على إثر اكتشاف خردة مشعة بإسبانيا واردة من المغرب (القنيطرة) أعربت أكثر من جهة،عن قلها الشديد حيال هذه الواقعة التي من شأنها أن تمس الصحة والسلامة للمواطن. وطالبت بفتح تحقيق عاجل وتقديم توضيحات للرأي العام المغربي عامة ولساكنة القنيطرة بالخصوص حول هذه النازلة لضبط المعطيات المرتبطة بها والتأكد من مصدر المواد المشعة ومدى خطورة انعكاساتها.
وكعادتها،قبل تبين حقيقة الأمور،انقضت الصحافة الجزائرية المعادية للمغرب على الحادثة و أخرجت أخماسا في أسداس لمحاولة النيل المبيت من سمعة بلادنا.
وقال صاحب نكتة،إنها المرة الأولى التي انقلبت فيها الآية،عوض أن يتخلص الغرب من نفاياته النووية بترحيلها إلى بلدان الجنوب وقع العكس.
أدت هذه النازلة إلى تناسل عدة أسئلة، منها: هل أحدثت هذه القطع الخبيثة أضرارا ما بساكنة القنيطرة؟وهل هذه القطع خضعت لمراقبة ما؟ومن هي الجهة المسؤولة عن هذا التقصير الخطير الذي يشي بعدم الاهتمام بصحة المواطنين أولا والاستخفاف من تداعيات التأثير السلبي على صورة المغرب ما دامت الشحنة موجهة إلى الخارج؟وهل تم إخفاء القطع الحديدة المشعة المشحونة بميناء القنيطرة عن أنظار المركز النووي بفعل فاعل،وبالتالي لم يتمكن من رصدها للقيام بالمهمة الموكولة له قانونياً؟وإذا كان الأمر كذلك من هي الجهة المسؤولة عن هذا التقصير أو الإهمال وما هو السبب الكامن وراءه؟ وقبل هذا وذاك كيف فلتت القطع الحديدية المشعة عن أنظار المركز الوطني للحماية من الإشعاع؟
من هنا بدأت القصة
طالبت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان من كل من وزير الصحة ووزير الداخلية بفتح تحقيق نزيه و مسؤول بخصوص إشعاعات نووية،أكدت أنها تسربت من المفاعل النووي المتواجد ببلاد الدندون بغابة المعمورة جنوب مدينة القنيطرة.
علما أن هذه الرابطة قدمت على هذه الخطوة بعد تداول أخبار بالديار الإسبانية مفادها أن مجلس الأمن النووي الإسباني رصد قطعة إشعاعية نووية قادمة من المغرب حطت الرحال بشركة إسبانية تعالج النفايات الفولاذية بمدينة إشبيلية وكان قد أبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالأمر بعد اتخاذ كل الإجراءات الإحترازية والوقائية.
رد المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية الفوري
على إثرهذا قام المركزالوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية القائم على المفاعل النووي، بنفي- جملة وتفصيلاً-كل المزاعم الواردة في بيان الرابطة.إذ أقرّ المركز-بما لا يخامر المرء أدنى شك - بعدم حدوث أي نوع من التسرب من المفاعل.
وإذا كان المركز المذكوررد توا لإبعاد المسؤولية عنه،فإن المركز الوطني للحماية من الإشعاع ظل في سبات عميق كأن شيئا لم يحدث.
ويجهل هل اتخذت السلطات المغربية إجراءات التحقيق والسلامة في مكان ما في القنيطرة أو ضواحيها.
ومما جاء في بيان المركزأن مروجي هذه الإشاعات "خلطوا بين معلومات نشرتها السلطات الإسبانية تهم الكشف عن مصدر مشع٬على مستوى مصنع للصلب باشبيلية٬داخل حاوية للخردة قادمة القنيطرة"٬مشيرا إلى أن مثل هذا المصدر الإشعاعي يستخدم في الصناعة كآليات لمراقبة الجودة٬وأن استعماله يخضع لتصاريح الاستيراد والاستخدام والتصدير والنقل يمنحها المركز الوطني للحماية من الإشعاع التابع لوزارة الصحة٬والذي بحوزته٬جردا وطنيا للمصادر المشعة المستخدمة أوالتي لم تعد تستعمل".وأبرز مركز المعمورة أهمية إجراءات السلامة والضمانات التي تم اتخاذها على مستوى مفاعل الأبحاث النووية وجميع المرافق الأخرى التي تخضع لمراقبة السلطات الوطنية المختصة.وخلص البيان إلى أنه في إطارالمهام الموكلة إليه من قبل السلطات العمومية في مجال جمع وإدارة النفايات المشعة على المستوى الوطني٬جمع وأمن على مدى العقد الماضي٬أزيد من 170 مصدرا مشعا غير مستخدم٬وبالتالي تجنب ضياعها والأخطار التي قد تشكلها على المواطنين وعلى البيئة.
مجلس الأمن النووي الإسبانية يكشف المستور
أقرّ مجلس الأمن النووي الإسباني في بيان رصد إشعاع نووي صادرعن قطع حديدية جرى استقدامها من القنيطرة.وقد اعتبر البيان أن هذا خرق لقوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية.إذ جاء فيه:"(...)باستخدام أجهزة الكشف تم رصد إشعاع نووي بمعدل مستوى 2 على سلم سبعة في مصنع للفولاذ في المدينة الصغيرة "ألكلا دي وديرا" في إقليم إشبيلية،وتبين أن الإشعاع مصدره بقايا حديد جرى استقدامها من القنيطرة حيث كشف التحقيق أن مصدر الإشعاع قطعة من خردة وزنها 20 كلغ".
كما أكد البيان أن ضمن الإجراءات المتخذة إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالموضوع والتي قد تتخذ إجراءات إضافية من ضمنها معرفة مصدر قدوم القطعة الإشعاعية بالمغرب وهل فتحت السلطات المغربية تحقيقا بخصوص الموضوع؟ولماذا لم تتخذ إجراءات السلامة المعهودة؟
واستنادا إلى معلومات موثوقة بعين المكان،إن التحريات التي باشرها المحققون الإسبان أكدت أن قطعة خردة الحديد مصدر الإشعاع لا تحمل أي علامات تدل على أنها مصدر إشعاع كما هو معمول به في سائر دول العالم.
حسب مصدر مطّلع أحدثت هذه النازلة زوبعة في وزارة الطاقة والمعادن بالمغرب مما دفع مركز المعمورة إلى إصدار بيانه وتعميمه بسرعة على المواقع الالكترونية الوطنية خاصة بعد ان انتشر "الخبر-الإشاعة" حول تسرب اشعاعي المفاعل النووي بالمعمورة. علما ان الامر لم يكن عابرا باعتبار ان السلطات الاسبانية كانت قد اخبرت وكالة الطاقة الذرية بعثورها على الجسم المشع وعلى نوعه ومصدره . ويبدو أن البيان جاء أيضا من اجل حماية تجارة المتلاشيات المعدنية التي يتم تصديرها الى اسبانيا واعتبار الجسم المشع المكشوف يدخل في خانة المواد المشعة التي تخضع لتصاريح الاستيراد والاستخدام والتصدير والنقل يمنحها المركز الوطني للحماية من الإشعاع التابع لوزارة الصحة الذي على يقين،أن الشركات الاسبانية تتوفر على أجهزة مراقبة متطورة.
صمت حكومي مطبق
لاذت حكومتنا،بالصمت إزاء النبأ الذي تناقلته وسائل الإعلام الإسبانية المتعلق برصد مجلس الأمن النووي الإسباني قطعة إشعاعية نووية قادمة من المغرب،رغم أنه حادث يدعو إلى رد فعل فوري حتى لا ينال الأمرمن سمعة البلاد خارجيا،سيما أن العرف المنتشر يعتبر "السكوت علامة رضا وتزكية".
واستغرب الكثيرون لما وصفوه بـ "الصمت المطبق الرسمي"إزاء واقعة خطيرة تشي بالعديد من المضاعفات التي تتمخض في الخفاء،علاوة عن التأثيرات السلبية لهذه النازلة.
لم تقدم السلطات المركزية ولا السلطات المحلية بالقنيطرة أي توضيحات علنية للرأي العام المغربي أو لساكنة المدينة،مصدرالخردة المتضمنة للمادة الإشعاعية وهل جاءت من بلد ثالث في طريقها الى اسبانيا أو مصدرها معمل أو إدارة أو مرفق عمومي مغربي. علما أن أحد المصادر لا يستبعد أن تكون قطعة الخردة المشعة واردة من سكانير مستشفى المدينة.
