مواضيع اليوم

ملاحظات عابرة عن اطروحة دكتوراه


عبد الهادي فنجان الساعدي
الاثنين 22-08-2011

سمعنا عن الجيل السابق لنا بان الدكتور " فيلبس " الذي كان يدرس اللغة والادب الانكليزي لطلاب " جامعة بغداد " في الستينيات عندما كان يحمل شهادة الماجستير وقد ذهب بعدها الى انكلترا وحصل على شهادة الدكتوراه بمدة ستة اشهر بموضوع من اكثر المواضيع صعوبة في الادب الانكليزي . انه " شكسبير " ، الاديب والشاعر والمسرحي الانكليزي الذي لم يترك الانكليز او طلاب الادب الانكليزي اي جانب من جوانب حياته او منجزاته الادبية الا ودرسوها دراسة تكون اعمق مما يدرس غيره ، وعلى الرغم من مرور " 350 " سنة على وفاته الا ان الاستاذ " فيلبس " استطاع ان يجد جانباً لم يبحث فيه غيره ، وحصل على شهادة الدكتوراه بامتياز وبمدة وجيزة .
اما هنا في العراق فقد وجدنا الكثير من رسائل الماجستير واطاريح الدكتوراه التي لاتساوي قيمة الورق الذي كتبت فيه .
وعندما حضرنا مناقشة اطروحة الدكتوراه التي تقدمت بها الطالبة " باسمة خضير عباس " الى كلية الزراعة في " جامعة بغداد " والتي عنونتها " دراسة تعدد المظاهر للجينات الطافرة باستعمال تقنية وتأثيرها في الاداء التناسلي لدى النعاج العوسيات " وتمت المناقشة " في " قسم الثروة الحيوانية " وكانت المناقشة برئاسة الاستاذ الفاضل الدكتور عبد الرزاق عبد الحميد وعضوية كل من :
1ـ د. سعد محمد الندا / مشرفاً .
2ـ د. محمد علي اسحاق / مشرفاً .
3ـ د. عبد الكريم عبد الرضا / عضواً .
4ـ د. مشعان عباس عبد / عضواً .
5ـ د. عبد الكريم عبد الرزاق / عضواً .
6ـ د. طلال انور عبد الكريم / عضواً .
ان طريقة اكثار الاغنام بالطرق التقليدية قد تكون ناجحة في بعض الاحيان الا انها فاشلة في احيان كثيرة . والاغنام التي تسمى " العوسيات " تعد من النوع الجيد من الاغنام والتي يحاول الرعاة الاكثار منها ولكن بالطرائق العشوائية .
اما الطرائق العلمية فقد استطاعت " اسرائيل " البحث في هذا المجال فاستطاعت منذ سنوات طويلة ـ بحسب ما علمنا ـ ان تطور هذا النوع من الاغنام اذ اصبحت انثى العواسي تلد اثنين بدل وليد واحد . وقد ثبتت هذه الطرائق بشكل علمي حتى اصبحت من الطرائق البسيطة في هذه البقعة .اما هنا في هذه الدراسة فقد ابدعت طالبة الدكتوراه " باسمة خضير عباس " في هذا المجال حتى استطاعت ان توجد طريقة اكثار للاغنام " العواسي " اذ تلد النعاج ثلاثة مواليد بدل اثنين كما في " اسرائيل " او ولادة واحدة كما عند الرعاة عموماً في الدول العربية .ان هذه الاطروحة ـ فيما لو طورت وتم الاستمرار ببحوثها ـ ستعد فتحاً علمياً في مجال الثروة الحيوانية .على الرغم من كثرة الاسئلة التي اصبحت بالطريقة الاعتيادية للمناقشة في اي رسالة ماجستير او اطروحة دكتوراه الا ان ذلك لم يمنع الاساتذة المختصين من ابداء اعجابهم بهذه الاطروحة والحيوية التي تمتاز بها بشكل واضح ، وقد ظهر الجهد المتميز في هذا المجال .
