لاحظنا أن محاربة الفساد والدعوة الى الاصلاح كانت من المطالب المتكررة ضمن شعارات القوى الوطنية منذ اعلان مشاركتها في الاعتصامات والمسيرات التي انطلقت في الجمعة التالية لمسيرة ذيبان الاولى (كانت مسيرة ذيبان الاولى في 14/1/2011 وبدأت القوى الوطنية والحزبية تنظيم فعالياتها في الجمعة التالية 21/1/2011 ) . وكانت عمليات الخصخصة أحد أهم الموضوعات التي أثارتها تلك القوى كأمثلة على حالات الفساد ، وشكلت الورقة التي أصدرتها اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين نقطة بارزة في هذا المجال .
من المرجح أن تكون عمليات الخصخصة قد شهدت العديد من حالات الفساد بحيث كانت أسعار بيع بعض المؤسسات التي تمت خصخصتها أدنى من الارباح التي حققتها تلك المؤسسات خلال عام واحد بعد نقل ملكيتها ، ولكن قد يكون من الصعب جدا إثبات حالات الفساد تلك والتي قد تكون قد تمت بالاساس عن طريق تقديم الرشاوى ، مما يصعب اثباته بالوسائل القانونية دون الحصول على إقرار الاطراف المشاركة بحالات الرشاوى بتقديمهم أو حصولهم على الرشاوى وهو أمر مستبعد كما يعلم العاملين في مجال القضاء والقانون. وقد طالبت بعض القوى الوطنية بإعادة تأميم تلك المؤسسات واستعادتها وهذه المطالبات قد لا تكون واقعية في ضوء الالتزامات التعاقدية التي منحت عمليات الخصخصة الصفة القانونية.
قد تكون مطالبات القوى الوطنية المشار اليها قائمة على غايات نبيلة تتمثل بالرغبة باستعادة مقدرات ومؤسسات الوطن ولكن قد يكون التعامل مع الواقع القانوني أمرا حتميا لا يمكن تجاهله مما قد يجعل من الافضل لو يتم توجيه المطالبات نحو قنوات واقعية كإعادة النظربالضرائب المفروضة على تلك المؤسسات والمطالبة بإصدار قائمة تتضمن ما تبقى من مقدرات الوطن بما يتضمن الأراضي الاميرية ووقف التصرف بها وإعادة النظر بقانون الدين العام بحيث يتم الحد من قدرة الحكومات على التوسع في الاقتراض وتلك الامور قد تشكل وسيلة أفضل لحماية مصالح أجيال المستقبل .
أما رفع المطالب التعجيزية غير الواقعية فقد تكون وسيلة يستخدمها البعض لمجرد تحقيق ضغط لاجبار صناع القرار على تقديم تنازلات غير معلنة لهم لأنهم يعلمون ان تلك المطالب قد لا يكون من الممكن تحقيقها . أما العمل لمصلحة الوطن وأجيال المستقبل فقد يتطلب السعي للمحافظة على ما تبقى من مقدرات الوطن الى جانب السعي لاسترداد ما قد تم فقدانه .
(الجزء الثاني من مجموعة ملاحظات حول السياق الاردني في الذكرى نصف السنوية الأولى لانطلاق الربيع العربي)
kalidhameed@hotmail.com
التعليقات (0)