الأمانة لا ترتبط بالدّين فقط وإنما هي أداء الحقوق إلى أهلها والمحافظة عليها
حفظ الأمانة من برنامج مكارم الأخلاق للسيد د محمد علي الحسيني
كلمة ما أسهلها في النطق وما أثقلها في الميزان عرضها الله على السموات والأرض و الجبال فأبين أنْ يحْملنها وأشْفقنا منها وحملها الإنسان فكان ظلوما جهولا نعم هي أثقل من الجبال من أضاعها أضاع دينه وآخرته وشهامته وصدقه وثقة الناس به
قبل أنْ نتعرّف عليها دعوني أقص عليكمْ هذه القصة المؤثرة التي يرويها لنا حبيب قلوبنا محمد ص يقول ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أنْ يسلفه ألف دينار فقال ائتني بالشهداء أشْهدهمْ فقال كفى بالله شهيدا قال : فأتني بالكفيل .قال كفى بالله كفيلا قال صدقْت فدفعها إليه إلى أجل مسمّى فخرج في البحر فقضى حاجته ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجّله فلمْ يجدْ مركبا فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه ثم زجّج موضعها ثم أتى بها إلى البحر فقال اللهم إنك تعلم أني كنت تسلّفْت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت كفى بالله كفيلا فرضي بك وسألني شهيدا
فقلت كفى بالله شهيدا فرضي بك وإني جهدت أنْ أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلمْ أقدرْ وإني أستودعكها فرمى بها في البحر حتى ولجتْ فيه ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبا فلما نشرها وجد المال والصحيفة
ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار فقال والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه قال هلْ كنت بعثت إلي بشيء قال أخبرك أني لم أجدْ مركبا قبل الذي جئت فيه قال فإن الله قدْ أدى عنك الذي بعثت في الخشبة
إن الشيء الذي جعل هذا الرجل يتكبّد كلّ هذه المشقة من أجل إرجاع الدّيْن إلى صاحبه هو الوفاء بالوعد وإرجاع الأمانة إلى أهلها
نعمْ أيها السادة الكرام هي الأمانة وبكلّ صدق دعونا نتساءلْ كم من شخص يتديّن ويتغافل عن تسديد دينه بل منهم من يشتري الكماليات في الحياة ويسافر هنا وهناك وعليه ديون وهو لا يبالي
وهنا، لا بدّ أن نتوقّف ونتأمّل بتمعّن في كلام سيد الخلق محمد ص عندما
جعل الأمانة دليلا على إيمان المرء وحسن خلقه فقال لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له
والأمانة لا ترتبط بالدّين فقط وإنما هي أداء الحقوق إلى أهلها والمحافظة عليها لذلك واجب على كل مسلم أن يؤدّي حق الله في العبادة ويحفظ جوارحه عن الحرام ويردّ الودائع وغيرها كما أنها من زينة الأخلاق ومحاسنها وأساس من أسس دين الله الحنيف فيقول الله سبحانه إنّ الله ياْمركمْ انْ تؤدّوا الامانات إلى أهْلها
ونظرا لأهمية ومكانة الأمانة، فقد كانت ضمْن نصائح لقمان الحكيم لابنه فقال له يا بنيّ أدّ الأمانة تسلمْ لك دنياك وآخرتك وكنْ أمينا تكنْ غنيّا
يجب أن يعلم الإنسان أنّ الله سبحانه وتعالى لما دعانا إلى الوفاء بالأمانة فقد حذّرنا من عواقب منْ يخونها بقوله عزّ وجلّ إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما
و مخطئ من انتقم لمن خانه بخيانة مقابلة وهذا ما حذّرنا منه نبيّ الرحمة محمد ص عندما قال أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخنْ منْ خانك
وإياك يا خائن الأمانة أن تعتقد بأنك ستنجو بفعلتك لأنّ الله أعد لك عذابا أليما عندما قال إنّ اللّه لا يحبّ منْ كان خوّانا أثيما
حتى إن النبي ص قال منْ خان أمانة في الدنيا ولم يردّها إلى أهلها ثم أدركه الموت مات على غير ملّتي ويلقى الله وهو عليه غضبان
أيها الأحبة حفْظ الأمانة يكون بأداء مهامك في عملك كما ينبغي وأنْ لا تأخذ أغراض الشركة أو المؤسسة التي تعمل فيها دون إذن وهذا من المؤكّد هو خيانة كبيرة يستهين بها كثيرون
أيها البنّاء عندما يأتمنك صاحب البناء على أداء مهامك على أكمل وجه فلا تخذلْ ثقته بالغش في نوعية المواد لأن ذلك خيانة للأمانة فأنت قد تتسبب في كوارث تودي بحياة كثيرين وهذا ما نراه من بيوت تهدّمتْ بسبب مشاكل في البناء أدّتْ إلى انهياره
لذلك يأتي خائن الأمانة يوم القيامة مذلولا مخذولا حيث قال النبي ص لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة ويفضح كل إنسان بما خان أمام الخلائق وهنا يقول ص من خان أمانة في الدنيا ولم يردّها إلى أهلها ثم أدركه الموت مات على غير ملّتي ويلقى الله وهو عليه غضبان
واحذروا إخوتي أن تكونوا من المنافقين لأن من خان الأمانة فيه من صفات المنافق فالرسول الأكرم ص يقول آية المنافق ثلاث إذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائْتمن خان
التعليقات (0)