مواضيع اليوم

مكية ومدنية ... بدعة استغلها أتباع إبن تيمية

احمد الملا

2016-12-06 20:53:50

1

نجد في كل كتب التفاسير عند المسلمين عموماً هناك ما يقسم السور القرآنية إلى مكية وأخرى مدنية, بل حتى في بعض السور المدنية هناك آيات مدنية وسور مكية فيها آيات مدنية, وفي الحقيقية هذا ما يثير عندنا تساؤل هل هذا التقسيم مبتدع من قبل المفسرين ورجال الدين أم أنه جاء وفق إمضاء أو أمر من النبي الخاتم " محمد صلى الله عليه وآله وسلم " خصوصاً وأن القرآن الكريم وكما يعلم الجميع قد نزل وانتهى التنزيل في حياته " صلوات الله وسلامه عليه وعلى آل بيته الطاهرين " أو إن هذا التقسيم جاء وفق توجيه أو أمر أو إمضاء من الخلفاء الراشدين بحكم قرابتهم من النبي الخاتم ؟ كما إن ذلك الأمر يثير عندنا تساؤلا آخرا وهو لماذا لم يعترض عليه أحد من رجال الدين ؟ فلم نسمع أو نقرأ برواية عن النبي أو الخلفاء أو الصحابة تقول بتقسيم سور وآيات القرآن الكريم إلى مكية أو مدنية!! فكيف تم هذا التقسيم وعلى أي أساس ومن هو مصدره ؟ ...

فإن كان الاستدلال على هذا التقسيم هو برواية إبن مسعود التي قال فيها (( وَالله الَّذي لاَ إلَهَ غَيرُهُ مَا أُنزلَت سُورَةٌ من كتَاب الله إلاَّ أَنَا أَعلَمُ أَينَ أُنزلَت، وَلاَ أُنزلَت آيَةٌ من كتَاب الله إلاَّ أَنَا أَعلَمُ فيمَ أُنزلَت، وَلَو أَعلَمُ أَحَدًا أَعلَمَ منّي بكتَاب الله تُبَلّغُهُ الإبلُ لَرَكبتُ إلَيه ((نقول فيه :

1-هذه الرواية لا توجد فيها أي دلالة على أن هناك أمر أو توجيه بتقسيم سور وآيات القرآن الكريم ولا يوجد فيها أي إشارة على أن هناك تقسيم للقرآن صدر من النبي أو الصحابة.

2-نلاحظ عدم وجود أي إجماع على هذا التقسيم في نص الرواية لأن الراوي نفسه ينفي وجود من يعلم بتقسيم الآيات والسور القرآنية ولو كان يعلم بوجود شخص لركب إليه.

3-العقل والمنطق يحكم بوجود آيات وسور نزلت في مكة والمدينة حسب تواجد النبي الخاتم " صلى الله عليه وآله وسلم " لكن هل هذا يعني أن هذا التقسيم يجب أن تكون له مدخلية في تفسير القرآن – سور وآيات - ؟ خصوصاً وإن هناك إشتباه يحصل عند الصحابة, كما يقول إبن تيمية نقلاً عن إبن عاشور, حيث جاء في كتاب إرشيف ملتقى أهل الحديث ]جمال الدين عبد العزيز] ــــــــ [01 Sep 2009, 12:18ص] تحت عنوان توطئة ...

(( ... ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إذا قالوا إن هذه الآية نزلت في كذا فإنهم يريدون به تارة أنه السبب المباشر للنزول ويريدون به تارة أن هذا داخل في معنى الآية وإن لم يكن هو السبب، وإذا كان الأمر كذلك فقد كان من الأهمية بمكان تمييز السبب المباشر الذي نزلت بعض الآيات لأجله من السبب الذي هو المعنى دون أن تكون الآية نازلة لأجله بصورة مباشرة، وقد كان هذا عند الصحابة من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل، وما كان ذلك عند الصحابة كذلك إلا لأن أسباب النزول عندهم لا ترتبط بالأشخاص ولا بالأعيان وإنما بالصفات والأنواع؛ ولهذا قال ابن عاشور (وكثيراً ما حملوا نزول الآية على مُثل تنطبق عليها معانيها فعبروا عنها بأسباب نزول)، فإذا عرف ذلك كان كل حدث تناولته الآية ودخل فيها سببا عندهم، ومن هنا جاءت مقولة العلماء (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) أي إذا ثبت أن الآية قد نزلت في سبب معين فإن الآية لا تقتصر على هذا السبب فحسب بل تتعداه لتشمل كل الأحداث التي هي من جنس السبب ...)) .. وهنا نلاحظ مع التشكيك الواضح والصريح في تحديد مكية أو مدنية السور والآيات القرآنية ومع ذلك نجد إن شيوخ التيمية يقولون ويعتمدون على هذا التقسيم !!.

لكن ما يدفع بالتيمية وشيوخهم إلى اعتماد هذا التقسيم في كتبهم وتفاسيرهم من أجل الدفاع عمن يريدون أن يدافعوا عنه وتشويه صورة من يريدون من يحاربونه ويسلبون فضائله, كما هو الحال في دفاعهم عن بني أمية, وهنا أطرح ما ذكره المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني في محاضرته الرابعة من بحث (وقفات مع ... توحيد التيمية الجسمي الإسطوري ) حيث كشف المرجع الصرخي خطورة استغلال تقسيم الآيات إلى مكية ومدنية من قبل الخط التكفيري الداعشي, حيث أثبت السيد الصرخي انهُ " بالرغم من كون التقسيم المدني والمكي بدعة ما أنزل الله بها من سلطان ولم يرد أي إشارة عنها من رسول الله صلى الله عليه وآله لكن مع كل ذلك فان خط التكفير الفكري والتفخيخ الداعشي يقدم ويحكّم التقسيم المكي المدني على النص الوارد عن الصحابة وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ...