المادة المشعة التي أثارت الزوبعة بالديار الإسبانية
حدّدت المصادر الإسبانية أن مصدرالإشعاع هو مادة "سيزيوم 137"وهي مادة مشعة قادرة على التسبب في السرطان للأشخاص الذين تعرضوا لإشعاعه ولو بعد مرور3عقود. ويُستعمل"سيزيوم137" في المجال الطبي وآليات التنقيب عن النفط و آليات الطاقة الشمسية.
مهما يكن من أمر،هذه المادة تظل خطيرة بمكان اعتباراً لانعكاساتها الوخيمة جداً على صحة المواطن وعلى البيئة،لأن مثل إشعاعاتها قد تدوم قائمة ما بين 15و 30 سنة،وهنا تكمن خطورتها البليغة.
"السيزيوم 137"
إن "السيزيوم 137"،مادة مشعة سريعة الانتشار،ومن المجالات التي تـُستعمَل فيها،العلاج الطبي بالأشعة وآليات التنقيب عن النفط وأدوات الطاقة الشمسية،وهي تصدر أشعة "غاما" قوية.
وتوصي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإلزامية حمل الآلات التي تتوفر على سيزيوم ملصقات خاصة تنبه الى ذلك والتوفرعلى غلاف واقي يمنع من التسرب الإشعاعي وإخضاع الآلات والمعدات والأجهزة التي تحوي هذه المادة لمعالجة مختلفة تتخذ فيها جميع الاحتياطات.
من المعلوم أن"سيزيوم137" منتشر في البيئة لكن بكميات ضئيلة لا تؤثر.إلا أن الإشعاعات الناتجة عنه من المعدات أوالمتلاشيات عالبا ما تشكل خطورة على الصحة والبيئة، اعتبارا لأنه مثل كل المواد المشعة يسبب في السرطان.و"سيويوم137"من المواد النووية الأكثر مراقبة في العالم،سيما فيما يخص الخردة والمتلاشيات.لذا عملت الدول الغربية على تركيب أجهزة مراقبة في مختلف موازين الشاحنات لمراقبتها تحسبا لأدنى تسرب للمزاد المشعة. وتستعمل هذه الأجهزة أشعة"غاما"المخترقة لمختلف أجزاء الناقلات والحاويات.
هل هي صفقة ملغومة؟
إن الخردة التي تضمنت القطعة المشعة كانت موضوع صفقة خاصة بين مصدّر مغربي ومستورد إسباني لتأمين حاجيات إحدى معامل الصلب الإسبانية. ومن المعلوم أن تجارة المتلاشيات المعدنية بين المغرب وإسبانيا عرفت نموا ملحوظا في السنوات الاخيرة. فهل هي مجرد صفقة أصبحت ملغومة بفعل الشجع والرغبة الجامحة في الربح السريع؟
إن الداعي لهذا التساؤل ليس مرده التهويل والبحث عن الإثارة،وإنما الداعي إليه هوالمأمول أن يكون من المفترض أن لا تغادر القطعة المشعة التراب الوطني إلا بعد معالجتها لأن بلادنا صادقت على إتفاقيات بخصوص تدبير المتلاشيات المشعة سيما اتفاقية 1997.
من سوء حظ المصدر المغربي أنه صدق عليه المثل القائل "جاه الرواح في عقبة فليّو"،حيث أن المعمل الذي آلت إليه الخردة له سوابق.ففي سنة 1999 استعمل خردة تحتوي على "سيزيوم" ونتج عن ذلك سحاب مشع.وفي سنة2001 تكرر الأمر وسقط في نفس الخطأ.ومنذئد تم اعتماد مراقبة شديدة على الخردة، كما أحدثت عدة نقط خارجية وداخلية للمراقبة.
هل خضعت الخردة للمراقبة قبل تصديرها؟
في البداية وصلت الخردة المشبوهة إلى ميناء القنيطرة النهري عبر شاحنات ثم شحنت في باخرة أقلّتها إلى إشبيلية،وتمة شحنت في شاحنات نقلتها إلى المعمل.وفي نقطة مراقبة تبين أن الخردة المستوردة مشبوهة.وبعد التدقيق اتضح أن أنبوب معدني عمقه 13 سم ووزنه 20 كلغ في لبه مصدر مشع.وحسب التقني المكلف بالمراقبة هي قطعة سكانيرلا تحمل أي علامة كما هو مطلوب تشير لخطورتها للتنبيه.فهل يم التلاعب بهذه العلامة في المصدر تفاديا للحذر الشديد الطي قد تثيره وتفسد الصفقة؟
قد أكد أحد مستخدمي ميناء القنيطرة أنه فعلا تم شحن كمية مهمة من الخردة المعدنية العادية إقتناها صاحبها عبر عمليات السمسرة العمومية أومباشرة ثم باعها للإسبان. إلا أنه لم يلاحظ أي شيء يثير الانتباه وتم التعامل مع الخردة بشكل عادي جدا كما جرت العادة لأنه ليست المرة الأولى التي تشحن فيها خردة من الميناء،وكانت عبارة عن ركام من المتلاشيات المختلفة.
هل من الضروري إجراء تحقيق في النازلة أم أن الأمر بسيط لا يستدعي ذلك؟
حسب مصدر من إدارة البيئة إن الأمر بسيط ولا يستدعي الهالة التي تعاملت به بعض الجهات،ولا تستوجب تحقيق من النوع الذي طالبت به قد يكفي الاقتصارعلى إجراءات إدارية العادية المعمول بها في مثل هذه الحالات.
في حين ارتأت جهات أخرى-منها المدافعة على البيئة وصحة المواطن- وجوب القيام بتحقيق نزيه ومسؤول لكشف خبايا هذه النازلة وتحديد الجهات المسؤولة حتى لا يتكرر الأمر،اعتبارا لأن صحة المواطن والحفاظ على البيئة مسألتان حيويتان لا يمكن التساهل بخصوصهما.وتضيف هذه الجهات لوحدثت هذه النازلة في بلد يعير الاهتمام اللازم للمواطن وصحته لبادر مسؤوليه إلى توضيح الأمر حتى لو لم يكن خطيرا وليس اعتماد الصمت المطبق؟
في واقع الأمرهذه النازلة المسؤولية على أكثر من جهة،علاوة على الجهات الموكول لها مراقبة المواد المشعة وتتبع مآلها،هناك جهات أخرى كتلك المعنية بتسويق الخردة المعدية ونقلها وتخزينها.ومن هنا تتأكد ضرورة إجراء تحقيق والإعلان عن نتائجه بكل شفافية.
نوازل مشابهة
لعل أول نازلة نووية انتشر صداها ، عثور أحد العمال في ميناء الدار البيضاء سنة 1984 على قطعة معدنية تستعمل في أجهزة التشخيص بالأشعة تحوي مادة "الإيريديوم 192"المشعة،أثارت إعجابه فصحبها إلى بيته بالمحمدية ووضعها فوق شاشة التلفزيون في غرفة استقبال الضيوف مما أسفر عن موت عائلة بأسرها بفعل الإشعاعات النووية، لهذا بدأت السلطات تقوم بجمع هذه النفايات النووية المستعملة في الميدان الطبي وتراقبها عن قرب.
كما أثارت إشكالية إقامة محطة معالجة مياه واردة من المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، وذلك قبل تسريبها إلى نهر سبو بالقنيطرة ضجة كبيرة.وتعلق الأمر بنفايات (مياه) ناتجة عن نفايات طبية صلبة تمت معالجتها بالمركز،إنها مياه نتجت عن إحراق تلك النفايات،وهي لا تشكل أدنى خطورة إطلاقا حسب المختصين، بحيث يمكن تصريفها في شبكة المياه المستعملة، وقد تم اختيار إقامة محطة صغيرة بوادي سبو قرب القناة الرئيسية لشبكة التطهير لأن مركز المعمورة لم يكن مرتبط بتلك الشبكة.
وعموما إن النفايات الطبية التي يعالجها المركز لا تتعدى مدة حركيتها الإشعاعية ما بين يوم و3 أيام،وفي أقصى الحالات لا تتجاوز 6 أيام،ومن المعروف علميا أنه بعد مرور نصف هذه المدة تتلاشى القوة الإشعاعية إلى النصف لتنحدر بسرعة إلى الاقتراب من الصفر. وكانت العديد من فعاليات المجتمع المدني والسياسي بادرت إلى الاحتجاج الحضاري شديد اللهجة على هذا الفعل وعلى انعكاساته السلبية .
