.
.
.
" دا مُش نصيبي لكن حبيبي " ...
.
.
مقطع من أغنية لعبدالحليم ، غنّاها عام 1955 في فيلم " أيامنا الحلوه " ليتني أرتأت سماعها ، على أقل تقدير ، حتى أشفى من أيام يونيو الحالمه ، أربكتني الاغنية ، ونجح عبدالحليم كعادته في إعادة بلورة حزني ، ولكن هذه المره بشكل قوي ومؤثر ومزعج ، ولست غاضباً من العندليب ، بيد أنني كنت أتمنى لو أنه أشفق على جمهوره ، قبل أن يهم بغناء تلك الكلمات ، التي كانت نتاجاً لعواطف الشعراء " العشاق " ومايستحق الذكر هو أنني في كل مرة أستمع إلى عبدالحليم ، أفكر بأولئك الذين يتمتعون بموهبة فذة في التلحين ومدى مقدرتهم على تغيير الحالة النفسية من عدم الشعور بشي إلى الشعور بأشياء ، فليتهم كانوا بمنأى عن اجتهاداتهم ، ولم يحظوا بموهبتهم هذه من الاساس ، حتى لانشقى بملكاتهم الحسية ، وإبداعاتهم التي تلمس الجرح ، بشكل مخيف وموجع بنفس الوقت ، بعض الإبداعات في شكلها الظاهر ، تستطيع أن تملى أرجاء الانطباع بالمتعة والسرور ، ولكن ذلك في الوهلة الاولى فقط ، وماأن نتجاوز المرحلة الاولى مرحلة الدهشة والانبهار ، لن نجدها إلا إبداعات خانقة ، عطفا على مانحن عليه ، أحسب أن إبداعات العندليب ينطبق عليها الحال ، ولكن أحب هذا الجنون الحزين ، وأقدسه أيضا ، على اعتبار أنه جزء مهم في شخصيتي ، التي خلقت وكأنها والحزن وجهان لعملة واحدة ، ومن هذا المنطلق أحببت فن العندليب حتى أصبح" عبدالحليم حافظ " لذائقتي الفنية حاجة ملحة ، كحاجة الارض الزراعية لعرّق الفلاح ، منذ أن كنت صغيراً ، وعبدالحليم بالنسبة لي إنعكاساً موسيقياً للحب ، المتجذر بالوجدان ، لدرجة التحكم والنفوذ ، ففي كل مرة أستمع لـ أغانيه المتغلغلة في شراييني ، أشعر أن سلطة العندليب تهيمن على الميول / الخاص بي ، كما تهيمن أمريكا على العالم .
التعليقات (0)