وبيّن السيد الصرخي هذه الحقيقة من خلال تطبيقه على ما جاء في تفسير ابن كثير الذي يعمل بقوة لاثبات معتقدات التيمية التكفيريين , حيث قال :

" تفسير بن كثير: يقول تعالى لرسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم محرضاً له على إبلاغ رسالته، ومخبراً له بأنه قد عصمه من الناس فإنه القادر عليهم وهم في قبضتِه وتحت قهْرِه وغلبَتِه. قال مجاهد والحسن وقتادة في قوله: { إن ربك أحاط بالناس} أي عصمك منهم. قال البخاري، عن ابن عباس { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} قال: هي رؤيا عين أريها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ليلة أسري به، { والشجرة الملعونة في القرآن} شجرة الزقوم "أخرجه البخاري والإمام أحمد"، { إلا فتنة} : أي اختباراً وامتحاناً، وأما الشجرة الملعونة فهي شجرة الزقوم ""أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: لما ذكر اللّه هذا الزقوم، خوف به هذا الحي من قريش، قال أبو جهل: هل تدرون ما هذا الزَّقوم الذي خوفكم به محمد؟ قالوا: لا. قال: الثريد بالزُّبْد، أما لئن أمكننا منها لنُزَقِمَنَّها زقماً، فأنزل اللّه تعالى: { والشجرة الملعونة}الآية، وأنزل: { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} ""، لما أخبرهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه رأى الجنة والنار، ورأى شجرة الزقوم فكذبوا بذلك، حتى قال أبو جهل عليه لعائن اللّه: هاتوا لنا تمراً وزُبْداً، وجعل يأكل من هذا بهذا ويقول: تزقموا فلا نعلم الزقوم غير هذا، روي ذلك عن ابن عباس ومسروق والحسن البصري وغير واحد، وكل من قال إنها ليلة الإسراء فَسَّرَه كذلك بشجرة الزقوم، واختار ابن جرير أن المراد بذلك ليلة الإسراء، وأن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم، قال لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك، أي في الرؤيا والشجرة، وقوله { ونخوفهم} : أي الكفار، بالوعيد والعذاب والنكال، { فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا} : أي تمادياً فيما هم فيه من الكفر والضلال، وذلك من خذلان اللّه لهم."

وعلق السيد الصرخي قائلا :

(( ذكرنا أن الآية الشريفة تتضمن، أـ الرؤيا ، ب ـ الشجرة الملعونة، وتبين مما سبق أن من معاني الشجرة الملعونة وتأويلاتها الحكم ومروان وأولاد مروان الأربعة أئمة التيمية وخلفائهم من الاثني عشر الذين تنبأ بهم الرسول الكريم عليه وعلى آله الصلاة والتسليم، هذا معنى، والمعنى الآخر وهو الرؤيا الفتنة التي رأى فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني أمية آل أبي سفيان وآل مروان ينزون ويتسلطون على منبره نزو القِرَدة ))

ونبه المرجع الصرخي ملفتا ً إلى أسلوب التدليس عند ابن كثير في تفسيره : (( لاحظ أن ابن كثير لم يذكر غير معنى واحد وهو ليلة الإسراء وشجرة الزقوم، بالرغم من أن كلامه واضح في وجود أقوال وتأويلات وتفسيرات أخرى،قال{ وكل من قال إنها ليلة الإسراء فَسَّرَه كذلك بشجرة الزقوم، واختار ابن جرير أن المراد بذلك ليلة الإسراء، وأن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم، قال لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك، أي في الرؤيا والشجرة})) ...

وأكد السيد الصرخي خطورة هذا الأسلوب الذي أسس له التيمية المارقة لأجل تدليس التأويل لمعاني الآيات القرآنية بحجج المدنية والمكية :

(( هل لاحظتم خطورة استغلال التقسيم إلى مكي ومدني فبالرغم من كونه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان ولم يرد أي إشارة عنها من رسول الله صلى الله عليه وآله لكن مع كل ذلك فان خط التكفير الفكري والتفخيخ الداعشي يقدم ويحكّم التقسيم المكي المدني على النص الوارد عن الصحابة وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فبكل جرأة يأتي احدهم برواية عن صحابي كإبن عباس أو غيره عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيرفضها ويبطلها مدعيا أن هذه الآية مكية أو الأخرى مدنية وثالثة غير ذلك وهكذا حسب الموارد والمقامات، إنه قياس باطل وأول من قاس إبليس .... )).



بقلم :: احمد الملا





التعليقات (1)

1 - بدعة استغلها أتباع إبن تيمية

احمد الكندي - 2016-12-08 06:55:03

هذه المسؤولية في التصدي للفتن والشبهات تكون مضاعة على علماء الدين وكل الكوادر المثقفة لانتشال مجتمعاتهم من هذه الفتن لذلك تصدى سماحة المرجع العراقي الصرخي الحسني لكل الافكار المنحرفة والتي كانت ولازالت الركيزة والقاعدة التي تنطلق منها كل الحركات التكفيرية فقد كشف المرجع الصرخي في بحثه الجديد ( وقفات مع ... توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) وهو ضمن سلسلة محاضرات تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الاسلامي التوحيد التيمي المنحرف وبين مستوى الاستخفاف والتشويش والألتقاطية والتقليد والجهل والانحراف لدى ابن تيمية أو من يدافع عن أفكاره وانحرافه وتوحيده الجسمي الاسطوري

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات