ملتقى قصيدة النثر العربي بقفصة في دورته الثانية
الشابي لم يكتب قصيدة النثر
انعقد بدار الثقافة ابن منظور بقفصة 350كم جنوب العاصمة التونسية ملتقى قصيدة النثر العربية في دورته الثانية ايام 4/5 ديسمبر وقد جاءت هذه الدورة تحت عنوان ’’ النثر الشعري عند الشابي ’’ وقد أراد منظمو هذه الدورة وعلى رأسهم الشاعر عبد الوهاب الملوح ان يتطرقوا لمسألة خاصة في ختام سنة الاحتفال بمائوية الشابي ألا وهي نثر الشابي وقد عده بعضهم ضمن ’’ قصيدة النثر ’’ ولهذا الغرض تمت دعوة مجموعة من النقاد والدارسين لتقديم مداخلات في هذا الشأن وقد تضمنت الجلسة العلمية الأولى برئاسة الاستاذ عبد الرحمان رشيد أستاذ الترجمة بالمعهد الأعلى للسانيات بقفصة ثلاث مقاربات لنثر الشابي كانت الاولى للاستاذ محمد الصالح بوعمراني الذي رأى ان الشابي حاول في كتاباته ان يخرج عن الإجناس الادبي ولكنه اصطدم بميله للشعر العربي في صيغته التقليدية ولذلك جاءت كتاباته النثرية في الرسائل والمذكرت خلوا من الشعرية و من هنا انتهى كتاب الدلالةالعرفانية الىى انه ليس هناك كتابتة إلا وتنتمي الى جنس ادبي ما لكن نثر الشابي لا ينتمي لقصيدة النثر وهو يدخل اساسا في اليوميات وقد ارتأى نصر الدين الزاهي استاذ الفلسفة معالجة كتابات الشابي النثرية من حيث شموليتها واعتبر ان ما خلفه صاحب الخيال الشعري عند العرب هو من الشعر المنثور على غرار جبران والريحاني وقد ناقشه الكثير من الحاضرين حول هذه النقطة بالذات خاصة وقد اكتفى في تصوره لقصيدةالنثر من مفاهيم هي كلاسيكية في توجهها على الغالب ولئن جاءت مداخلة الناقد عمر حفيظ متعلقة بالاساس حول الايقاع في قصيدةالنثر العربية فحاول الناقد ملامسة مسألة مستعصية الا وهي الايقاع وكيفية مقاربته او ضبطه في قصيدةالنثر مهتديا بذلك باراء هنري ميشونيك وهو ما اكد في نهاية مداخلته ان الامر بعيد جدا لتصنيف نثر الشابي ضمن قصيدة النثر وفق الرؤيا الايقاعية لها وتدخل الحاضرون بملاحظات انصبت اغلبها حول ضرورة تجاوز مقترح سوزان برنار ومناقشتهم لتصوراتها خاصة وان قصيدة النثر العربية راكمت ابداعيا أشكالا وانماطا من القول الشعري المتجاوز وكان هناك من راى ان الشابي قد كتب قصيدة النثر لكن لم يدعم رأيه بتحليلات ومقاربات نقدية عميقة وانتهت الجلسة الاولى بقراءات شعرية لشمس الدين العوني والمنذر العيني الذي اصدر مؤخرا مجموعة شعرية عند دارالنهضة بلبنان وانهى القراءات الشعرية محمد الهادي بوقرة الذي وان عرفه الجميع شاعر تفعيلة وعمودي خاصة في اصداره الاخير ’’ أرض المعنى’’ لكنه فاجأ الجميع بقصائد نثر متميزة .
كانت الجلسة العلمية الثانية اكثر من مهمة ليس لان الكلمة فيها كانت لثلاث دكاترة بالجامعة التونسية وليس لانها ايضا كانت برئاسة الكاتب ابراهيم الدرغوثي رئيس فرع اتحاد الكتاب التونسيين وعضو الهيئةالمديرةلاتحاد الكتاب نظرا لطريقته الخاصة في ادارةالجلسات ولكن اهمية هذه الجلسة اتت من جهةانها تصدت للموضوع بعمق ومنهحية صارمين فتولى الكلمة اولا الدكتور مصطفى الكيلاني الذي صدر له مؤخرا كتاب مرايا العتمة قصيدة النثر العربية ومستقبل الشعرالعربي جاءت مداخلة الكيلاني والتي كان عنوانها ’’ السياق الشعري المحايث لأدب الشابي : المذكرات ’’ وقد حسمت هذه المداخلة في كتابة المذكرات على انها يوميات ترتقي الى مستوى الشعري ولو تخللها بعض التوهج في الكتابة اما محاضرة المنصف الوهايبي فقد صبت في نفس الفكرة على ان الشابي كان شاعر عمود بامتياز وكان مما قاله الوهايبي:
قد يكون نثر الشابي أقرب إليّ من شعره الذي لا ينهض أكثره على التكثيف اللغوي
ولا يتولّى الاقتصاد في العبارة بل قد يكشف عن تبذير للكلمات.. أما في نثره الشعري فهو لا يزهد في تسمية عالمه الرومنظيقيون بتشكيل بصريّ محدود’’
وقد اعتمد صاحب كتاب العصا على نص ’’ صفحات دامية من حياة شاعر ’’ لأبي القاسم الشابي وهو النص الذي اعتمده الدكتور محمد الصالح بن عمر ليؤكد ان أبا القاسم الشابي في نثره الشعري كان مقدمة لما سياتي من بعد في غير العمودي والحر وكان مما قال:
ان هذه القصيدة لا تنطبق عليها كل مواصفات قصيدة النثر التي نظرت لها سوزان برنار في أطروحتها الموسومة بقصيدة النثر من بودلير إلى يومنا هذا وعرفتها كالآتي : " هي عبارة عن نص نثري قصير يشكل وحدة وسمته الأولى هي الاعتباطية أي أنه لا يهدف إلى سرد حكاية أو إلى تبليغ معلومة وإنما إلى محاولة التأثير الشعري" ( 19).
فالشرط الأول وهو القصر لا يتوفر في هذا النص الذي جاء اشتمل على إحدى وعشرين جملة ومثله الشرط الثاني وهو الخلو من السرد أو اللازمنية.
لكن الغاية من اشتراط القصر هي التكثيف لأن العبرة بنوعية النص لا بطوله . فإذا نظرنا إلى نصنا من هذه الزاوية وجدنا تكثيف الإيقاع والصورة فيه ، كما رأينا ، حاصلا لكثرة وسائل التنغيم و الصور المجازية التي يزدحم بها حتى داخل الجملة الواحدة .
و أما التأثير الشعري أو التوهج فهو أمر نسبي . ففي الثلث الأول من القرن العشرين و إن كانت السريالية في أوجها بفرنسا فإن فكرة إنشاء الصورة المباغتة القائمة على كسر قاعدة التناسب بين المشبه والمشبه به أو بين المستعار والمستعار له أو بين المكني والمكني عنه لم تتسرب بعد إلى الثقافة الشعرية العربية التي ظلت وفية لمعقولية المجاز التقليدي
طبعا كان من شأن هذه المداخلات أن تثير الكثير من النقاشات من قبل الحاضرين فمحمد الصالح البوعمراني رأى ان اليوميات تدخل ضمن جنس ادبي وهو ما عارضه فيه مصطفى الكيلاني اما عمر حفيظ فكان اعتراضه بالأساس على منهجية محمد الصالح بن عمر ورأى الهادي بوقرة ان الشابي في كتاباته النثرية كان متأثرا بجبران وطالما كان جبران النواة الاولى لقصيدةالنثر العربي فيمكن اعتبار نثر الشابي نواة لقصيدة النثر التونسية واختتمت الجلسة الثانية بقراءات شعرية للمنصف الوهايبي الذي كان متألقا في شعره كالعادة وقرأ قصيدة بنجامين بوتون التي اسرتالحاضرين وعبد الوهاب الملوح وسندس بكار ورياض الشرايطي وبها اختتمت الدورةالثانية من ملتقى قصيدةالنثر العربية على ان يكون عنوان الدورة القادمة ’’ قصيدة النثر العربية : التجربةالتونسية نماذج’’
أعد أساتذة المعهد العالي للفنون والحرف معرضا بالتوازي مع الندوات وجاءت لوحات اساتذة المعهد من وحي أشعار الشاعر الفقيد عامر بوترعةالذي احتفت به الدورة وهو من اصيلي مدينة قفصة حيث أقيم معرض للوحاته وعرض تسجيلي لبعض مخطوطاته وقراءت شعرية لقصائده
التعليقات (0)