وبخصوص هذه القضية، سبق لـ "وفاء المخلص" مفتشة جهوية لإعداد التراب والبيئة أن أقرت أنه قد اجتمعت لجن محلية ووطنية وخبراء من "AIEA"، حيث أجرت دراسات حول تأثير النفايات على البيئة، فاستخلصوا أن معالجة يلك المواد لا تشكل خطرا، حيث قدروا رميها في مؤخرة وادي سبو، حيث الالتقاء بين البحر والوادي لن يكون له أي انعكاس.علما أن اختيار وادي سبو، لم يأت عبثا، بل هو نتيجة دراسات وتتبعات وهو مسؤولية ثلاث وزارات: "الطاقة والمعادن، الصحة،والبيئة"وقرار التخلص من النفايات مُوَقَّعٌ من طرف الوزير الأول.
مؤسسات لها علاقة بالمجال النووي
إن المغرب يتوفر على عدة مؤسسات لها علاقة بالمجال النووي،فهو يتوفر على:
-المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية (CNESTEN) المؤسس بمقتضى ظهير 14 نونبر 1986 ومرسومي 19 يناير 1987 و 29 أبريل 1993 واختصاصه يتجلى في القيام بأبحاث حول الطاقة والعلوم والتقنيات النووية والعمل على تطويرها،وكذلك القيام بمراقبة كل المنشآت النووية وإدارة المواد النووية واستيرادها وتخزينها وتوزيعها.
- مركز الدراسات النووية بالمعمورة (CENM) (مرسوم 7 دجنبر 1994).
-المجلس الوطني للطاقة النووية (CNEN) (مرسوم 5 ماي 1993) تابع للوزير الأول.
-اللجنة الوطنية للسلامة النووية (CNSN)، وقد أنشئت بمقتضى مرسوم 7 دجنبر 1993.
-المركز الوطني للحماية من الإشعاعات (CNRP) ومهمته هو السهر على احترام قانون 12/10/1971 الجاري به العمل في هذا الخصوص وهذا المركز تابع لوزارة الصحة.
-جمعية المهندسين المتخصصين في هذا المجال (AIGAM) والتي أسست سنة 1985.
أما فيما يتعلق بالحماية من الإشعاعات فهناك مرسومان صدرا معا بتاريخ 28 أكتوبر 1997. كما هناك دور مهم يقوم به الدرك الملكي في المحافظة على البيئة،حيث هناك فرقة خاصة بالبيئة التابعة إلى الدرك الملكي.
مهام مركز المعمورة
من المعلوم أن المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية يضطلع رسمياً منذ إنشائه بجمع وإدارة النفايات المشعة على الصعيد الوطني ويحرص على تجنب ضياعها والأخطار التي قد تهدد المواطنين والبيئة. لكنه ليس الجهة الوحيدة المعنية.إن مثل تلك القطع الحديدية المشعة المكتشفة تستخدم في آليات لمراقبة الجودة،وأن استعماله يخضع لتصاريح والاستيراد والاستخدام والتصدير والنقل يمنحها المركز الوطني للحماية من الإشعاع التابع لوزارة الصحة الذي من المفروض أن يتوفر على جرد كامل وشامل لكل المصادر المشعة المستخدمة أو التي لم تعد تستعمل.
تم أحداث هذا المركز سنة 1986 ،بغرض تحقيق بنية وطنية لتفعيل تنمية التكنولوجيا والتقنيات النووية وتهييئ الشروط لتقعيد آليات توليد الكهرباء بواسطة الطاقة النووية بالمغرب وترسيخ البحث العلمي في المجال النووي.وللمركز 3 مهام أساسية هي: البحث العلمي والتطبيقي،تطوير استعمال التقنيات النووية،وليكون أداة الدولة في مجال الخبرة (المجالات الإشعاعية)والتحليلات.
