والبناء.
6- لا يمكن أن تتلاقى العقيدة الأمنية التي تدعوا اليها فصائل المقاومة مع العقيدة الأمنية للجنرال مايكل مولر، والتي تقوم على أساس بناء الفلسطيني الجديد بما تعنيه الكلمة من معاني ودلالات.
7- السلطة الفلسطينية وكما أعلنها مدوية السيد محمود عباس بأنها لن ولم توافق على تقاسم الأجهزة الأمنية بين فتح وحماس.
8- السلطة الفلسطينية مرتبطة باتفاقيات والتزامات أمنية وسياسية، لذلك ليس من السهولة أن تقبل ما يمكن أن تطرحه حركة حماس.
وما يخشاه المواطن الفلسطيني أن يتم حل المسألة الأمنية من خلال تقاسم جغرافي، بمعنى أن يكون لحركة حماس الدور الأمني في قطاع غزة، مقابل الدور الأمني الكامل لحركة فتح في الضفة الغربية، مع تجميل ذلك بدمج عناصر هنا وهناك كي ترسم من خلالها لوحة جميلة تسمى الشراكة السياسية، وهذا هو أساس ضعيف لن يدوم طويلاً، وسيكون له تداعيات خطيرة على المشهد السياسي الفلسطيني، وذلك كنتيجة حتمية لتضارب الأهداف والرؤى والممارسات بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لذلك ستكون مصالحة فلسطينية هشة ضعيفة سرعان ما تنهار، وقد تكون تداعيات الانقسام أفضل بكثير من تداعيات انهيار المصالحة الفلسطينية المرتقبة، لذلك نتمنى من قياداتنا الوطنية أن تعمل على بناء استراتيجيات موحدة، تقوم على أساس المصالح الفلسطينية، والثوابت الوطنية، مع دعم عربي اسلامي حكومي وشعبي، ليكون بديلاً لحصار دولي على السلطة الفلسطينية، ومن الممكن أيضاً البحث عن الخيارات الفلسطينية البديلة، ومنها حل السلطة الفلسطينية كآخر خيار في حال استمر التعنت الاسرائيلي والدولي، وانكار الحقوق الوطنية الفلسطينية.
التعليقات (0)