ملاحظات على هامش الربيع الاردني (1)

كانت جماعة الإخوان المسلمين من أبرز القوى السلبية التي أدت سلوكياتها إلى إضعاف الربيع الأردني وتحديد مساره ، وهذه النتيجة ليست مفاجئة بل وتعد نتيجة طبيعية بالنظر إلى أهداف الجماعة التي تسعى إلى تحقيقها ، وهي بالأساس الوصول إلى السلطة ، وقد يمكن القول بأن مقولة أن "رأس المال جبان" تنطبق بشكل كبير في هذا السياق ، فالجماعة تظهر أقصى درجات الإنتهازية في سلوكياتها ، وتمتنع عن إستثمار إمكاناتها لمصلحة الوطن والمواطن ، بل وتسعى إلى توجيه جهود القوى الوطنية الاخرى لتحقيق مصالحها الذاتية.
تعاملت جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي ، حزب جبهة العمل الإسلامي ،مع الحراكات الشعبية الاردنية بناءا على قاعدة شاذة كانت من أهم أسباب إضعاف وإفشال الربيع الاردني ، ويمكن تسمية تلك القاعدة بقاعدة (س-1=0 : حيث يمثل الرقم واحد جماعة الإخوان المسلمين ويمثل الرمز " س" في المعادلة السابقة الحراكات الشعبية التي تمكنت الجماعة من إختراقها والهيمنة عليها). بمعنى أن الجماعة عملت على إختراق غالبية الحراكات الشعبية التي نشأت خلال العامين الماضيين ، وسيطرت على تلك الحراكات بحيث تمكنت من التحكم بمساراتها وفعالياتها وشعاراتها ، بحيث أصبحت تلك الحراكات مجرد ذراع إضافية للجماعة ، كما و أصبحت تلك الحراكات تتصف بدرجة كبيرة من الضعف بحيث يمكن للجماعة تحديد مسارها بل و تفكيكها في الوقت الذي تشاء.
وبشكل موازي لإختراق الحراكات الشعبية والعمل على توجيهها للعمل لتحقيق أهدافها ، عملت جماعة الإخوان على محاربة وإضعاف الحراكات الشعبية التي لم تتمكن من إختراقها ، بل وحتى بعض الأطر والتحالفات التنسيقية التي تم تشكيلها بالشراكة بين الجماعة وأحزاب المعارضة الاردنية كالجبهة الوطنية للإصلاح وتنسيقية أحزاب المعارضة قبلها . فقد حاولت الجماعة إخضاع تلك الأطر لهيمنة الجماعة كما يعرف المتابعون لفعاليات تلك الأطر و كواليس إجتماعاتها .ومن الأدلة على إستمرار النهج السابق حتى في مرحلة ما بعد مسيرة 5/10 ، المسيرة القادمة التي تسعى الجماعة إلى تنظيمها في محافظة إربد يوم الجمعة القادمة 19/10 وتحاول الجماعة تسويقها والدعوة إليها بإسم الجبهة الوطنية للإصلاح ، بينما قامت الجماعة في الواقع بإستبعاد مكونات الجبهة الوطنية للإصلاح عن إتخاذ القرارات المتعلقة بتلك الفعالية كما يظهر البيان الذي أصدره حزب الوحدة الشعبية وأعلن فيه مشاركته في مسيرة الإئتلاف الشبابي والشعبي للتغيير وعدم المشاركة في مسيرة الجماعة التي ليس للجبهة الوطنية للأصلاح أي علاقة بها في واقع الأمر .
قبل إستكمال محاور المقال في أجزاءه التالية ، نقدم بعض الملاحظات حول بدايات تأسيس الجماعة ومؤسسها حسن البنا الذي حلت ذكرى ولادته قبل أيام . فسلوكيات جماعة الإخوان المسلمين ليست غريبة بالنظر إلى تلك البدايات، فمنذ تأسيس الجماعة من قبل حسن البنا ، كانت الجماعة مجرد أداة لتحقيق المكاسب ، وقد كان إختيار الدين قائما على جاذبيته وقدرته على إستقطاب الجماهير فقط ، فتوجهات المؤسس حسن البنا وشخصيته كانت لتتناسب بشكل أكبر مع تأسيس جماعة من العوالم والبهلوانات وضاربي الدف ، لوكانت جاذبية هؤلاء كبيرة بحيث تمكنه من إستقطاب الجماهير وتحقيق الأهداف ، فمراجعة سيرته الذاتية تبين أنه كان يهتم بما يمكن أن نطلق عليه مسمى " الأدب الخليع " ، فمن الحقائق التي يحاول الإخوان تغييبها وتجاهلها أن البنا كان قد كتب رواية حول المغامرات العاطفية والجنسية ترويها جارية ، ويمكن أن تكون تلك هي ريادة البنا الفعلية في مجال تأسيس أدب البورنو porno العربي ، ونتمنى لو يتم العثور على نسخ من تلك الرواية لتأكيد ريادته في هذا المجال رغم أنه يشير إلى أنه أتلف نُسخ الرواية بعد إنتقاله إلى الإسماعيلية وبدء عمله على تأسيس الجماعة في مرحلة لاحقة (يمكن الإطلاع على ذلك في كتابه مذكرات الدعوة والداعية ) ، كما ويعلم المطلعون بأنه أيضا قام بتحقيق ونشر ديوان "صريع الغواني" للشاعر أبي مسلم الأموي . ونضيف إلى ذلك أنه خلال الإجتماعات الأولى لتأسيس الجماعة كان يدير فرقة مسرحية تمثل روايات العشق العربي ، كان منها حكاية جميل بثينة التي كتب نصها المسرحي للفرقة شقيقه عبد الرحمن.
يتبع.......