ومن انجازات المركز،إحداث مركز الدراسات النووية بالمعمورة(CENM) .فمنذ يناير 2003 تكلف بتسيير مركز (CENM) وهو الذي يشكل أول لبنة للبحث العلمي والتقني ببلادنا لتجسيد رغبة المغرب في استعمال الطاقة النووية لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويضم أكثر من 200 شخص،منهم 60 من الدكاترة و30 مهندسا و50 تقنيا متخصصا وكلهم مغاربة،وأغلب الدكاترة تلقوا تكوينا بالخارج فيما بين 1989 و1995،وهؤلاء تمكنوا من تفعيل دينامية داخلية طوروا عبرها برامج للبحث وللتكوين ساهمت في إرساء آليات لتكوين أطر جديدة في المجال النووي.فهناك طلبة يأتون إلى المركز لتهييئ الدكتوراه وبعضهم ينخرطون فيه كعاملين به. أما التقنيون المتخصصون،فقد تلقوا تكوينا خاصا ودقيقا في ميادين التطبيقات النووية حسب القطاعات.ولا وجود لأطر أو موظفين أو عاملين أجانب دائمين بالمركز.ويحتضن المركز على مفاعل نووي، بدأت أشغال بنائه منذ فبراير 2004 بعد تجديد عقدة التعاون الثنائي التي تربط بلدنا بالولايات المتحدة الأمريكية وهو مفاعل نووي من نوع Triga mark2بقوة 2 ميغاواط.
وهذا المساردشنه الملك الراحل الحسن الثاني في الثمانينيات،إذ فكر بعد سنة 1973 في ضرورة بلورة برنامج نووي،وفي التصميم الخماسي 1977– 1981 بُرمج اقتناء مفاعل نووي بقوة 100 كيلوواط وتقرر إقامته بكلية العلوم بالرباط، ثم تحول الاهتمام إلى المدرسة المحمدية للمهندسين. لكن في سنة 1986،بعد إحداث المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، قام هذا الأخير بتحيين دراسة الجدوى اعتبارا لجملة من التطورات،لذا تقرر التخلي على ذلك المفاعل وتعويضه بمفاعل أقوى. إضافة لمجالات البحث يستعمل المفاعل في مجال الطب النووي (Isotopes) لتقليص الاعتماد على الواردات. وتظل المهمة الأساسية للمفاعل النووي هي إنتاج "النترونات" التي تلعب دورا حيويا في جملة من التحاليل وفي مختلف المجالات،سيما التنقيب الجيولوجي والمعدني،والمجال البيولوجي والمجال البيئي وتطبيقات الأخرى
العبرة المستخلصة
لعل أهم درس وجب استخلاصه من هذه النازلة،أن منظومة المراقبة المعتمدة ببلادنا تعرف اختلالا وهذا من شانه إحراجها لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويشوش على صورة المغرب بين الدول.
إن منل هذه النوازل قد تلحق أضرارا بالغة بتجارة المتلاشيات المعدنية،إذ دأب الإسبان على طلب المتلاشيات المعدنية المغربية اعتبارا للقرب الجغرافي.
كلمةعن"المغرب النووي"
عموما إن النشاط النووي المغربي ما زال في مرحلته الجنينية،ولا زال مقتصرا على مجالات ضيقة (الطب النووي، البحث العلمي، الفلاحة، بعض الأنشطة الصناعية)،ورغم ذلك فإن بلادنا ليست في مأمن من الأخطار النووية باعتبار موقعها الإستراتيجي وقربها من أوروبا، وكثرة مرور المواد المشعة عبر مضيق جبل طارق.
وإذا كان الخيار النووي أضحى مفروضا على المغرب حاليا،فإنه يتطلب الوقت وموارد مالية ضخمة،إذ إذا أردنا إنجازمحطة نووية لإنتاج الكهرباء بقوة 1200 ميغاواط (وهو الحد الأدنى)،فإنها ستتطلب على الأقل ما بين 10 و15 سنة لتصبح ذات جدوى.أما على المستوى المالي، فإنها تتطلب على أقل تقدير ما يناهز 25 ملياردرهم على امتداد 10 سنوات،وهذا أمر يبدو صعب المنال اعتبارا لوضع الاقتصاد الوطني الحالي. لكن، وبالرغم من كل هذا يبدو أن المغرب لا خيار له وهو في حاجة للطاقة النووية للتقليل من تبعيته المفرطة في هذا المجال،علما أنه إن توفرت بنية تحتية كافية، فإن الطاقة النووية ستظل أقل كلفة نسبيا وأضمن لتحقيق الاستقلالية الطاقية.
هذا علاوة على أن اكتساب التكنولوجيا النووية أضحى ضروريا حاليا بالرغم من كل السلبيات المفترضة. ولازال السؤال مطروحا : ما هو مستقبل المجال النووي بالمغرب؟ هل سيتمكن المغرب من العضوية في نادي البلدان النووية (في المجال المدني)؟
إدريس ولد القابلة
التعليقات (0)