ملخص كتاب "عدالة السماء"
محمود شيت خطاب
دار النشر: دار وحي القلم
--------------------------------
عرض الكتاب:
إحترت كتيرا من هذا الكتاب فعندما قرأت مقدمة الكتاب يتسأل الكاتب عن سر انتشار هذا الكتاب الرائع وكانت الإجابة هي الصـــدق؛ وهذا ما وجدته حقا فقد تناولنا في ورشة الأدب هذا الكتاب تلخيصا جماعيا لا أقدر أن أوصف لكم مدى سعدتنا به وإقبالنا عليه، وأتسأل ايضا ياترى ما سر اختيارنا هذا الكتاب الشيق؟!.
أول ما لفت انتباهي في ذلك الكتاب هو عنوانه "عدالة السماء"، فترابط هاتين الكلمتين سوياً قد خلق حالة من الرهبة والإجلال والخضوع لتلك العدالة التي لا تخطيء ولاتغفل؛ لأنها عدالة ملك السماء والأرض، فكأني أجد في هذا العنوان رسالتان إحداهما تطمئن كل مظلوم وتدعوه الأ يجزع وأن ينام هاديء البال لا يخشي شيء؛ لأن العدل حي لا ينام وكتب على نفسه سبحانه أن ينصر دعوة كل مظلوم وأن ينتقم من كل ظالم؛ وتلك هي الرسالة الثانية التي تحملها تلك الحروف في طياتها لكل مجرم أو طاغية، أن اعلم أن الله يمهل ولا يهمل وأنك كما تدين تدان، فأخشى انتقام المنتقم الجبار، فللوهلة الأولى أيقنت أن هذا الكتاب يحتوى على قصص خط القدر كلمته فيها، قصص واقعية حدثت للكتاب شخصياً أو أدرك وقوعها وهذا ما يعطى الكتاب طعما آخر.
إن هذا الكتاب بناء من أبنية الكاتب العراقي الكبير والقائد العسكري المشبع بالوطنية والعروبة محمود شيت خطاب الذي تشرب مباديء الإسلام وأخلاق القرآن وتقلد أرفع المناصب العسكرية، فأمتعنا من قبل بسير الفاتحين العظام وصال وجال بنا في التاريخ الإسلامي العسكري، وها هو ينقل إلينا عصارة خبرته في الحياة؛ يحاول أن يعيد بناء ما تم هدمه من أخلاق أجدادنا الفاتحين؛ يشهر سلاحه –وهو الكلمة والعبرة- في وجه الظلم والرذيلة والفجور، فعدالة السماء" مجموعة قصصية يمضي فيها الكاتب محمود شيت خطاب شاهراً سيفه، يخوض معاركه بقلب شجاع، محدداً الأسباب منطلقاً نحو الهدف ببسالة، شامخاً ليصد هجمات الأعداء الآملين في وقف مسيرة الأمة نحو التقدم والسمو، بنشر كل ما هو هدام ومسئ، فخرج لنا الكاتب بهذا الكتاب، الذي أقرب ما يكون إلى كتاب وعظي لجأ فيه الكاتب لسرد قصص عاصرها، فأحب أن يشارك الناس بها، أّملاً في أن يحذوا حذوه كل كاتب، ليبنوا جميعاً ما تهدم في نفوس الناس، وليكونوا مبشرين ومنذرين، فأنتزع من الدنيا حقائقها ، وأرسلها بشكل قصصي ينزع للفت نظر القارئ للمغزى؛ بأن كما تدين تدان.
بالرغم من صدور الكتاب سنة1968، إلا أنه مازال حتى الآن يحتفظ بسحره الخاص، فربما تقرأه عده مرات و كأنك تقرأه للمرة الأولى، فالقصص التى يحتويها تحدث لنا كل يوم, ولا ترتبط بزمان أو مكان معين بقدر ما ترتبط بالغرائز و النفوس الإنسانية التى لا تتغير.
10. "عدالة السماء"
تدور أحداث القصة فى إحدى مدن العراق، وتتحدث القصة عن أسرة فقيرة ولكنها سعيدة، رب الأسرة يعمل كبائع للخضروات فى محل بسيط ,يأتى كل يوم مساءً حاملاً معه قوت الأسرة مما تبقى من الخضروات فى محله .فى إحدى الأيام وهو عائد لبيته تصدمه سيارة ويتوفى، وتصبح أسرته فى حالة حزن شديد . يقرر الابن الأكبر ذو الخمسة عشر عاما أن يترك دراسته ليعمل مكان والده ويعيل أسرته.
بعد مرور ثلاث سنوات يُطلب الابن لأداء الخدمة العسكرية, وتصبح الأسرة في موقف حرج فلا معيل لها الآن، وأصبحت الأسرة أمام خيارين :إما أن يترك الابن الصغير دراسته هو الآخر ليعمل مكان أخيه، وإما أن تبيع المنزل لتتمكن من دفع البدل النقدى عن ولدها فى الجيش؛ ولجأت الأم للخيار الثانى. ولكن حتى تمكنت من فعل كل هذا كان قد مر 29 يوماً, ومتبقي أمامها يوماً واحداً لدفع البديل النقدي؛ فتسافر في اليوم الثلاثين ليلاً في سيارة متجهه للمدينة التى يؤدي فيها ولدها الخدمة العسكرية,
وفي الطريق يعرف سائق السيارة بقصتها, فيوسوس له شيطانه بقتلها، وبعد أن قتلها رمي بها في وادي وأكمل طريقه إلى المدينة، وفي المدينة يركب معه مسافرون آخرون، ويمرون من نفس الطريق, فيتحجج بقضاء حاجته ليذهب ليرى جثة المرأة؛ فيفاجىء بإنها مازلت على قيد الحياة. يرفع أحد الأحجار ليقتلها ويقضى عليها؛ فيقع فى شر أعماله؛ ليخرج من تحت الحجر ثعبان يلدغه لدغة سامة، ويصرخ الرجل بأعلى صوته؛ ليأتى الركاب بعد سماعهم لصراخه وينقلون الرجل والمرأة إلى المدينة للعلاج، وهناك تخبر المرأة قصتها لرجال الشرطة، وتطلب رؤية ابنها، ويموت القاتل متأثراً بسم الثعبان.يأتي الولد ويأخذ الأموال ويدفع البديل النقدى في اللحظات الأخيرة، ويرجع مع والدته ليستكمل بيعه في محل والده، ويعلم صاحب المنزل الجديد بالقصة، فيرجع لهم المنزل ويساعدهم أهل المنطقة بالأموال لشراء محل جديد. تزدهر تجارتهم ويتخرج الأبناء في أرقى الكليات, ويصبحوا أغنياء وترجع السعادة للأسرة من جديد.
2. "بشر القاتل بالقتل"
تبدأ أحداث القصة بفقدان الرجال الثلاثة الذين ذهبوا لرعى الماشية خارج البلدة، بعد مرور الوقت يختفى أثرهم ويبدأ البحث عنهم، هنا تبدأ لغة الكاتب البسيطة في وصف الجثث ويستعمل كلمات تثير نفس القارئ مثل (الجثث محروقة، وادى سحيق)، تبدأ عملية البحث عن الجناة، وتعثر الشرطة على شقيقين معهما دواب الرجال الثلاثة، ويتم القبض عليهما ويُحكم عليهما بالإعدام شنقاً، ويحكي الكاتب أنه كان منتظر كثيرا هذا اليوم ودخل الزنزانه ورآهما متماسكان صابران ويعترف الأخ الأصغر بأنه هو الذي دبر للجريمة وقام بها وحده؛ ولكن الأخ الأكبر قد ارتكب جريمة أخرى ولم يعاقب عليها، ولكن كما قالت والدتهما بعد شنقهما وبكت حزنا عليهما بشر القاتل بالقتل؛ فهل من معتبر؟ أم على قلوب أقفالها.
3. "ونطق القدر"
يبدأ الكاتب الحكاية بوصف مسرح الأحداث، فنجد أنفسنا وسط "جنة من جنات الله في أرضه"، حيث نلتقي سعاد ذات الجمال البارع التي تزوجت بابن عمها، لكنها كانت مطمع لكثير من الرجال، وكان أحدهم رجلا ثرياً، وكان يراقبها دائماً، ويراها وهي تعاون زوجها في الحقل، وراودها ذات يوم عن نفسها فاستعصمت، لكنها لم تخبر أحداً خوفاً من الفضيحة ومن سطوته، لكن هذا الرجل أصر على أن تكون له. وذات يوم كان زوجها في الحقل يحصد زرعه حتى جنٌ عليه الليل، وكان هذا الرجل العاشق قابعاً في حفرة يترصده حتي وجده وحيداً فصوب نحوه بندقيته فقتله، ثم تسلل إلى القرية في ظلام الليل دون أن يراه أحد. وبدأت التحقيقات في مقتل الزوج، ولم يتوصل رجال الأمن إلى الجاني وأَغلقت القضية. وبعد شهور من مقتل زوجها تزوجها ذلك الثري العاشق، بعد أن بذل كل مافي وسعه للحصول عليها. ومرت أعوام سعاد معه ثقيلة على قلبها، ولم تنس في يوم من الأيام زوجها الأول وحبهما.
وفي أحد الأيام كان الزوج الجديد عند صديقاً له في قرية مجاورة، وفي طريق عودته ليلاً سمع صوت إطلاق نيران وصوت حشرجة محتضر، فاختبأ في حفرة وأخرج مسدسه ليدافع عن نفسه، وبعد توقف إطلاق النار أقبل الناس ومعهم رجال الشرطة، فوجدوه في تلك الحفرة فوق جثة هامدة وثيابه ملطخة بالدماء ومسدسه في يده، وقاده رجال الشرطة متهماً بالقتل، فكل القرائن ضده، ولم يفده دفاعه في المحاكمة، وحكمت المحكمة عليه بالإعدام شنقاً.
ويوم تنفيذ حكم الإعدام أسر إلى زوجته بأنه هو من قتل زوجها الأول لكي تكون له، لكنه لم يقتل الرجل الذي حُكم عليه بالإعدام من أجله، فقد انتقم الله لزوجها الأول منه ، ونطق القدر: "بشر القاتل بالقتل”.
4. "دقة بدقة"
تبدأ الحكاية عندما يسافر ابن هذا الرجل فى رحلة للتجارة، و أثناء رحلته يرى فى شارع مقطوع فتاة جميلة، فتسول له نفسه التى وصفها "محمود شيت خطاب" ب"الأمارة بالسوء" بأن يقبّلها, فيفعل ذلك و يجري، ثم يعود للبيت ليجد أباه يقابله بكل حزم و يسأله "هل قبّلت فتاة؟ و متى و أين؟ "، ثم يقص عليه الأب أن فى أثناء غيابه أتى السقا إلى البيت و فتحت له أخته، و عند خروجه خطف السقا قبّلة من أخته و جرى.
ثم أنهى الرجل كلامه بأنه كان يتقي الله دائماً فى كل نواحى حياته حتى لا يكون مدينا لله بشئ، و الآن، تؤدي الأخت دين أخيها, و ما فعله السقا كان "دقة بدقة”.
5. "الإنسان الظلوم"
حدثت هذه القصة مع رجل متوسط الثراء من العراق يعمل في شراء الأبقار، أصابته العاصفة الثلجية كما أصابت الجميع, فجمع ما تبقى من ماله وأبقاره وتوجه إلى إحدى القرى لسداد دينه، وما أن وصلها حتى نزل بإحدى البيوت الفقيرة, وهناك تم استقباله بكرم الضيافة والترحاب, وما أن نزل الليل حتى مُنح فراشاً في الجهة اليسرى في نفس الحجرة التي يقطنها ابن المضيف، بينما كان فراش ابن المضيف في الجهة اليمنى.
وما أن أُطفئت الأنوار حتى بدأ الطمع وعدم الرضى يتسللان إلى قلب المضيف وزوجته, فسولت لهما نفسهما بحجة الفقر بقتل الضيف وسلبه ماله.
وفعلاً توجه المضيف وتتبعه زوجته إلى حجرة الضيف المظلم، وطعنه في عنقه, وقاما بجره للخارج لرميه في أحد الأودية كما اتفقا, إلا أن النور كشف عن فجيعة غير متوقعة وهي أن المقتول هو ابنهما الوحيد!
أصاب الذهول والندم أصحاب البيت, في حين أن طيبة الرجل وحنان قلبه الذان منعاه من إيقاظ ابن المضيف عندما كان يسامره فنام على فراشه، كانا السبب في إنقاذ حياته ونصرته.
6. "اليمين على من أنكر"
يبدأ الكاتب القصة ببراعة استهلال غاية في الجمال، حيث يفاجئ القارئ بمشهد يجذب الانتباه يبدو كأنه نهاية القصة حيث نجد شخص لم يذكر الكاتب اسمه – فقط اكتفى ب وضع نقاط (...) – يقف أمام القاضي ينكر أنه مدين لورثة الحاج إبراهيم بشئ، فأقسم و غادر المحمكة بعد الحكم بالبراءة، و لم يكد يتخطى عتبة المحمكة إلا و سقط ميتاً .
كان الحاج ابراهيم تاجر شديد الكرم , في يوم جاء إليه السيد (…) يقول له أنه جاره وأنه يمر بضائقة و أن الزروع لم تعط ثمن بذورها وأنه يحتاج إلى مبلغ 500 ألف دينار حتى يسدد ديون، ووعده بالسداد في موسم الحصاد، أعطاه الحاج المال و لم يكتب ورقة بذلك و قال له بيني وبينك الله فهو نعم الوكيل و نعم الشهيد.
و بعد سنة مات الحاج إبراهيم ، و راجعت زوج الحاج دفاتره وساعدها أخوها المحامي و علمت
----------------------------------------------------------------------------
عن المؤلف:
نشأته و حياته:
محمود شيت خطاب، عراقي وُلِد في مدينة الموصل (1919م) و توفيَّ (الثالث عشر من ديسمبر 1998م) و شارك في حرب عام 1948م, نشأ خطاب نشأة إسلامية في أسرة تعمل بالتجارة، وساعدت جدته في زرع المبادئ الإسلامية داخلهُ و رسخها حضوره لمجالس الكتاتيب في المساجد و تعلم التجويد و الكتابة، بعد التخرج من المدرسة الابتدائية قاده القدر للالتحاق بالكلية العسكرية عام 1937م، و تخرج برتبة ملازم في سلاح الفرسان، وخلال حياته العسكرية بُعِث في دورة إلي برطانيا لمدة سنتين، مما أثقل من موهبته، حيث ثقافات و خبرات مختلفة و التعرف علي العام الغربي، و تم بعد ذلك ترقيته لرتبة لواء مما جعله يتقلد مناصب وزارية عدة. شارك في ثورة رشيد الكيلاني عام 1941م، و اُغتقل و نالهُ تعذيب شديد، و عمل بعد ذلك بالتدريس في الكليات العسكرية في مصر و العراق، و شغل أيضاً بعض المناصب الهامة في بعض المجامع اللغوية و المؤسسات الإسلامية مثل: عضو مؤسس لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
مؤلفاته:
و بعد كل ما مر به من ثورةٍ هنا، و اعتقالٍ هناك، و حروب، و تَعامُل مع أجناس مختلفة، واحتكاك بمختلف الأشخاص ما بين طلبة و قادة و وزراء، أغنياء و فقراء؛ فمن الطبيعي أن نجد له أكثر من 120 كتاباً معظمهم في التاريخ العسكري والفتوحات العربية الإسلامية وقادة تلك الفتوحات والمصطلخات العربية في الإسلام مثل: الرسول القائد، الصديق القائد، عمرو بن العاص، الفاروق القائد، غزوة بدر، قادة فتح مصر، القتال في الإسلام، المصطلحات العسكرية في القرآن الكريم، قادة فتح المغرب، التصور الصهيوني للتفتيت الطائفي، العدو الصهيوني، جيش النبي.
لماذا كتب "عدالة السماء"؟و علاقته بكتبه الأخرى؟
"عدالة السماء" كتاب يتضمن قصص واقعية حياتية، كان الهدف منها الدعوة إلي الله، حيث يقول الكاتب: "الدعوة إلي الله بأسلوب قصصي ربما يؤثر في الشباب و الشابات أكثر مما يؤثر فيهم أسلوب آخر"، و هذا ما دفعه لتسجيل هذه القصص و كان هذا رداً علي تساؤلات من كثيرين عن كيف لكاتب له باعٍ كبير في الكتب الجادة في التاريخ العسكري العربي الإسلامي و قد صوَّر العديد من القصص الواقعية للحياة السياسية لأعظم القادة، أن يأتي بهذا الكتاب الذي بين أيدينا؟.... حيث كتاب "الرسوا القائد" و تناول سيرة رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) و قيادته الحكيمة، و "الفاروق القائد" و شخصية عمربن الخطاب، و "عمرو بن العاص"، و غيرهم من العظماء، و بعض الكتب السياسية عن القتال في الإسلام و الصهيونية و كيفية فهم العدو....
إلي كتاب "عدالة السماء" حيث قصص واقعية أيضاً, و أنواع أخرى من البشر ليسوا بقادة مشهورين أو حتى رموز عربية مشهورة، فهي لأشخاص بسطاء، مغمورين السيرة، و لكن بعضهم كانوا قادة في المُثل العليا أو أبطال أخطأوا ثم أدركوا قدرة الخالق في تصحيح كل خطأ و ظلم، فمنهم تاجر الخضروات البسيط في "عدالة السماء"، و أم لأثنيين من المجرمين تلقن الناس درساً في الموت الشريف في "بشر القاتل بالقتل"، وغيرهم كتاجر أقمشة ثري و الحاج إبراهيم ... فهؤلاء ذاقوا من الحياة مرها و حُلوها و مروا بقصص (أشبه بالخيال) تحمل في طياتها عبر كفيلة بتعليم أمة ما معنى "عدالة السماء"! مما جعلهم يستحقون الشهرة بعد نشر هذا الكتاب الثقيل بقصصه، التي قال عنها خطاب: "أنها قصص تبني ولا تهدم، وتعمر ولا تخرب، و تقيم القلوب و العقول معاً علي أسس رصينة من الإيمان العميق".
ختاماً, نجد رجلاً استمسك بمبدأ في كل مؤلَفاته و هو "الصدق".....حيث قال خطاب: "ربما ينجح الخطيب الكاذب الذي يريد وجه الشيطان ساعة و لكنه لا ينجح إلي قيام الساعة", و أن الكلمة الصادقة هي التي تؤثر في الناس
التعليقات (0)