تمت المناقشة في بعض جوانبها في التفاصيل ويقال بان " الشياطين تسكن في التفاصيل " وهذا مانفعله عند دخولنا في التفاصيل وهذا ماحدث اذ تم التركيز على التفاصيل اكثر مما تمت مناقشة هدف الاطروحة الخلاق والذي ستعمل الدول الاخرى وتهتم به اكثر مما سنفعل ، وهذه الرؤية المستقبلية التي نعيها نتيجة دراسات وبحوث سابقة كانت بناءة الا انها لم تجد من يقرأها في هذا البلد او يحاول ان يكون وطنياً في التطبيق بدل الشعارات وبيع الهواء المليء بالحروف النارية التي مضى عليها قروناً عديدة ولانقصد بذلك كلام الله الذي استغل ايضاً في مجال الوطنية والشرف والقيم التي لانعي انها اصبحت بائدة وبقي القرآن يحتفظ بكل امتيازاته الالهية .
كان الدكتور مشعان عباس عبد اكثر المناقشين مثابرة في الاسئلة والدخول في عمق التفاصيل الا انه كان يراوح بين التوجه العلمي والعطف الابوي الذي يشعر به الاستاذ ازاء طلابه وقد ظهر ذلك من خلال اسئلته ومن خلال طريقة المناقشة التي تمتاز بالادب الجم والروح العلمية التي ظهرت من خلال المناقشة ولاسيما الخاتمة التي قال فيها بانه لايملك اي توصيات وذلك شاهد على رصانة واهمية هذه الاطروحة .بعد ذلك ناقش الاطروحة الدكتور عبد الكريم عبد الرزاق الذي ركز على النواحي التنظيمية ـ بشكل رئيس ـ فضلاً عن بعض الملاحظات العلمية الدقيقة التي اظهرت سعة افق هذا الدكتور الشاب .بعد ذلك بدأ الاستاذ الدكتور عبد الكريم عبد الرضا بالمناقشة وقد اشاد في البداية بهذه الاطروحة وركز على اهمية البحث لكونه اجري في العراق .كانت اسئلة هذا الدكتور دقيقة جداً الا ان البساطة تكمن في طريقة طرحها وهذا ما امتازت به هذه الفقرة المخصصة لهذا الدكتور وقد كانت طروحاته بناءة ومقترحاته علمية .عندما جاء دور الدكتور طلال انور عبد الكريم الذي بدأ كلمة وفاء لاساتذته ثم انهمرت ملاحظاته التي دعا فيها طالبة الدكتوراه الى ان تعطي استنتاجاتها لكي تترك بصمتها على هذه الدراسة القيمة .
كما اضاف الكثير من الملاحظات التي اختلف معه رئيس الجلسة في بعضها واتفق معه في البعض الاخر .
كان هذا الدكتور اصغر المشاركين في هذه المناقشة الا انه كان اكثرهم جرأة في طروحاته التي يتسم بعضها بالعلمية واضافاته من المصادر التي اعتمد عليها . لقد ظهر بانه قرأ الاطروحة ووضع الكثير من الملاحظات التي اثبتت هذا الذي حدث الا ان الكثير من الاعتراضات العلمية من بقية الاساتذة ظهرت ضمن المداخلات .
ما اثار انتباهي واعجابي هو مداخلات الدكتور عبد الرزاق عبد الحميد رئيس اللجنة الذي كان في قمة الواقعية والعلمية واثبت جدارته في رئاسة الجلسة وكذلك النقاش ، والذي كان يصحح ويحدد ما هو واقعي وما هو طوباوي ازاء الظروف التي يمر بها البلد .
دخل في نهاية الجلسة الدكتور المشرف سعد محمد ندا واختصر الملاحظات بالموافقة على ما طرحه المناقشون وكذلك كان المشرف الاخر محمد علي اسحاق الذي يقف على رأس القسم بكل جدارة وشرح كذلك الظروف التي كانت تعاني منها هذه الطالبة في مثل هذا البلد المليء بالنيران والبارود اكثر مما يعني العلم والتطور العلمي . في هذه الحالة تكون الدراسة متميزة في مثل هذه الظروف التي يعيشها البلد فقد ابدعت الطالبة في ظل دخان البارود والقتال وانجزت اطروحتها الرائعة .
لقد اتسمت بالعلمية وبشرت بمستقبل في بارقة امل في نهاية النفق ويبقى الاهم وهو من سيقرأ هذا الجهد المضني ومن سيحوله الى واقع ليزدهر جانب مهم من جوانب الحياة في العراق " بلاد مابين النهرين " .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !